Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تدخل صناديق التحوط هذا العام عصرها الفضي بعد عقد كئيب من الأداء؟

استثمار 18.4 مليار دولار في النصف الأول من 2021 وتضخم إجمالي الأصول الخاضعة لإدارتها عالمياً إلى مستوى قياسي

على الرغم من الحوادث المؤسفة التي اجتاحت العالم فإن صناعة صناديق التحوط نأت بنفسها بشكل جيد عن اضطراب السوق (أ ب)

على مدار العقدين الماضيين، وتحديداً في شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام، كانت مجموعة من جبابرة صناديق التحوط وكبار مستثمريها تنغلق على نفسها في فندق "بريكرز" الفخم في "بالم بيتش" لتناول النبيذ وتناول الطعام والقيل والقال في طقس فلوريدا المعتدل. وعلى الرغم من أن الحدث الحصري الذي نظمته شركة "مورغان ستانلي" هو إحدى المناسبات الاجتماعية لهذا العام لبعض المدعوين المحظوظين، فإن الحالة المزاجية كانت متشائمة بسبب استمرار تفشي جائحة كورونا وتداعيات الوباء على جيوب المستثمرين، وكانت الآمال تتضاءل بسبب العوائد المخيبة للآمال وتضاؤل إيمان المستثمرين بزوال الوباء في المستقبل القريب.

تقول "فايننشال تايمز"، إن محاولة الاتكاء على عصر السياسة النقدية فائقة السهولة للبنك المركزي كانت مؤلمة، كما أن هدوء السوق كان المُتسبب فيه حرمان عديد من المستثمرين من الفرص المتاحة في صناديق التحوط التي يتوقون إليها. بدلاً من ذلك، كان عليهم أن يشاهدوا أباطرة الأسهم الخاصة المتنافسين يكافحون لاستثمار أكوام الأموال التي جمعوها، وتدفق تريليونات الدولارات إلى صناديق المؤشرات السلبية الرخيصة، والتي يعد بعضها بتكرار ما تفعله صناديق التحوط بجزء بسيط من السعر.

ولكن هذا العام، وعبر تنظيم مؤتمر افتراضي للتنبؤ بمستقبل صناديق التحوط لم يكن من الممكن تهدئة إحساس واضح بالتفاؤل في شأن مستقبل هذه الصناعة.

يقول ساندي راتراي، كبير مسؤولي الاستثمار في "مان غروب"، "كانت هذه هي المرة الأولى منذ سنوات عديدة، الحدث بدا وكأنه احتفال، بقدر ما يمكن أن يشعر به المرأ بأنه احتفال على الإنترنت". وأضاف، "لقد سادت مشاعر التفاؤل تجاه مستقبل صناديق التحوط".

وعلى الرغم من الحوادث المؤسفة التي اجتاحت العالم، وعلى رأسها جائحة "كوفيد-19"، فإن صناعة صناديق التحوط نأت بنفسها بشكل جيد عن اضطراب السوق في عام 2020، وعادت بنسبة نمو بلغت 11.8 في المئة العام الماضي، وهو أفضل عام منذ تداعيات الأزمة المالية 2007 و2008، وفقاً لمجموعة البيانات "أتش أف آر".

لقد حققت صناديق التحوط هذا العام نمواً يقترب من 10 في المئة في المتوسط، وهي أفضل بداية لعام منذ أكثر من عقدين. وقد لا يرقى هذا النمو إلى مستوى مكاسب أسواق الأسهم العالمية بنسبة 13 في المئة منذ بداية عام 2021، لكن صناديق التحوط تستثمر في أكثر بكثير من مجرد الأسهم، ومع التقييمات التي تتجاوز الآن أو تقترب من المستويات القياسية، يعتقد عدد قليل من المحللين أن هذه الأنواع من مكاسب سوق الأسهم يمكن أن تستمر.

نهضة صناعة صناديق التحوط

يرصد المستثمرون نهضة في صناعة صناديق التحوط، وخاصة بعد سحب أكثر من 170 مليار دولار من تلك الصناديق خلال السنوات الخمس الماضية، في حين تم استثمار 18.4 مليار دولار في صناديق التحوط النصف الأول من عام 2021، وفقاً لـ"أتش أف آر". ونتيجة لذلك، تضخم إجمالي الأصول الخاضعة للإدارة في صناعة صناديق التحوط العالمية إلى مستوى قياسي بلغ 4 تريليونات دولار هذا العام بحسب "فايننشال تايمز".

هذه المرة، تعلمت صناديق التحوط إلى حد كبير أن تتصفح موجة شراء سندات البنك المركزي بدلاً من محاربتها، ووجدت فرصاً كثيرة من مد وجزر اتجاهات السوق المختلفة، مثل تفاقم إبرام صفقات الشركات، وموجات السندات. ورصد الفائزون والخاسرون في الأسواق التجارية والمالية من عمليات الإغلاق الجائحية لكورونا وإعادة فتح الاقتصادات.

وكما يقول مارك أنسون، رئيس شركة "كومنفند"، الذي يستثمر نيابة عن المؤسسات الخيرية، "لقد رأينا عوائد إيجابية بشكل كبير من رقمين عبر كل استراتيجية تقريباً. لقد جذب هذا انتباه كثير من الناس، بمن فيهم نحن". وأضاف أنه يشك في أن صناديق التحوط ستعود إلى ذروة التسعينيات، لكنه يعتقد أن "العصر الفضي" قد يلوح الآن.

 تخلف سوق السندات

ولا تزال هناك بعض الغيوم الداكنة في الأفق، مع عدم عودة الانتعاش في الصناعة إلى مزاياها الخاصة. ويقر عديد من مديري صناديق التحوط ومستثمريهم أن الصناعة تستفيد أيضاً بشكل كبير من الاتجاهات المالية الأخرى، حيث أدت التوقعات القاتمة لعوائد سوق السندات في العقد القادم إلى التدافع على بدائل معقولة، وصناديق التحوط من أكبر المستفيدين. علاوة على ذلك، فإن بيئة جمع الأموال لشركات الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري شديدة السخونة لدرجة أن فائض أموال المستثمرين يكاد يكون من المحتم أن يتحول إلى صناديق التحوط، حتى إن بعض المحاربين القدامى في الصناعة يشككون في أن الحماسة الحالية ستثبت أنها دائمة. 

ويقول فيكتور خوسلا، مؤسس شركة "ستراتيجيك فاليو بارتنرز"، "بعد عقد فاتر للغاية، من الواضح أن صناديق التحوط تتمتع بلحظة جيدة الآن". ويضيف، "عليك أن تسأل عما إذا كان المسار للعقد القادم قد تغير بشكل جذري... أنا فقط لست متأكداً من أن هذا هو الحال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت صناديق الاقتصاد الكلي العالمية مثل "بريفان هوارد" من الفائزين البارزين من الاضطرابات المالية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19"، لكن كل جزء من هذه الصناعة التي كثيراً ما تُنتقد، عادت الآن بعائدات صحية واهتمام متنامٍ من المستثمرين. ويشير الكثيرون إلى أن صناديق التحوط التي نجت من العقد الماضي الجاف هي الأفضل بشكل عام، وأصبحت جميعها تقريباً أصغر حجماً.

ويقول كارلو تراباتوني، الرئيس التنفيذي لشركة "جنرال إنفستمنتس"، ذراع إدارة الأصول لشركة التأمين الإيطالية، "صناديق التحوط تعود، لكنها صناعة مختلفة الآن". وتابع، "لقد تم تنظيفها وغربلتها قليلاً، وبقيت الشركات الأكبر والأكثر كفاءةً".

تحسن تكلفة صناديق التحوط

لقد تحسنت أيضاً تكلفة صناديق التحوط، وهي واحدة من أكبر المعوقات بالنسبة لكثير من المستثمرين خلال العقد الماضي. تاريخياً، كانت الصناعة تفرض رسوماً إدارية بنسبة 2 في المئة، وتحصل على 20 في المئة من الأرباح، ومع قدرة أفضل للشركات على تحصيل رسوم أكثر، حيث يبلغ المتوسط اليوم 1.38 في المئة، و15.9 في المئة على التوالي، وفقاً لمزود البيانات "يوريكاهيدغ".

ومع ذلك، كان تحسين الأداء محركاً أكبر من انخفاض الرسوم. ووفقاً لتحليل مجموعة البيانات "بايفوتال باث"، والتي حققت 38 من أصل 40 من استراتيجيات صناديق التحوط الأموال بسبب مهارات مديريها - بدلاً من مجرد تتبع تحركات السوق الإجمالية - على مدار العام حتى يونيو (حزيران) 2021، وهو أفضل عام منذ عام 2010. احتلت مهارة المديرين في إدارة صناديق التحوط أهمية كبيرة، وهي معروفة في الصناعة بالمصطلح "ألفا"، وهي تمثل الأصول الثمينة للصناديق، وهي أفضل نقطة بيع للعملاء.

حماس المستثمرين... إغلاق وفتح للصناديق

تفاؤل صناعة صناديق التحوط يكاد يكون واضحاً، حيث أجرت جمعية إدارة الاستثمار البديل استطلاعاً لأعضائها هذا الصيف، ووجدت أن أكثر من 90 في المئة كانوا متفائلين بشأن آفاق أعمالهم خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

كما تساعد الزيادة في اهتمام المستثمرين أيضاً على إطلاق عدد من صناديق التحوط لأول مرة منذ سنوات. فقد تجاوز عدد الصناديق التي يتم تصفيتها العدد الذي تم جمعه لست سنوات متتالية، وفقاً لـ"أتش أف آر"، ولكن في الربع الأول من عام 2021، كان هناك 189 عملية إطلاق و159 إغلاقاً فقط. 

ويقول سيزار بيريز رويز، رئيس الاستثمارات في "بيكتيت" لإدارة الأصول، "العملاء الذين تعرضوا للحرق لسنوات عديدة ولم يرغبوا في معرفة مزيد عن صناديق التحوط، ولأول مرة كانوا في الحدث على استعداد للاستماع". 

صناديق التحوط وذروة التسعينيات

يدرك المستثمرون أن صناديق التحوط لن تصل ذروة التسعينيات، ولكن يجب أن يكون أداء الصناديق أفضل من السندات، وقد يكون أداؤها جيداً أيضاً حتى في أوقات اضطراب السوق.

في الواقع، تعد قضية تبخر القدرة الاستثمارية بين الشركات الأكثر شهرة في صناعة صناديق التحوط ظاهرة متنامية، وخاصة مع تضخم بعض صناديق التحوط الآن بسبب المكاسب الكبيرة من ارتفاع السوق وتجدد الاهتمام. في الوقت ذاته تُغلق مزيد من الصناديق عالية الأداء أبوابها أمام المستثمرين الجُدد، حيث قامت شركة "كاكستون أسوشييتس"، والتي حققت العام الماضي رقماً قياسياً بنسبة 40 في المئة في صندوقها الرئيس، بإغلاق الصندوق أمام الأموال الجديدة. كما توقفت "فيرتشيون فند مانيغمينت" لإدارة الأموال عن جني الأموال بعد أن نمت أربعة أضعاف خلال العامين الماضيين لتصل إلى 3.6 مليار دولار. وجمدت شركة "غريشام" لإدارة الاستثمار أيضاً صندوقها البالغ 900 مليون دولار أميركي، وهي استراتيجية تعتمد على الكمبيوتر، والتي ارتفعت بنسبة 32 في المئة هذا العام.

وقال كريس أيلمان، كبير مسؤولي الاستثمار في "كالسترس"، للمعاشات التقاعدية في كاليفورنيا التي تبلغ 300 مليار دولار، لشبكة "سي أن بي سي" هذا الصيف، "إن صناديق التحوط باهظة الثمن، وهي قادرة على الاستمرار في الغالب بسبب جاذبيتها، وليس جوهرها". وأضاف، "يحب الناس فكرة أن يكونوا في صندوق تحوط لأنها تبدو غامضة ورائعة... وهذا لا يعني أنها ستحقق نتائج مستدامة على المدى الطويل".

ربما كان الصندوق الأكثر دلالة على نهوض القطاع "بريفان هوارد"، الذي كان على ركبتيه قبل بضع سنوات فقط، أوقف الاستثمارات الجديدة في اثنين من أكبر صناديقه هذا العام.

بالتالي، فإن السؤال الأساسي هو ما إذا كانت هذه نقطة تحول حقاً بالنسبة لصناديق التحوط، ستكون هناك بداية حقبة جديدة من الأداء الأكثر احتراماً يسودها إيمان المستثمر المتجدد، أو ستكون مجرد إرجاء مؤقت لصناعة يقول حتى بعض المطلعين إنها لا تزال منتفخة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد