Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة المشيشي تواجه مصيرها فهل باتت تعد أيامها الأخيرة؟

 عجز عن إدارة الأزمة الصحية في البلاد وتنامي الضغط الحزبي والسخط الشعبي

تنامي الضغط السياسي والشعبي على حكومة هشام المشيشي (الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة)

تسود المشهد السياسي الحالي في تونس حالٌ من الغموض والترقّب، بسبب سوء إدارة الأزمة الصحية التي فاقمت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة، التي تعيشها البلاد.

وتواجه حكومة هشام المشيشي أزمة مزدوجة، وهي التي تعاني عجزاً هيكلياً في تركيبتها، من جهة سوء إدارتها الأزمة الصحية، الناتجة عن تفشي فيروس كورونا، وتكدس المصابين في المستشفيات العامة التي أصبحت عاجزة عن استيعاب المزيد من المصابين، ومن جهة أخرى، تضييق الخناق على هذه الحكومة، من قبل بعض الأحزاب السياسية، وتنامي السخط الشعبي على أدائها الضعيف على كل الأصعدة.

جريمة سياسية

فهل باتت أيام حكومة المشيشي معدودة في ظل هذا الوضع؟ وما البدائل الممكنة والمتاحة حالياً في تونس؟

انتقد رئيس الجمهورية، قيس سعيد، بشدة، ما اعتبره "عملية مدبرة من نافذين في المنظومة السياسية، لتجميع المواطنين أمام مراكز التلاقيح"، في إشارة إلى الأيام المفتوحة للتلاقيح، التي نظمتها وزارة الصحة، والتي علقتها فيما بعد، بسبب الاكتظاظ، ونتج عنها إقالة وزير الصحة، فوزي المهدي، من قبل رئيس الحكومة، وتكليف محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية بإدارة وزارة الصحة بالنيابة.

وأضاف سعيّد في تصريح صحافي، "أن التدافع والتجمعات التي رُتبت، كأنّ الهدف هو انتشار العدوى وليس التلقيح"، مشدداً على أن "هناك أشخاصاً يبحثون عن الضحايا".

وقال سعيّد "إن الجائحة السياسية في تونس أكثر من جائحة كورونا"، معتبراً "تجميع التونسيين يوم عيد الأضحى للتطعيم جريمة سياسية".

التيار الديمقراطي يقاضي المشيشي

من جهة أخرى، قرر التيار الديمقراطي، مقاضاة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وكل من سيكشف عنه البحث، من أجل تقصيره في أداء مهامه، والامتناع عن الإنجاد القانوني، على معنى الفصل 143، من المجلة الجزائية، والقتل عن غير قصد، طبقاً لمقتضيات الفصل 217 من المجلة نفسها.

وانتقد التيار الديمقراطي في بيانه، ما اعتبره "استهتار هذه الحكومة وتقصيرها في منع انتشار الوباء بين المواطنين، وتراخيها في إنفاذ القانون، وتطبيق الإجراءات الصحية، وتعمدها خرق القانون، بالسماح بتنظيم تظاهرات حزبية ورياضية، وفشلها في التنسيق بين مختلف هياكل الدولة المعنية، سواء لضمان التزود بالأكسجين أو التلاقيح".

إقالة وزير الصحة "عبثية"

كما وصف النائب والقيادي في حركة النهضة، سمير ديلو، قرار إعفاء وزير الصحة، فوزي المهدي، من مهامه، بــ"العبثي"، مستنكراً إسناد وزارتين إلى وزير واحد، "بينما تتطلب كل وزارة منهما تفرّغاً خاصاً"، بحسب تعبيره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، رفض النائب عن حركة النهضة، عماد الخميري، في تصريح صحافي، أن يمسك وزير بالنيابة وزارة الصحة، بينما تخوض البلاد حرباً على فيروس كورونا، داعياً إلى أن يتولى وزارةَ الصحة، وزير بكامل الصلاحيات، تتوفر له كل الإمكانات وتكون له القدرة والكفاءة على إدارة الأزمة، معتبراً أن الحل في توافق كل الأطراف لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة.

وكانت حركة النهضة، في آخر اجتماع لمجلس الشورى، دعت إلى "تكوين حكومة سياسية قوية في المرحلة القادمة تكون قادرة على مواجهة القضايا الراهنة وتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب".

تسعة وزراء بالنيابة

وبإقالة وزير الصحة، وتكليف وزير الشؤون الاجتماعية تسيير وزارة الصحة بالنيابة، تكون تركيبة حكومة المشيشي سابقة في تاريخ الحكومات في تونس، إذ يتولى تسعة وزراء وزارات إضافية بالنيابة، من أصل خمسة وعشرين وزيراً.

وتشمل الحقائب الوزارية بالنيابة وزارات: الداخلية، والعدل، والصحة، وأملاك الدولة، والشؤون العقارية، والفلاحة، والشؤون الثقافية، والشباب والرياضة، والإدماج المهني، والطاقة والمناجم.

الأيام الأخيرة لحكومة المشيشي

وسط عجز هيكلي في تركيبتها، وأزمات متعددة الأبعاد، وضغط سياسي حزبي، وتلويح بتتبعها قضائياً، وسخط شعبي، تواجه حكومة المشيشي مصيرها. ويرجّح أستاذ التاريخ المعاصر، محمد ذويب، أن حكومة هشام المشيشي تعيش أيامها الأخيرة، بسبب حالة الغليان في الشارع التونسي، وحديث بعض قيادات حركة النهضة عن حكومة سياسية تُطبخ في الكواليس.

ووصف ذويب تعاطي الحكومة مع أزمة كورونا بـ"الكارثي" وهو ما سيعجّل برحيلها.

وأضاف أن إدارة الأزمة الصحية ستتولاها إدارة الصحة العسكرية، مثلما أعلن رئيس الجمهورية، قيس سعيد، لافتاً إلى وجود فساد، في قطاع الصحة، من خلال سيطرة لوبيات عليه، ومؤكداً أن وجود إطارات الصحة العسكرية إلى جانب إطارات وأعوان وزارة الصحة، سيخفّف من وطأة الجائحة.

مزيد من التنازلات لداعمي الحكومة

في المقابل، استبعد النائب السابق في البرلمان، والكاتب الصحافي، هشام الحاجي، أن تشهد الأيام القادمة رحيل حكومة هشام المشيشي، مؤكداً أن الأخير سيقدّم مزيداً من التنازلات لداعميه، ما سيؤدي إلى بقائه، وبالتالي تأبيد الأزمة السياسية التي تغذيها أزمة اقتصادية واجتماعية حادّة، وهو ما سيفتح الباب أمام تحركات احتجاجية تزيد الوضع تعقيداً وتأزماً.

 واعتبر الحاجي أن الوضع السياسي في تونس يسوده الغموض والضبابية وصراع الكواليس، وسط حالة من توازن الضعف، بما لا يسمح بحسم الأمور على الأرض، مضيفاً أن كل من يمسك جزءاً من السلطة يرفض التخلي عنه، ويوجه كل جهوده للتخطيط لإزاحة الآخر.

تعطيل التحوير تسبب في كوارث

في غضون ذلك، شدد رئيس الحكومة، في كلمة ألقاها في اجتماعه مع إطارات وزارة الصحة، إثر إقالة وزير الصحة، على أن تعطيل التحوير الوزاري الذي اقترحه في يناير (كانون الثاني) الماضي، تسبب في كوارث خاصة في القطاع الصحي على حد تعبيره.

واعتذر المشيشي للتونسيين، الذين قدِموا يوم عيد الأضحى لتلقي اللقاح، إلا أنهم اصطدموا بـ"سوء التنظيم الذي وصل حدّ تهديد السلم الأهلي وتهديد صحة التونسيين''، داعياً إطارات وزارة الصحة إلى "التجنّد لتوفير الأكسجين للتونسيين، والتكفل بالمرضى وإنجاح حملة التلقيح''.

وكلف رئيس الحكومة وزيرةَ العدل بالنيابة، بإثارة وتحريك دعوى لدى النيابة العمومية، بخصوص فتح مراكز التلقيح بصورة عشوائية، من دون توفير الجرعات اللازمة للفئة العمرية التي وُجه النداء إليها للتلقيح، ومن دون التنسيق مع السلطات المركزية والجهوية الصحية والأمنية، وذلك يوم عيد الأضحى ما خلق حالة من الفوضى والاكتظاظ زمن الوباء.

بينما يتمسّك كل طرف بموقفه، ويكيل التهم إلى الطرف المقابل، تضاف يومياً عشرات الأسماء إلى قائمة ضحايا كورونا، وتواجه المنظومة الصحية خطر الانهيار، وتقف البلاد على حافة الإفلاس، وسط غياب رؤية سياسية، بسبب الصراع بين مؤسسات الدولة، وهو ما قد يؤجج السخط الشعبي على الطبقة السياسية في قادم الأيام، للضغط من أجل بديل سياسي يكون نتاجاً لانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها، وبعد تحيين القوانين الانتخابية، والاتفاق على النظام السياسي، للدخول في مرحلة الجمهورية الثالثة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي