Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات الرئاسية في إيران... 40 سنة من تجاهل تصويت الشعب

دورة عام 2009 شهدت أول مواجهة مفتوحة بين الحكومة والشعب بعد الثورة

قبل حوالى شهر من انطلاق الدورة الثالثة عشرة من الانتخابات الرئاسية في إيران، لا يزال المناخ العام للمجتمع يفتقد الرغبة في المشاركة في العملية الانتخابية.

ومع الضائقة الاقتصادية المصاحبة للفترة الثانية من حكم الرئيس الإيراني حسن روحاني، وشعارات "لا إصلاحي ولا أصولي" وهاشتاغ "لن أصوّت"، التي أصبحت تتكرر يومياً في الفضاء الواقعي والافتراضي من قبل مجموعة واسعة من الناشطين السياسيين والاجتماعيين والعامة. لا يزال البعض يصر على أن المشاركة في الانتخابات، هي طريق العبور من الظروف الموجودة والحفاظ على رأس المال الاجتماعي في المجتمع الإيراني ومنع العنف المبالغ فيه والهيمنة الكاملة للرجعية على أمور الشعب. كما يرى المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أن مشاركة المواطنين في الانتخابات لها أهمية كبرى وتُعد ضمن أولويات النظام. وفي ظل تلك الظروف، وبعد 40 سنة من مشاركة الشعب في الانتخابات ونتائجها في عصر الحكومة الإسلامية في إيران، هل نستطيع استيضاح إذا ما كانت المشاركة في الانتخابات عززت دور المجتمع المدني، وحالت دون ظهور العنف وهيمنة الرجعية في هذا المجتمع، أم لا؟!

الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية... حرية بطعم القمع

الثورة الإسلامية في إيران ومع بداية انتصاراتها، شكلت حكومة برئاسة رئيس وزراء معيَّن من قبل مؤسس النظام، روح الله الخميني، وبعد أقل من عام أُجريت أول دورة للانتخابات الرئاسية بعد التصديق على الدستور. ومع وجود منصب رئيس الوزراء في هذه الفترة، بدا منصب الرئيس ذو صلاحيات أقل، لكن في الجولة الأولى من الانتخابات، ومع حرية ترشح شخصيات من كل التيارات السياسية، رحّب المجتمع بالانتخابات بحماس.

ومع الإعلان عن الأسماء المرشحة للانتخابات، كان المتنافسون من دائرة أصدقاء الخميني في باريس، لكن في الانتخابات الأكثر حرية، تم استبعاد شخصيتين مهمتين، مع إعلان الخميني رسمياً بأن الشخص الذي لم يوافق على الدستور لا يحق له المشاركة في الانتخابات، أي استبعاد مسعود رجوي من المنافسة. أما الشخص الآخر الذي تم إبعاده هو جلال الدين فارسي، وكان الخيار الرئيس لحزب الجمهورية الإسلامية، أن انتشر عنه خبر بأنه ليس إيراني الأصل.

وفي النهاية أُجريت الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية مع ترشح 96 شخصاً، وفاز أبو الحسن بني صدر بنحو 76 في المئة من الأصوات. لم تُجر الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية وقتها، أي بعد أربع سنوات، بل جرت بعد عامين فقط بسبب نهاية أبو الحسن بني صدر. وحدثت توترات بين بني صدر والقوات القريبة من زعيم الحكومة الإيرانية داخل "حزب الجمهورية الإسلامية"، وفي النهاية تم عزل رئيس الجمهورية.

الدورتان الثانية والثالثة... الاغتيالات والتعيينات

أجريت الدورة الثانية من الانتخابات هذه المرة، في ظل تشكيل مجلس صيانة الدستور. وتم استبعاد 72 مرشحاً محتملاً، وتمت الموافقة على أربعة مرشحين فقط. وأوصى الخميني بابتعاد رجال الدين عن المشاركة في الانتخابات، وخسر بالتالي محمد بهشتي – الخيار الأكثر أهمية بالنسبة إلى  رجال الدين وحزب الجمهورية الإسلامية- فرصة الترشح.

ومن خلال تركيبة الأشخاص الذين تم اعتمادهم من قبل مجلس صيانة الدستور، بدا أن محمد علي رجائي، رئيس وزراء الخميني ومرشح رجال الدين الحاكمين، سيفوز في الانتخابات. وربما الملمح الأكثر أهمية في هذه الدورة هو دعم "حزب توده" لرجائي.

وأدرك نشطاء "حزب توده" في ذلك الوقت، أنه بقيت بضعة أشهر فقط على نهاية حياتهم السياسية في النظام السياسي الإيراني. وكما هو متوقع، أصبح رجائي ثاني رئيس منتخب للجمهورية الإسلامية بنسبة 90 في المئة من الأصوات.

وفي الوقت الذي أطمأن رجال الدين إلى نهاية حكم بني صدر وهيمنتهم على السلطة، أدى حادث اغتيال رجائي ورئيس وزرائه خلال قصف مكتب رئيس الوزراء، إلى أن فترة رئاسته، منذ تنصيبه حتى مقتله، لم تتجاوز الشهر.

الانتخابات الرئاسية الثالثة أجريت في ظل موجة اغتيالات أطاحت بشخصيات بارزة في الثورة من المشهد السياسي، وأصبحت هناك فرصة لإقناع المرشد الأعلى بأن لدى رجال الدين البارزين في النظام فرصة للترشح.

ولهذا فإن علي خامنئي، في ظل غياب بهشتي وبدعم من هاشمي رفسنجاني، أصبح الشخصية الأبرز في القوى الثورية، ولهذا كان الفائز النهائي في الانتخابات، بعدما أقصي المنافسون من المشهد بطريقة ما.

خلال الدورة الثالثة من الانتخابات الرئاسية، استبعد مجلس صيانة الدستور 42 مرشحاً ووافق على 4 مرشحين فقط، ثلاثة منهم يدعمون الرابع.

أبرز ملامح تلك الدورة، كان رفض طلب ترشح إبراهيم يزدي، أحد أصدقاء الخميني في باريس، وزير الخارجية في حكومة مهدي بازرجان. وفي نهاية المطاف فاز علي خامنئي بنسبة 95 في المئة من الأصوات.

الدورات الرابعة والخامسة والسادسة... تعيين القائد والرئيس

أجريت الانتخابات الرئاسية الرابعة، والمجتمع كان يعرف من هو الفائز مقدماً كما الفترات السابقة، لكن بداية الخلافات بين خامنئي ومير حسين موسوي، الذي كان رئيساً لوزراء البلاد، أشعلت الأجواء قليلاً.

توقع رئيس الجمهورية أن يتم اختيار رئيس الوزراء من بين حلفائه، لذلك كان يحاول اختيار شخصيات مثل مصطفى ميرساليم ومحمد غرضي وعلي أكبر ولايتي، لرئاسة الوزراء، لكن دعم الخميني القوي لمير حسين موسوي حال دون ذلك.

وفي الدورة الرابعة من الانتخابات، ومع الموافقة على تأهل ثلاثة أشخاص فقط، بدا واضحاً أن الفضاء أحادي القطب ولا يوجد منافس، وعلى الرغم من انخفاض نسبة أصوات علي خامنئي مقارنةً مع الدورة السابقة، أظهرت الدورة الرابعة خلافات سياسية بين القوى الثورية.

بدأت الانتخابات الرئاسية الخامسة بتغييرَين أساسيَين في الهيكل السياسي لإيران. أول هذين التغييرين كان إلغاء منصب رئيس الوزراء وتسليم السلطة لرئيس الجمهورية بالقانون، وكان الهدف من ذلك حل المشكلات بين علي خامنئي ومير حسين موسوي. أما التغيير الثاني وهو الحدث السياسي المهم في تاريخ الجمهورية الإسلامية حتى اليوم، فكان وفاة مؤسسها، وانتهاء سيطرة سلالة الخميني على السياسة الإيرانية.

وبجلوس علي خامنئي على كرسي زعيم الجمهورية الإسلامية وتوليه السلطة كرئيس للبلاد، كان واضحاً أن الشخصية التي يمكن أن تتولى رئاسة النظام بعد انتهاء الحرب لم تكن سوى صديقه المقرب، هاشمي رفسنجاني، باعتباره رجل الدين الأكثر نفوذاً في البلاد.

لهذا السبب، ذهب هو وعباس الشيباني فقط إلى صناديق الاقتراع للمصادقة على مجلس صيانة الدستور. تلك الظروف جعلت الانتخابات في إيران رسمياً عبارة عن تعيينات منهجية. في هذه الانتخابات، لم يكن لدى أي شخص في إيران والعالم أي شكوك حول فوز رفسنجاني. وفاز في الانتخابات بنسبة 94 في المئة من الأصوات.

الانتخابات السادسة أُجريت في أوج قدرة حكومة رفسنجاني، لكن مع مرور الوقت، تسببت عملية بناء وتوجيه الرئيس الجديد لفتح أبواب البلاد على العالم، في وقوع اختلافات سياسية بينه وبين محبّي الأمس.

وبعد سنوات وفي تلك الانتخابات السادسة، تمت الموافقة على خوض أحمد توكلي سباق الانتخابات كمرشح رابع، بعد انتقادات شديدة وُجِهت لحكومة رفسنجاني. وشهدت تلك الانتخابات مستوىً متدنياً من المنافسة الانتخابية. على الرغم من فوز هاشمي رفسنجاني بالرئاسة، إلا أن الانخفاض في عدد الأصوات بنسبة 63 في المئة كان أول إشارة على نهاية عهده.

الدورتان السابعة والثامنة... لا لتعيينات القائد والقادة

الدورة السابعة للانتخابات الرئاسة، شهدت حادثة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية في إيران. وهي حادثة لا تتعلق بافتتاح دائرة منح الصلاحيات، بل "استقطاب المجتمع الإيراني وظهور الاستياء الشعبي من الحكومة عبر المشاركة في عدم التصويت على الخيار المفضل لعلي خامنئي" وعُرفت حينها بحادثة يونيو (حزيران).

ففي الوقت الذي لم يتصور السياسيون في إيران حكومةً من دون هاشمي رفسنجاني، لدرجة أن البعض اقترح التمديد له حتى لو لمدى الحياة، لكن الناس اعتقدت أن رئيس البرلمان آنذاك، أكبر ناطق نوري، سيفوز بلا شك في الانتخابات. كان هذا التصور واضحاً حتى بين السياسيين بالنظر إلى تاريخ الانتخابات في إيران.

ومع رفض "رجال الدين المبارزين" لمير حسين موسوي، وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي حينها، تم اختيار محمد خاتمي كمنافس لناطق نوري. ولفت خاتمي انتباه الناس داخل جسد السلطة والشعب، أن الانتخابات تُجرى لصالح النظام. وبدأ الحديث عن دعم السلطات لناطق نوري وشائعات دعم خامنئي له بقوة. ولم يترك ذلك أي فرصة لفوز خاتمي على منافسه نوري.

إلا أن انتصار محمد خاتمي في 2 يونيو 1997، كان بمثابة صدمة للنظام الإسلامي. وشارك الناس بنسبة كبيرة وصوتوا لخاتمي، ولم يصوتوا للجمهورية الإسلامية، صوتوا لتغيير فوري في النظام الإسلامي الحاكم. وكانت نسبة مشاركة وإرادة ورأي الشعب في هذا اليوم بمثابة خَتم احتجاج على سنوات من عدم الكفاءة وانتشار الانتهاكات المالية والفساد السياسي والاقتصادي داخل الحكومة.

أبرز ملامح الانتخابات السابعة ربما يمكن تسميتها قصة "كرنفال عاشوراء"، إذ حاولت بعض القوات الأمنية والعسكرية إقناع بعض الشباب بالنزول إلى الشوارع في يوم عاشوراء، وكذلك إقناع مجلس صيانة الدستور بإخراج خاتمي من الانتخابات.
الدورة الثامنة من الانتخابات الرئاسية جرت في ذروة الاحتقان السياسي في إيران، حيث سعى خاتمي إلى إنشاء هيكل لسلطة غير رسمية بدعم من المؤسسات الحاكمة تحت قيادة زعيم الجمهورية الإسلامية، والحرس الثوري والقادة، وتغيير مسار السلطة السياسية بـ"شعار التسامح" للشعب ولصالح الإصلاح.

لكن في هذا الوقت، تسببت "عمليات القتل المتسلسلة التي ارتكبها جهاز الأمن الإيراني، واغتيال القوات المقربة من خاتمي، واعتقال القوى الإصلاحية" في غمر المجتمع بأزمة غير مسبوقة. كما أشعلت الأجواء إشاعات عن حدوث انقلاب عسكري ضد حكومة خاتمي.
وكان أهم حدث في الدورة الثامنة للانتخابات، إشاعة أن خاتمي لم يترشح. إلا أنه لم يتم استبعاده في ظل موجة التأييد من مختلف الفئات وبخاصة الشباب، والخطاب الذي بكى فيه. وحاولت القوى المعارِضة لخاتمي منعه على الأقل من الحصول على نسبة أصوات عالية، عبر الدفع بمرشحين كثر.

وتمت الموافقة على ترشح 10 أشخاص، وفاز خاتمي هذه المرة بنسبة 77 في المئة من الأصوات. لكن رئيس جمهورية الحكومة الإصلاحية فشل في النهاية في تلبية مطالب الشعب والوقوف أمام موجة متزايدة من نفوذ

"حكومة الظل"، ورجعية الجنرالات ونفوذهم السياسي. كان لديه تصويت الشعب، لكن لم تكن لديه ثقة كافية بالنفس لاستخدام قوة ذلك التصويت.

التاسعة... نهاية عصر هاشمي رفسنجاني

كانت الدورة التاسعة للانتخابات الرئاسية، عصر المواجهة بين الإصلاحيين والأصوليين. وشهدت ذروة الاحتقان بين الطرفين، لدرجة أن بعض القوى الإصلاحية خرجت بشعار عدم القبول بمرسوم حكومة علي خامنئي وبنية الحد من صلاحيات "القائد". وواجههم مجلس صيانة الدستور باستبعاد أهم شخصية في ذلك التيار، مصطفى معين.

اعتقد هاشمي رفسنجاني أن الصراع في البلاد وصل إلى مستوى مقلق، وحاول العودة مجدداً إلى ساحة المنافسة، وعمل على أن يكون نقطة التلاقي بين جميع القوى الثورية.
وفي تلك الفترة ظهر محمد باقر قاليباف بوصفه نائباً للقادة، لكن كان من غير المتوقع اختيار محمود أحمدي نجاد، عقب إقصاء القوى الإصلاحية على نطاق واسع مع القوى الناشئة بين الأصوليين. وشغل تحت اسم "أبادغاران" (شركة للتعمير) منصب رئيس مجلس مدينة طهران وأصبح عمدة العاصمة.

يجب اعتبار الحدث الأهم في تلك الانتخابات، هو عودة مصطفى معين إلى الساحة الانتخابية في ظل وجود علي خامنئي. في الحقيقة، عاد معين بمرسوم للانتخابات دون قبول شعاراته الانتخابية، لكن في حال فازت حكومته، كان سيثبت حقيقة تلك الشعارات.

الانتخابات الرئاسية لعام 2005، بدأت بانخفاض كبير في الإقبال على التصويت، مع وصول رفسنجاني وأحمدي نجاد إلى الدور الثاني. وقد يكون احتجاج مهدي كروبي على مصادرة أصواته، أهم حدث في هذه الانتخابات.

كما أدى الحضور الواسع والمؤثر للجيش والدعم الرسمي لبعض أعضاء مجلس صيانة الدستور لأحمدي نجاد إلى انتشار إشاعات عن حدوث تزوير.

ووقعت المفاجأة الكبرى في الجولة الثانية وخسر علي أكبر هاشمي رفسنجاني المنافسة أمام أحمدي نجاد. وكانت هذه بداية لعملية كان أبرز إنجازاتها، الشعبوية السياسية وهيمنة الحكومة، في ظل انتشار الفساد السياسي والاقتصادي في البلاد بشكل غير مسبوق. وكانت خسارة رفسنجاني أمام أحمدي نجاد في ذلك الوقت، نتيجةً لاستياء الشعب من الحليف المقرب من المرشد الأعلى والحكومة والأجهزة الأمنية، التي لأكثر من 25 سنة، وضعت الشعب الإيراني في حرج بسبب ندرة سبل العيش وقمع الحد الأدنى من المطالب الاجتماعية والثقافية والسياسية.

الانتخابات الرئاسية العاشرة... الهزيمة الكاملة للجمهورية وقمع الشعب في إيران

في عام 2009 ومع بداية العقوبات ضد إيران والسياسات الخارجية الغريبة لأحمدي نجاد، بخاصة في مجال الاقتصاد، والتدمير الكامل لحلفاء الثورة القدامى، سعت شخصيات بارزة في النظام إلى الوقوف ضده.

لذلك قرر رئيس الوزراء المحبوب من الخميني (مير حسين موسوي) خوض الانتخابات. كما أن ترشح مهدي كروبي ومحسن رضائي، ضعّف حظوظ نجاد بالفوز، بحسب كل الاستطلاعات.

لكن مع اقتراب يوم الانتخابات، ومع توزيع الأموال على الفئات ذات الدخل المنخفض، بخاصة في القرى والمدن المحرومة، إلى جانب الوجود الحاسم للقوات العسكرية والأمنية الداعمة لأحمدي نجاد، أصبحت العملية الانتخابية أكثر تعقيداً.

حماسة الانتخابات في مدن إيران والنقاشات النارية جعلت الانتخابات الرئاسية في هذا البلد حدثاً في قلب الاهتمام العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلنت وزارة الداخلية فوز أحمدي نجاد، بعدما أعلن مير حسن موسوي انتصاره قبل ساعات. أحداث غريبة مثل إعلان نسبة التصويت، والأصوات الباطلة، وتغيير عدد الأصوات، والأهم من ذلك سرعة الإعلان عن الأصوات، كلها عوامل ألقت بظلالها على ذلك الاقتراع. وبات مير حسين موسوي ومهدي كروبي في مواجهة علي خامنئي و"حكومة الظل" وقادة الحرس الثوري الإيراني بزعم تزوير الانتخابات.

وكتبت تلك المواجهة فصلاً جديداً في السياسة الإيرانية، مع خروج أنصار موسوي وكروبي إلى الشوارع لتقع أحداث عام 2009 الدموية. وكانت هذه أول مواجهة واسعة بين الحكومة والشعب بعد الثورة. وأدى ذلك إلى وضع موسوي وكروبي تحت الإقامة الجبرية.

الدورتان 11 و12... أدِر ظهرك لتصويت الناس وثقتهم

الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة ربما من وجهة نظر جميع الخبراء، بعد أحداث عام 2009 كان ينبغي أن تكون انتخابات أقل حماسة، لكن عودة هاشمي رفسنجاني، وكذلك رحيم مشائي، الحليف المقرب من أحمدي نجاد، ورفض مجلس صيانة الدستور ترشح رفسنجاني، وإعلان دعمه لحسن روحاني، جلب الأشخاص الذين خاب أملهم في أحداث عام 2009 بهدف استعادة الأصوات المفقودة وتصفية الحسابات مع الحكومة والقادة.

وتمكن حسن روحاني في ظل تلك الظروف من الفوز بالرئاسة أمام منافسيه، سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف ومحسن رضائي. وكان روحاني جاء بشعار "مفتاح" لفتح السياسة والاقتصاد في إيران، البلد المنهك من العقوبات من جهة، والفساد الاقتصادي والسياسي غير المسبوق من جهة أخرى.

اعتقد الناس في المجالين المدني والاجتماعي أن مفتاح روحاني لن يقترب من غلق السياسة الإيرانية، لكن الانتخابات الرئاسية الثانية عشرة في تاريخ إيران السياسي شهدت مرة أخرى "ازدواجية قطبية". فمن ناحية ، كان هناك أمل وثقة الشعب، ومن ناحية أخرى، كان هناك أكثر الشخصيات رجعية في الحكومة التي لعبت دوراً رئيساً في مذبحة عام 1988 وما شابها.

خلال هذه الفترة، وعد روحاني بحل قضية الحصار، والوقوف أمام فساد القادة والحكومة، وإزالة الضغط والقمع عن الأقليات السياسية، وإعادة المصداقية إلى تصويت الشعب واختياره، لكنه في الفترة الثانية من حكمه أدار ظهره للشعب في أحداث ديسمبر (كانون الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، ولم يقدم الدعم للشعب الذي قُتل منه أكثر من ألف شخص على يد السلطات خلال يومين. كما أن تقديم الدعم الضمني لمرتكبي الجرائم من الأمن الإيراني ضد المصوتين في الانتخابات، خيب أمل الناس ودمر ثقة الجمهور.

روحاني قال في شعارات حملته "أنا لست عقيداً، أنا محام"، لكنه تصرف عملياً خلال سنواته الأربع الثانية في الحكم، مثل العقيد الذي يتعرض لانتقادات خلال حملة انتخابية.

الاقتصاد المدمر، وأوضاع الطبقة العاملة في إيران، وقمع الأقليات وسجن وتعذيب الناشطين السياسيين والمدنيين والكتاب والصحافيين، كل ذلك كان نتيجة إدارة روحاني ظهره لتصويت الشعب وثقته خلال هذه الفترة.

الانتخابات الرئاسية 13... العودة إلى عصر تعيينات المرشد

اليوم ونحن على مشارف الانتخابات الثالثة عشرة للبلاد، يشعر المجتمع بغضب عام من صناديق الاقتراع، كما حدث في انتخابات عام 2005. الفشل الاقتصادي المطلق لحكومة روحاني أظهر عدم كفاءة الإصلاحيين والمعتدلين، ومن ناحية أخرى رغبة الأصوليين والجنرالات في إحداث توتر مع العالم. أصبح المجتمع أكثر تشاؤماً بشأن الانتخابات في الجمهورية الإسلامية أكثر من أي وقت مضى، بعد احتجاجات الشوارع الواسعة النطاق في يناير (كانون الثاني) 2017 ونوفمبر 2019.

في هذه الانتخابات، يعتقد المجتمع أن الفائز مُحدَد سلفاً، لأن قلة من الناس يعتقدون أن إبراهيم رئيسي، بعد هزيمته في عام 2017 وصل إلى رئاسة السلطة القضائية، استبدل منصبه الحالي بقبول مخاطر الهزيمة في الانتخابات الرئاسية.

في هذه الأيام أيضاً، وفي نظر الرأي العام، يبدو أن الإصلاحات كفرصة لمقاومة الاستبداد في إيران قد فشلت. النظام يفضل السلطوية والاستبداد والشعب يحكمه "القطيع"، ويعتبرون عقل "ولاية الفقيه" أسمى من عقل المجتمع ومعرفته، ومَن يعتمد على هذه القضية يكون فائزاً بلا منازع.

يُقال إن ظاهرة "سرقة الأصوات" طويت صفحتها في انتخابات 2009، ومن الممكن في الفترة الحالية، إذا كان الناس تعساء من غسيل الأموال والإكراه وغيرها من الإجراءات، أن تُستخدَم ظاهرة "التصويت" لتعويض نقص الحظ العام وتغذية الدعاية للنظام الإسلامي.

(اندبندنت فارسية)

المزيد من تحقيقات ومطولات