Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاولة برلمانية للتمييز بين ضحايا انفجار مرفأ بيروت على أساس الجنسية

نائب عن "التيار الوطني الحر" تقدم بقانون لاستثناء الأجانب من تعويضات التفجير الآثم

لقطة جوية لمرفأ بيروت بعد سنة على انفجار الرابع من أغسطس (رويترز)

بعد عام على التفجير الآثم لمرفأ بيروت، لا تزال الحقيقة غائبة والأسئلة التي يطرحها المصابون وعائلات الضحايا كثيرة، لكنها تبقى من دون أجوبة. من هنا لا بد من الإضاءة على تقاعس الدولة اللبنانية تجاه هؤلاء المتضررين، إذ إنه لم يتم حتى اليوم تخصيص أي تعويض لهم، لا بل الفضيحة الكبرى هي ما يتم العمل عليه أخيراً من خلال دراسة اقتراح قانون مثير للجدل تقدم به عضو تكتل "لبنان القوي" (التابع للتيار الوطني الحر) النائب جورج عطالله، لاستثناء أهالي الضحايا غير اللبنانيين من التعويضات المقررة للضحايا اللبنانيين. وفي حين أن هذا الاقتراح لم يتم إقراره بعد، إلا أنه كان وضِع على جدول أعمال مجلس النواب في جلسة 30 يونيو (حزيران) الماضي، وتقرر أن يُحال إلى اللجان النيابية لمزيد من الدراسة.
ولم تُصدر الدولة أي لائحة رسمية موحدة بأسماء ضحايا انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) من عام 2020، أي بعد عام كامل على الكارثة، إلا أن منظمات حقوقية ومدنية ومن ضمنها مبادرة "معاً" وحركة "مناهضة العنصرية" و"المفكرة القانونية" وسواها يستقصون بشكل جدي، لإحصاء أعداد القتلى والتعرف إلى هوياتهم.

من هم هؤلاء الضحايا الأجانب؟

وللتعرف إلى هويات هؤلاء الضحايا، أوضحت المحامية غيدة فرنجية التي تنشط ضمن منظمة "المفكرة القانونية"، أن "هناك 218 ضحية لانفجار المرفأ، من بينهم 54 أجنبياً، ومعظم هؤلاء يحمل الجنسية السورية، ويبلغ عددهم تحديداً 30 شخصاً، غالبيتهم جاءوا إلى لبنان بعد اندلاع الحرب في بلدهم في عام 2011 بحثاً عن الأمان، لكنهم فقدوا حياتهم في التفجير. كما وجدنا ضحايا من جنسيات أخرى من إثيوبيا وبنغلاديش والفيليبين وباكستان وفلسطين، ومن جنسيات أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وأستراليا". ولفتت فرنجية إلى أن "معظم الأجانب الذين فقدوا حياتهم بالتفجير هم من العمال ذوي الدخل المحدود، منهم من كان يعمل داخل المرفأ أو في محيطه، أي في المطاعم أو في محطات الوقود، وهناك أيضاً أربع عاملات قُتلن في منازل أرباب عملهن، كما أن بعض الأجانب الساكنين في محيط المرفأ قُتلوا في بيوتهم".

جمعيات لإغاثة للمتضررين

وبين عجز الدولة وفوضى القوانين، تعمل بعض الجمعيات الخيرية على مساعدة الضحايا الأجانب وتأمين عودتهم الآمنة إلى بلادهم. في هذا الإطار، روت مؤسِّسة جمعية "بيت البركة" مايا شمس إبراهيم شاه، قصة إحدى العاملات الإثيوبيات التي توفيت خلال عملها في إحدى منازل منطقة الأشرفية في بيروت، التي كانت لديها طفلة تبلغ من العمر 17 سنة. وقالت "بعد تواصل المؤسسة مع العائلة، قررنا أن نسهل عودة ابنتها الآمنة إلى بلدها والتكفل بكامل مصاريفها الدراسية". وأضافت، "يتم أيضاً مساعدة عاملات منزليات من مختلف الجنسيات مثل إثيوبيا وسريلانكا والفيليبين، فنحن نتكفل بإرجاعهن إلى بلدانهن بالطرق الآمنة ونسهل معاملاتهن. وتمكنا من إعادة 400 سيدة من الجنسية الصومالية والكاميرونية والإثيوبية والإريترية والسودانية إلى بلدانهن. كما أن هناك شاباً من الجنسية المصرية كان يعمل في محطة للوقود، تضرر جسدياً بشكل كبير جراء الانفجار، فحاولنا أن نساعده مادياً وأن نعيده إلى بلده، بعدما تهدم منزله بالكامل. كما قمنا بإصلاح 3011 بيت و370 محل تجاري". أما بالنسبة إلى المتضررين الأوروبيين، فأشارت المحامية فرنجية الى أن "سفارات بلدانهم تكفلت بهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قانون فصل الضحايا

أما بالنسبة إلى اقتراح القانون المقدم من قبل النائب جورج عطالله لاستثناء أهالي الضحايا الأجانب من التعويضات المقررة للبنانيين، فحاولنا مرات عدة الاتصال بالنائب، لكنه تمنع من الرد.
وعما إذا كان يمثل هذا الاقتراح موقف تكتل "لبنان القوي" النيابي التابع لرئيس الجمهورية ميشال عون، أو أنه موقف شخصي لعطالله، قال زميله في التكتل النائب إدغار طرابلسي إنه "يتوجب سؤال النائب عطالله وليس سؤالي عن الموضوع كونه المعني المباشر به".
في المقابل، اعتبر نقيب المحامين في بيروت ​ملحم خلف​ أن "هذا القانون مخالف للمبادئ الإنسانية الأساسية، ولا يمكن أن يكون هناك أي قانون يخالف الدستور وما يتضمنه الأخير من اتفاقات دولية تُعنى بمناهضة كل أشكال التمييز العنصري التي صادق عليها لبنان منذ زمن، بالتالي هذا خرق واضح للدستور في حال تم إقراره".

مضمون القانون

وعن مضامين مشروع القانون والتبريرات التي وضعها لاستثناء الأجانب، أشارت فرنجية إلى أن "الحجة المعطاة كانت بالقول إن الأجانب مؤمَّنين من خلال شركات التأمين، ولكن تبين من خلال تحقيقاتنا أن معظم الأجانب الذين قُتلوا بالتفجير ليس لديهم تأمين، بالتالي لن يستطيع أهلهم أن يحصلوا على أي تعويض عما أصابهم"، مضيفةً أنه "في حال كان لديهم تأمين صحي أم لا، من واجب الدولة اللبنانية والأشخاص الذين تسببوا بالتفجير التعويض عن خسائرهم التي تكبدوها".
وترى فرنجية أن "طبيعة هذه الجريمة، التي اتخذت شكل مجزرة، تفرض علينا أن نعامل الضحايا غير اللبنانيين بالتساوي مع اللبنانيين"، مشيرةً إلى أن "كل القوانين والقرارات التي صدرت عن الدولة اللبنانية لم تستثنِ الأجانب سواء كانت قرارات الهيئة العليا للإغاثة التي وزعت مساعدات بقيمة 30 مليون ليرة لبنانية (حوالى 1500 دولار أميركي وفق سعر السوق السوداء) لكل عائلة من عائلات الضحايا اللبنانيين والأجانب، وهذا ما عززه القانون رقم 196 الصادر عام 2020 الذي يساوي ضحايا تفجير المرفأ مع شهداء الجيش، والذي سمح لأهاليهم بالحصول على تعويضات معينة. ولم يستثن هذا القانون الأجانب، بالتالي يجب أن يحصلوا على هذه التعويضات من قبل الجيش ووزارة الدفاع"، لافتةً إلى أن "ذوي الضحايا الأجانب يعانون من صعوبات في الوصول إلى حقوقهم أكثر من نظرائهم اللبنانيين، بخاصة أن بعضهم لا يتكلم اللغة العربية ويواجه صعوبة في تأمين المستندات التي تطلبها الدولة للحصول على المساعدات".

المزيد من العالم العربي