Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فضيحة ضرائب أصحاب المليارات: استهداف الفاضحين بدل النظام العفن

على الرغم من تعاظم ثروات أغنى 25 أميركياً، دفع هؤلاء ضريبة بلغت 3.4 في المئة فقط بين عامي 2014 و2018، يتقصى جيمس مور كيفية وصول الأمور إلى هذه الحال

حصل موقع "برو باليكا" على وثائق تظهر أن أصحاب الثروات في أميركا من أمثال جيف بيزوس ووارن بافيت وإيلون ماسك يسددون مبالغ ضئيلة حين يدفعون الضرائب (أ ب)

علينا أن نجد المسربـ(ـين)، ونربطهـ(ـم) بعمود ونحرقهـ(ـم)! احرقوا الساحرات والسحرة جميعاً!

هذا يلخص إلى حد كبير موقف السلطات في الولايات المتحدة من الإصدار الأول لما تصفه "برو بابليكا"، وهي خدمة إخبارية لا تستهدف الربح، بأنه عبارة عن مجموعة ضخمة من البيانات التي حصلت عليها والتي تغطي الشؤون الضريبية لأغنى المواطنين في أميركا.

إليكم الأرقام الرئيسة، بين عامي 2014 و2018، شهد أغنى 25 أميركياً زيادة هائلة في ثرواتهم بلغت401 مليار دولار أميركي (وفق مجلة "فوربس"). وخلال تلك الفترة دفعوا ضريبة جماعية بلغت 13.6 مليار دولار، وهو مبلغ كبير لكنه لا يساوي شيئاً، عند وضعه في مقابل ذلك الرقم الأول المذهل.

فالمعدل الضريبي الحقيقي الذي يدفعه أصحاب المليارات الـ25 الأول يعادل نسبة بخسة هي 3.4 في المئة، وهو أمر فظيع إلى حد كبير خصوصاً إذا ما قورن بنسبة 14 في المئة من كل 70 ألف دولار التي تسهم بها الأسرة الأميركية المتوسطة في ضرائب الدخل الفيدرالية. وهذا الرقم الأخير لا يشمل حتى التكاليف المدمرة للتأمين الصحي.

وفي بعض السنوات، يفيد التقرير بأن أمثال مؤسس "أمازون" جيف بيزوس، ورئيس "تيسلا" إيلون ماسك، وقطب الإعلام مايكل بلومبرغ، والمستثمر كارل إيكان، وقطب صناديق التحوط جورج سوروس، أُتيحَت لهم الفرصة لدفع ضريبة دخل ومبلغ بالدولار لا يتجاوزان الصفر على وجه التحديد.

ورداً على الكشف عن هذه المعلومات استُدعِي مكتب التحقيقات الفيدرالي. بل قولوا مكتب المدعي العام الأميركي. وهما جديان.

قال مفوض دائرة الإيرادات الداخلية، تشارلز ريتيغ، أثناء إعلانه التحقيق، "أشاطر كل أميركي مخاوفه في شأن الطبيعة الحساسة الخاصة والطبيعة السرية للمعلومات التي تتلقاها الدائرة".

وقالت الناطقة الإعلامية باسم البيت الأبيض، جين بساكي، عن وجهة نظر إدارة بايدن، "إن أي كشف غير مصرح به عن معلومات حكومية سرية من قبل شخص يتمتع بإمكانية الوصول إلى المعلومات أمر غير قانوني، ونحن نتعامل مع هذا بجدية بالغة".

يحول هذا الوعيد الموجه إلى المسربـ(ـين) غير المعروفـ(ـين) حالياً الانتباه عن نقطة أساسية في ما كشفته "برو بابليكا"، أن الأرقام تلقي قنبلة هيدروجينية على خرافة نظام الضريبة التصاعدية.

فأي قانون ييسر أرقاماً كتلك التي اقتبستُها ما هو إلا قانون أحمق. ويصدق القول نفسه على قوانين دول غربية أخرى، حيث يجد المسربون أنفسهم في كثير من الأحيان مكبلي الأيدي بسبب كشفهم غير القانوني عن تفاصيل الشؤون الضريبية المخزية لأفراد وشركات فاحشي الثراء.

نعم، هناك مسائل تتعلق بالسرية وانتهاك لها في هذا الصدد. لكن هناك أيضاً مسائل تتعلق بالمصلحة العامة، وأقول إن هذه تتفوق على تلك. فهؤلاء هم أفراد يسيطرون على مخزون هائل كهذا من الثروة الأميركية، بل والعالمية، لكنهم لا يسهمون إلا بقدر ضئيل للغاية، إن أسهموا في أي حال، في أداء البلاد التي ربحوا منها إلى هذا الحد.

وغني عن القول، إن التحقيق في التسريب سيستمر علناً بقدر عظيم من القوة على أمل تهدئة أصحاب المليارات الذين كثيراً ما يبدون مهتمين بكتابة الشيكات للمرشحين السياسيين، والأحزاب، ولجان العمل السياسي التي تنفق المال السياسي، أكثر من اهتمامهم بفعل الأمر نفسه مع دائرة الإيرادات الداخلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذا من شأنه أن يستنزف مزيداً من الموارد من خزائن هذه المؤسسة، الموارد التي ينبغي تخصيصها لضمان دفع الناس لما ينبغي لهم أن يدفعوا.

وفي الثقافة الشعبية الأميركية، كثيراً ما تُصور دائرة الإيرادات الداخلية باعتبارها حشداً غوغائياً ثقيلاً يرتدي أفراده بدلات ونظارات، مع مخالب أكثر حدة من أي شيء قد ترونه لدى "النمر الملك"، لكن عندما يتعلق الأمر بتنظيم الشؤون الضريبية لأثرياء أميركا، قلّم الكونغرس الأميركي هذه المخالب حتى أنها قد تكون مصنوعة من الورق.

لكن بسبب القانون هذا مرة أخرى، تكون الوسائل التي يستخدمها أصحاب المليارات هؤلاء للحد من فواتير الضرائب التي أبرزتها "برو بابليكا"، قانونية بالكامل عادة.

فتضخم ثرواتهم مدفوع إلى حد كبير بتضخم قيم الأصول. وتكون الضرائب المفروضة على مكاسب كهذه أكثر إيجابية، إن فُرِضت، مقارنة مع الدخل، حتى عندما يتحقق.

وهذا يفسر لنا لماذا يدفع أغلبنا معدلات ضريبية هامشية أعلى من تلك التي يدفعها أصحاب المليارات.

كانت المشكلة ذات يوم سبباً في دفع المستثمر الأسطوري وارن بافيت، الذي كان أيضاً على قائمة الـ25 الأول، إلى التأمل علناً بالتفاوت الذي يجعله يدفع معدلاً ضريبياً أقل مقارنة مع عامل النظافة لديه.

وربما كان من المدهش أن تجد "برو بابليكا" أي شيء غير قانوني في البيانات التي لديها، وذلك لأن من السهل للغاية (بالاستعانة بالمساعدة المناسبة) أن يدفع الناس مثل بافيت القليل بطريقة قانونية.

لا حاجة إلى خرق أي قانون عندما يكون القانون مبني لصالحكم، وهو كما وصفته [من حماقة وانحياز].

إن النظام العفن تماماً هو ما ينبغي أن يكون حقاً الشغل الشاغل بالنسبة إلى كل أميركي، فضلاً عن السيد ريتيغ، والسيدة ساكي، والرئيس جو بايدن، ونظرائهم في ديمقراطيات غربية أخرى.

وكانت الأرقام لتبدو مروعة لو لم نكن في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية عامة عالمية. فهي في واقع الأمر مهزلة أخلاقية.

ولكي نكون منصفين مع بساكي، فقد ذهبت إلى القول إن هناك "مزيداً من العمل" لضمان دفع الشركات والأفراد "حصة أكبر من نصيبهم العادل". كذلك أشارت إلى أن رئيسها قدم مقترحات بهذا الشأن.

من المؤسف أن فرص تحول هذه المقترحات في واقع الأمر إلى شيء ذي مغزى تبدو ضئيلة للغاية.

لكن في تسليط الضوء على حماقة النظام، قد يساعد التسريب بعضاً على الأقل من هذه المقترحات.

© The Independent

اقرأ المزيد