Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنقاذ لبنان من الحكام وذئاب المشاريع الراديكالية

لا أحد يعرف إلى أين يقودنا الرهان على هيمنة مستحيلة بدل التفاهم على إنقاذ ممكن

افتراس لبنان كان ولا يزال مطمع ذئاب إقليمية لها أعوان في الداخل (أ ب)

لبنان ينحدر مكرهاً من أزمة حكومة إلى أزمة حكم، فأزمة نظام وأزمة وطن، وهو محكوم بأن يدفع ثمن صراعين متشابكين، صراع سياسي محلي بين عائلات المافيا على المال والسلطة، حتى بعدما نفد المال واهترأت السلطة، وصراع جيوسياسي إقليمي ودولي على إعادة تشكيل الشرق الأوسط.

لا قدرة على فك الارتباط بين الصراعين، فالمافيا المحلية مرتبطة بالقوى الخارجية، بعضها أيديولوجياً وبعضها الآخر مصلحياً، وعندما حاول وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز أيام الرئيس رونالد ريغان فك الارتباط بين أزمة لبنان وأزمة الشرق الأوسط، وسط تحذير الدكتور هنري كيسنجر له من ذلك فشل، وإدارة الرئيس جو بايدن لم تتوقف عند تقرير كبير الخبراء في المركز التقدمي الأميركي بريان كاتوليس، والداعي إلى "تعاملها مع لبنان بشكل منفصل، وتجنب رؤيته مجرد قطعة على رقعة الشطرنج الاستراتيجية الإقليمية"، فالوطن الصغير، كما يراه وزير الخارجية الفرنسي المحب له جان إيف لودريان بالتفاهم مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على طريق "الزوال"، بمعنى "زوال بُنى المؤسسات"، وهو في رأي وزير الخارجية الفرنسي سابقاً إيرفيه دوشاريت "فريسة في الشرق الأوسط".

وبالطبع فإن افتراس لبنان كان ولا يزال مطمع ذئاب إقليمية لها أعوان في الداخل، ذئاب فلسطينية وإسرائيلية، وسوريا جرّبت حظها ففشلت لأسباب تتعلق بسياسات الكبار على قمة العالم، والذي يكشر عن أنيابه اليوم هو الذئب الإيراني، وهو ما قاد إلى التقاء فرنسا وأميركا والاتحاد الأوروبي والفاتيكان ومصر والسعودية وروسيا والجامعة العربية والأمم المتحدة على إنقاذ لبنان، لا من الذئب الإقليمي وحسب، بل من حكامه الفاشلين العاجزين الذين قادوه عمداً إلى هوة عميقة أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وليس ذلك قليل الدلالات إلى أمور عدة، من الرهان على أهمية العيش المشترك في ما سماه البابا يوحنا بولس الثاني "البلد - الرسالة" إلى الخوف من مضاعفات الانهيار، ومن منع التغيير الجيوسياسي في المنطقة بالقوة وفرض المشاريع الأحادية الى انتظار "الصفقة الكبرى" بين الكبار والقوى الإقليمية في إطار توازن القوى وتوازن المصالح، فما إن اعتذر الرئيس المكلف سعد الحريري عن عدم تأليف الحكومة بسبب الخلاف المستمر مع رئيس الجمهورية ميشال عون حتى اندفعت عواصم العالم تدعو إلى طريق لا مهرب من سلوكه، تأليف حكومة إنقاذية تجري إصلاحات وتفتح باب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والمساعدات العربية والدولية، وتغيير التركيبة الفاسدة عبر انتخابات نيابية عام 2022، وهو أمر صار أصعب.

وبكلام آخر، فإن لبنان كان ولا يزال محل رهانات خارجية على مشاريع راديكالية ضد جوهره وطبيعته، مشروع تحرير فلسطين من لبنان في ستينيات القرن الماضي والذي قاد إلى تجمع كل المنظمات الفلسطينية فيه، إلى حرب لبنان وخرابه والاجتياح الإسرائيلي ثم إخراج معظم الفصائل الفلسطينية منه. مشروع "الحديقة الخلفية" لسوريا التي تخوفت من مشروع حكم يساري لبناني - فلسطيني للبنان يزايد عليها ويضر بمصالحها الحيوية، فاندفعت عسكرياً في الوطن الصغير ومارست الوصاية عليه بالتفاهم مع أميركا التي قالت للسوريين "لا تضغطوا كثيراً على لبنان ولا تطيلوا الإقامة فيه"، لكنهم فعلوا العكس فأخرجهم الأميركي والفرنسي عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. مشروع تحالف سلام إسرائيلي- مصري- لبناني سقط باغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل، والمشروع الإيراني المتمدد حالياً في اليمن ومن العراق وسوريا إلى لبنان، والقائم على التمهيد لحكم المنطقة تحت عنوان "حكم العالم مع مجيء المهدي المنتظر"، وهو بالطبع المشروع الذي منع، من خلال "حزب الله" وتأليف حكومة إصلاحات إنقاذيه بدعم الموقف المتشدد لكل من عون والحريري.

ولا أحد يعرف إلى أين يقودنا الرهان على هيمنة مستحيلة بدل التفاهم على إنقاذ ممكن.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل