أثار تلقيح عدد من النواب اللبنانيين ضد فيروس كورونا داخل مجلس النواب، الثلاثاء 23 فبراير (شباط)، موجة سخط لدى المواطنين، ما دفع رئيس اللجنة الوطنية لإدارة حملة التلقيح، الدكتور عبد الرحمن البزري إلى اتخاذ قرار بالاستقالة ما لبث أن تراجع عنه في ضوء سلسلة اتصالات تثنيه عن ذلك، في حين هدّد البنك الدولي بتعليق تمويل حملة التطعيم للوقاية من مرض كوفيد-19 في لبنان.
وأكد الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أن 16 نائباً، إضافة إلى أربعة موظفين في البرلمان، ممّن يتجاوز عمرهم الـ75 سنة، تلقّوا اللقاح داخل مقر المجلس.
تهديد بتعليق التمويل
وعقب سريان هذه الأنباء، اندفع اللبنانيون إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّروا عن استيائهم من الأفضلية التي نالها هؤلاء، فضلاً عن تساؤلاتهم بشأن ما إذا كان النواب قد تسجلوا على المنصة المخصصة لتلقّي اللقاح، وإذا فعلوا، فلماذا لم ينتظروا حلول دورهم ولماذا لم يتلقّوا الطعم في المراكز المخصصة لذلك أسوة ببقية المواطنين.
وكتب أحد مستخدمي "تويتر"، "والدتي في الـ 84 من العمر، ومسجلة (على المنصة)، لكنها لم تتبلغ بأنه حان دورها، فيما السياسيون وعائلاتهم وأصدقاؤهم سيتلقّون اللقاح قبلها".
وفي ضوء الضجة التي أثارتها الـ"فضيحة" وفق ما وصفها كثيرون، أكد ساروج كومار، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط، أن البنك شدّد في محادثاته مع وزير الصحة اللبناني حمد حسن على "أهمية شفافية حملة اللقاح"، مضيفاً في سلسلة تغريدات على "تويتر"، أن "هذا الأمر لا يتماشى مع الخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي".
ورداً على سؤال عن الخطوات التي قد يتّخذها البنك الدولي لتفادي مخالفات كهذه في المستقبل، حذّر كومار من أنه "في حال التأكد من المخالفة، قد يعلّق البنك الدولي تمويل اللقاحات ودعم التصدي لكوفيد-19 في جميع أنحاء لبنان... أناشد الجميع، أعني الجميع، وبغض النظر عن منصبكم، أن تسجلوا أسماءكم وتنتظروا دوركم".
البزري: خرق لا يمكننا السكوت عنه
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة حملة التلقيح ضد كوفيد-19، الدكتور عبد الرحمن البزري، أعلن من جهته عزمه الاستقالة بسب تلقيح النواب من دون علم وموافقة اللجنة، لكنه تراجع عن قراره، قائلاً في مؤتمر صحافي، "كنت أمام موقف حرج وردّ الفعل المنطقي كان الاستقالة ولكن هناك لجنة كان يجب أن أتواصل معها وكثر من أعضائها أرادوا الاستقالة معي"، مؤكداً على ضرورة صدور بيان توضيحي ووعد بعدم تكرار هذه المسألة.
وقال البزري إن ما حصل "خرق لا يمكننا السكوت عنه وهو محاولة تمييز مجموعة من الناس نحترمها ونحترم دورها ولكن عندما نطلب من المواطنين النزول إلى مراكز التطعيم لا يجوز بالتالي التمييز"، معتبراً هذا الانتهاك بمثابة "دقّ إسفين في عمل الخطة الوطنية"، ومؤكداً أن اللجنة الوطنية أبدت اعتراضها على ما حصل.
وأشار رئيس اللجنة الوطنية المسؤولة عن التلقيح إلى أنه تلقّى اتصالاً من كومار أبلغه فيه بضرورة التصدي لهذا الخلل، مضيفاً أن "البنك الدولي يراقب وسجّل الخرق اليوم وهو بصدد اتخاذ إجراء تجاهه".
كما اعتذر البزري من الشعب اللبناني عن الخطأ الذي حصل على الرغم من عدم مسؤوليته عنه وفق قوله، وأعلن أن لجنة التلقيح ستعقد اجتماعاً الأربعاء في الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي لتتّخذ القرارات المناسبة، موضحاً أن على وزارة الصحة تبرير ما جرى بشكل مقنع.
عون تلقى اللقاح
في غضون ذلك، أوضح الأمين العام لمجلس النواب أن 16 نائباً تلقّوا اللقاح "بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الأحمر اللبناني الذي هو وسيط مع البنك الدولي"، مؤكداً أنهم مسجّلون على منصة التلقيح ويدخلون ضمن الفئة العمرية المستهدفة وحان دورهم". وأضاف أن الخطوة جاءت "باعتبار أن النواب هم الأكثر عملاً في القوانين واجتماعاتهم دائمة وخوفاً من أن ينقلوا العدوى إلى المجتمع إذا ما أصيبوا"، مشيراً إلى أن التطعيم حصل في المجلس "تسهيلاً لعمل المستشفيات لتفادي الازدحام" فيها.
لكن الصليب الأحمر اللبناني أوضح في بيان ألا "دور رقابي، تنظيمي أو عملاني" له في حملة التلقيح، وأن فرقه "موجودة في مراكز التلقيح كافة حصراً لمساعدة أو إسعاف المواطنين من الفئة العمرية 75 وما فوق، وذلك في حال حدوث أي طارئ".
وبعدما أفادت وسائل إعلام محلية بأن رئيس الجمهورية ميشال عون تلقى أيضاً اللقاح في وقت سابق، أعلن مكتب الإعلام في الرئاسة، في بيان لاحقاً الثلاثاء، أن عون والسيدة الأولى تلقيا اللقاح "مع 10 من أعضاء الفريق اللصيق والملازم للرئيس، الذين سجّلوا أسماءهم وفقاً للأصول على المنصة الخاصة بالتلقيح". ودعا الرئيس "اللبنانيين إلى الإقبال على تسجيل أسمائهم على المنصة لتلقي اللقاح والمساهمة في مكافحة انتشار هذا الوباء".
أنباء عن مخالفات عدة
وجاءت هذه المسألة مع تزايد الإحباط بين بعض السكان والأطباء من أن حملة التطعيمات تسير ببطء وربما تنطوي على مخالفات. وكان لبنان تلقّى الدفعة الأولى من لقاح "فايزر- بايونتيك"، التي تضمّنت نحو 28 ألف جرعة، في شهر فبراير الجاري بمساعدة من البنك الدولي، الذي قال إنه سيراقب العملية لضمان وصول اللقاحات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.
وفي أولى عملياته لتمويل شراء لقاحات كوفيد-19، أعاد البنك الدولي تخصيص 34 مليون دولار لمساعدة لبنان على بدء التطعيمات. وحذّر البنك من المحسوبية في بلد تسببت فيه عقود من الهدر الحكومي والفساد في انهيار مالي شديد.
وسعت وزارة الصحة إلى تبديد المخاوف من أن السياسيين سيتخطون دورهم في قائمة الانتظار.
وكان شرف أبو شرف، نقيب الأطباء اللبنانيين، دعا إلى مزيد من الشفافية في وقت سابق الثلاثاء، قائلاً إن هناك عدداً من المخالفات من دون أن يحدّد رقماً. وذكر أن أناساً ليست لهم الأولوية أو لم يتم تسجيلهم تلقّوا اللقاحات، بينما لا يزال بعض العاملين في المجال الطبي وكبار السن ينتظرون.
وواجهت المستشفيات، التي تضرّرت جراء الأزمة المالية في لبنان وانفجار مرفأ بيروت العام الماضي، بعض أعلى معدلات الإصابة بفيروس كورونا في المنطقة منذ يناير (كانون الثاني)، ورفعت الزيادة عدد الوفيات في لبنان إلى أكثر من 4300، من أصل ما يزيد على 356 ألف إصابة.
وبحسب خطة الحكومة، تُخصص المرحلة الأولى من التلقيح للطاقم الطبي ومن هم فوق 75 سنة. وأنشأت وزارة الصحة منصة ليسجّل الراغبون في تلقّي اللقاح أنفسهم عليها، على أن يتم التواصل معهم تباعاً لتحديد موعد ومكان التلقيح. ولا يمكن الحصول على اللقاح من دون المرور بهذه الآلية.