زاد دعم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة جبهة البوليساريو من تأزم علاقات الرباط وطهران. واعتبر المغرب الأمر تأكيداً لاتهاماته لإيران بدعمها العسكري للجبهة. وهو ما حدا به إلى قطع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية قبل أعوام.
دعم مقلق
أكد المستشار الأول للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة، محمد رضا سهرايي، بشكل علني دعم بلاده جبهة البوليساريو، مصرحاً أن إيران تقف إلى جانب "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير". ودعا المغرب إلى "وقف انتهاكاته لحقوق الإنسان في الأجزاء المحتلة والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والطعن في سلامتها الإقليمية، وأن يفي بالتزاماته تجاه الشعب الصحراوي، ويوقف انتهاكاته لحقوق الإنسان وينفذ قرارات الأمم المتحدة".
من المؤكد أن خطوة إيران تلك ستزيد من حجم الشرخ في علاقات البلدين المتأزمة أصلاً منذ عقود، في الوقت الذي يعتبر فيه المغرب قضية الصحراء أولى قضاياه الوطنية. بالتالي، تعتبر الرباط دعم البوليساريو ضرباً لوحدة أراضيها.
في هذا الإطار، اعتبر المتخصص في العلاقات الدولية المغربي محمد لكريني، أن إشارة إيران إلى دعمها البوليساريو يرتبط بعدد من القضايا، أهمها اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء وانزعاج طهران من الدور المغربي المهم في القارة الأفريقية في إطار التعاون بين دول الجنوب. وأشار لكريني إلى تمكن المغرب من محاصرة المد الإيراني في القارة السمراء.
من جانبه قلل رئيس مركز "تفاعل للدراسات والأبحاث" منعم أمشاوي، من أهمية تصريحات المندوب الإيراني، معتبراً أنها لا تشير إلى أي تحول جدي في المواقف الإيرانية، خصوصاً وأنها لم تصدر عن شخصيات من دائرة القرار في النظام الإيراني.
وأشار أمشاوي إلى أن المغرب كان واضحاً خلال قطع علاقاته بالجمهورية الإسلامية في العام 2018، حين تأكد من قيام ذراعها "حزب الله" اللبناني بدعم جبهة البوليساريو بالسلاح.
خلاف قديم
يعود الخلاف بين المغرب وإيران إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، فبعدما كانت العلاقات بين البلدين جيدة خلال عهد الشاه، خلفت الثورة الإيرانية في 1979 علاقات تشوبها القطيعة. ويعود أصل النزاع إلى استضافة المغرب شاه إيران محمد رضا بهلوي لأسابيع عدة إثر إسقاط حكمه من طرف الثورة الإيرانية.
واعترفت إيران بجبهة البوليساريو في 1980. ما تسبب في تجميد العلاقة بين البلدين بشكل رسمي في 1981، وبعد انفراج طفيف في علاقة البلدين، شكل دعم المغرب للبحرين إثر إعلان مسؤولين إيرانيين أن البحرين عبارة عن محافظة إيرانية، واحداً من أهم أسباب قطع العلاقات بين البلدين من جديد خلال 2009. وعرفت منذ ذلك الحين علاقات البلدين انتعاشاً طفيفاً، إلى أن قرر المغرب مرة أخرى قطع علاقته بإيران في 2018 بدعوى دعم الأخيرة جبهة البوليساريو التي يتنازع المغرب معها على السيادة على الصحراء.
تبادل الاتهامات
وأكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في وقت سابق، أن "العلاقات المقطوعة مع إيران ستظل على حالها إلى حين إثبات طهران عكس ما هو واضح من دعم الانفصاليين، ومساس بأمن الدولة"، لافتاً إلى أن السبب وراء قرار بلاده قطع العلاقات مع إيران يعود لدعم طهران جبهة البوليساريو، الراغبة في الاستقلال بالصحراء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية وقتها، بهرام قاسمي، إلى أن الاتهامات التي وجهتها الحكومة المغربية ضد إيران لا تخدم سوى أعداء الأمة الإسلامية، معتبراً أن "المسؤولين المغاربة بعد قطع علاقتهم بلا سبب وجيه، يحاولون الآن إقناع الرأي العام، لهذا نشاهدهم في الأيام الماضية يجرون مقابلات ولقاءات صحافية من أجل تبرير سياساتهم".
دعم وتحذير عربي
وأعلنت اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بتطورات الأزمة مع إيران، دعمها قرار المملكة المغربية الخاص بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، نظراً لما تمارسه هذه الأخيرة وحليفها "حزب الله" الإرهابي من تدخلات خطيرة ومرفوضة في الشؤون الداخلية للمملكة عبر محاولة تسليح وتدريب عناصر تهدد أمن المغرب واستقراره، الذي يأتي استمراراً لنهج إيران المزعزع للأمن والاستقرار الإقليمي.
وأضافت اللجنة الوزارية، في بيانها الصادر في ختام اجتماعها الخامس عشر الأربعاء الماضي، تأكيدها القرارات العربية والدولية التي تدين التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية ودول المنطقة، معتبرة أنه لا يمكن تحقيق تقدم في ثنائية الأمن والتنمية لشعوبنا التي تتناسب مع قدراتنا، طالما لم تتخذ خطوات جماعية لمواجهة الخطر الإيراني الذي يهدف إلى الهدم والتخريب وزعزعة الاستقرار الذي لا يأخذ في الاعتبار أسس حسن الحوار والالتزام بالمواثيق الدولية.
وأعربت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء ما تقوم به إيران من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها الميليشيات الإرهابية في بعض من تلك الدول، وما ينتجه ذلك من فوضى وعدم استقرار في المنطقة ويهدد الأمن القومي العربي. ما يعيق الجهود الإقليمية والدولية لحل القضايا والأزمات في المنطقة بالطرق السلمية، وطالبتها بالكف عن ذلك. وأثنت على الجهود التي بذلتها "ترويكا" المجموعة العربية في نيويورك برئاسة المملكة العربية السعودية، من خلال اللقاءات الثنائية التي عقدتها مع الجهات المعنية في الأمم المتحدة ومع عدد من الدول، بخاصة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، تنفيذاً للبيان الصادر عن القمة العربية الطارئة التي عقدت في مكة المكرمة في 30 مايو (أيار) 2019. وأكدت اللجنة أهمية مواصلة الجهود من أجل تنفيذ قرارات مجلس الجامعة على مستوى القمة وعلى المستوى الوزاري، خصوصاً في ما يتعلق منها بالتوجه إلى الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة لإدراج الموضوع على أجندتها وفقاً لأحكام المادة (2) الفقرة (7) من ميثاق الأمم المتحدة التي تحرم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأوصت اللجنة بدعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لاستمرار حظر تسليح النظام الإيراني، للحد من جرائمه وعدائيته، وحذرت من البرامح العسكرية الإيرانية التي تعتمد على استغلال أمن الفضاء. ودعت إلى تكثيف النشاط الدبلوماسي العربي على صعيد العلاقات الثنائية والمنظمات الإقليمية والدولية لبناء موقف دولي ضد تطوير إيران قدراتها العسكرية الفضائية لما تشكله من تهديد لاستقرار المنطقة والعالم.