Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كارمن لبس: المرأة مستبعدة من الأدوار المهمة اجتماعيا

الممثلة المخضرمة لا تحب صور الماضي وباشرت في كتابة مذكراتها بجرأة

كارمن لبس الممثلة اللبنانية المخضرمة (صفحة الممثلة على فيسبوك) 

فرضت كارمن لبس نفسها كممثلة متميزة ومثقفة وصاحبة خبرة عميقة في عالم التمثيل، بعيداً عن "النجومية" الاستهلاكية التي روجتها بعض عارضات الأزياء أو ملكات الجمال في انتقالهن إلى الدراما التلفزيونية. وبعد مسار مسرحي في أعمال زياد الرحباني انتقلت إلى عالم التلفزيون لتكرس حياتها للتمثيل مؤدية أدواراً مهمة، ببراعة مشفوعة بوعي فني وتقني لأصول التمثيل. وبعد ما أدت في الموسم الرمضاني الأخير دورين بارزين، على الرغم من التفاوت بينهما نصاً وإخراجاً، فواحد منهما رصين وجدي- مسلسل "عشرين عشرين"- وآخر شعبي يتجه إلى الجمهور العريض- مسلسل "رصيف الغرباء"- فهي تتحضر الآن للتمثيل في مسلسلات جديدة، من بينها مسلسل سوف تباشر بتصويره قريباً، إضافة إلى الجزء الثاني من مسلسل "عشرين عشرين" الذي سوف يعرض في رمضان المقبل، كما أنها بصدد قراءة نصين شبه متأكدة منهما.

تشوهات التجميل

واللافت في تجربتها كممثلة مخضرمة أنها لا تعاتب ولا تلوم، كما تفعل زميلاتها اللاتي احتجن لزمن طويل كي ينلن ما يستحققن، كـرندة كعدي أو تقلا شمعون على سبيل المثال لا الحصر، فهل هذا يؤكد حسن ممارستها للعبة الفنية؟ تجيب لبس "ربما الفرص وصلت إلي قبلهما. لكن العتب موجود، لعدم توفر أدوار تناسب أعمارنا، وهذا الأمر لا ينطبق على لبنان فقط. فالدراما العربية أتاحت الفرصة أمام الزميلات لكي يبرزن أكثر، بسبب الحاجة لممثلات في مثل عمرنا، ولكن للأسف لا تُكتب للمرأة أدوار مهمة ورئيسة وفعالة في المجتمع، بل هي محصورة بالرجال، وعندما يكون الممثل نجماً في عمر الـ50 أو الـ60 يتم الاستعانة بممثلة حلوة وصبية في عمر الثلاثين لكي تلعب دور زوجته، وهذا غير مقبول لأنه يجعل المشاهد يعتاد على هذا الأمر ويعتبره طبيعياً. مع أنه لا يعقل أن تكون الزوجة بعمر الابنة، ومن المهم جداً الالتفات إلى هذه الناحية في الدراما، والاستعانة بنجمة في سن معينة وجميلة و"على قد حالها". وهذا هو سبب التشوهات في التجميل ليس في الدراما فقط بل أيضاً في مجال الإعلام. في الخارج، كلما كانت المرأة مخضرمة وأكثر نضجاً، تتاح أمامها الفرصة لتقديم أهم البرامج، بينما عندنا يحيلونها إلى التقاعد، لأنه من غير المسموح لامرأة لديها تجاعيد، أن تطل على المحطات التلفزيونية العربية".

"ابنة المعلم"  

كارمن لبس التي غالباً ما ينوه الإعلام بتجربتها في مسلسل "ابنة المعلم"، هل لا يزال هو الأهم في نظرها والأفضل بين أعمالها، توضح "من وجهة نظري هذا العمل متكامل، مع أن التقنيات لم تكن كما هي عليه اليوم، لكن من حيث النص والقصة ففيها من كل شيء: الحب والأمومة التي لا نشاهدها في الأعمال الحالية. فالأم تعمل كمديرة مدرسة وتعيش وحدها وتناضل من أجل عملها وعائلتها وبيتها، وحتى اليوم لم يُقدم دور مثله. "ابنة المعلم" يتضمن كثيراً من الرسائل، وخلال عرضه اتصل بي كثير من الأهالي وأخبروني أن أولادهم يرغبون في العودة إلى المدرسة. ومع أن هناك من يخالفني الرأي لكنني أعتبر أنه يفترض بكل عمل أن يترك علامة استفهام عند الناس، وأن يدفعهم إلى التفكير. فالدراما من وجهة نظري تسهم في تطور المجتمع، وهي ليست للتسلية وحسب. لكن لا شك أن هناك أعمالاً لي أهم منه وآخرها "عشرين عشرين"، وهو عمل متكامل كدور وشخصية وقصة، ويمكن أن أضمه إلى "ابنة المعلم"، وكذلك "العائدة" وغيرهما. ولكن لـ"ابنة المعلم" خصوصية ربما لأنه أنتج عام 2005 وأحدث تغييراً في الدراما اللبنانية".

بين لبنان وسوريا ومصر والجزائر، نوعت لبس في الفن بعيداً عن الهوية المحلية، فكيف تتحدث عن هذه الناحية ودورها في كونها كممثلة، وماذا تضيف إليها من عوامل أخرى، تقول "لا شك أن المشاركة في أعمال خارج الوطن، حققت لي انتشاراً أوسع، ولكن لا يزال هناك الكثير أتمنى تقديمه، كما أتمنى أن يكتب لي عمل سينمائي أو تلفزيوني يساعدني على تجسيد كل ما في داخلي. أنا لم أحقق شيئاً حتى الآن، وكل ما قدمته هو نقطة في بحر أعمال مهمة قدمها غيري من الممثلين والممثلات"، وتتابع "ربما ما جعلني أتميز أكثر من غيري هو أنني حقيقية، أصدق الدور وأعيشه بكل تفاصيله، ولكن مشواري لا يزال طويلاً، مع أنني أراه قصيراً بالنسبة إلى عمري، من منطلق ما يكتب والأدوار التي تعرض علي. الخيارات صعبة جداً وكذلك الاستمرارية، وهذا ما يجعلني أجبر على تقديم تنازلات والقبول بالأدوار التي لا تهمني لأنني أعيش من مهنة التمثيل ولا توجد لدي مداخيل أخرى. لكنها ليست تنازلات كبيرة، لأنني أرفض الأدوار التي لا أستطيع تجسيدها، والأدوار التي لعبتها لم تكن كلها تلك التي كنت أحلم بها".

هل ما تقوله يفسر مشاركتها في رمضان الفائت في مسلسلين متناقضين تماماً هما "2020" الذي جددت فيه أداءها التمثيلي، و"رصيف الغرباء" وهو عمل سطحي يشوبه المط والتكرار، ولا تتوفر فيها شروط الدراما الناجحة، تجيب "لا شك أن أعمال إيلي معلوف تحظى بنسبة مشاهدة عالية جداً، وتقدم دراما خفيفة يحبها الناس ويتابعونها لأن فيها حبكة وقصة، وقصة "رصيف الغرباء" تدور حول الخير والشر. العملان مختلفان تماماً ودوري في "رصيف الغرباء" حظي بأصداء إيجابية جداً وخصوصاً في الجزء الثاني من المسلسل عندما أقع وأتشوه وأتعرض لمحاولة قتل. لكن المقارنة بينهما لا تجوز، لأن الأول عربي والثاني لبناني، والميزانية التي وضعت للثاني لا تتجاوز الـ10 في المئة من تلك التي وضعت للأول، وهذه الناحية تحدث فارقاً بينهما. "رصيف الغرباء" حقق نجاحاً شعبياً كبيراً، علماً أننا بدأنا بتصويره عام 2018 وبالتزامن معه شاركت في مجموعة أعمال من بينها "ما فيي" وكلها كانت قبل "عشرين عشرين".

ماض وذكريات

كيف تنظر لبس إلى ماضيها، خصوصاً وأنها حققت شهرة كبيرة بعد خروجها من دائرة زياد الرحباني، ترد "لم أحقق أشياء كثيرة. أنا تأخرت في دخول المجال الذي أحقق فيه أحلامي. في عمر 14 عاماً ناضلت من أجل التمثيل، ثم توقفت لأسباب يمكن أن أذكرها لاحقاً في مذكراتي. أشعر بندم كبير لأن هناك أشياء كثيرة لم أفعلها مع أنه كان بإمكاني ذلك. فأنا دخلت الدراما التلفزيونية والسينمائية في سن الـ33 ولم يكن عمري يسمح لي بلعب الأدوار التي تلعبها الممثلات حالياً. أنا لم أعش طفولتي ومراهقتي وشبابي، بسبب ظروف الحرب وظروف أخرى يمكن أن أذكرها في مذكراتي، ولو عادت الأيام إلى الوراء لكنت غيرت أشياء كثيرة في حياتي، وربما كنت بقيت في الخارج. فأنا هاجرت، لكن الحنين للوطن هو الذي أعادني إليه. ربما الماضي هو الذي هو الذي صنعني وجعلني في نضجي الحالي، لكن لا توجد لدي صور قديمة ولا أحب أن أتصور لكي لا أتذكر، ولكي نتمكن من السير إلى الأمام يجب ألا ننظر إلى الماضي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أين وكيف جرحها الماضي، وهل تظن لو أنها تحررت من زياد الرحباني في وقت أبكر لكانت حصلت على الفرص التي تستحقها، خصوصاً وأن زياد يعترف بظلمه لها، تجيب "لا توجد ذكريات توجعني، ولكني لا أحب الصور القديمة، لأن الماضي أصبح ورائي، وأي بلد أقصده لا أزور معالمه الأثرية لأنني أعتبر أنها تعود إلى مرحلة انتهت، بل أفضل زيارة الأسواق الشعبية لكي أتعرف على الناس والبلد في وقته الحالي، لأنني أعتبر أن الماضي هو اجترار. مثلاً لبنان كان سويسرا الشرق ولكن أين أصبحنا اليوم؟ زياد ليس هو من قرر أن أبتعد عن العمل، ولكنني لم أكن أرغب بالظهور في تلك الفترة، وسوف أفصح عن الأسباب في مذكراتي. جزء أساسي من ابتعادي، أنني كنت أؤمن بأن الفن الذي يقدمه زياد أهم من تمثيلي، ويجب أن أقدم له الدعم، إضافة إلى أسباب أخرى. وربما لو كنت أملك القوة التي تخولني المواجهة، لكنت اقتحمت الساحة، لأن عالم الفن فيه "قصص كثيرة" بينما أنا تربيت في بيت لا يعرف الكذب والخداع وارتداء الأقنعة. كنت أصدق كل ما يقال وأعتبر أن الحياة قصيرة ولا تحتمل أن نضع أقنعة في علاقتنا مع الآخرين. لذلك وجدت صعوبة في مواجهة الناس وكذبهم فقررت الانزواء".

وعما إذا كانت تدين لـزياد بصناعتها، وكيف تفسر عدم افتراق اسميهما على الرغم من مرور سنوات طويلة على فراقهما؟ تقول "لا أعرف لما لم يفارق اسمي اسم زياد، ربما لأنه مشهور ولأنني ما لبثت أن أصبحت مشهورة. ولكنني لا أعتقد أن له دوراً في الذي وصلت إليه اليوم، بل هو نتيجة جهد شخصي". وكيف ترد على من يقول، إن زياد صنعها من خلال تدريبها على التمثيل في مسرحياته، تجيب "هو لم يصنعني أبداً بل على العكس. بدايتي كانت معه، ولكنني ما لبثت أن أكملت وشاركت في دورات خارج لبنان لكي أصبح أقوى مهنياً، لأن الموهبة لا تكفي وحدها بل تحتاج إلى تكنيك وشغل على الشخصيات. معظم تجربتي مع زياد كانت في الإذاعة، وأنا أملك معلومات عن الصوت لأنني كنت أسجل في الأستوديو، ولكن الحلقات الإذاعية لا دور لها في التجربة التي حققتها".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة