Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كلفة نظام الاختبار والتتبع البريطاني البالغة 37 مليار جنيه "صادمة"

اللجنة المشتركة للأحزاب البريطانية المسؤولة عن التقرير لم تعثر على دليل ملموس يؤكد أن المخطط أحدث فارقا في إبطاء وتيرة تفشي الوباء

نظام "الاختبار والتتبع" يثير جدلا واسعا في بريطانيا حيث يرى برلمانيون أنه هدر للمال العام لجهة مواجهة وباء كورونا (رويترز)

سجل تقرير صدر، أخيراً، عن هيئة معنية بمراقبة إنفاق الحكومة البريطانية، ملاحظات لاذعة في ما يتعلق بنظام الاختبار والتتبع الذي تتولاه "ديدو هاردينغ" (البارونة ديانا هاردينغ الرئيسة المؤقتة لـ"المعهد الوطني لحماية الصحة" التابع للحكومة)، والذي استقطب مبالغ "لا يمكن تصورها" من أموال دافعي الضرائب، مع عدم وجود دليل على إحداثه أي فارق ملموس وقابل للقياس، لجهة تحقيق تقدم في مواجهة وباء فيروس "كورونا".

ورأى التقرير أن نظام "الخدمات الصحية الوطنية" للاختبار والتتبع NHS test and trace، يجب أن "ينأى بنفسه" عن الاعتماد على مستشاري القطاع الخاص، بعد ما دلت الأرقام أنه كان ما زال يوظف حتى مطلع فبراير (شباط) الفائت، قرابة 2500 شخص، بمعدل إنفاق يومي على الفرد منهم يقدر بـ1100 جنيه إسترليني (أي حوالي 1518 دولاراً أميركياً)، في وقت يكلف موظفو هذا النظام من ذوي المناصب العليا دافعي الضرائب، 6624 جنيه إسترليني (أي حوالي 9140 دولاراً أميركيا) لكل منهم في اليوم.

وتبين لـ"لجنة الحسابات العامة" Public Accounts Committee في مجلس العموم، التي تضم ممثلين عن جميع الأحزاب البريطانية، أنه على الرغم من الموازنة المخصصة لنظام الاختبار والتتبع التي بلغت في السنة الأولى من تشغيله، 23 مليار جنيه إسترليني (أي حوالي 31.74 مليار دولار أميركي)، فإن المخطط فشل في أداء مهمته المتمثلة في منع تفادي إغلاق ثان وثالث في البلاد.

وأشارت اللجنة إلى أنها لم تعثر حتى الآن على أي دليل واضح على فاعلية النظام في خفض معدلات الإصابة بعدوى "كوفيد- 19". وقالت إنه "لم يتبين لنا بشكل جلي"، ما إذا كانت مساهمته في مكافحة فيروس "كورونا" تبرر هذه الكلفة الخيالية التي تكبدها للبلاد.

وطالبت ميغ هيلير رئيسة "لجنة الحسابات العامة" بتحسين نظام إدارة التكاليف للحد من الهدر، متهمة الحكومة البريطانية بأنها تتعامل مع دافعي الضرائب "كأنهم جهاز صراف آلي" (متاح من دون رقيب).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

النقابات العمالية اعتبرت من جهتها أن مبالغ طائلة "بُدِدت" على جوانب رديئة وغير مجدية من نظام الاختبار والتتبع، بدلاً من استثمارها في موظفي "الخدمات الصحية الوطنية"، أو في تقديم الدعم المالي اللازم لإقناع الناس بالتزام منازلهم عندما طلب منهم عزل أنفسهم.

وسجل التقرير أن النظام قد رفع مستويات اختبار فيروس "كورونا" إلى أكثر من 800 ألف في اليوم، وأسهم في الاتصال بأكثر من مليونين و500 ألف شخص ثبتت إصابتهم بالعدوى وبأربعة ملايين و500 ألف فرد من مخالطيهم.

وكانت موازنة وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك قد رصدت الأسبوع الماضي 15 مليار جنيه إسترليني (أي حوالي 20.7 مليار دولار أميركي) إضافية لنظام الاختبار والتتبع، الأمر الذي رفع الفاتورة الإجمالية للمخطط إلى أكثر من 37 مليار جنيه إسترليني (أي حوالي 51 مليار دولار أميركي) على مدى سنتين.

لكن تقرير اللجنة البرلمانية بين عدم صحة المزاعم التي تقول، إن نظام الاختبار والتتبع قد أسهم في تخفيض معدل التكاثر- الذي يرمز إليه بالحرف R- (معدل نقل مصاب بالفيروس العدوى إلى أشخاص آخرين)، بنسبة 0.3 إلى 0.6، بالاستناد إلى فرضية التزام الناس عزل أنفسهم كما هو مطلوب، بحيث أن الامتثال لقواعد العزل الذاتي كان في الواقع "منخفضاً".

ولاحظ التقرير أنه في كثير من الأحيان، كانت نسبة القدرة المتاحة على إجراء الاختبارات المخبرية التي يستخدمها نظام الاختبار والتتبع، أقل بكثير من 50 في المئة، على امتداد الأشهر لغاية أكتوبر (تشرين الأول)، وبقيت في معدلات أقل من 65 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) مع ارتفاع عدد حالات الإصابة بالفيروس.

وتبين أن نظام الاختبار والتتبع قد سجل "عجزاً لافتاً في التعاطي المناسب" مع الزيادة في الطلب، عندما عاودت المدارس والجامعات التعليم في سبتمبر (أيلول)، و"ما زال يواجه بشكل مستمر، صعوبات في تحقيق توازن بين العرض والطلب" على مستوى الخدمات التي يقدمها.

وقالت السيدة هيلير إن "كلفة 23 مليار جنيه إسترليني (31.74 مليار دولار أميركي) التي كبدنا إياها نظام الاختبار والتتبع حتى الآن، تعادل الموازنة السنوية لوزارة النقل. ولا يزال هذا المخطط يدفع لكل استشاري 1000 جنيه إسترليني (1380 دولاراً أميركيا) في اليوم.

وأضافت رئيسة "لجنة الحسابات العامة" في البرلمان قائلة: "على الرغم من الموارد الهائلة التي أُغدقت على هذا المشروع على نحو يفوق التصور، لم يتبين لنا وجود أي فارق ملموس في مواجهة تقدم الوباء. وفي الواقع، إن الوعد الذي تضمنه لتبرير هذه النفقات الضخمة- والذي قضى بتجنب القيام بإغلاق آخر للبلاد- إنما أُخل به مرتين".

ودعت هيلير كلاً من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية التي يتولاها مات هانكوك، والهيئة المعنية بنظام الاختبار والتتبع، إلى أن "يعملا بسرعة على إعادة تصويب استخدام هذه الثروات، وأن يباشرا إثبات جدوى وقيمة هذا الاستثمار الصاعق لأموال دافعي الضرائب".

ودعا التقرير الذي صدر هذا الأسبوع، إلى وضع نظام الاختبار والتتبع خطة واضحة لخفض نسبة الاعتماد على الاستشاريين الذين يكلفون كثيراً من المال. وطالب في المقابل وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بأن تعمل خلال الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة، على وضع استراتيجية من شأنها الحفاظ على الاستعداد والجهوزية في اختبار أي أوبئة مقبلة يمكن أن تواجهها البلاد.

ورأت السيدة هيلير أن "هذا المطلب لا يشكل ضرورة ملحة فحسب، بل يعد أيضاً حاجةً أساسية لتأمين نظام فعال مع رجوع التلامذة إلى المدارس وعودة مزيد من الناس إلى أماكن عملهم، إذ إننا نريد في مقابل مليارات الجنيهات التي تُنفق، أن يُرسى نظام رفيع المستوى من شأنه أن يشكل إرثاً وطنياً للأجيال المقبلة".

وأضافت "لا يجوز للحكومة أن تعامل دافعي الضرائب البريطانيين كأنهم أجهزة صراف آلي (أي أنهم يدفعون من دون حساب). إننا في حاجة إلى رؤية خطة واضحة المعالم وكفاءة أفضل في إدارة التكاليف".

ويأتي التقرير بعد تحليل قام به "مكتب التدقيق الوطني" National Audit Office في ديسمبر، وتوصل في خلاصته إلى أن نتائج اختبارات قليلة للغاية قد سُلمت في غضون 24 ساعة، وأن عدداً قليلاً جداً من جهات الاتصال أُبلغت بوجوب اعتماد العزل الذاتي.

وفي سياق متصل، قيل إن بعض المكلفين التعامل مع مكالمات الناس، كانت نسبة انشغالهم في الأيام الأولى من العمل في النظام، بنسبة 1 في المئة فقط لقاء ساعاتهم المدفوعة، وارتفعت هذه النسبة إلى أقل من 50 في المئة في أكتوبر.

ريتشيل ريفز وزيرة شؤون مجلس الوزراء في حكومة الظل "العمالية"، رأت أن "التقرير الجديد أظهر أن نظام الاختبار والتعقب التابع لهذه الحكومة، والذي تديره مجموعة (سيركو) Serco، قد خيب آمال الشعب البريطاني، وقاد بلادنا إلى حالات من الإغلاق المحكم، الواحد تلو الآخر".

ودعت ريفز الوزراء إلى التخلص مما وصفته بـ"الهوس المسرف" في الاستعانة بمصادر خارجية، والاستعاضة عنها بتجيير مسؤولية تتبع الاتصال إلى الفرق التابعة لمرافق الصحة العامة.

واعتبرت أن "ما يحصل يؤكد الكم الهائل من الهدر وعدم الكفاءة، والاعتماد المفرط على استشاريين إداريين، وعلى أموال دافعي الضرائب التي تنفق على عقود المحسوبية، في وقت يصر فيه الوزراء على أن الأبطال العاملين في مرافق (الخدمات الصحية الوطنية) لا يستحقون أكثر من مجرد تصفيق وخفض في أجورهم".

فرانسيس أوغريدي الأمينة العامة لـ"اتحاد النقابات العمالية" في المملكة المتحدة TUC، اعتبرت من جانبها أن نظام الاختبار والتتبع قد "تعرض لخلل كبير"، بسبب رفض الحكومة تقديم أجور مرضية لائقة للجميع.

ودعت إلى زيادة البدل القانوني للمرض البالغ 96 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 133 دولاراً) في الأسبوع، ليصل إلى مستوى يوازي أجر المعيشة الحقيقي البالغ 10.85 جنيه إسترليني (حوالي 15 دولاراً) للساعة في لندن، و9.50 جنيه إسترليني (حوالي 13 دولاراً) في أماكن أخرى من المملكة المتحدة.

ورأت المسؤولة النقابية أنه "ينبغي عدم إجبار أي شخص على الاختيار بين عزل نفسه ودفع فواتيره". وطالبت الوزراء بأن "يعملوا بسرعة على زيادة البدل القانوني للمرض، كي يصبح بمستوى الأجر الحقيقي للمعيشة، على أن يُوّفر لجميع الأشخاص المؤهلين".

وحذرت أوغريدي من أن "خطط الحكومة لإعادة فتح البلاد ستكون في خطر، إن لم يتمكن الناس من عزل أنفسهم".

أما الأمينة العامة لـ"الكلية الملكية للتمريض" دونا كير (تحظى بلقب  Dame في نظام الشرف البريطاني)، فنبهت إلى "أن طاقم التمريض الذين حازوا زيادة 1 في المئة على رواتبهم، سيشعرون بالغضب لدى سماعهم أن ملايين الجنيهات تُنفق على استشاريين من القطاع الخاص".

وخلصت إلى القول إنه "بالنسبة إلى الجمهور، فإن توظيف مزيد من الممرضات، وليس مزيداً من الاستشاريين ذوي الأجور المرتفعة، يعني حصولهم على رعاية صحية أفضل".

© The Independent

المزيد من اقتصاد