Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النيران تلتهم الغابات في الجزائر وتثير بلبلة حول الأسباب

السلطة تتهم "جهات تسعى إلى إثارة غضب اجتماعي في الداخل ومَن يريد عرقلة الرئيس تبون لإضعافه"

النيران تلتهم الغابات في منطقة خنشلة في شرق الجزائر (وكالة الأنباء الجزائرية)

عاد الحديث مجدداً في الجزائر حول وجود مجموعات إجرامية تهدف إلى إثارة الفوضى في البلاد، ما أثار مخاوف من مظاهر عنف تتربص بالجزائريين، على الرغم من أن أغلب الهمسات تشير إلى أن الأمر يتعلق باستمرار صراع أجنحة السلطة أو بسياسة "تخويف" يُراد منها تهدئة الشارع.
وأمام اتساع دائرة الحرائق التي تشهدها غابات في مختلف المناطق الجزائرية، خرج وزير الداخلية كمال بلجود، ليؤكد أن الحرائق مفتعلة وتقف وراءها مجموعات إجرامية، مبرزاً أن "أجهزة الأمن أوقفت عدة أشخاص مشتبه فيهم وستتولى العدالة أمرهم"، متهماً "أشخاصاً يخططون لإثارة الفوضى من وراء عمليات حرق الغابات". وقال بلجود إن "عناصر الحماية المدنية وجدوا أثناء تدخلاتهم لإخماد النيران داخل الغابات أشخاصاً يحملون دلاءَ بنزين ومناشير آلية".
وبات توجيه أصابع الاتهام إلى أطراف خارجية وجهات داخلية أمراً معتاداً مع كل مناسبة سلبية في الجزائر، ما جعل الشارع ينتقد تعاطي السلطات مع مختلف المشاكل، التي يعتبر أن سببها هو قلة خبرة المسؤولين وضعف التسيير بسبب عدم الاعتماد على الكفاءات في تولي المناصب، إضافة إلى تجاهل وتهميش الخبرات المحلية، ما خلق حالة استياء تزيد من "غضب" المواطنين الذين لم يجدوا سبيلاً للتعبير عن امتعاضهم سوى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للاستهزاء بحديث "الأيادي الخارجية".
في السياق، رأى الناشط الحقوقي، سليمان شرقي، أن "قضية الحرائق تتعلق بأفراد من داخل الوطن وخارجه ارتبطوا في ما بينهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لارتكاب مثل هذه الجرائم، لكن لا يبدو من خلال الوقائع المسرّبة ارتباطهم بدول أخرى، ويتأكد ذلك من خلال نوعية التهم الموجهة إليهم التي ليس من بينها التخابر، بالإضافة إلى إحالتهم أمام القضاء الجزائي العادي وليس العسكري"، مشيراً إلى "مجموعات متعددة متداخلة، من بينها المحرض والمنفذ". كما تحدث شرقي عن "عناصر مموَّلة، ذات أهداف غامضة، لكني أظن أنها ترمي إلى أهداف وأغراض مادية محضة من خلال السعي إلى الحصول على تعويض عن الأملاك التالفة أو الاستيلاء لاحقاً على الأملاك الغابية بعد احتراقها لاستصلاحها"، مستبعداً أن تكون للعملية أغراض سياسية، وإن تزامنت مع استمرار الأزمة السياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها السلطات جهات بالوقوف وراء حرائق الغابات، التي أصبحت ظاهرة "خطيرة" تهدد البلاد، إذ شهد فصل الصيف الماضي السيناريو ذاته، فأيدت غرفة الاتهام بمجلس قضاء محافظة تيبازة (وسط) في ديسمبر (كانون الأول) 2020، قرار إيداع 14 متهماً، متورطين في اندلاع حرائق الغابات بمنطقة قوراية، الحبس المؤقت، فيما أخضعت ثلاثة آخرين لنظام الرقابة القضائية، إلى جانب إصدار أوامر بالقبض على ستة آخرين، منهم أربعة خارج البلاد. وأشارت إلى أن التحقيقات ومعاينة الهواتف المحجوزة، أثبتت أنهم تلقوا أموالاً تم تحويلها من الخارج.
كما أوقفت عناصر الشرطة بمحافظة الشلف (غرب)، في الفترة ذاتها، 11 شخصاً يُشتبه في تورطهم في حرائق غابات منطقة "واد قوسين"، إذ ضُبط بحوزتهم قارورات معبأة بالبنزين معدة للغرض ذاته، وهواتف نقالة كانت تُستعمل في التواصل بينهم.

وتمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة برج بوعريريج، في التوقيت نفسه، من توقيف شخص يشتبه في إضرامه النار في غابة "بومرقد".
ودفعت هذه الحرائق، الوزير الأول آنذاك، عبد العزيز جراد، إلى كتابة منشور على صفحته في موقع "فيسبوك"، جاء فيه أن "لا تسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن إذا ما أثبتت التحقيقات أن حرائق الغابات التي شهدتها مناطق عدة من الوطن خلال الـ24 ساعة الأخيرة، مدبرة".
كما كشف وزير الداخلية، كمال بلجود، في رده عن سؤال حول أسباب هذه الحرائق، عن أن التحقيقات أظهرت أياديَ متسببة في ذلك، موضحاً أن التحقيق متواصل لتحديد دوافع هذه التصرفات.

من جهة أخرى، رأى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي، أن "العملية منذ يوم وقوعها كانت تدل دلالة قاطعة بأنها مخططة بإحكام، نظراً إلى حدوثها في توقيت واحد تقريباً رغم اختلاف الأماكن وبعدها بعضها عن بعض". وقال إن "الجزائر معرضة اليوم لعدة مناورات داخلية مرتبطة بأطراف موجودة بالخارج تريد زعزعة الاستقرار"، موضحاً أن "هناك مَن يريد إثارة غضب اجتماعي في الداخل، وهناك مَن يريد عرقلة الرئيس عبد المجيد تبون لإضعافه". وأضاف لونيسي أن "هذه الأطراف ممكن أن تكون من داخل السلطة ذاتها، وفقدت نفوذها نسبياً وتريد استعادته، ومنها جهات مرتبطة بالنظام السابق تستهدف إثارة الفوضى للفرار بجلدها".
وأشار لونيسي إلى أن "هذه الأطراف كلها التقت مصالحها مع بعض المعارضة التي تريد انهيار النظام لأخذ مكانه، خصوصاً تلك الموجودة بالخارج التي تريد إحراق كل شيء". وتابع أن "ما تم التوصل إليه خلال التحقيقات حول الحرائق، جد منطقي، ومَن لم يعِ ما يحدق بالجزائر، فإما أنه متواطئ وإما قصير النظر".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي