Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقات التجارية والمالية بين بروكسل ولندن نحو مزيد من التأزم

78 في المئة من البريطانيين يؤيدون بناء علاقات وثيقة مع جيرانهم الأوروبيين

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أ ف ب)

غالباً ما يشير بوريس جونسون إلى دول الاتحاد الأوروبي منذ أن أصبح رئيساً للوزراء في يوليو (تموز) 2019، بقوله "أصدقاؤنا وشركاؤنا". ويعتقد عديد من مناصريه أنه بمجرد الانتهاء من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيكون من الممكن إقامة علاقة أكثر تعاوناً بين الجانبين. حتى أولئك الذين انتقدوا صفقة جونسون التجارية في ديسمبر (كانون الأول) لضعفها، كانوا يأملون في إمكانية البناء على التعاون الوثيق القائم بين الجانبين في قضايا تتراوح بين البيئة والسياسة الخارجية، ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر، تبدو العلاقة أكثر توتراً من أي وقت مضى.

حواجز التجارة

تقول صحيفة "إيكونوميست" إن عام 2021 بدأ بشكل سيئ مع وجود حواجز أمام التجارة مع الاتحاد الأوروبي أكبر مما توقعه عديد من المصدرين البريطانيين، في حين جعلت جائحة كورونا وعمليات التخزين للأغذية في الفترة التي تسبق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تحليل الأرقام أكثر صعوبة، ولكن في يناير (كانون الثاني)، انخفضت صادرات السلع إلى الاتحاد الأوروبي بأكثر من 40 في المئة عن شهر ديسمبر، بينما ارتفعت بشكل هامشي إلى الأسواق غير الأوروبية. وبالنسبة للأسماك والمحار، انخفضت صادراتها بنسبة كبيرة بلغت 83 في المئة والطعام والشراب بنسبة 75 في المئة. ومن المرجح أيضاً أن تكون صادرات الخدمات قد انخفضت هي الأخرى.

في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هناك مشاكل أخرى. فعلى سبيل المثال، يرجئ البرلمان الأوروبي التصديق على اتفاقية ديسمبر التجارية. وترفض بريطانيا منح الوضع الدبلوماسي الكامل لسفير الاتحاد الأوروبي في لندن. ومع ذلك، يرغب معظم البريطانيين في التواصل مع جارهم الكبير، فقد أظهر استطلاع أجرته شركة "إبسوس موري" هذا الأسبوع لصالح منتدى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ومقره بروكسل، أن 78 في المئة من المشاركين يؤيدون العلاقات الوثيقة. ومع ذلك، فإن 41 في المئة فقط يتوقعونها. في حين أن مواقف كلا الجانبين لا تعطي الكثير من الأمل، في حين أدت فوضى اللقاح التي يعانيها الاتحاد الأوروبي وتهديده بوقف صادرات اللقاحات للمملكة المتحدة إلى جعل تلك المشكلات أكثر صعوبة. 

خلافات تمتد للقطاع المالي

الخلافات البريطانية الأوروبية لم تقف عن التجارة واللقاحات، فقد امتدت إلى القطاع المالي في حين تقف المملكة المتحدة بصرامة في مواجهة أي محاولات أوروبية من سحب بساط النفوذ المالي من مدينة لندن، والتي بقيت لعقود طويلة أحد أهم المراكز المالية في العالم بما فيها أوروبا. ومؤخراً نشب خلاف بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في شأن الطريقة التي سيشرفان بها على الأسواق المالية، في وقت يأمل المراقبون أن يتمكن الجانبين من التوصل إلى اتفاق واسع في شأن ما يوصف بـ"التكافؤ" الإشرافي في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 

بريطانيا رصدت مجالات تعتزم إدخال تعديلات في شأنها تشمل القواعد المتعلقة بتداول الأسهم والدخل الثابت والسلع، في حين تضرب تغييرات القواعد المالية الدقيقة الفلسفات المتناقضة بين الجانبين حول كيفية تنظيم الأسواق.

اقرأ المزيد

ومن بين التغييرات المحتملة، بحسب "فاينانشيال تايمز"، تخطط المملكة المتحدة لإلغاء الحدود القصوى لمقدار التداول، كما سيكون بإمكان المستثمرين تداول الأسهم دون الكشف المسبق عن خططهم لبقية السوق. كما توازن التغييرات ما بين حجم المعلومات المقدمة للجمهور قبل وبعد الانتهاء من الصفقات، وتحديداً في سوق الأسهم والسندات.

وتكمن أولوية الاتحاد الأوروبي في تطوير سوق رأس مال داخلي أكثر تناسقاً. على النقيض من ذلك، ينظر الساسة البريطانيون إلى خروج بلادهم من الكتلة الأوروبية على أنه يشكل فرصة لاستعادة السلطات التنظيمية المالية التي فقدت بسبب القواعد التفصيلية للاتحاد. 

وقالت كاي سوينبورن، نائب رئيس الخدمات المالية في "كي بي أم جي"، والعضو السابق في البرلمان الأوروبي: "كانت المملكة المتحدة دوماً خارج أوروبا". وأجرت سوينبورن مقارنة مع النظام الأميركي، قائلة "في الولايات المتحدة، تتحمل المؤسسات ذاتية التنظيم قدراً أكبر من المسؤولية بدلاً من الاعتماد على المنظم". وأضافت أن "الاتحاد الأوروبي لم يعتقد أبداً أن البنية التحتية للسوق المالي مناسبة للتنظيم الذاتي".

رسم القواعد المصرفية

وتعتمد المواءمة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى حد كبير على اعتراف الاتحاد الأوروبي بمعايير المملكة المتحدة المالية والتجارية، ونظراً لأن المملكة المتحدة تبحث عن تشريعات مختلفة عن نظيرتها الأوروبية، فقد وافق الاتحاد الأوروبي مؤقتاً، على منح المؤسسات البريطانية وصولاً أكبر ومباشراً إلى العملاء في الكتلة الأوروبية.

وقال ميريد ماكجينيس، رئيس الخدمات المالية بالاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء، "لا يمكن أن يكون لديك اختلاف وتكافؤ". وأضاف "لو سُئلنا في أوائل الخريف لكنا قلنا إن التكافؤ مهم للغاية في كل منطقة، ولكن الأمور تطورت اليوم". 

وقالت البارونة ريتا دوناغي، رئيسة لجنة مجلس اللوردات التي تستعرض مستقبل العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، إن "التكافؤ له مدة صلاحية قصيرة". وحثت دوناغي المملكة المتحدة على "إقامة علاقة وثيقة مع الكتلة الأوروبية".

وكان رسم القواعد الأوروبية في كثير من الأحيان عملاً متوازناً بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ولكن الوضع قد تغير بعد خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية. وقال كاريل لانو، الرئيس التنفيذي لمركز الأبحاث الأوروبي "سي آي بي أس"، الآن وبعد مغادرة المملكة، عاد الاتحاد الأوروبي إلى نظامه المصرفي، وستتمتع بريطانيا بمرونة أكبر بكثير لتكيف قواعدها المصرفية. ويضيف "الأمر يذكرني بالتغييرات التي مررنا بها خلال الثلاثين عاماً الماضية، حيث كان لدى المملكة المتحدة نظام تنظيمي ذاتي متنوع للغاية قبل أن تبدأ السوق الموحدة".

ومع ذلك، حذرت البارونة دوناغي من أن النظام المالي الجديد في المملكة المتحدة قد يترك البرلمان مع قدرة أقل على التدقيق في القواعد ومحاسبة المنظمين. وتمتلك الحكومة البريطانية والجهات التنظيمية الآن سلطة كبيرة في تنظيم الخدمات المالية.

ومن المرجح أن تسلك المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي طرقاً منفصلة في شأن أجزاء مهمة من القواعد المالية، وقد تتداخل المصالح المالية في بعض الجوانب، فعلى الأرجح أن تتفق كل من لندن وبروكسل هذا العام إلى الحاجة إلى تغيير الأجزاء غير الناجحة من التشريعات المصرفية المصممة لتحسين النظام المالي بعد أزمة عام 2008. وقد يحاكي الاتحاد أيضاً خطط المملكة في شأن التداولات، بخاصة أن كليهما يبحث في القواعد لتعزيز المنافسة في أسواق العقود الآجلة في أوروبا، حيث يسمح ما يسمى نظام "الوصول المفتوح" للمستثمرين باستخدام غرفة مقاصة من اختيارهم.

المزيد من اقتصاد