Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعهد الرياض بخفض انبعاثات الكربون قد يشجع بلدانا أخرى

يرتبط اسم السعودية في عين كثيرين بالوقود الأحفوري، لكن تأثير المملكة الآن داخل "أوبك" يمكن أن يسهم في تبني الشرق الأوسط أجندة حماية المناخ

ترمي الخطة إلى زراعة 10 مليارات شجرة، وتوليد نصف طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 (أ ب)

يبدو سعي السعودية إلى التخلص من الكربون في ظاهر الأمر طموحاً بعيد المنال، إذ تمتلك البلاد ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، بعد فنزويلا. كما أنها ثاني أكبر منتج للنفط على وجه المعمورة بعد الولايات المتحدة. وتستمد المملكة غالبية ثروتها من الوقود الأحفوري، ومع ذلك أعلن النظام الحاكم في البلاد نهاية عن مسعى طموح لتقليص انبعاثات الكربون.

لقد كشف ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، عن أنه يهدف إلى الحد بشكل كبير من الانبعاثات في السعودية عن طريق زراعة 10 مليارات شجرة، وتوليد نصف طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

كما تعهد بالعمل مع الدول المجاورة للبلاد لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ويعتبر التزام السعودية، التي كانت في نظر الكثيرين مرادفاً لطاقة الوقود الأحفوري، أجندة المناخ علامةً على الإجماع الناشئ حول الحاجة إلى تقليص الاقتصاد العالمي انبعاثات الكربون.

وإذا كانت السعودية نفسها جادة في نيتها الابتعاد عن النفط والغاز إلى أشكال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية، فمن الواضح أن ثمة انعطافاً كبيراً.

في المملكة المتحدة، كشف بوريس جونسون العام الماضي عن خطة من عشر نقاط لـ"ثورة صناعية خضراء"، قائلاً إنه يريد أن يجعل بريطانيا صنو "المملكة العربية السعودية [في مجال] طاقة الرياح". والآن، يبدو أن القيادة السعودية نفسها لديها طموحات مماثلة.

وبينما تبدو الساحة الدولية آخذة في التصدع، يتشكل في الواقع توافق جغرافي – سياسي على أجندة حماية المناخ، كما يتضح من عودة إدارة بايدن إلى اتفاق باريس ومن الهدف الذي وضعته الحكومة الصينية لخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2060، وكل ذلك خلال الأشهر الستة الماضية. ونأمل في أن تعزز "كوب 26" - قمة الأمم المتحدة حول تغير المناخ التي ستستضيفها غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) – هذا الانطباع بالإجماع على هدف دولي موحد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يمكن أن تؤدي السعودية دوراً إقليمياً بارزاً أيضاً في جعل هذه القمة نقطة تحول، إذ تعتبر المملكة حالياً أكبر بلد في الشرق الأوسط منتج لانبعاثات الكربون، ما يعكس حجمه واقتصاده الذي يهيمن عليه النفط. وتعد حصة السعودية من الانبعاثات التي تبلغ 1.3 في المئة من إجمالي الانبعاثات العالمية أكثر من ضعف حصة مصر، على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز ثلث عدد سكان مصر.

وإذا نجحت السعودية في جعل عملية استغلال النفط أكثر كفاءة ونظافة، فإن ذلك في حد ذاته ستكون له فوائد كبيرة على البيئة في شكل انبعاثات أقل.

علاوة على ذلك، ونظراً لكونها الدولة التي قد تخسر أكثر من تقليص انبعاثات الكربون العالمي، على الأقل في تحليل ثابت للأداء الاقتصادي، فإن تبني المملكة هذه الأهداف قد يساعد أيضاً في إقناع دول الشرق الأوسط الأخرى بالانضمام إلى أجندة خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر.

ويمكن أن تستخدم المملكة دورها المهيمن في "أوبك" – مجموعة الدول المنتجة للنفط، لدفع عجلة التغيير، على الرغم من أن الكثيرين سيجدون أن ذلك يعصى الخيال نظراً إلى الهدف التأسيسي لمنظمة "أوبك" المتمثل في مضاعفة عائدات النفط لأعضائها، ولكن إلى حد ما، تتوافق أجندة خفض الكربون مع مشروع "رؤية 2030" للأمير محمد بن سلمان، والذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري من طريق الاستثمار في التكنولوجيا والسياحة. وستعاني المملكة على القدر نفسه، إن لم يكن أكثر، مثل عديد من الدول من زيادة كبيرة في درجات الحرارة العالمية وما يترتب عن ذلك من جفاف مزمن.

بالطبع، العبرة في التنفيذ. وتتمثل أهمية أهداف تقليص انبعاثات الكربون في تأكيد هدف سياسي وتحديد المسار، ولكن ما لا يقل أهمية هي السياسات الملموسة التي ستجعل هذه الأهداف حقيقة واقعة.

ويمثل التقدم المستمر - عقداً بعد عقد، وعاماً بعد عام - السبيل الأمثل للتخلص من الكربون. وهذا التقدم الثابت هو ما سيحفز التطورات التكنولوجية التي ستجعل الهدف قابلاً للتحقيق. كما ستحفز استثمارات الحكومات اليوم نمو سلاسل التوريد التي ستبرز الحاجة إليها والطلب عليها غداً.

واليوم هو الوقت المناسب لتبدأ السعودية - وكل بلد آخر- في السير نحو أهداف تقليص الكربون.

© The Independent

المزيد من آراء