Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان يترنح مع تواصل السقوط الحر لليرة

تجدد الاحتجاجات مع وصول خسائر العملة إلى 90 في المئة

سجّلت الليرة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، تدهوراً قياسياً جديداً، إذ لامس سعر الصرف في مقابل الدولار عتبة 15 ألف ليرة في السوق السوداء، في سقوط حر مستمر منذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف العام.

وبذلك، تكون الليرة قد خسرت نحو تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، بينما لا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507. وقال ثلاثة صرافين، رفضوا الكشف عن هوياتهم لوكالة الصحافة الفرنسية، إن سعر الصرف الليرة "يراوح حالياً بين 14800 و14900 في مقابل الدولار". وأكد أحد المواطنين أنه باع الدولار في مقابل 15 ألف ليرة ظهر اليوم.

عودة الاحتجاجات

في المقابل، أحرق محتجون غاضبون الإطارات، وسدوا الطرق في أجزاء من بيروت، ومناطق مختلفة، في ظل انهيار جديد لليرة اللبنانية أمام الدولار، لتفقد معظم قيمتها، بينما يتفاقم الانهيار المالي الذي تعيشه البلاد.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب إن البلاد يمكن أن تبقي على دعم غالبية السلع حتى يونيو (حزيران) المقبل، لكن وقود توليد الكهرباء سينفد بنهاية الشهر الجاري والجهود جارية للإبقاء على هذا الدعم.
وأضاف لرويترز "حالياً هناك تغطية بالنسبة للوقود لشركة كهرباء لبنان لغاية نهاية شهر مارس. لكننا نبذل جهوداً لتأمين اعتمادات جديدة لتغطية حاجة كهرباء لبنان"، موضحاً "كنا قد تخوفنا وحذرنا سابقاً من أثر استمرار نزيف الدولار على الاحتياطي، ولهذا قمنا بإرسال سيناريوهات عدة لترشيد الدعم إلى المجلس النيابي في ديسمبر  (كانون الأول) الماضي".
وتابع "لم يتم اتخاذ قرار حتى الآن".

ومنذ صيف 2019، على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان، بدأت الليرة تتراجع تدريجاً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة، وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.

وبعدما حافظت لأسابيع عدة على معدل تراوح بين ثمانية آلاف و8500 للدولار، بدأت الليرة منذ بداية مارس (آذار) سقوطاً حراً، بعد تجاوز سعر الصرف عتبة العشرة آلاف، ليسجل المعدل الأقصى الثلاثاء.

ودفع التغير السريع في سعر الصرف خلال الأيام الأخيرة عدداً من المحال التجارية الكبرى إلى إقفال أبوابها لإعادة تسعير سلعها. كذلك، أغلقت مصانع أبوابها بانتظار استقرار سعر الصرف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلّق أحد محال البقالة في بيروت، ورقة على واجهته كتب عليها "مغلق بسبب ارتفاع الدولار"، فيما صاح أحد المحتجين "جعنا. طفح الكيل".

وتفرض الأزمة الاقتصادية أكبر تهديد على استقرار لبنان منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، إذ تمحو الوظائف وتحول بين الناس وودائعهم المصرفية وتثير خطر تفشي الجوع.
واجتمعت لجان برلمانية لمناقشة قرض طارئ لشركة الكهرباء الوطنية بعد أن حذر وزير الطاقة من انقطاع التيار في أنحاء البلاد بنهاية مارس (آذار) الحالي في حالة عدم ضخ سيولة نقدية، لكن اللجان لم تعد بأكثر من 200 مليون دولار من أصل نحو مليار دولار تطلبها الشركة. ويحتاج المقترح الآن إلى تصديق البرلمان.
وأبلغ مصدر مسؤول "رويترز" أن احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي تبلغ نحو 16 مليار دولار حالياً.
وكانت الاحتياطيات نحو 19.5 مليار دولار في أغسطس (آب) الماضي، وقد يعني التراجع عدم توافر ما يكفي لبرنامج دعم يستخدم في تمويل استيراد سلع أساسية مثل القمح والوقود.

السوق السوداء

ويأتي التدهور الجديد فيما تلاحق السلطات صرافين ومنصات إلكترونية غير شرعية يتابعها اللبنانيون لمعرفة سعر الصرف في السوق السوداء، في خطوة انتقدها محللون ومستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار أن المشكلة "لا تكمن" في المنصات، والحل يتطلب "إجراءات جذرية" من مصرف لبنان والسلطات المعنية.

وباءت محاولات سابقة للسلطات للسيطرة على سوق الصرافة غير الشرعية بالفشل. وينعكس الانخفاض في العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية، وكل ما يجري استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. وعلى وقع شح السيولة ونضوب احتياطي المصرف المركزي المخصص لدعم السلع الاستهلاكية الرئيسة، ينبّه خبراء من أن "الأسوأ لم يحدث بعد"، بينما تعجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً بإصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي.

وكتبت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى على "تويتر" الثلاثاء، "سعر الصرف في لبنان يصل إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد. في الليلة الماضية كان 13250 البلد ينهار من حولنا، ولا يمكننا فعل أي شيء. لبنان رهينة سياسييه والمصالح الخارجية".

وتفاقمت مشاكل لبنان عقب انفجار في ميناء بيروت في أغسطس 2020 ألحق دماراً هائلاً بأجزاء واسعة من بيروت، وأودى بحياة 200 شخص، وأجبر الحكومة على الاستقالة، ما يجعل البلاد بلا دفة توجيه، بينما تغوص في أعماق الأزمة المالية.
واستمرت حكومة رئيس الوزراء حسان دياب كحكومة تصريف أعمال لحين تشكيل حكومة جديدة. ولم يقر البرلمان بعد ميزانية لعام 2021.
وكلف سعد الحريري بتشكيل حكومة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن ثمة خلافات بينه وبين الرئيس ميشال عون، ولم يتمكن حتى الآن من تشكيل حكومة جديدة لمباشرة إصلاحات ضرورية من أجل الحصول على دعم دولي.
 
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي