ألقت قوات الأمن المصرية القبض على حنين حسام المعروفة بفتاة الـ"تيك توك"، تنفيذاً لحكم قضائي بسجنها 10 أعوام وتغريمها 200 ألف جنيه (حوالى 13 ألف دولار أميركي)، بتهم "التعدي على قيم الأسرة المصرية" والاتجار بالبشر ونشر فيديوهات "تحرض على الفسق" عبر تطبيق "تيك توك" لمقاطع الفيديو القصيرة، إلى جانب تهمة استغلال أطفال في تصوير فيديوهات لتحقيق الربح المادي. وشمل الحكم القضائي الصادر، معاقبة مودة الأدهم وهي أيضاً من مشاهير "تيك توك" بالسجن 6 أعوام وتغريمها نفس المبلغ المالي.
وجاء تحرك قوات الأمن بعد ساعات من ظهور حنين حسام في فيديو، قالت فيه إنها لم تؤذ أي أحد ولا تعرف شيئاً عن الاتجار بالبشر، مؤكدة أنها اشتركت على تطبيق "لايكي" للفيديوهات، ووصفته بأنه "ليس حراماً"، بحسب تعبيرها، وناشدت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتدخل وإعادة محاكمتها، مؤكدة أنها طالبة جامعية في كلية الآثار، ولن تطيق الحياة في السجن.
قرار الاتهام
وبحسب تحقيقات النيابة العامة في القضية ظهرت مودة وحنين في فيديوهات بث مباشر عبر تطبيق "تيك توك"، وقامتا بدعوة الفتيات للاشتراك في تطبيق "لايكي" لمقاطع الفيديو، مع إغرائهن بالحصول على مقابل مادي يزيد كلما زاد عدد المشاهدات، وذلك خلال فترة الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا.
ووفق ما نشرته الصحف المصرية المحلية، فإن قرار الاتهام بالاتجار بالبشر نص على أن حنين خدعت طفلتين (لم تتجاوزا 18 سنة) وأوهمتهما بتوفير فرصة عمل لهما في تطبيق "لايكي"، وأنشأت مجموعة للمحادثات الهاتفية، يلتقي خلالها الفتيات بالشباب بمحادثات مرئية، استغلالاً لفترة العزل المنزلي، وأوضحت التحقيقات أن المتهمة استغلت الطفلتين استغلالاً تجارياً بتسهيل انضمامهما للتطبيق الإلكتروني واستغلال عدم إدراكهما للحصول على ربح مادي نظير اشتراكهما في التطبيق، وأضافت التحقيقات أن مودة الأدهم استغلت الطفلتين في تصوير مقاطع فيديو ونشرها على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي لزيادة عدد متابعيها، وتحريض الأطفال على القيام بـ"أعمال منافية للآداب". كما أشارت التحقيقات، إلى أن مودة تلقت تحويلات مالية من أشخاص في عدة دول، بلغت قيمتها 423 ألف جنيه (نحو 27 ألف دولار أميركي) بعد الاطلاع على حركة حساب المتهمة البنكي، بناء على موافقتها وإذن النيابة العامة.
إعادة الإجراءات
ومن المنتظر بعد القبض على حنين حسام أن تعاد إجراءات محاكمتها، لأن الحكم الصادر بحقها كان غيابياً، أما مودة الأدهم فيرى محاميها محمود السويفي أنها ما زالت تمتلك فرصة البراءة، عبر الطعن في الحكم الصادر ضدها، خلال 60 يوماً من صدور الحكم، مؤكداً أنه يملك أدلة براءة موكلته، بحسب تصريحات إعلامية محلية أشار فيها إلى أن الأحراز التي عرضت في القضية لا تعبر عن ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر. كما أعلن حسين البقار محامي حنين أنه سيطالب بتخفيف الحكم عند إعادة إجراءات المحاكمة، ووصف في تصريحات صحفية محلية العقوبة "بالشديدة" بالمقارنة مع قامت به موكلته، لأنها لم تتاجر بالبشر على حد قوله، كما أوضح أن المحكمة أرادت إصدار حكم رادع للفتيات لكي لا تتكرر تلك الأفعال التي "يبغضها المجتمع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي جلسة النطق بالحكم، قال القاضي محمد أحمد الجندي، قبل إعلان الحكم "إن الرذيلة والفاحشة دأبهما لتحقيق المعدلات القصوى لمتابعيها، وهدم قيمنا غايتها، فأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر في أبنائنا وسلوكنا، فغابت الرقابة الأسرية وصارت الغفلة لبعض الأسر قائدة لهم في الانهيار". ودخلت مودة في نوبة بكاء عقب النطق بالحكم، قبيل ترحيلها إلى السجن، بينما تغيبت حسام عن الجلسة.
مسار القضية
ولم يكن حكم السجن هو الأول في مسار القضية، حيث بدأت في أبريل (نيسان) 2020 حين ألقت قوات الأمن القبض على حنين، التي تلقب نفسها بـ"الهرم الرابع" وتخطى عدد متابعيها مليون شخص على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجهت لها تهم التعدي على "قيم الأسرة المصرية" وغيرها من التهم، وبعدها بأقل من شهر أُلقي القبض على مودة في نفس القضية. وأصدرت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة أول حكم قضائي بحق حنين ومودة، في يوليو (تموز) من نفس العام حيث حبست كل منهما لمدة عامين مع غرامة مالية 300 ألف جنيه (19132 دولاراً أميركياً)، لكن الدائرة الاستئنافية في المحكمة ألغت حكم حبس مودة وقضت ببراءة حنين، وذلك في يناير (كانون الثاني) الماضي. لكن النيابة العامة أعادت إحالة الفتاتين إلى القضاء بتهمة الاتجار بالبشر، والتي صدر فيها الحكم بالسجن لكل منهما.
نص غير دستوري؟
عقب الإعلان عن الحكم القضائي، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي "هاشتاغ" باسم مودة الأدهم وحنين حسام، وتباينت الآراء ما بين مؤيد للحكم باعتباره يحمي قيم المجتمع ويشكّل عبرة لكل من يتعدى على "قيم الأسرة المصرية"، ومعارض يجد في الحكم مبالغة قد تضيع مستقبلهما، كما انتقد آخرون الاستناد إلى المادة 25 من قانون تقنية المعلومات التي تنص على: "عقاب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (حوالى 3200 دولار) ولا تتجاوز مئة ألف جنيه (حوالى 6400 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين من دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات من دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص من دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة"، حيث يرى المنتقدون أن عبارة "المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري"، عبارة مطاطة وليس لها معايير واضحة، ووصف المحامي محمود حيدر أحد الموكلين بالدفاع عن حنين حسام تلك المادة بغير الدستورية لأنها ليست واضحة وتحتمل الشك، بحسب تصريحات صحافية.
وخلال العام الماضي أُلقي القبض على 10 نساء من المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي، بتهمة الاعتداء على القيم والمبادئ الأسرية، من بينهن سيدة وابنتها حكم عليهما بالسجن 5 سنوات، وهو الحكم الذي أدانته مؤسسة حرية الفكر والتعبير في مصر (مؤسسة حقوقية) ودعت لوقف الملاحقات القانونية للنساء بسبب ما ينشرنه على الإنترنت.