Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ريشي سوناك جافى الواقع في مسألة التسريح المؤقت

مراجعة الأشهر الأربعة الماضية تظهر أن وزارة المالية لم تكن تأمل بالأفضل فحسب بل تعد العدة للأفضل أيضاً

وزير المالية البريطاني يقول إنه اضطر لمراجعة برنامج الرفاه لكن هل سيقبل الناس خفضاً كبيراً في مداخيلهم؟ (رويترز)

يسمي ريشي سوناك البرنامج "تعديلاً سريعاً"، ويصنفه آخرون "تراجعاً من خمس مراحل"، لكن ما التقييم المنصف للتاريخ المتقلب والمتغير لبرنامج وزير المالية للتسريح المؤقت منذ إعلانه في مارس (آذار)؟

أولاً: فلنحدد الفضل حيث يستحق. لقد بدأ برنامج التسريح المؤقت بداية جيدة، وانتهى نهاية محترمة في شكل معقول. فقد كان وزير المالية على حق حين حدد النسخة البريطانية الفعلية لبرامج الرفاه التي دفعت فيها الحكومات في أوروبا القارية جزءاً من الرواتب خلال الإغلاق (الحجر) الأول.

وكان الأمر عبارة عن مخاطرة في ضوء تطلب البرنامج إنشاء بنية تحتية جديدة تماماً لصرف المدفوعات إلى المؤسسات. وكانت إمكانيات الفشل قائمة.

ولم يفشل البرنامج بفضل كفاءة مسؤولي وزارة المالية. وحمى البرنامج بنجاح ملايين الوظائف والمداخيل خلال الكارثة الاقتصادية في مارس وأبريل (نيسان) ومنع معدل البطالة من الارتفاع السريع، ويفاخر وزير المالية بذلك منذئذ.

ويشكل الإعلان عن تمديد الإجازات المدفوعة (التسريح المؤقت) في شكل كامل حتى مارس 2021 أحد الخيارات المتوفرة للحكومة الأقل سوءاً على صعيد السياسات، إذ ندخل في حجر آخر، ونواجه شتاءً غامضاً في شكل خطير على صعيدي الجائحة والاقتصاد.

وتكمن المشكلة في ما حصل بين الربيع والخريف.

وخلال الصيف، كان وزير المالية، وفق إقراره أمام مجلس العموم، يعمل بناءً على فرضية مفادها بأن من الآمن فتح الاقتصاد وتخفيف البرامج الوطنية المختلفة للدعم وصولاً إلى وقفها بحلول أكتوبر (تشرين الأول).

ويمكن التسامح مع القرار الأول، فقد بدا حقاً أن الفيروس يتراجع. وفي مرحلة ما شعر العلماء بقلق من اختفاء الفيروس في صفوف السكان بسرعة قد لا يتمكنون معها من اختبار نجاح لقاحاتهم التجريبية.

أما المشكلة فكمنت في الجدول الزمني لتخفيف الدعم وصولاً إلى وقفه. وفي يوليو (تموز) حين أكد وزير المالية أن العمل ببرنامج الإجازات المدفوعة سيخفف تدريجياً وصولاً إلى وقفه نهاية أكتوبر، أشار إلى أن من قبيل "عدم المسؤولية" الدعوة إلى "تمديدات لا نهائية".

وفي تطور مفاجئ بما يكفي، لم يدع أحد إلى إجازات مدفوعة إلى ما لا نهاية، لكن كثراً من الباحثين المحترمين، ليس أقلهم أولئك العاملون في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية National Institute for Economic and Social Research Niesr، كانوا يحذرون من أن الجدول الزمني الذي وضعه وزير المالية لإنهاء الدعم بدا متهوراً.

وكان آخرون، كالباحثين في "مؤسسة القرار" Resolution Foundation  البحثية، يحضون على إنشاء برنامج تالٍ للدعم مخصص لأكثر القطاعات تضرراً، مثل الضيافة والترفيه والبيع بالتجزئة، وفي الوقت نفسه كانت فرنسا وألمانيا تعلنان أن برنامجيهما لدعم الوظائف سيستمران إلى مرحلة متقدمة من عام 2021 حتى مع التراجع السريع لحالات الإصابة بالفيروس لديهما.

وجعل سوناك المملكة المتحدة حالة شاذة في أوروبا في ما يتعلق بوقف الدعم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت القصة بعد ذلك قصة عناد أساساً، وتلاها تراجع تدريجي، ومن ثم انقلاب كامل مع الإعلان الأخير هذا عن أن الإجازات المدفوعة ستستمر على الرغم من كل شيء حتى آخر الشتاء.

وقال سوناك لمجلس العموم مؤخرا "نأمل جميعاً بالأفضل، لكن تأكدوا من أننا نعد العدة لكل ما يطرأ"، لكن المشكلة تتلخص في أن وزارة المالية في عهد سوناك لم تكن تأمل بالأفضل فحسب، بل تخطط للأفضل أيضاً. وهي تمسكت بهذا النهج لفترة طويلة بعد أن اتضح أن الأمور كانت في الواقع تتجه إلى الأسوأ.

ويقول وزير المالية إنه مضطر إلى إجراء "تعديلات سريعة"، لكنه متهم بأنه لم يكن سريعاً كفاية في تغيير المسار والإقرار بأن الناس لن يقبلوا خفضاً كبيراً في مداخيلهم إذا كانت الحكومة تمنعهم عملياً من العمل. فالتمديدات والتغييرات أعلنت في اللحظة الأخيرة تماماً، وفقط حين فرضتها قرارات اتخذها وزراء آخرون.

وهذا البطء، كما أشار كثر، من المرجح أنه رتب تكاليف اقتصادية حقيقية. فمن شبه المؤكد أن بعض الشركات، التي صدقت كلام وزير المالية حول عدم تمديد الدعم، صرفت بعض الموظفين الذين كان يمكنها الاحتفاظ بهم لولا تصريحه.

ومن المرجح وجود تكلفة على صعيد وضع السياسات أيضاً. فثمة نواقص كثيرة في البرنامج المنفصل المخصص لدعم مداخيل العاملين لحسابهم الخاص خلال عمليات الحجر. هل كانت هذه النواقص لتعالج بنجاح لو أن وزارة المالية لم تعبث وتقاوم ما هو حتمي في شأن الإجازات المدفوعة؟

وهل كانت وزارة المالية لتتمكن من وضع برنامج رئيس للإجازات المدفوعة يكون أكثر فاعلية واستهدافاً لو أعطيت الوقت والتوجيه من الأعلى؟ الإجابة هي نعم على الأرجح.

وقال سوناك للنواب، إن من قد ينتقدونه لتغيير المسار "لا يعيشون في العالم الحقيقي"، لكن الأمر المحزن له هو أن سجل الأشهر الأربعة الماضية يبين بوضوح مؤلم أن وزير المالية هو من كان يتعامى عن الحقائق. وهو ربما أحرق كثيراً جداً من الصدقية السياسية من دون داعٍ جراء تعاميه هذا.

© The Independent

المزيد من تحلیل