Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل حان وقت تأسيس "ناسداك خليجية"؟

الأنظار تتجه نحو الأرباح المليارية المتوقعة لشركات التكنولوجيا العربية الواعدة

بورصة ناسداك المتخصصة في الأسهم التكنولوجية (رويترز)

مع تسجيل بورصة "ناسداك" المتخصصة في الأسهم التكنولوجية مستوى تاريخيا جديدا هذا الأسبوع، فإن هناك قصة خاصة لتاريخ هذه البورصة، يمكن أن تكون نموذجا لتأسيس بورصة خليجية تجمع قصص نجاح شركات التكنولوجيا الخليجية، تماما كما تجمع "ناسداك" شركات التكنولوجيا العالمية.  

فقد بدأت "ناسداك" نشاطها في العام 1971 كبورصة خارج المقصورة أو Over-the-counter (OTC)، أي تجمع الشركات غير المدرجة في السوق الثانوية أو البورصة الرسمية. وقد راهنت على أسهم التكنولوجيا في وقت مبكر، حيث تمكنت من استقطاب كبرى الشركات التكنولوجية في بداية نشأتها، مثل مايكروسوفت وأبل وغوغل وأمازون وفيسبوك. 

واليوم، تحصد "ناسداك" نتيجة رهانها، حيث أصبحت ثاني أكبر بورصة في العالم، بعد بورصة نيويورك، بحجم يتجاوز 14 تريليون دولار.

وتشهد "ناسداك" موجة ارتفاعات منذ بداية عام 2019، كان أعلاها على الإطلاق هذا الأسبوع، بدفع من مكاسب أسهم التكنولوجيا التي تقفز أسعارها بفضل نتائج هذه الشركات والتقييمات التاريخية لشركات التكنولوجيا المدرجة حديثا. 

وتنتظر شركات عدة دورها الآن لتدرج في "ناسداك"، وقد تكون شركة "أوبر" من بينها، حيث من المرجح أن تصل قيمة الشركة عند إدراجها إلى 100 مليار دولار، بين الأكبر بتاريخ شركات التكنولوجيا، علما بأن مُنافِسة "أوبر"، شركة "ليفت"، أدرجت في "ناسداك" في نهاية مارس (آذار) بحجم وصل إلى 23 مليار دولار.

شركات ناشئة وخاسرة

وميزة هذه الشركات التكنولوجية أن معظمها شركات ناشئة، لا يتجاوز عمرها 10 سنوات، وأغلبها خاسرة، مثل "أوبر" و"ليفت"، لكن هناك تعويل من المستثمرين على مستقبل أفضل لها مبنٍ على الأداء التاريخي والنمو في أعداد المستخدمين. ففي حالة "أوبر"، على سبيل المثال، فإن الشركة لديها 90 مليون مستخدم، وهناك توقعات لدى بيوت الاستثمار بأن يصبح كل هؤلاء نشطين في المستقبل وأن يضاف إليهم أعداد أخرى، ما يبرر القيمة التاريخية المتوقع بلوغها عند الإدراج. 

وعند مقارنة ذلك مع ما يجري في المنطقة العربية، فإنه يلاحظ أن معظم الشركات التكنولوجية العربية الناشئة لا تجد طريقها إلى البورصات الخليجية أو العربية، على عكس ما يجري في الأسواق العالمية، مع أن صفقات هذه الشركات أصبحت عالمية ومليارية، كما حدث في صفقة "كريم"، التي بيعت بـ3 مليارات دولار لشركة "أوبر". 

قصص نجاح عربية

ولقد دشن الشاب الكويتي محمد جعفر أول نموذج خليجي لبيع شركة تكنولوجية ناشئة، عندما باع شركته "طلبات"، الموقع الإلكتروني لطلبات المطاعم، الذي تأسس في العام 2005، لشركة "روكيت إنترنت" الألمانية، بمبلغ قارب 150 مليون دولار في العام 2015. 

وشكّلت هذه الصفقة صفعة قوية لرجال الأعمال التقليديين في الكويت، والخليج عموما، حيث تمكّن "جعفر" من تحقيق 50 ضعفا على استثماره في سنوات قليلة. أمر يصعب جدا أن يحققه مشروع عقاري أو مضاربة بالأسهم في فترة زمنية قصيرة، ليفتح جدلا حول صفقات التكنولوجيا والثروات الكامنة في هذا القطاع. 

ولم يمضِ سوى عامين على خبر "طلبات"، حتى فاجأت "أمازون"، أكبر شركة تجارة إلكترونية في العالم، السوق بصفقة أخرى للاستحواذ على شركة "سوق.كوم"، أكبر شركة للتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط بمبلغ قارب 600 مليون دولار.

ثم لحقت بهما شركة "كاريدج" الكويتية أيضا، التي ظهرت كمنافسة لـ"طلبات"، وأسسها مجموعة من الشباب الكويتيين، على رأسهم عبد الله المطوع، حيث استحوذت عليها مجموعة "ديليفري هيرو" الألمانية أيضا، بمبلغ وصل إلى 200 مليون دولار، بحسب ما تسرّب من معلومات وقتذاك. 

وآخر القصص الضخمة الصفقة المليارية التي اشترت من خلالها "أوبر" شركة "كريم" قبل شهرين، بعد أن فرضت الأخيرة نفسها في قطاع النقل التشاركي في الشرق الأوسط.

بورصة تجمع قصص النجاح

وكل هذه الصفقات خلفها نمط واحد هو استحواذ شركة أجنبية على قصة نجاح خليجية. ويفسر ذلك البُعد الاستثماري والاستراتيجي لهذه الشركات الأجنبية التي ترى فرصا مستقبلية في شركات ناشئة، معظمها خاسرة، لكنها تراهن من خلالها على مستقبل قويّ، خصوصا في منطقة غير مخترقة وأمامها مجال كبير للتنافس في قطاعات التكنولوجيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على سبيل المثال، قال الرئيس التنفيذي لشركة "كريم"، مدثر شيخة، في مقابلة مع تلفزيون "العربية" بعد إتمام الصفقة أن "النقل التشاركي يشكل 2% فقط من حجم قطاع النقل في الشرق الأوسط"، ليكشف عن فرص هائلة ما زالت أمام "أوبر"، وربما منافسيها في أسواق المنطقة، علما بأن "كريم" ما زالت تسجّل خسائر، حالها كحال "أوبر". 

وفضّل معظم المؤسسين للشركات الخليجية الناشئة بيع استثمارهم لمستثمر أجنبي بدلا من الذهاب إلى البورصات الخليجية للإدراج. ويقول المدير العام في شركة "الأجيال القابضة"، عيد الشهري، وهو مستثمر كويتي يعمل في الـ"سيليكون فالي"، حيث أسس صندوقه للاستثمار في الشركات الخليجية، إن الشركات الأميركية والأوروبية لديها خبرة طويلة في شراء شركات خاسرة، حيث تنظر للاستثمار على أنه فرصة بعيدة المدى. ويعتقد الشهري أن "عدم إدراج شركات، مثل: طلبات، وكاريدج، وكريم، وسوق.كوم، في أسواق الأسهم الخليجية يعود إلى وجود قيود لدى البورصات الخليجية على إدراج الشركة الخاسرة، وقلة خبرة المستثمرين في أسواق الأسهم الخليجية في كيفية تقييم وتداول شركة لديها بيانات مالية خاسرة". لذلك يعتقد الشهري أن "من مصلحة المبادر، الذي اجتهد في تأسيس شركة من الصفر، بيع شركته لمستثمر أجنبي دفعة واحدة، بدلا من المراهنة على أسواق أسهم خليجية قد لا تكافئه مثلما كافأه الأجنبي".

"ناسداك" خليجية

في الواقع، بدأت بعض البورصات الخليجية تتنبه لقصص النجاح التكنولوجية، فعلى سبيل المثال لدى البورصة الكويتية خطط لإدراج شركات ناشئة خاسرة. لكن ما زال هذا الطرح في مراحله الأولى ولا يرقى إلى بورصة متخصصة في الشركات التكنولوجية الناشئة على طريقة "ناسداك". وفي الكويت أيضا أُطلقت أخيرا سوق للشركات خارج المقصورة، وتجمع نحو ألفي شركة، لكن التداول عليها شحيح، ما يوضّح ما قاله "الشهري" من أن المتعاملين بالأسهم يفضّلون الأسهم واضحة المعالم ذات الأرباح والتوزيعات ولا يراهنون كثيرا على مستقبل شركة خاسرة. 

لكن التفكير جديا في مشروع لبورصة خليجية متخصصة في أسهم التكنولوجيا الناشئة في المنطقة العربية قد يكون مجدياً، خصوصا مع تزايد أعداد الشباب المبادرين وقصص النجاح غير المتوقعة، مثل قصة "بوتيكات"، التي تستخدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يرجح أن قيمتها بين 250 مليون دولار إلى 300 مليون دولار، بعد أن استحوذت على نسبة أقل من 20%، منها شركة "بوبيان" للبتروكيماويات، بمبلغ 45 مليون دولار.

وقبل شهر تقريبا، أطلق منتدى الاقتصاد العالمي، الذي انعقدت دورته في الأردن، تقريرا يرصد أكثر 100 شركة ناشئة وواعدة في العالم العربي. ووجود بورصة متخصصة قد تجمع المئة شركة دفعة واحدة، ونصف هذه الشركات تقريبا لا يقع في الخليج، حيث ستوفر البورصة لهم التمويل لتطوير أعمالهم، خصوصا أن المشاريع الناشئة تجد صعوبة في الحصول على تمويلات تقليدية من البنوك. والأهم من ذلك أن البورصة المتخصصة ستجد مستثمرين أجانب، والذين يواجهون صعوبة اليوم في اكتشاف الفرص في الشركات الناشئة العربية لعدم وجود منصة تجمعهم، بينما لاحقا مع وجود هذه البورصة المتخصصة، سيتجه المستثمر الأجنبي مباشرة إلى هذه البورصات لاكتشاف قصص نجاح جديدة. 

وقد تصبح هذه الشركات قصصا مليونية أو مليارية يوما ما، كما من الممكن أن تفشل، لذا فإن الرهان على بورصة متخصصة سيترك ضحايا كثيرين، تماما كما سيصنع أثرياء جدد.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة