Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نحن وإيران!

تصر طهران على أن تتدخل بشؤون دول عربية كثيرة

تسيير حاملة طائرات وأساطيل بحرية نحو المنطقة لإيصال رسالة تحذير لإيران (أ.ب)

كنت قد عنونت هذا المقال: إيران والعالم، ولكن لخصوصية العلاقة مع إيران فقد آثرت التركيز على هذه الزاوية من العلاقات الإيرانية العربية وتحديداً مع دول الخليج. بكلمته في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في مارس (آذار) الماضي في تونس، أكّد أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح على "الحرص على علاقات صداقة وتعاون ترتكز على احترام مبادئ القانون الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول وحسن الجوار وندعو إيران إلى ذلك".

لسان حال العرب

تأكيد أمير الكويت هو لسان حال كل الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، ولكن إيران، للأسف الشديد، ومنذ قيام ثورتها في العام 1979 وهي تعلن صراحة مناصبتها العداء لنا في العالم العربي وتعمل علناً على "تصدير ثورتها" البائسة إلينا، فأعلن صدام حسين الحرب عليهم، لكنهم أصرّوا على استمرارها ثمانية أعوام تحت شعار الطريق إلى القدس يمرّ عبر بغداد، أي أن صدام حسين كان من بدأ في إشعالها، ولكن الخميني هو الذي كان وراء استمرارها رافضاً وقف إطلاق النار حتى تجرّع كأس السم وقبل وقف الحرب في العام 1988، بعد خراب البصرة وخراب عبدان وطهران وبغداد وغيرها.

تجنيد شيعة عرب

وعملت إيران على تجنيد شيعة عرب بيننا بأشكال منظمة مسلحة كحزب الله بلبنان، وتنظيمات فاعلة في الحشد الشعبي في العراق وأنصار الله الحوثيين في اليمن، ويتدخلون علناً من دون رادع من قانون دوليٍ ولا مبادئ حسن جوار، فاكتوينا بالكويت بنار شبكات تجسّسهم وخلايا مسلحة تابعة لحزب الله الكويتي، على الرغم من أن الكويت كانت الأكثر سعياً بين كل جيران إيران إلى التعاون والعمل المشترك البنّاء ولكن من دون فائدة.

وحوّلت إيران المطالب الشعبية البحرينية المشروعة إلى أعمال دموية أدخلت البحرين في استعار طائفيٍ دامٍ لم تشهد له دول الخليج مثيلاً، فتدخلت إيران لتحويل المطالب السلمية البحرينية، التي ما زالت قائمة ومشروعة وتخضع لحوار وطني لم يتوقف في البحرين، إلى صراع طائفي يسمع صداه بين مؤيديها وتنظيماتها الطائفية في العراق.

دور دام مدمر

وهيمنت إيران على العراق فتحوّل إلى ركام واقتصاده إلى خراب، وكان دورهم ولا يزال دامياً مدمراً في سوريا، فوقفت في وجه مطالب شعبها السلمية، وعملت على طائفية الصراع بفصائل العباس وزينبيون وفاطميون وحراس المقامات وتسميات طائفية لم تعرف لها سوريا مثيلاً، بل وصل بها الأمر إلى الإيعاز إلى تنظيمها الإرهابي الأقدم والأبرز، حزب الله، بالتدخل المباشر لقمع الشعب السوري وارتكاب أفظع المذابح الطائفية هناك مشكّلين بذلك، الوجه الآخر لداعش، ومكمّلين مشهد الطائفية البغيضة في سوريا المنكوبة.

إيران والتدخل في شؤون العرب

وتصرّ إيران، مع الأسف الشديد، على أن تتدخل في شؤون دول عربية كثيرة، أدت إلى قطع دول عدة، بينها مصر والسودان والمغرب والسعودية والبحرين، علاقتها معها، لأنها تتجاوز بفعلها مع الدول، الأعراف والقانون الدولي، وتعمل كثورة، وليس كدولة، لتصدير بذاءات التاريخ الطائفية، ونبش الماضوية الدموية الطائفية من دون هوادة، بل حتى الكويت التي تتبع سياسة خارجية وسطية دوماً، اضطرت إلى سحب سفيرها في طهران منذ سنوات بعد اكتشاف خلية العبدلي المدجّجة بالسلاح وتورّط السفارة الإيرانية والمركز الثقافي الإيراني بتلك الخلية الإرهابية، وما زال السفير الكويتي، مجدي الظفيري، في الكويت اليوم، منذ استدعائه في العام 2016 تضامناً مع السعودية إثر الاعتداء الغوغائي المنظّم على سفارتها في طهران.

حشود أميركية

في وقت كتابة هذه المقالة، أعلن جون بولتون مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي تسيير حاملة طائرات وأساطيل بحرية نحو منطقتنا لإيصال رسالة تحذير إلى إيران التي تهدّد ليلاً ونهاراً بإغلاق مضيق هرمز بعد فرض العقوبات الأميركية الدقيقة عليها، ومنع إيران من بيع نفطها لتجفيف ميزانية التدخّل وتمويل الإرهاب في منطقتنا، وانتشر خبر تخريب أربع ناقلات تجارية قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي، علماً أن المنطقة عاشت منذ الثورة الإيرانية توتراً واحتقاناً وهلعاً طائفياً لم يتوقف.

يحوم شبح الحرب مرة أخرى في منطقتنا، ونسمع قرع طبول الحرب في خليجنا العربي، فأكتب هذه المقالة كمناشدة متكرّرة من إنسان يعيش في منطقة أنهكتها الحروب، ومزّقتها الصراعات، ودمّرتها العنتريات والثورجيات العربية والإيرانية، هي مناشدة لكل إنسان إيراني عاقل بأن يكفّ أذى نظامه عنا، وعن منطقتنا، شيعتنا وسنتنا، وهي دعوة صادقة ليراجع جيراننا من أبناء الشعوب الإيرانية سياسات بلادهم تجاهنا، ويكفّوا عن تصدير "ثورتهم" أو بالأحرى مشاكلهم إلينا.

ضحايا الحروب

إن التاريخ البعيد وحروب الأمس القريب، أظهرت لنا بأننا، عرباً وعجماً، سنكون ضحايا الصراع والتدخّلات، وأن السبيل الوحيد لتجنيب المنطقة هذه الويلات، أو حتى حرب جديدة، هو بتغيير نظام طهران سياساته قبل فوات الأوان، فهل يستمع الأصدقاء الجيران من أبناء إيران إلى مناشداتنا بالكفّ عن التدخل في شؤوننا؟ أم أنهم قرّروا الاستمرار في السياسات نفسها التي أسهمت بشكل كبير في دمار هذه المنطقة؟

عسى أن يكون الجواب في طهران، لا في مكانٍ آخرَ، وبيدِ طهران لا بيدِ عمرو-ترمب.

المزيد من آراء