Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علينا مقاومة خطة الحكومة الجديدة بشأن الهجرة

تصر الأقلية الثرية على أن نختار بين مساعدة الناس المحتاجين في الداخل أو الخارج. لكن هؤلاء الأشخاص غير مهتمين بمساعدة أي من الفئتين. فإيذاء المهاجرين لن يحمي وظائفنا ولا خدماتنا

مكافحة أزمة المناخ وضبط صناعة الأسلحة ومكافحة عدم المساواة أولوية لنا جميعاً ولا سيما للاجئين (رويترز)

كانت أول مهمة أوكلت لي بصفتي زعيماً لحزب العمال مخاطبة تظاهرة داعمة للاجئين. فقد اجتمع الآلاف في ساحة البرلمان مطالبين بالتصرف على إثر وفاة الفتى إيلان الكردي ذو الثلاث سنوات غرقاً في البحر المتوسط في حادثة مريعة كان بالإمكان تفاديها. وبدا أن التيار قد يعكس مساره. حتى أن الصحف الصفراء المعادية للمهاجرين بالعادة، لم تتمكن من تفادي نقل أنباء هذه المأساة. لكن بعد مرور ستة أعوام على الحدث، قضى آلاف آخرون في المنطقة بسبب الإهمال أو السياسة المتعمدة.

ارتفع عدد اللاجئين بشكل هائل خلال هذا العقد، إذ يبلغ عدد النازحين والمهاجرين في العالم حالياً 80 مليون شخصٍ هجرتهم الأزمات العسكرية والبيئية والسياسية. وقد ازداد رد الدول القوية على الهجرة  قسوةً كذلك. خلال جائحة فيروس كورونا، توفي 2000 لاجئ في المتوسط نتيجة تصرف الدول الأوروبية- بدءاً من سحب الطوافات إلى البحر من دون حتى تزويدهم بسترات نجاة أو بماء للشرب، ووصولاً إلى اعتقال عمال الإنقاذ.

ترحل الحكومات الأوروبية اللاجئين إلى ليبيا على الرغم من الحرب الأهلية هناك ومن ورود التقارير عن الاستعباد. ومن الحدود الأوروبية والأميركية حتى مخيمات الجزر الأسترالية، يتعرض الناجون إلى العنف والسجن وخطابات الكراهية التي يرددها السياسيون وإعلام أصحاب المليارات.

يصر ممثلو القلة الثرية على أن نختار بين مساعدة المحتاجين في الداخل والخارج. لكن هؤلاء الأشخاص غير مهتمين بمساعدة أي من الفئتين. فقد قضت حكومات المحافظين العقد الأخير في إغلاق المدارس والمستشفيات، وتخفيض الإعانات الاجتماعية، والسماح لأرباب الأعمال بدفع رواتب ضئيلة وطرد العمال متى شاؤوا، فيما أعطت الأثرياء منحاً ضريبية. والآن يقولون لنا إن إيذاء اللاجئين أمر يتعلق بشكل ما بحماية وظائفنا وخدماتنا.

يقلص بوريس جونسون برنامجاً ضئيلاً أساساً لإعادة توطين اللاجئين. وتريد حكومته أن تمنع دخول اللاجئين الفارين من الاضطهاد على أساس السياسة والدين والجنس والهوية الجَنسية. وهي تنوي إرسال الناس إلى دول ليس لديهم فيها أي علاقات، وهي خطوة استنكرتها منظمة الأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين. وهي تجد طرقاً جديدة من أجل منع وصول الناس إلى الاستشارات القانونية ما قد يتيح لوزارة الداخلية بأن تنتهك القانون من دون أن يعارضها أحد.

إن اللاجئين أشخاص مثلنا. وتشكل طريقة التعامل معهم اختباراً ومؤشراً على طريقة معاملتنا جميعاً. فالعديد من الأشخاص الذين اعتقلهم مسؤولو الهجرة في إطار البيئة المعادية مواطنون بريطانيون صُنفوا على أساس العرق. ومداهمة حرس الحدود لأماكن العمل، أو إرغام العاملين في القطاع الصحي على العمل كمسؤولين للهجرة، أمور تخلق بيئة كئيبة للجميع وهي ترتبط حتماً بخطوات استبدادية أخرى مثل الحظر المُقترح على الاحتجاجات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شكل عام الجائحة تنبيهاً لنا. لا يمكننا فصل العدالة في الداخل عن العدالة العالمية. يمثل رفض العالم  الثري (باستثناء الولايات المتحدة الآن) السماح للدول الفقيرة بتصنيع لقاحاتها الخاصة مخاطرة في أن تؤذي سلالات الفيروس المقاومة للقاح الجميع. نحتاج إلى قيادة جريئة وجدية بشأن بناء التضامن عبر الحدود.

إن الناس محترمون ومتعاطفون ويتفاعلون إيجابياً مع العيش ضمن مجتمع متنوع. لا وجود لغالبية متأصلة معادية للاجئين. عندما كنت زعيماً لحزب العمال، شعرت بالفخر لدعمي ناشطين شجعان أثاروا قضية فضيحة ويندراش وبرهنوا أنه يمكن إرغام النافذين على تغيير طريقهم. والأسبوع الماضي في غلاسكو، أثبت المجتمع المحلي أنه سيقف إلى جانب جيرانه ضد المداهمات على اللاجئين، وربح.

من الضروري مقاومة قمع جونسون ومساعدة العدد المناسب من الأشخاص الذين يبحثون عن بر آمن. لكننا بحاجة أيضاً لحركة تقدم تضامناً عملياً وتدعم منظمات مثل كير فور كاليه ( Care for Calais) التي تعمل مع الذين يعانون داخل المخيمات. والأهم هو أننا بحاجة لمكافحة أسباب النزوح والهجرة. فالحروب ونقص الموارد والظلم والفقر المدقع التي يهرب منها الناس ليست حوادث. إذ إن قطاع تصنيع الأسلحة وملوثو الوقود الأحفوري، وشركات صناعة الأدوية العملاقة والتجارات الزراعية ومالكو مشاغل السُخرة والصفقات القذرة التي نبرمها مع أنظمة عنيفة أمور تضع النخبة لدينا في صلب نظام ينتج المزيد من أزمات اللاجئين.

يُعد العمل على مكافحة أزمة المناخ وضبط صناعة الأسلحة ومكافحة عدم المساواة أولوية لنا جميعاً ولا سيما للاجئين. فباعتبارهم أكثر الأطراف تأثراً بهذا الظلم، يستطيع اللاجئون، كما أنه من واجبهم، أن يحددوا شكل حملاتنا. ليس اللاجئون ضحايا مستسلمين. فمن السوريين في إسبانيا، الذين أسسوا أخيراً أول وسيلة إخبارية يقودها اللاجئون، إلى فتيات غلاسكو (Glasgow Girls) اللواتي سلطن الضوء على المعاملة التي يلقاها طلاب اللجوء، يستطيع اللاجئون أن يغيروننا جميعاً للأفضل، وهو ما يفعلونه. فعلى مر التاريخ، اغتنت ثقافتنا ومعرفتنا ومجتمعنا بفضل الأشخاص الذين يتنقلون.

ولهذا السبب، من خلال مشروعنا للسلام والعدالة، نعقد الأسبوع المقبل فعالية لتعزيز أصوات وآمال المهجرين. ونفتخر بدعم اتحاد عمال النقل الدولي لفعاليتنا، وهو الاتحاد الذي يتكلم باسم بحارة مثل الذين كانوا على متن سفينة يوفينتا 10، الذين تم التجسس عليهم واعتقالهم بجرم إنقاذ حياة اللاجئين. وتلقي دعم النقابات مهم كذلك لأنه عندما يرفض العاملون المحليون واللاجئون الانقسام على أساس الرواتب وظروف العمل، نفوز جميعاً.

أدى ارتفاع معدلات النزوح والهجرة بالبعض إلى تسمية هذا القرن "قرن اللاجئ". ليس من الضروري أن تكون هذه الجملة مؤشراً إلى المزيد من الهجرة واليأس- بل يمكنها أن تذكرنا جميعاً بأن السعي لإحلال العدالة من أجل أكثر الأشخاص ضعفاً هو سعي لإحلال العدالة من أجلنا جميعاً.

جيريمي كوربين هو مؤسس مشروع السلام والعدالة والزعيم السابق لحزب العمال.

© The Independent

المزيد من آراء