Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نحتاج إلى الألعاب الأولمبية الآن أكثر من أي وقت مضى ولنكف عن التشاؤم

أعتقد أن الحجج ضد تنظيمها خاطئة حتى لو بدت مقنعة إلى حد كبير من وجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة والسياسة الصحية الصارمة

ستكون الألعاب الأولمبية التي بدأت الجمعة الأغرب في نوعها. سيغيب المتفرجون عن غالبية المناسبات، وستُوزَّع الميداليات على صينية بدلاً من تعليقها حول أعناق الرياضيين، ولن يضرب أحد كفه بكف شخص آخر للتعبير عن الاحتفال. وستكون الألعاب الأولمبية رصينة ومكبوتة ومضطربة في زماننا المضطرب. والحجج التي تعارض إجراءها واضحة، إذ تخضع طوكيو لحالة طوارئ. ووفق استطلاع للآراء أجرته مؤسسة "إيبسوس"، لا يعتقد سوى 22% من اليابانيين بأن الألعاب يجب أن تجري. ويبدو الدعم أعلى قليلاً في بلدان أخرى لكنه لا يتجاوز عموماً الـ43%.

وكذلك تخرج الحجج القديمة كلها إلى الضوء. وتتمثّل الحجة الأولى في التكلفة، إذ لا تستمر المباريات إلا لأن استثمارات ضخمة نحو 15.4 مليار دولار أميركي، قد ضُخَّت فيها، وثمة توقع الآن بتجاوز هذا الرقم. وتكمن الحجة الثانية في أن المنشآت قد تكون جيدة للمناسبة، لكنها غير مناسبة للاستخدام الرياضي في الأجل البعيد، إذ لا تزال ريو دي جانيرو البرازيلية تعاني في الاستفادة بصورة جيدة من المنشآت التي بُنِيت لإجراء الألعاب الأخيرة قبل خمس سنوات.

وثمة انتقاد آخر أكثر عمومية ومفاده بأن من غير المسؤول إجراء المباريات في خضم أخطر جائحة على مدى قرن من الزمن. ماذا قد ينفع تمكن شخص ما من القفز إلى مستويات أعلى من شخص آخر، عندما سيُصَاب حتماً عدد أكبر من الناس بمرض رهيب؟ وبعيداً عن كونها احتفالاً بهزيمة الفيروس، وفق ما تمنى كثيرون أن تكون، قد تعني الألعاب أن سحق الفيروس سيستغرق وقتاً أطول.

إذاً تبدو الحجة ضد هذه الألعاب ساحقة [وجيهة] في ما يتصل بالأوضاع الاقتصادية الصعبة والسياسة الصحية الصارمة. لكنني أعتقد بأنها حجة خاطئة [غير مصيبة].

لنبدأ بالمال. يبدو الاستثمار ضخماً، ولأن المتفرجين سيغيبون عن المناسبات الرئيسة ستكون الخسائر هائلة أيضاً. ولن تعوض حقوق البث التلفزيوني عن الافتقار إلى مبيعات التذاكر. وفي المقابل، لدى مقارنتها مع مجمل الاقتصاد الياباني، ثالث أضخم اقتصادات العالم، تبدو الخسائر ضئيلة للغاية، إذ يبلغ الناتج المحلي الإجمالي في اليابان نحو خمسة آلاف مليار دولار. ولا يمثل مبلغ الـ20 مليار دولار المسدّد لمرة واحدة شيئاً يذكر، سواء أضاع أم لم يضع. وهناك مسألة اقتصادية ضخمة في اليابان، تتجلى في ركود النمو طيلة 25 سنة، لكن هذا لا علاقة له بالألعاب الأولمبية.

بعد ذلك، خذوا إرث التجارب السابقة في الاعتبار. في ذلك الشأن، تستطيع اليابان أن تشير إلى نجاح ألعاب طوكيو الأولمبية في 1964، التي تمكنت من إحداث تحوّل في البلاد، جاء جزئياً من خلال بناء المنشآت وتحسين العاصمة، لكن أيضاً من خلال إعادة الثقة بالنفس إلى اليابان بعد الهزيمة 1945. ولدى البلاد خطط معقدة في تعلّم الدرس نفسه، ومفاده بأن مناسبة ما قد تكون حافزاً لبلد كامل. والآن من الصحيح أن الجائحة وجهت ضربة قاسية إلى هذا الطموح، لكن الاستثمار المادي موجود والمضي قدماً في إجراء ألعاب متواضعة من المرجح أن يؤدي إلى إرث إيجابي أكثر من إلغائها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا عن الحجج الأكثر عمومية ضد هذه الألعاب الأولمبية؟ أفضل طريقة لمواجهتها تكون في الإشارة ليس إلى مجرد ما تؤديه الألعاب للدولة المضيفة والمشاركين، ومن المؤكد ليس للجهات الراعية ووسائل الإعلام وغيرها من الأعمال التي تحاول جمع المال من كل مكان، إذ يتعلق الأمر بما تؤديه الألعاب لعالم يحتاج بشدة إلى إيجاد السبل اللازمة في تعزيز الروابط بين البشر.

وإذا بدا ذلك متكلفاً، فلنتأمل في ذلك. وتذكيراً، كانت الألعاب الأولمبية سياسية دوماً، بل سياسية إلى الحد الذي يجعل بلداناً تقاطعها. وهذا ما فعلته الولايات المتحدة في الألعاب الأولمبية التي استضافتها موسكو في 1980، احتجاجاً على رفض الاتحاد السوفياتي سحب قواته من أفغانستان، ويبدو ذلك الأمر غريباً الآن، نظراً إلى ما حدث في وقت لاحق، إذ لم تحتج الولايات المتحدة إلى دفعة قوية من روسيا عندما قررت سحب قواتها من أفغانستان، وقد اكتمل ذلك الخروج في وقت سابق من هذا الشهر. وفي المقابل، نفذ الاتحاد السوفياتي مقاطعة انتقامية للألعاب الأولمبية التي أُقيمَت في "لوس أنجليس" بعد أربع سنوات [من أولمبياد موسكو].

وكذلك جاءت الألعاب دوماً بمثابة عروض للقومية. هل تذكرون كيف هلل البريطانيون للأعداد الممتازة من الميداليات التي فاز بها فريق بريطانيا العظمى، عندما حل ثالثاً خلف الولايات المتحدة والصين في لندن سنة 2012؟

وأخشى أن هناك مسائل تتعلق بالعقاقير المعززة للأداء. سُجِّلت الحالة الأولى في الألعاب الصيفية سنة 1904 التي استضافتها مدينة "سانت لويس" الأميركية، عندما أُعطِي العداء الأميركي البريطاني المولد توم هيكس جرعة من الـ"ستركنين" والبراندي وبياض البيض من جانب مدرّبه عند علامة الـ22 ميلاً (35 كيلومتراً تقريباً) كي تدفعه إلى النصر، ثم انهار بعد العلامة، لكنه احتفظ بميداليته. إذاً، لم يكن الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية والبلدان الدائرة في فلكه في أوروبا الشرقية، من رواد استخدام العقاقير [في تعزيز الأداء الرياضي].

وعلى الرغم من هذا كله فلا يزال الحلم مستمراً، بل إنه كبير بما فيه الكفاية للتغلب على السياسة، والقومية، وتعاطي العقاقير. إن الفوز أمر رائع، لكنه أمر لا يتوفّر بالتعريف، إلا لقلة. ثمة نحو 11 ألفاً و500 منافس في الألعاب الأولمبية وأربعة آلاف و500 منافس في الألعاب الـ"باراليمبية" [المخصصة لأصحاب الاحتياجات الخاصة]. وبالنسبة إلى الآلاف الذين لا يفوزون بالميداليات، لا يقل حلمهم صحة، بل يكاد يكون أكثر صحة، إذ تتعزز حياتنا بفضل نجاحاتنا المتواضعة، لكننا نعلم جميعاً أن ما يهم حقاً يتمثّل في أن نسعى إلى المواجهة بأفضل طريقة لدينا، حيال أي تحدٍّ يُوضَع أمامنا.

لقد وُضِعت تحديات كبرى أمامنا في الأشهر الـ18 الماضية. وتذكرنا ألعاب طوكيو الأولمبية بأن العالم يواجه جماعياً بأفضل طريقة لديه، مجموعة من الضغوط البالغة الصعوبة. وهؤلاء المتنافسون الـ16 ألفاً، بل كل واحد منهم، يستحقون تهليلاتنا.

© The Independent

المزيد من آراء