Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حكاية البقشيش في أميركا ولماذا دفع "الإكرامية" شبه إجباري؟

في بعض الدول لا يجب دفع أكثر من الفاتورة وفي أخرى يستحسن

البقشيش في أميركا يعده أصحاب المطاعم جزءا من الراتب (اندبندنت عربية)

هناك مثل شائع يحكى عن النادل الذي جرى خلف أميركي لم يدفع "بقشيشا" حتى آخر الشارع. وسواء أكان المثل يقصد منه المبالغة أم لا، فيمكن اعتبارها قصة حقيقية.

فالبقشيش أو الإكرامية، أي ما يدفعه الزبون للعامل في مطعم أو مقهى أو حتى سائق سيارة أجرة فوق قيمة الفاتورة، تقليد أساس في أميركا، وهو كذلك أيضا في كندا وأغلب دول أميركا الوسطى والجنوبية كالبرازيل مثلاً.

وتنشر شركات السفر والسياحة والعطلات على مواقعها معلومات إرشادية حول البقشيش أو الإكرامية في بلدان العالم المختلفة. على سبيل المثال، في اليابان قد يشعر نادل المطعم أو البار بإهانة إذا دفع الزبون أكثر مما في الفاتورة، سواء تضمنت بنداً إضافياً مثل "رسم الخدمة" أم لا. أما في المغرب مثلاً، فيتوقع أن تدفع بقشيشاً أو إكرامية لكل من يقدم لك خدمة سواء في مطعم أو مقهى أو غيرها.

في بعض الدول، حين يدفع الزبون الفاتورة ببطاقة الائتمان هناك خيار "إضافة إكرامية"، وهو أمر متروك للزبون للتعبير عن امتنانه لحسن الخدمة أو جودة المنتج المقدم له، وهذا في معظم الدول الأوروبية، لكن في تركيا مثلاً يتعين دفع البقشيش أو الإكرامية نقداً، حتى لو دفع الزبون الفاتورة ببطاقة الائتمان.

من متابعة تلك الارشادات على مواقع شركات السياحة يمكن فهم "ثقافة البقشيش" في بلدان العالم المختلفة وأين تعتبر ضرورية، وأين هي ليست كذلك، وأين تعتبر "إهانة" إذا دفعت بقشيشاً أو لم تدفع.

 تتراوح نسبة البقشيش عامة ما بين 10 و20 في المئة من قيمة الفاتورة، والتباين الأكبر في قيمة ما يدفع من بقشيش أو إكرامية في المطاعم والمقاهي هو في اليونان ومصر، وغالباً ما يكون تقديراً من الزبون ولا يضاف إلى فواتير الدفع، إنما يتم عبر طريقة شائعة كأن يدفع الزبون مبلغاً صحيحاً ويقول للنادل "احتفظ بالباقي".

البقشيش والأجور في أميركا

لكن الوضع في الولايات المتحدة مختلف، ويعتبر دفع البقشيش أو الإكرامية شبه إجباري في المطاعم والمقاهي والبارات، ذلك لأن أصحاب المطاعم لا يدفعون للعاملين الحد الأدنى من الأجور استناداً إلى أن الزبائن سيدفعون البقشيش حتماً، الذي قد يصل إلى 20 في المئة، أو في المتوسط 15 في المئة.

ونشرت مجلة "بزنس إنسايدر" عبر موقعها تقريراً عن الجدل حول الإبقاء على تلك الممارسات أو إلغائها، وزيادة أجور العاملين وتأثير ذلك في دخولهم وأرباح أصحاب المطاعم، ففي أغلب الولايات الأميركية لا يدفع أصحاب المطاعم للعاملين الحد الأدنى للأجور، ذلك لأنه على المستوى الفيدرالي هو 7.25 دولار في الساعة، وهو ما تسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى رفعه إلى 15 دولارا في الساعة، لكن في معظم الولايات الأميركية يدفع أصحاب المطاعم والمقاهي أجوراً للعاملين عند 2.13 دولار في الساعة، على اعتبار أنهم "يتلقون بقشيشاً من الزبائن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أخيراً، قامت بعض الولايات الأميركية بالغاء مسألة البقشيش، أي أنها لا تصبح إجبارية، وبالتالي لا يمكن لأصحاب العمل اعتبارها جزءاً من الأجر، وعليها دفع الحد الأدنى للأجور للعاملين، لكن أصحاب المطاعم يشتكون من أن ذلك يضر بصناعة المطاعم والمقاهي التي تعمل في إطار هامش ربح بسيط.

هناك أيضاً مخاوف لدى البعض من أن إلغاء ثقافة البقشيش واضطرار الأعمال لدفع الحد الأدنى للأجور سيعني إغلاق منافذ وتعيين عاملين أقل عدداً، مما يزيد معدلات البطالة في هذا القطاع، لكن آخرين يرون أن تقنين مسألة الأجور أفضل من ترك الأمر كله بحسب "رغبة الزبون". وإضافة إلى أن العاملين الآخرين في تلك المنافذ غير من يقدمون الخدمة مباشرة للزبائن، مثل الطباخين وعمال النظافة وغيرهم لا يتلقون بقشيشاً، وبالتالي يعيشون على الأجر الضعيف الذي يتلقونه وهو أقل من الحد الأدنى للأجور.

وبالمناسبة، ففي بعض البلدان غير الولايات المتحدة هناك حل "تعاوني" لهذه المسألة الأخيرة، ففي نهاية كل وردية في المحل (مطعم أو مقهى أو ما شابه) يجمع البقشيش كاملاً ممن يتعاملون مباشرة مع الزبائن، ويقسّم بطريقة معينة على جميع العاملين في الوردية، بمن فيهم من يعملون بعيداً من الزبائن. وهناك "أسهم" محددة لتوزيع إجمالي البقشيش في اليوم على كل العاملين، وليس فقط من يتلقون البقشيش مباشرة.

يجادل أصحاب المطاعم بأن إلغاء البقشيش وإلزامهم بدفع الحد الأدنى للأجور للعاملين سيعني تراجع الإقبال على المطاعم، فالجمهور يرتاد المطعم أو المقهى على أساس الأسعار على القائمة، وكي يتمكن أصحاب المطاعم من تفادي الخسارة سيضطرون لرفع تلك الأسعار، ووقتها سيرى الجمهور أن الأسعار ارتفعت، وقد ينصرف عن المطعم أو المقهى، حتى لو كان دفع الجمهور للبقشيش سيعني في النهاية أنه يدفع المبلغ نفسه، لكنه العامل النفسي للأسعار على قائمة المحل.

وبحسب تقرير "بزنس إنسايدر"، فهناك جانب آخر لثقافة البقشيش والإكرامية غير الجانب المادي، إذ يضطر العاملون في المطاعم والمقاهي لتحمل إهانات الزبائن التي تصل إلى حد التحرش الجنسي، حتى يحصلوا على البقشيش الذي يعد عماد أجورهم، ويتعرض نحو 80 في المئة من النساء و55 في المئة من الرجال العاملين في ذلك للقطاع لشكل ما من أشكال التحرش الجنسي من الزبائن، وذلك بحسب 688 استقصاء أجريت العام 2014 لإعداد تقرير لمركز فرص المطاعم في الولايات المتحدة.

وفي الأغلب ستظل صناعة المطاعم والمقاهي تأخذ في الاعتبار البقشيش والإكرامية عند تحديد أجر العاملين، سواء أظل الوضع على ما هو عليه أم ألغي البقشيش كأمر الزامي مثل رسم الخدمة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات