Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم يتواصل بايدن بعد مع حلفاء بلاده في الشرق الأوسط؟

"قلق" في تل أبيب مع مضي الرئيس الجديد أسبوعه الرابع في البيت الأبيض من دون مهاتفة نتنياهو والقاهرة تستشكف "بلا استعجال" والرياض تتواصل "دبلوماسياً"

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ ف ب)

بين ترجيحات "التجاهل المتعمد"، أو "الانشغال" بترتيب الأولويات والتعامل مع إرث الرئيس الخامس والأربعين للبلاد، تدور الأسئلة في عدد من بلدان الشرق الأوسط بشأن "تأخر" تواصل الرئيس الجديد للولايات المتحدة جو بايدن مع زعماء وقادة الدول الحليفة لبلاده في المنطقة، بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على وصوله إلى السلطة، في ظاهرة "غير مألوفة" بين الرؤساء السابقين للبيت الأبيض.

وفيما يقول الأخير إن اتصالات الرئيس الـ46 للبلاد، التي وصلت وفق رصد لـ"اندبندنت عربية" إلى أكثر من 11 اتصالاً، شملت قادة بلدان كندا والصين والمكسيك وبريطانيا والهند وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ("ناتو")، تمت "بحسب المنطقة" وسيتواصل قريباً مع أولئك الموجودين في الشرق الأوسط، بدأ الرئيس جو بايدن أولى عطلاته الأسبوعية في منتجع كامب ديفيد وسط جبال كاتوكين بغرب ولاية ميريلاند، بصحبة كل من مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان ونائب كبير موظفي البيت الأبيض بروس ريد، وذلك في وقت تستمر الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة وعلى رأسها إسرائيل ومصر والسعودية، لملمة إشارات الإدارة الجديدة للتعاطي مع قضايا المنطقة، من دون اتضاح كامل لرؤية بايدن حول ملفات ذلك الإقليم "شديدة التعقيد والتداخل"، وفق مراقبين.

نتنياهو بين "التجاهل والانتظار"

قبل أربع سنوات من الآن، لطالما تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه كان من أوائل القادة الذين اتصل بهم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب، عقب تولّيه مقاليد السلطة، وذلك بعد نحو ثلاثة أيام فقط من وصوله إلى البيت الأبيض عام 2017. وإلى جانب العلاقات الوثيقة والقوية التي جمعت نتنياهو وترمب، إلا أن عدم اتصال بايدن حتى الآن برئيس الحكومة الإسرائيلي بعث بـ"إشارات متضاربة" وتباينت الأسباب والتحليلات في الصحف المحلية التي لم ترَ أن تحدث وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي مرتين، كافٍ. وفيما أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اتصالاً بنظيره في حكومة نتنياهو، بيني غانتس، فضلاً عن تهاتف مستشارَي الأمن القومي في البلدين، إلا أن ذلك لم يُعتبر كافياً لتفسير غياب التواصل المألوف بين القادة في أول أيام الوصول إلى البيت الأبيض.

ووفق رصد لـ"اندبندنت عربية"، اعتاد الرئيسان الأميركيان باراك أوباما (2009-2016)، وجورج بوش الابن (2001-2008)، وقبلهما بيل كلينتون التواصل مع قادة إسرائيل في الأيام الأولى من تولّيهم المنصب، لكن غياب الاتصال بين نتنياهو وبايدن حتى الآن زاد من التكهنات في تل أبيب وبين خبراء الشرق الأوسط عما إذا كان الأمر يشير إلى "استياء" الإدارة الجديدة من العلاقة الوثيقة التي ربطت ترمب ونتنياهو، أو بسبب مواقف الأخير من سياسات إدارة أوباما الذي كان بايدن نائباً له على مدار 8 سنوات.

ونفى البيت الأبيض، الجمعة رسمياً أن يكون الرئيس الأميركي قد تعمد تجاهل نتنياهو بعدم إدراجه حتى الآن في قائمة اتصالات هاتفية أجراها مع قادة أجانب منذ توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). وقالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض في إفادة للصحافيين بشأن موعد المحادثة المحتمل إن "الرئيس يتطلّع إلى التحدث مع نتنياهو، لكن ليس لدي موعد أو جدول زمني محدد"، فيما فسّر مسؤولون مقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلي، تأخر الاتصال بأن تسلسل المكالمات، يعكس أولويات بايدن الخارجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعزت صحيفة "معاريف" العبرية التأخير إلى لملمة الإدارة الأميركية الجديدة لأولوياتها المتمثلة في مواجهة تداعيات وباء كورونا وإصلاح الأضرار الاقتصادية الناجمة عنها، فضلاً عن مكافحة التغير المناخي والتنافس مع الصين وروسيا على المستوى الدولي، إضافة إلى قرب الانتخابات النيابية في إسرائيل و"عدم رغبة" إدارة بايدن في إظهار دعمها لنتنياهو على إثر الانتقادات التي وجّهها الأخير لأوباما ونائبه، بعد أيام من وصول ترمب إلى السلطة عام 2017.

ونقلت الصحيفة عن دان شابيرو، السفير الأميركي السابق في إسرائيل، قوله "هناك لائحة طويلة من الأولويات الملحة التي يتعامل معها بايدن، وهذا لا يعني أن العلاقات بينه ونتنياهو غير مهمة". وتابع، "يركز بايدن في أيامه على ترتيب العلاقات مع الحلفاء الذين سيواجهون معه روسيا والصين، وتل أبيب ليس لديها دور محوري في ذلك".

لكن وبحسب مراقبين إسرائيليين، فإن ثمة إشكاليات عدة ما زالت في ذهن بايدن تجاه نتنياهو، من بينها إعلان الأخير مناقصة لبناء وحدات استيطانية في القدس الشرقية عام 2010 خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي آنذاك إلى إسرائيل، فضلاً عن مخاطبة نتنياهو للكونغرس في مارس (آذار) عام 2015 ضد الاتفاق الذي كانت إدارة أوباما، على وشك التوصل إليه مع إيران.

ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن عاموس يادلين، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، قوله، "ليس سراً أن الحزب الديمقراطي كان غاضباً للغاية من رئيس الوزراء منذ خطاب الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع إيران، الذي اعتبرته الإدارة الأميركية آنذاك تحدّياً لرئيسها. كما أدى هجوم نتنياهو على إدارة أوباما بعد امتناع واشنطن عن التصويت بحق النقض (الفيتو) على القرار 2334 ضد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية نهاية عام 2016، إلى ترك رواسب كبيرة للغاية"، مضيفاً، "ازداد الغضب في الأوساط الديمقراطية طوال السنوات الأربع الماضية ضد نتنياهو، وتجلّى الأمر في تأخر رئيس الوزراء الإسرائيلي في تهنئة بايدن بالفوز في الانتخابات الأميركية".

لكن صحيفة "جيروزاليم بوست" حصرت تأخر اتصال بايدن ونتنياهو، بقرب الانتخابات الإسرائيلية و"عدم رغبة" الرئيس الأميركي في إظهار الدعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يواجه اتهامات بقضايا فساد. وأوردت الصحيفة، "على الأرجح، لا يريد بايدن إعطاء نتنياهو أية إشارة لاستخدامها في الحملة الانتخابية المقبلة"، مستذكرة أنه خلال الأسبوعين اللذين سبقا الانتخابات الإسرائيلية في أبريل (نيسان) 2019، تمكّن نتنياهو من استغلال اجتماعه مع ترمب في واشنطن، ومع الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو في إسرائيل، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، بإيصال رسائل للداخل لدعم موقفه الانتخابي.

 

وكان بايدن ونتنياهو تواصلا للمرة الأخيرة في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد الانتخابات الأميركية، وكانت المكالمة جديرة بالملاحظة لأن الأخير كافح للعثور على الكلمات الصحيحة لتهنئة الرئيس المنتخب، متحدثاً عن علاقتهما الشخصية، بحسب "سي أن أن" الأميركية.

وقبل أيام من تولّي بايدن منصبه في العشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت لافتة، إزالة نتيناهو صورة تجمعه بالرئيس المنتهية ولايته كان يضعها في صدر حسابه على "تويتر"، واستبدالها بصورة أخرى له وهو يحصل على لقاح فيروس كورونا.

تواصل دبلوماسي رفيع مع الرياض

لا تزال السعودية، الوجهة الأولى التي استهل بها ترمب جولاته الخارجية، تحظى بتنسيق دبلوماسي "رفيع" مع الإدارة الجديدة لجو بايدن، من دون التواصل بعد بين الأخير والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأوائل فبراير (شباط) الحالي، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصالاً هاتفياً بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ناقشا خلاله مواجهة التحديات المشتركة وصون أمن المنطقة واستقرارها، مع التأكيد على دعم أمن المملكة والتباحث بشأن مكافحة الإرهاب.

وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس)، استعرضت المكالمة التاريخية الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، والقضايا ذات الاهتمام المشترك. كما أعلنت الخارجية الأميركية أن بلينكن ناقش الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن وتعزيز دفاعات السعودية، وحدد المسؤولان سبل التواصل الدبلوماسي لإيجاد تسوية سياسية عن طريق التفاوض في اليمن.

وبعد المكالمة، غرّد بلينكن على حسابه في موقع "تويتر" مؤكداً أن "السعودية شريك مهم في مجال الأمن. ولن نقف جانباً بينما يهاجمها الحوثيون" ومشدداً، "نبقى ملتزمين بتعزيز الدفاعات السعودية وإيجاد تسوية سياسية للصراع في اليمن".

القاهرة تستكشف "من دون قلق"

بعكس أوباما الذي اختار الحديث إلى العالم الإسلامي في أشهره الأولى من الحكم من قلب القاهرة في يونيو (حزيران) عام 2009، والعلاقات الوثيقة التي جمعت بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وترمب، انعكست في المهاتفات الدولية بين الرئيسين طوال السنوات الأربعة الأخيرة التي أسستها، وفق مراقبين، الاتصالات الهاتفية قبل وخلال الأيام الأولى من وصول ترمب إلى الحكم في يناير (كانون الثاني) 2017، لا تزال القاهرة تتحسس سياسات الإدارة الأميركية الجديدة تجاهها وقضايا الإقليم.

وفيما لم تصدر أي بيانات رسمية بعد من القاهرة أو واشنطن حول تواصل مباشر بين مسؤولي البلدين، أو الرئيس الأميركي الجديد ونظيره المصري، الذي كان أول المهنئين عربياً لبايدن بفوزه، قال وزير الخارجية سامح شكري إن الاتصالات بين الجانبين لا تزال قاصرة على مستوى السفارة المصرية في واشنطن، أو السفارة الأميركية في القاهرة، فضلاً عن التواصل بين المسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.

وبحسب شكري، خلال تصريحات تلفزيونية له مساء الجمعة الماضية، فإن القاهرة لا تزال ترى أن الإدارة الأميركية الجديدة لم توضح بعد مواقفها إزاء عدد من قضايا الإقليم. واعتبر أن العلاقات بين القاهرة وواشنطن تحمل الكثير من أوجه التعاون، مشيراً إلى أنها وثيقة واستراتيجية منذ 4 عقود، وأنه لا مجال للقلق أو للتفاؤل حتى الآن، وأن إدارة العلاقات تتم بشكل طبيعي.

وذكر شكري، "علينا استكشاف مواقف الإدارة الأميركية الجديدة بهدف تقييمها والعمل معها لتحقيق المصالح المشتركة"، معتبراً أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة مستمرة، سواء كانت الإدارة القائمة ديمقراطية أو جمهورية، وموضحاً أن هناك رؤى مختلفة بشكل دائم بين القاهرة وواشنطن في مختلف القضايا، ولكن هذا التباين لا يعني أن هناك نوعاً من أنواع التباعد. وفي النهاية، يتم إيجاد نقطة توافق بين الدولتين.

وكان الاتصال الوحيد عربياً بعد فوزه في الانتخابات الأميركية، بين بايدن والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لتهنئته بالفوز في السباق إلى البيت الأبيض، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

 

لم التأخر في التواصل؟

وفق محللين ومراقبين، فإن تأخر تواصل بايدن مع حلفاء بلاده التقلييدين في الشرق الأوسط، يعكس ترتيب المنطقة في أولويات الإدارة الجديدة.

وذكر إبراهيم المنشاوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، "قد يبدو أن أولويات الإدارة الأميركية الجديدة ليست في منطقة الشرق الأوسط، باستثناء الشاغل الأبرز المتعلق بالملف النووي الإيراني وبدرجة أقل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإمكانية إحيائها على أساس حل الدولتين".

وأوضح المنشاوي، "تواجه الإدارة الجديدة تحديات ملحة متعلقة بتعافي الاقتصاد في أعقاب جائحة كورونا وعلاج الانقسام العميق الذي خلفته السنوات الأربع من حكم ترمب، فضلاً عن قضية المناخ والتنافس الدولي مع كل من الصين وروسيا، وعليه لا تبدو المنطقة في صدارة أولويات واشنطن".

وكان برنامج بايدن الانتخابي، قد ذكر، أن المئة يوم الأولى في برنامجه الخاص بالشرق الأوسط سيركز على تقييم احتمال التوصل إلى اتفاق نووي جديد أو أكثر قوة مع إيران.

في الاتجاه ذاته، ووفق تحليل نشرته شبكة "سي أن أن" الأميركية، فإن قائمة مهمات السياسة الخارجية لبايدن "طويلة ومعقدة"، وقد تصطدم قريباً بإرث من الأزمات الدولية التي خلفها سلفه دونالد ترمب، موضحة أنه في السنوات الأربع الماضية، تصاعدت التوترات مع الصين وإيران، وأصبحت روسيا مارقة، وباتت كوريا الشمالية تشكل تهديداً نووياً أكبر وتضررت العلاقات مع الحلفاء.

وبحسب الشبكة ذاتها، فخلال حفل تنصيبه، كانت رسالة بايدن إلى الحلفاء، وضمنياً إلى الأعداء، بسيطة، وهي حسبما قال، "لمن هم خارج حدودنا: لقد تم اختبار أميركا وخرجنا أقوى من أجلها. سنصلح تحالفاتنا ونشارك مع العالم مرة أخرى"، مشيرة في الوقت ذاته، يبقى الانخراط "غير سهل"، وذلك بحسب تصريحات سابقة لأنتوني بلينكن، خلال جلسة استماع في الكونغرس، اعتبر فيها أن الإدارة الجديدة لا تعرف حجم المشكلات التي ترثها، و"أن الصين تبقى أكبر تحدٍّ تمثله أي دولة للولايات المتحدة".

وتقول "سي أن أن"، في ما يتعلق بالشرق الأوسط، تبقى أهم أولويات الإدارة الجديدة متمثلة في برنامج إيران النووي وسياساتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، فضلاً عن تأمين إسرائيل ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدماً.

من جانبها، نقلت مجلة "ذي ناشيونال إنتريست" الأميركية، عن كريستين فونتينروز، مديرة مبادرة "سكوكروفت" الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، قولها إن الإدارة الأميركية تفكر في إمكانية إنهاء الحروب بالشرق الأوسط، والضغط بقوة على دول المنطقة لتكون وسيطة لتحقيق السلام وتقديم تنازلات وتوفير حوافز للخصوم لإنهاء الصراعات، فضلاً عن دعوة الشركاء العرب وإسرائيل إلى الحد من علاقاتهم مع روسيا والصين، لا سيما في مجالات الدفاع والأمن والفضاء الإلكتروني والذكاء الصناعي والطاقة النووية.

المزيد من الشرق الأوسط