Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد الأوروبي يتجه نحو استعادة الانضباط المالي والنقدي

المفوضية جمعت23.7 مليار دولار من خلال سندات لأجل 10 سنوات كجزء من خططها لتمويل تعافي الكتلة من تداعيات أزمة كورونا

تسبب ربع قرن من ضعف الأداء الاقتصادي في انزلاق إيطاليا إلى النصف السفلي من الاتحاد الأوروبي (أ ف ب)

هل تقوم أوروبا بالقليل بعد فوات الأوان لدعم التعافي الاقتصادي بعد الوباء؟ ظل السؤال معلقاً في الهواء هذا الأسبوع، حتى بعد أن أجرى الاتحاد أكثر صفقاته طموحاً في الأسواق المالية العالمية. بالنسبة إلى المستقبل، فإن النقطة الأساسية هي أن الدعم المالي والاقتصادي والنقدي لأوروبا لا يلزم أن يكون أكبر، ولكن يجب أن يكون أكثر ذكاءً.

بعض صانعي السياسة البارزين، مثل ولفغانغ شوبل وزير المالية الألماني السابق، يؤيدون برامج التحفيز التي يغذيها الدين في الاتحاد الأوروبي، لكنهم مع ذلك يحثون على العودة السريعة إلى الانضباط المالي والنقدي. ويحذر آخرون من مخاطر سحب الدعم في وقت مبكر والعودة إلى مزيج غير مناسب من السياسات. وقد يكون تأطير النقاش بطريقة مناسبة نقطة البداية في هذا الجدال.

ويمثل الاتحاد الأوروبي، المكون من 27 دولة، ومنطقة اليورو التي تضم 19 دولة، مثالين على أعمال غير مكتملة، ومن بين القطع المفقودة الأدوات المناسبة لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي. في حين تشمل نقاط الضعف في النظام الحالي مخاطر الضائقة المالية والمصرفية. في حين يؤدي الافتقار إلى القدرة المالية إلى اعتماد مفرط ومثير للجدل على السياسات النقدية غير التقليدية للبنك المركزي الأوروبي.

خلال فترة الوباء، استفادت جميع دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً الدول الأكثر هشاشة من الناحية الاقتصادية، من تعليق القواعد المالية للاتحاد الأوروبي ومن مظلة حماية البنك المركزي الأوروبي. وتضمنت السياسات الوطنية ضمانات حكومية للقروض المصرفية، وتعويضات عن الدخل المفقود للعمال والشركات، وخطط الاحتفاظ بالوظائف، وتأجيل بعض الضرائب. وعلى الرغم من بعض الصعوبات والتأخير، كانت هذه الإجراءات فعالة إلى حد كبير في استقرار اقتصادات الاتحاد الأوروبي وتمهيد الطريق للتعافي. في حين لعبت خطة الاتحاد السخية والمتعددة الأوجه دورها في مواجهة الانكماش.

البُعد الأوروبي

صحيح أن استجابة السياسة كانت أقل من الكمال، إذ تم تجميعها بطريقة طوارئ مخصصة وكانت موجهة نحو التحويلات المالية بين الدول الأعضاء، في حين أن ما تحتاج إليه منطقة اليورو هو أصول أوروبية آمنة وقدرة مالية مركزية.

مع ذلك، حتى لو كان من الممكن أن تكون استجابة الحكومات أكثر كفاءة وفي الوقت المناسب، فمن الصعب القول، إنه كان ينبغي أن تكون استجابة أكبر. وخلص المجلس المالي الأوروبي، وهو هيئة استشارية مستقلة تابعة للمفوضية الأوروبية، هذا الأسبوع إلى أن "السياسات المعتمدة أو تلك التي أعلنتها الحكومات بشكل موثوق يبدو حتى الآن أنها تحقق درجة مناسبة من الدعم المالي". وبالتالي، في أي أزمة مستقبلية، لن يكون الأمر متعلقاً بفعل مزيد إنما بالقيام به بشكل أفضل. ولهذا، يجب أن يتدخل البعد الأوروبي. ومع وجود أصول الاتحاد الأوروبي الآمنة والقدرة المالية المركزية الدائمة، ستكون استجابات سياسة الكتلة أقل قوة كتلك الراهنة وأكثر استدامة وتلقائية.

ويتعلق الجزء الآخر من خطة التعافي للاتحاد الأوروبي بالمرونة. فالهدف هو تعزيز النمو المحتمل من خلال الاستثمارات العامة المدعومة بإصلاحات هيكلية. بينما تُركت معظم جهود استقرار الاقتصاد الكلي للمبادرات الوطنية، فإن خطة المرونة ستعتمد بشكل كبير على الأموال الأوروبية الممولة بشكل مشترك، مثل إصدار السندات لمدة 10 سنوات بقيمة 20 مليار يورو (23.7 مليار دولار أميركي) الذي أطلقته المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع، بحسب "فايننشال تايمز".

118.6 مليار دولار من السندات والأذونات

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن الصفقة الافتتاحية لبرنامج الاتحاد الأوروبي نيكس جينيريشن أو الجيل المقبل هي أكبر إصدار سندات مؤسسية على الإطلاق في أوروبا. وستساعد الأموال في تمويل خطط التعافي الوطنية التي وضعتها الدول الأعضاء لإعادة اقتصاداتها إلى المسار الصحيح. وقالت فون دير لاين، إن السند تم تسعيره "بشروط مغرية للغاية"، وإن الاتحاد الأوروبي سيدفع فائدة أقل من 0.1 في المئة عليه. وقالت "أوروبا جذابة... وبحلول نهاية هذا العام، نتوقع أن نصدر حوالى 100 مليار يورو (118.6 مليار دولار) من السندات والأذونات". وكان المفوض المسؤول عن الميزانية والإدارة، يوهانس هان، قد قال إن عملية الاقتراض الأولى لخطة التعافي جذبت اهتمام المستثمرين في جميع أنحاء أوروبا وبقية العالم، بما في ذلك البنوك المركزية وصناديق التقاعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتميل الخطة نحو البلدان الأكثر احتياجاً. وهي تشمل الدول الأعضاء الأقل ثراءً، والتي شكلت أموال المساعدات الإقليمية للاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة حصة كبيرة من ناتجها المحلي الإجمالي. لكن إيطاليا ستكون أحد أكبر المستفيدين، والتي كانت حتى الآن مساهماً صافياً في ميزانية الاتحاد الأوروبي. في حين تسبب ربع قرن من ضعف الأداء الاقتصادي في انزلاق إيطاليا إلى النصف السفلي من الاتحاد الأوروبي من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وستتحمل إيطاليا وإسبانيا، المستفيد الأكبر الآخر، مسؤولية هائلة مع بدء تنفيذ خطة التعافي الخاصة بالاتحاد الأوروبي، إذ تحتاج الأموال إلى أن توظف للعمل بشكل فعال. كما ينبغي أن تصبح الإصلاحات مرئية للحكومات الأوروبية والناخبين في البلدان الأخرى لكي ينظر الاتحاد الأوروبي في الخطوات المستقبلية نحو التكامل.

الاستجابات المضللة للأزمات السابقة

لا يوجد بالطبع أي عذر لفشل بعض البلدان في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاستفادة الجيدة من الاستثمارات العامة في الماضي. مع ذلك، فإن القيود المالية المشددة جعلت من الصعب في بعض الأحيان على بعض الحكومات تمويل المشاريع التي تستفيد من الصناديق الهيكلية للاتحاد الأوروبي والحفاظ على مستوى لائق من الإنفاق على الاستثمارات العامة. وأدى هذا إلى تفاقم مشاكل نموهم.

علاوة على ذلك، لم تكن الاستجابات المضللة للأزمات السابقة والمزيج غير المواتي من السياسات المالية والنقدية مواتية لتحقيق الإجماع السياسي والاجتماعي اللازم للإصلاحات الهيكلية العميقة الجذور في جانب العرض. وبدلاً من ذلك، نما حجم الحركات الشعبوية المناهضة للمؤسسة. ما أدى إلى تراجع بعض التقدم الإصلاحي الذي أُحرز في الماضي.

ولا شك في أنه يجب استعادة الانضباط المالي في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما. مع ذلك، في الصورة الأكبر، يتمثل الهدف الأسمى في إصلاح اقتصادات أوروبا وإعدادها لمواجهة تحديات المستقبل. وسيتطلب ذلك إطاراً مالياً محسناً وتحقيق التوازن الصحيح بين سياسات الميزانية والاستراتيجيات الاقتصادية والتدابير النقدية للبنك المركزي الأوروبي. ليست مهمة أوروبا أن تأتي برد أكبر بل استجابة أفضل.

اقرأ المزيد