يتجدّد الحديث في منطقة الشرق الأوسط عن مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، بعدما حصل في ميناء الفجيرة الإماراتي، وضرب حقلي نفط في السعودية بطائرات "درون". من سيبدأ المعركة، وأين ستكون ساحتها، وما هي الأسلحة المستخدمة، وما التغيرات السياسية والاقتصادية التي ستحل بالمنطقة؟ أسئلة عدّة لا تزال بلا أجوبة، لكن المؤكد أن ثمة استعدادات واضحة لـ "حرب مقبلة"، بدءاً من التحرك العسكري الأميركي في الشرق الأوسط واستدعاء بارجات وطائرات حربية، وصولاً إلى نشاط الميليشيات المدعومة من إيران والتي سيكون لها دور أساسي في أي الحرب، فمن هم وكلاء إيران في المنطقة؟
الحرس الثوري الإيراني
بعد سقوط حكم الشاه عام 1979، قرر آية الله الخميني تأسيس قوة عسكرية قادرة على حماية مصالح بلاده في الداخل والخارج، وحماية مكاسب الثورة، وتتمتع باستقلالية معينة في القرار، وسميت هذه القوة بـ"الحرس الثوري الإيراني"، والتي تعتمد سياسة القتال اللاتناظري (غير التقليدي). نجحت هذه القوة في دورها ما دفع بفئة لبنانية هي حزب الله إلى استنساخ التجربة الإيرانية. ثم فتح الباب واسعاً أمام إيران لإنشاء ميليشيات ودعمها في دول عربية لها مصالح فيها كالعراق واليمن وسوريا ودول خليجية.
حزب الله
تأسس عام 1982، وبدأ نشاطه العسكري فعلياً في 1984 ضد الاحتلال الإسرائيلي. تدرب مقاتلوه في إيران واكتسبوا خبرة كبيرة هناك. وما يميز الحزب عن غيره من القوى التي تدعمها طهران، تنظيمه المتقن واستخباراته المتطورة، ونوعية الأسلحة التي يملكها، والمؤسسات الكبيرة التي أنشأها ويدعم من خلالها أفراده ومناصريه مادياً، إضافة إلى قدرته على مراعاة المصالح الإيرانية في الدول المجاورة للبنان، كدوره الفعال في الحرب السورية، وتوغله في الصراعات العراقية، ووجود مقاتليه في اليمن للقتال إلى جانب الحوثيين، وتوزع مدربيه العسكريين على عدد من الدول عربية كانت أو أوروبية. كما يعتبر الحزب أقوى ميليشيا تابعة لإيران وقوة ضغط كبيرة ، وفي حال اندلاع الحرب بين واشنطن وطهران سيكون له دور كبير فيها، عبر مهاجمته إسرائيل من الجنوب اللبناني أو من مناطق وجوده في سوريا. ويتداخل في العلاقة بين حزب الله وإيران البعد السياسي والديني، فكوادر حزب الله، تربطهم بالمرجعيات الدينية الإيرانية روابط عميقة. ومعظم أفراد الحزب هم من الشيعة المرتبطين مذهبياً بإيران، إذ يعتبرون علي خامنئي واحداً من أكبر المراجع الدينية العليا لهم. وهذا الارتباط الأيديولوجي والفقهي سرعان ما وجد ترجمته المباشرة في الدعم السريع والمباشر عبر الحرس الثوري. يذكر أن الحزب يملك آلاف المقاتلين بين متفرغين ومتطوعين، وتضم ترسانته أكثر من 110 آلاف صاروخ بعضها قادر على إسقاط طائرات حربية.
الحشد الشعبي
تشكلت قوات الحشد الشعبي مستفيدة من فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني منتصف عام 2014، التي دعت إلى التطوع في الأجهزة الأمنية بعد هزيمة القوات العراقية أمام داعش. ويضم الحشد عشرات الفصائل والجماعات، ويقدر البعض عديده بأكثر من 100 ألف من المقاتلين الشيعة، وخطا أخيراً خطوة قانونية حين نال شرعية برلمانية اعتبرها المعارضون مخالفة دستورية. هؤلاء المعارضون، يعتبرون الحشد ذراع إيران العسكرية في العراق، والمتسبب في عمليات تطهير طائفية أكدتها تقارير دولية، بينما وصفه علي خامنئي بالكنز الكبير لليوم والغد. ولم يُخف قادة في الحشد قاتلوا مع إيران في حربها مع العراق طموحاتهم لنقل تجربتهم خارج العراق وتحديداً إلى سوريا واليمن. وتطلب إيران من الحشد الشعبي، أموراً عدّة منها: تنفيذ المشروع الإيراني في العراق والمنطقة، خصوصاً بعد أن بات غالبية مقاتليه يقلدون خامنئي ويعتبرونه مرجعيتهم الأساسية، وهم قادرون في حال وقوع أية مواجهة مع الدول الإقليمية الكبرى، على التحرك في عمليات نقل وإيصال الأسلحة والذخائر للنظام السوري، لا سيما بعد اكتمال الطريق الإستراتيجي الذي يربط إيران بلبنان عبر العراق وسوريا. وتتحدث تقارير عدة عن قيام الحشد الشعبي بعمليات ومهام سرية أخرى.
حركة حماس
أسس الشيخ الراحل أحمد ياسين حركة حماس عام 1987، وبدأ الارتباط حين احتضنتها طهران ومدتها بالمعدات العسكرية واللوجستية. ولكن العلاقة بينهما توترت عام 2011، بعد رفض الحركة تأييد النظام السوري حليف إيران، واضطرت بعدها إلى نقل مقر رئاستها من دمشق إلى الدوحة. لكن المياه عادت إلى مجاريها ومن المؤشرات على ذلك وجود صالح العاروري في مجلس الشورى، والعاروري معروف بعلاقاته الجيدة مع إيران. وبعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، أجرى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني اتصالاً مع قادة الجناح العسكري في حماس لتأكيد استعداد بلاده لتقديم الدعم للحركة..
الجهاد الإسلامي
كانت نشأة حركة الجهاد الإسلامي ثمرة حوار فكري وتدافع سياسي شهدته الحركة الإسلامية الفلسطينية أواخر السبعينات، وقادته مجموعة من الشباب الفلسطيني أثناء وجودهم للدراسة الجامعية في مصر، وعلى رأسهم مؤسس الحركة الراحل فتحي الشقاقي. وتعتبر الحركة الممولة والمدعومة من إيران، ذراعاً قوية للضغط على الجبهة الإسرائيلية في حال نشوب أي حرب. وكانت إيران مطلع السنة الجارية اتفقت مع قيادات حركة الجهاد على توسيع العمل العسكري في قطاع غزة، بحسب موقع إسرائيلي ومحاولة فتح جبهة ثانية في حال دخول الجيش الإسرائيلي في عملية عسكرية. وأفاد الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي بأن زياد النخالة، الأمين العام للحركة، وقائد الحركة في قطاع غزة، محمد الهندي، اتفقا مع المسؤولين الإيرانيين على توسيع العمل "العسكري في القطاع، بمشاركة من حزب الله اللبناني وميليشيات عسكرية عراقية موالية لإيران، والتي تعمل تحت قيادة مباشرة من "كتائب القدس" الإيرانية. وأورد الموقع أن تصريح الجنرال تامير هايمان، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، من أن إيران يمكن أن تستخدم نفوذها المتزايد في العراق لتحويله إلى منصة انطلاق لشن هجمات على إسرائيل، يأتي للرد على هذا الاتفاق الإيراني الفلسطيني، خصوصاً لحركة الجهاد الإسلامي.
حركة أنصار الله
حركة الحوثيين هي حركة سياسية دينية مسلحة تتخذ من صعدة في اليمن مركزاً رئيسياً لها. عرفت باسم "الحوثيين" نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثي الذي قتل على يد القوات اليمنية عام 2004، ويعد الأب الروحي للجماعة. تأسست الحركة عام 1992، ويقول عنهم المحلل سامي دورليان: "منذ سنوات، تقارب الحوثيون مع إيران تنظيمياً وأيديولوجياً وسياسياً وإعلامياً وباتوا أقرب إلى التوجهات الشيعية الرائجة. فعلى سبيل المثال، باتوا يحتفلون بعاشوراء بشكل أوسع، ويؤكدون علناً دعمهم لمشاركة حزب الله في المعارك إلى جانب النظام السوري". ومنذ مشاركتهم في الحوار الوطني الذي أعقب انتقال السلطة في 2012، زادت الشبهات حول سعي الحوثيين إلى فرض سيطرتهم على شمال اليمن، استباقاً لتحويل البلاد إلى دولة اتحادية حيث يمكن أن يحظوا بإقليم مع منفذ على البحر الأحمر. وفي سياق متصل، حذّرت "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأميركية من تنامي دور وكلاء النظام الإيراني في الدول العربية. وأوردت في تقرير لها أن إيران أنشأت شبكة من الميليشيات التي تقاتل في جميع أرجاء الشرق الأوسط، يصل عدد مقاتليها ومجنديها إلى عشرات الآلاف، ينحدرون من بلدان العالم الإسلامي، ولديهم دوافع ومصالح متباينة. والهدف المشترك استعراض القوة الإيرانية وتعزيز أيديولوجية طهران الثورية، والمساعدة في التمدد نحو دول المنطقة.
وثمة أجيال جديدة من الميليشيات ليست متداولة إعلامياً تعمل على تعزيز مصالح إيران وهي:
عصائب أهل الحق
تأسست عام 2006، ولديها 10 آلاف مقاتل، ولديها أذرع عسكرية وسياسية ودينية. تتلقى الدعم والتدريب من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله منذ عام 2006. افتتحت مكاتب سياسية لها في المدن العراقية الرئيسة، وأنشأت مدارس دينية للطلاب الشيعة. ولعبت المجموعة دوراً بارزاً في تجنيد عراقيين في مهمة القتال بسوريا. ذهب زعيمها قيس الخزالي إلى الحدود اللبنانية- الإسرائيلية برفقة عناصر حزب الله؛ للتأكيد على تماسك المحور الإيراني.
منظمة بدر
أسسها ومولها الحرس الثوري الإيراني في الثمانينات، وتألفت من المنشقين العراقيين إبان حكم الرئيس صدام حسين. يشغل العديد من أعضائها مناصب كبيرة في وزارة الداخلية العراقية. في عام 2014، حصلت المجموعة على 22 مقعداً في البرلمان، وأصبح زعيمها محمد غبان، وزيراً للداخلية. وساهمت المنظمة بـ 1500 مقاتل إلى جانب القوات الإيرانية في معارك سوريا.
الفاطميون
أسسها النظام الإيراني عام 2013، تلقت تدريبها على يد عناصر حزب الله في إيران وأفغانستان. يقاتل عناصرها في اليمن وسوريا، وتمتلك أسلحة ثقيلة وعربات ودبابات. تجند المجموعة المهاجرين الأفغان الفقراء لمصلحة إيران، ووصل عدد مجنديهم بالآلاف. وكثيراً ما يُثني إعلام الحرس الثوري الإيراني على جهود هذه المجموعة في تعزيز مصالح الجمهورية.
حركة حزب الله النجباء
تعلن الحركة ولاءها لقادة طهران وللفِكر الثوري الإيراني. مُوّلت نشاطات الحركة العسكرية للقتال في سوريا والعراق، وأعلن قادتها استعدادهم للقتال إلى جانب وكلاء إيران في المنطقة. تأسست عام 2013، ولديها أكثر من 5 آلاف مقاتل في سوريا وحدها.
كتائب حزب الله
اعترف مسؤول المجموعة أن أكثر من 1000 مقاتل ذهبوا إلى سوريا بطلب مباشر من قاسم سليماني، للقتال إلى جانب القوات الإيرانية، ولملء الفراغ الناتج عن سقوط تنظيم داعش.
كتائب الإمام علي
ظهر زعيم المجموعة شبل الزيدي إلى جانب قاسم سليماني في مناسبات عدة، وعبر عن ولائه للنظام الإيراني من دون أي تحفظ. تنشط المجموعة عسكرياً في العراق وسوريا، بعدد يفوق الـ 7 آلاف مقاتل.
لواء الباقر
تقوم المجموعة بتنسيق عملياتها العسكرية في سوريا مع حزب الله، وتضع في شعارها صورة الرئيس بشار الأسد، وتعلن أجندتها المتسقة مع أهداف إيران. إضافة إلى مجموعات أخرى تعمل على توسيع النفوذ الإيراني، مثل: "لواء السيدة رقية"، و"قوات الإمام رضا"، و"كتائب زينبيون".