Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسجيل ظريف يشعل سجالا إيرانيا وروحاني يدعو إلى التحقيق في "مؤامرة"

كشف وزير الخارجية نفوذ الحرس الثوري في العمل الدبلوماسي متحدثاً عن ضغوط سليماني على الحكومة

أثار تسريب تسجيل صوتي لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ردوداً رسمية وشعبية في إيران وخارجها، خصوصاً أنه تطرق إلى خلافات لم ترشح تفاصيل كثيرة عنها إلى العلن، منها طبيعة التنسيق الأمني بين الحرس الثوري ووزارة خارجية النظام، ما دفع بالرئيس الإيراني حسن روحاني إلى طلب التحقيق في "مؤامرة" نشر التسجيل.

ويعود التسجيل إلى العام الماضي. وقد أشار ظريف خلاله إلى تدخل القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في السياسة الخارجية لإيران. وذكر أن سليماني "ضحى بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري...".

وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحافي متلفز الثلاثاء، "نعتقد أن سرقة المستندات هي مؤامرة ضد الحكومة، النظام (السياسي)، نزاهة المؤسسات المحلية الفاعلة، وأيضاً مؤامرة على مصالحنا الوطنية".

وأضاف، "أمر الرئيس وزارة الأمن (الاستخبارات) بتحديد الضالعين في هذه المؤامرة"، معتبراً أن "ملف مقابلة السيد ظريف، ولأسباب واضحة... تمت سرقته ونشره من قبل أشخاص يتم تحديد هوياتهم"، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأن هذه الأسباب.

تصريحات ظريف

وكان ظريف قد أدلى بتصريحات مثيرة للجدل خلال مقابلة أجراها معه الصحافي الإصلاحي سعيد ليلاز، وكان من المقرر نشرها بعد انتهاء ولاية الرئيس حسن روحاني.

ويمتد التسجيل لأكثر من ثلاث ساعات، ونشرته بداية وسائل إعلام خارج إيران، قبل أن يتم تداوله عبر وسائل أخرى داخلها وخارجها وعلى مواقع التواصل.

وأبدى وزير الخارجية الإيراني قلقه من التعامل الأمني لبلاده في القضايا الدولية، قائلاً "لبعض الأشخاص في بلادنا مصالح في تحويل كل القضايا إلى قضايا أمنية، لأن ذلك يؤدي إلى تضخيم أدوارهم".

وأكد أنه "في الجمهورية الإسلامية الميدان العسكري هو الذي يحكم (...)، لقد ضحي بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري، بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية"، كاشفاً عن أن "هيكلية وزارة الخارجية هي ذات توجه أمني غالباً".

وأضاف أن لدى "الأقلية" القدرة على بعثرة الأمور وإيجاد موجات واسعة في البلاد. وفيما أشار إلى تبادل الأدوار بين العسكر والدبلوماسيين في إيران، طالب بإعادة الأمور الخارجية إلى الدبلوماسيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن سليماني قال ظريف "لم نكن على اتفاق في جميع الأمور، ولكن كان الشعور بضرورة التنسيق قائماً بيننا، وكنا نفعل ذلك".

وشرح ظريف جانباً من المواقف التي كان يفرضها عليه سليماني، من خلال القول "كلما نويت إجراء مفاوضات كان سليماني يملي مطالب لعرضها في المفاوضات".

وفي هذه الأثناء سأل الصحافي ظريف "في المقابل، هل كان سليماني يبلغك بأنه سيفعل شيئاً ما؟". ورد وزير الخارجية بالنفي، قائلاً "لم يكن مثل هذا الشيء. كان يقول عندما تذهب لإجراء مفاوضات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اطلب منه كذا وكذا... وهذا يعني أننا ضحينا بالدبلوماسية لمطالب تتعلق في حلب أو إدلب".

وأضاف "كنت أتوجه إلى المفاوضات من أجل إنجاز مهمات ميدانية، ولكن عندما طلبت منه مثلاً عدم استخدام طائرات الخطوط الجوية الإيرانية بين طهران وسوريا، لم يقبل بذلك. لذلك ضحينا بالدبلوماسية من أجل الميدان...".

وطلب ظريف من الصحافي عدم نشر هذا الجزء من التسجيل.

ردود الفعل

وأثار نشر التسجيل الصوتي جدلاً واسعاً في إيران، إذ طالب عدد من نواب البرلمان المنتمين إلى التيار اليميني بمعاقبة ظريف بسبب "الإساءة إلى قاسم سليماني".

واعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن التسجيل الصوتي لظريف تضمن مواقف "شخصية" واقتطع من حديث امتد سبع ساعات و لم يكن معداً للنشر.

واعتبر الناطق باسم الخارجية سعيد خطيب زاده أن نشر التسجيل غير قانوني، موضحاً أن لا علاقة للخارجية بالمقابلة وانتخاب فريق الصحافيين الذين أجروا المقابلة مع ظريف وكيفية الاحتفاظ بالتسجيل الصوتي".

ظريف من جهته لم يعلق مباشرةً على الجدل، لكنه نشر الثلاثاء تسجيلاً صوتياً مقتضباً عبر حسابه الرسمي على "إنستغرام". ويقول ظريف في التسجيل، "أعتقد أنه لا يجب أن تعمل من أجل التاريخ... أقول إنني لا أقلق كثيراً من التاريخ، بل ما يثير قلقي هو الله والشعب".

ورأى النائب المحافظ نصر الله بجمن فر أن ظريف، في تسجيله، "يشكك في مسائل تندرج ضمن الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية التي يتولى فيها منصب وزير الخارجية"، وفق ما نقلت وكالة "فارس" للأنباء.

وطلب النائب "توضيحات" من ظريف في شأن ما أدلى به.

من جهتها، انتقدت "فارس" تقديم ظريف نفسه خلال الحديث المسرّب بمثابة "رمز للدبلوماسية" في مواجهة سليماني الذي يشكل رمز "ميدان" المعارك.

الصحف الإيرانية

وتصدرت قضية التسجيل الصفحات الأولى لغالبية الصحف الإيرانية الثلاثاء، مع توجيه المحافِظة منها انتقادات لاذعة لظريف، في حين سألت الإصلاحية عن هدف التسريب.

ونشرت "وطن امروز" المحافظة على صفحتها الأولى صورة كبيرة لظريف بالأبيض والأسود، مع عنوان باللون الأحمر "حقير" (بالفارسية، وهي أقرب إلى "الدنيء" بالعربية). وكتبت، "يزعم ظريف أن إنجازات أو قدرات المفاوضات والدبلوماسية تم منحها إلى ’الميدان‘، علماً بأنه يجدر بالدبلوماسية أن تتبع مساراً لزيادة قوة النظام (السياسي لإيران)".

صحيفة "كيهان" اعتبرت من جهتها أنه "في حال كانت الأجزاء المثيرة للجدل من هذه التصريحات صحيحة، وهي ليست كذلك، أخطأ ظريف بحق الثقة وهذه ليست جريمة صغيرة". وأضافت، "تعليقات كهذه توفر معلومات وذخيرة لحرب العدو النفسية (وتتيح له) أن يعرف أين يضرب، وأي تشققات وأي تباينات محتملة يركز عليها، وكيفية التأثير في معركة الرأي العام".

أما صحيفة "جوان"، فقارنت بين تصريحات ظريف عن سليماني، واغتيال الأخير بضربة جوية أميركية في بغداد في يناير (كانون الثاني) 2020 بقرار من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وكتبت أن سليماني "اغتيل جسدياً بناءً على أمر من المخلوق الأكثر انحطاطاً في العالم، أي رئيس الولايات المتحدة، لكن وزير خارجية بلادنا، بزعمه هذه الأمور لأسباب غير معروفة، اغتال شخصيته".

في المقابل، ركزت الصحف الإصلاحية على معرفة مصدر تسريب التسجيل. وعنونت صحيفة "شرق" على صفحتها الأولى "من سرّبه، من استفاد؟".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط