Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علماء يفتحون "علبة الآفات" باستزراع جنين من إنسان وقرد

يخشى بعض الخبراء أن الاكتشاف "المسخ" تشوبه معضلات أخلاقية كبيرة

خلايا بشرية نمت في جنين قرد بمرحلة مبكرة (معهد سالك)

أثار علماء في الولايات المتحدة جدالاً أخلاقياً بعد نجاحهم في استزراع أجنة "خيمرية" (في الميثولوجيا الإغريقية الخيمر Chimera هو كائن هجين، أو وحش خرافي مُشكل من أكثر من جنس حيوان) نصف أنسجتها من إنسان، ونصفها الآخر من قرد.

ومعلوم أن الخيمرات تملك خلايا من كائنين مختلفين، أو أكثر. تصنع الخيمرات المتداخلة الأنواع المصنوعة أنسجتها من الثدييات منذ سبعينيات القرن الماضي، إذ ابتكرها علماء في قوارض واستخدمت لدراسة عمليات تطورية مبكرة.

متقدماً بالبحوث الخيمرية خطوة إلى الأمام، صنع فريق علماء في "معهد سالك" للدراسات البيولوجية في كاليفورنيا الأميركية الآن هجيناً من قرد وإنسان، من طريق حقن خلايا جذعية بشرية في أجنة قرد "مكاك"، واستزراعها في أوعية من زجاج أو بلاستيك مخصصة لاستنبات الخلايا (أطباق بتري).

وقال العلماء، على رأسهم البروفسور خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتي، إن من شأن عملهم أن يساعد في معالجة النقص الحاد في الأعضاء البشرية القابلة للزرع (للاستفادة منها في زرع الأعضاء)، وكذلك المساعدة على فهم تفاصيل إضافية عن التطور البشري المبكر، وتقدم الأمراض والشيخوخة.

وقال البروفسور إيزبيسوا بيلمونتي يوم الخميس الماضي، إن "تلك الأساليب الخيمرية يمكنها أن تكون حقاً مفيدة جداً في تطوير البحوث الطبية الحيوية، من دون أن يقتصر ذلك على المراحل المبكرة جداً من الحياة، بل أيضاً المراحل الأخيرة منها".

وبعد ستة أيام على تكوين أجنة القردة كجزء من الدراسة، حُقن كل واحد منها بـ25 خلية بشرية. بعد يوم مرور يوم واحد رصدت خلايا بشرية في 132 جنيناً. وبعد مضي عشرة أيام، كانت 103 من الأجنة الخيمرية ما زالت تتابع نموها.

مع ذلك، سرعان ما راح صمودها يتراجع، وفي حلول اليوم التاسع عشر، كانت ثلاثة كائنات خيمرية فقط ما زالت على قيد الحياة، ولكن حتى في هذه الحالة، ظلت نسبة الخلايا البشرية في الأجنة مرتفعة طوال فترة نموها المستمر.

واستناداً إلى العلماء، أظهرت النتائج، التي نشرت في مجلة "سيل" Cell المتخصصة، أن الخلايا الجذعية البشرية "نجت وتكاملت بكفاءة أفضل نسبياً مقارنةً بالتجارب السابقة التي استخدمت فيها أنسجة خنازير".

وقال فريق العلماء إن فهم المزيد من الجوانب حول كيفية تواصل الخلايا من أنواع حية مختلفة مع بعضها بعضاً يمكن أن يوفر "نظرة غير مسبوقة عن المراحل الأولى من التطور البشري"، بالإضافة إلى أنه يمد العلماء بـ"أداة قوية" للبحث في الطب التجديدي.

ولكن في المملكة المتحدة، أثار بعض الخبراء في الأخلاقيات مخاوف عدة تجاه البحث الخيمري، قائلين إن هذا النوع من العمل "يطرح تحديات أخلاقية وقانونية كبيرة"، و"يفتح صندوق باندورا أمام مخلوقات خيمرية بشرية - غير بشرية"، في إشارة إلى أنه سيؤدي إلى مشاكل كثيرة لا تُحمد عقباها.

وإذ أبدت تعقيبها على البحث، قالت الدكتورة آنا سماجدور، محاضرة وباحثة في أخلاقيات الطب الحيوي في "كلية نورويتش الطبية" بـ"جامعة إيست أنجليا"، "إن هذا الإنجاز العلمي يعزز حقيقة لا مناص منها: التصنيفات البيولوجية ليست ثابتة، بل متغيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، رأت الدكتورة سماجدور أن الاكتشاف الجديد "يطرح تحديات أخلاقية وقانونية كبيرة".

وفي تصريح أدلت به إلى وكالة "برس أسوسييشن"، أوضحت الدكتورة سماجدور أن "العلماء الذين يقفون وراء البحث يقولون إن الأجنة الخيمرية المبتكرة تحمل معها فرصاً جديدة، ويعزون ذلك إلى أننا، وفق كلامهم، غير قادرين على إجراء أنواع معينة من التجارب على البشر".

ولكن في الواقع، "لا يمكن تحديد ما إذا كانت تلك الأجنة بشرية أم لا"، تشرح الدكتورة.

في المقابل، يؤكد البروفسور إيزبيشوا بيلمونتي أن عملهم قد استوفى الإرشادات الأخلاقية والقانونية المعمول بها راهناً، مضيفاً أن "أهمية نتائج (البحث)، في اعتقادنا، فيما يتصل بالصحة والبحث، ليست أقل شأناً من الأهمية التي تكتسيها الطريقة التي اعتمدناها للنهوض بهذا العمل، مع إيلاء الاعتبارات الأخلاقية أقصى الاهتمام، وعبر التنسيق الوثيق مع الهيئات التنظيمية".

"في النهاية، نجري هذه الدراسات في سبيل فهم صحة الإنسان وتحسينها".

غير أن البروفسور جوليان سافوليسكو، مدير "مركز أكسفورد أوهيرو للأخلاقيات العملية" والمدير المشارك لـ"مركز ويلكوم للأخلاقيات والعلوم الإنسانية" في "جامعة أكسفورد"، شكك في أخلاقيات الدراسة.

"يفتح البحث صندوق باندورا (المجهول) أمام مخلوقات بشرية غير بشرية. دمرت هذه الأجنة في اليوم العشرين من تطورها، لكن لم يتبقَ إلا قليل من الوقت قبل النجاح في تطوير خيمرات أنسجتها خليط من إنسان وغير إنسان، ربما كمصدر للحصول على أعضاء بشرية. إنه أحد الأهداف الطويلة المدى لهذا البحث".

وتابع، "السؤال الأخلاقي الأساسي مفاده، ما الحالة الأخلاقية لتلك المخلوقات الجديدة؟ قبل إجراء أي تجارب على حيوانات الخيمرا (هجينة) المولودة حية، أو استخراج أعضائها، من الضروري أن يصار إلى تقييم قدراتها العقلية وحياتها بشكل صحيح".

© The Independent

المزيد من علوم