Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميناء بورتيماو البرتغالي بوابة عودة المغاربة لوطنهم في فصل الصيف

الرباط تطلق إجراءات عاجلة لاستيعاب المهاجرين وسط استمرار توتر الحدود مع مدريد

ميناء طنجة المغربي (أ.ف.ب)

بعد استثناء الرباط موانئ إسبانيا من عملية "مرحبا" 2021 لعبور الجالية المغربية، وفي ظل استمرار تشنج المواقف على الرغم من محاولات مدريد تلطيف الأجواء، واعتباراً للعدد الكبير لمغاربة أوروبا، حيث يفوق عدد العابرين من إسبانيا لوحدها ثلاثة ملايين مهاجر، لجأت السلطات المغربية لاتخاذ عدة تدابير استباقية لاستيعاب العملية كماً ووقتاً.

وشملت هذه التدابير في مرحلة أولى تخفيض أسعار التذاكر ذهاباً وإياباً بالسيارة إلى ألف دولار للعائلة المكونة من أربعة أفراد، بالنسبة إلى الخطوط الطويلة و500 دولار بالنسبة إلى المتوسطة المدى.

لكن آخر هذه التدابير كان لجوء المغرب لإيجاد معابر بديلة، حيث بتوجيه من السلطات العليا قامت مديرية الملاحة التجارية التابعة لوزارة التجهيز والنقل باتصالات مكثفة، مع شركات النقل البحري العاملة على الخطوط البحرية مع أوروبا، لإضافة معابر جديدة تضاف لموانئ سيت مارسيليا وجينوا، وعليه تم التنسيق مع السلطات البرتغالية لتسخير ميناء بورتيماو لعبور المغاربة نحو ميناء طنجة المتوسط بطاقة استيعابية تصل 20 ألف مسافر و500 عربة أسبوعياً.

وبعد أن قدر عمدة الجزيرة الخضراء خسائر إسبانيا من إقصاء موانئها لعبور المغاربة هذا الصيف بنصف مليار دولار، رأى اقتصاديون أن البرتغال ستستفيد بـ50 في المئة من هذا الرقم أي حوالى 200 مليون دولار، بعد استعمال ميناء بورتيماو للعبور وباقي الخدمات، وهو ما رحب به عمدة المدينة البرتغالية.

 ضرر اقتصادي دفع مدريد للبحث عن حل سريع

رد فعل المغرب تجاه استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بهوية مزورة فاجأ سلطات مدريد في وقته وحجمه، فهو لم يتأخر عن استقبال غالي إلا بساعات، أما حجمه فقد أخذ مراحل وأوجهاً كان أبرزها اقتصادياً، وهكذا وجدت الحكومة الإسبانية نفسها تحت ضغط ممثليها بأقاليمها الجنوبية، أول المتضررين اقتصادياً من القطيعة مع المغرب.

يقول المحلل السياسي عبد العالي السليماني، "أمام هذا الوضع لاحظ كل متابع لمسار الأزمة رغبة الحكومة الإسبانية وحيرتها في إيجاد مخرج للورطة التي وضعتها فيها البوليساريو، فتارة تلوح بإخضاع سبتة ومليلية لنظام تأشيرة "شينغن"، وتارة تذكر بالتزامها تدبير الأمم المتحدة لملف الصحراء في احترام تام للموقف المغربي".

تضارب المواقف الإسبانية لم يقف عند المستوى الحكومي، بل إن تفاعل النخب الإسبانية مع الأزمة بدوره عرف اختلافاً كبيراً بخاصة تجاه قضية الصحراء، فاتسمت مواقف الأحزاب والقيادات الشابة ذات المطامح السياسية بالتشنج تجاه الرباط، فيما عرفت مواقف النخب المتقاعدة غير المراهنة على المناصب السياسية نوعاً من التبصر والحكمة آخذة تاريخ وجوار واقتصاد البلدين كمرجع لاتخاذ أي قرارات جديدة.

البرلمان الأوروبي على خط الأزمة

 التوتر المستمر والتشنج الذي طبع مواقف البلدين دفع مدريد لمحاولة الضغط على المغرب، لتليين موقفه ودفعه للتراجع عما أبداه من صلابة تجاه الجارة إسبانيا، بعد أن اعتبر استقبالها لإبراهيم غالي مساساً بسيادته الترابية وخرقاً لميثاق الثقة والجوار التي جمعت البلدين. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهنا يصف السليماني اللجوء للبرلمان الأوروبي بأمل إسبانيا لتحريك المياه الراكدة ويضيف، "سارع بعض المؤثرين في القرار الإسباني لتحويل مسار التوتر من أزمة ثقة وجوار وأمان إلى قضية هجرة وابتزاز من المغرب لإسبانيا داخل أروقة البرلمان الأوروبي، واتُهم المغرب باستغلال المهاجرين بعد أن عبر سبتة حوالى 6 آلاف مهاجر دفعة واحدة، لكن المغرب ألغى مفعول هذه الخطوة وأهميتها بإعلانه قبول إعادة قاصريه غير المصحوبين على أرض الاتحاد الأوروبي. بينما تبحث إسبانيا عن احتواء الأزمة بشتى الطرق، والرباط لن تود أو تبحث عن قطيعة دائمة، لكنها نوعاً ما  ترغب في تعويض أو ضمان لتجديد الثقة وتجنب المساس بمصالحها الترابية مرة أخرى، خصوصاً أن الرباط تعامل مدريد بالمثل، ولا تستقبل أو تتعامل مع حركات انفصالية، هو مشكل ثقة يجب أن تعود بين الطرفين عندها ستعود العلاقات لسابق عهدها".

سانشيز وبايدن لقاء أقل من المتوقع

ترويج إعلامي كبير سبق لقاء رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز والرئيس الأميركي جو بايدن بمناسبة انعقاد قمة الدول الـ7، اجتماع عقدت عليه السلطات الإسبانية الأمل لحلحلة الأزمة بضغط واشنطن على الرباط، بخاصة بعد استعمال مدريد لورقة المهاجرين التي تعني الولايات المتحدة كثيراً، لكن هذا الاجتماع جرى كما لم يكن متوقعاً، حيث ظهر سانشيز وبايدن يتبادلان الحديث بشكل سريع في ممر رواق في قاعة الناتو.

وبعد خروج مقطع يوضح طبيعة الاجتماع التي لم يتجاوز 29 ثانية، تعالت الأسئلة في إسبانيا، وكان أولها كم كلف مدريد هذا اللقاء الذي لم يحصل. وهنا برزت أصوات إسبانية منددة بسوء تدبير الأزمة والرهان غير المضمون، وتحدثت عن هبة إسبانية بحوالى 7 ملايين دولار لمؤسسة نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في كوستاريكا، التي تعنى بمحاربة هجرة القاصرين، إضافة لمبادرة موافقة مدريد على احتضان اجتماع حلف شمال الأطلسي "الناتو" سنة 2020، الذي يكلف نحو 30 مليون دولار.

 أحزاب إسبانية جعلت من الأزمة ورقة انتخابية

واعتبر المحلل السياسي عبد العالي السليماني، أن أحزاباً إسبانية تواصل الركوب على توتر العلاقات مع المغرب واستغلالها، لكسب مزيد من التعاطف لدى الناخبين، حيث طالبت في ظهور إعلامي مثير، قيادة حزب "فوكس" في سبتة السلطات المحلية والإسبانية بطرد جميع المهاجرين غير الشرعيين، مدعية أنهم يشكلون خطراً على الأمن العام. فيما سارع حزب "سيودادانوس" الإسباني لحث حكومة "بيدرو سانشيز" على منع حصول المغرب على نحو 1.5 مليار دولار من المساعدات من الاتحاد الأوروبي. ويضيف، "إن قدر البلدين حل أزماتهما بفعل جوارهما وتكاملهما اقتصادياً، وإن بعض الأحزاب الإسبانية تغامر بهذه العلاقات من أجل مطامح سياسية، وهو ما لا يرقى لرؤية وتبصر حكومات الدول الكبيرة ولمكانة البلدين عند بعض".

 البرلمان العربي يحذر الاتحاد الأوروبي من الدخول بين الرباط ومدريد

 وسط تبادل لعب الأوراق بين الرباط ومدريد، وتعبيراً عن التضامن مع المغرب ظهرت مطالبات عربية بمقاطعة المنتجات الإسبانية، وهو ما رأى فيه اقتصاديون "أن أخذ طريقه نحو التفعيل بجدية يعد تهديداً آخر لاقتصاد إسبانيا، بالنظر لحجم صادراتها نحو السوق الخليجية وحجم الاستثمارات العربية فيها".

بالموازاة مع هذا خرج البرلمان العربي ببلاغ شديد اللهجة، يدين فيه كل محاولة لتغيير مسار أزمة بين بلدين إلى أزمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وفي هذا الصدد عبر حسن البرغوثي نائب رئيس البرلمان العربي لـ"اندبندنت عربية"، عن التضامن مع المغرب في قضاياه الرئيسة ومنها اقتصاده وسيادته الترابية، وتابع، "ندعو البرلمان الأوروبي إلى عدم إقحام نفسه في أزمة العلاقات بين المغرب وإسبانيا، باعتبارها أزمة ثنائية يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية والتفاوض الثنائي المباشر بينهما، دون وجود أي داع إلى تحويلها إلى أزمة مغربية أوروبية". كما دان البرلمان العربي قرار البرلمان الأوروبي الأخير، واعتبره تقليلاً لجهود المغرب وسياساته تجاه قضايا الهجرة، معتبراً أن الأخير كان دائماً صمام الأمان للحدود الأوروبية، ودعا إلى الابتعاد عن كل المواقف التي من شأنها تأجيج الأوضاع نحو انهيار للعلاقات الاقتصادية بين الجارين.

 أحزاب تنتقد توريط سانشيز لإسبانيا اقتصاديا

الأزمة بين الرباط ومدريد بدأت سياسياً ودبلوماسياً، لكن سرعان ما تجلت آثارها على الاقتصاد الإسباني، خصوصاً بعدما شكله إقصاء موانئها من عملية العبور هذا الصيف، من ضربة قاسية رأى خبراء أنها ستؤثر في ميزانية الأقاليم الجنوبية في إسبانيا، وهنا تعالت الأصوات داخل مدريد منددة بتسيير الحكومة الإسبانية للأزمة وعدم قدرتها على حلها سريعاً دون تكبد هذه الخسائر.

رئيس لجنة المالية في البرلمان الإسباني، العضو البارز داخل الحزب الشعبي الوي سواريز لاماتا، صرح في حديثه لنا،" أعتقد أن حكومة إسبانيا لم تفعل الأشياء بشكل جيد. إخفاء وجود غالي في إسبانيا، بخاصة عندما تقول وزيرة الخارجية إن ذلك كان لأسباب إنسانية. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا أخفوه؟ هل كانت حكومة سانشيز على علم بالغضب الذي سيحدثه هذا الوضع في المغرب، بالتالي حاولت إخفاءه؟"

وحول تدحرج كرة الثلج في الأزمة بين البلدين، رأى سواريز لاماتا أن تبادل التصريحات القوية لن يزيد الوضع إلا تعقيداً، وأضاف، "تكلمت مع رشاد الأندلسي أحد الذين رفعوا دعوى قضائية ضد زعيم البوليساريو إبراهيم غالي، وفهمت منه الأمور، إنه مهندس في إسبانيا، لكنه يدافع بشراسة عن مصالح بلده،، والتوجه الأول كان لمناصرة الضحايا في القضايا كذلك. الحل يكمن في الحوار لهذا السبب أنا مقتنع بأن الأشخاص الآخرين في إسبانيا، حكومة يرأسها الحزب الشعبي، ستحل المشكلة بطريقة أفضل".

رئيس لجنة المالية في إسبانيا وهو كذلك عضو لجنة الخارجية والداخلية، لم يتردد في تحميل حكومة سانشيز ما تكبده البلد من خسائر اقتصادية ستقارب المليار دولار نهاية السنة، وبعد أن وصف تدبير الحكومة للأزمة "بالسيء للغاية"، تساءل، "إذا عملت إسبانيا كسفير للمغرب في أوروبا لإيصال المنتجات المغربية إلى سوق الاتحاد الأوروبي، فما الفائدة من استفزاز المغرب بإخفاء شخص مليء بالمشكلات؟ في ضوء الجرائم المنسوبة إليه في بعض الشكاوى. كانت حكومة سانشيز مخطئة للغاية في هذه القضية، وبشكل عام في العلاقة مع المغرب".

مدريد تبعث إشارات التهدئة

في ظل استمرار توتر الأجواء بين البلدين، بادرت حكومة مدريد منذ أسابيع ببعث رسائل رغبة في تسوية الأمور وإعادة قطار العلاقات إلى سكته، فإسبانيا وصفت رد فعل المغرب بالمبالغ فيه، وجددت تأكيد أن استقبالها لغالي كان بدوافع إنسانية وليس بنية الإضرار بجار وشريك مهم كالمغرب.

وخرجت وزيرة الخارجية الإسبانية في رسالة تهدئة أخرى تجدد التزام بلادها تدبير الأمم المتحدة لملف الصحراء في احترام كامل لمواقف المغرب في الملف، وبعد أن لامت مدريد ما وصفته بإقحام المغرب للمهاجرين في سوء التفاهم الأخير بين البلدين، عادت لتستحسن على غرار عواصم أخرى قرار الرباط قبول إعادة كل القصر غير المصحوبين على الأراضي الأوروبية، فيما توالت الأصوات الإسبانية التي أحصت خسائر البلاد من استمرار التوتر بين الجارين، مطالبة الطرفين بتغليب الحكمة والتبصر في معالجة الأزمة، وأن الجوار والتاريخ المشترك يفرض هذا، وليس تصعيد المواقف.

25  مليون دولار خسائر مزارعي الطماطم الإسبان

 بعد البطيخ الأحمر، جاء الدور على الطماطم المغربية التي كبدت المزارعين الإسبان خسائر فادحة، حيث كتبت صحف إسبانية أن منتجي الطماطم في "ألميريا"، تلقوا ضربة موجعة وغير مسبوقة، بعدما أظهرت التقديرات خسارة سوق المنافسة، بنحو 26 مليون دولار بسبب الطماطم القادمة من المغرب بأسعار تنافسية.

وحسب ذات المصدر، "الفلاحون الإسبان أبدوا تخوفهم الكبير من الاستراتيجية الفلاحية (الجيل الأخضر) التي أطلقها المغرب، التي ستشمل إنشاء 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية الخاصة بإنتاج الطماطم في الأقاليم الجنوبية للمملكة، التي سيكون جلها موجهاً للتصدير".

اقرأ المزيد