Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يمكن لمصر أن تواجه سلوك إيران؟

القاهرة على مدى أكثر من أربعة عقود سعت إلى إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية

لدى إيران طموحات هيمنة توسعية مثل تركيا لمناوءة المكانة المصرية والسعودية (أ ف ب)

تتجسد السياسة الخارجية لمصر تجاه منطقة الخليج العربي في مبدأ أن "أمن الخليج لا ينفصل عن أمن مصر الاستراتيجي والأمن القومي العربي"، وهو ما يتكرر دائماً في البيانات الرسمية المصرية، وتجلى عبر مواقف عدة، منها إعلان مصر رفض التدخل في شؤون الدول الداخلية، وإدانة إرهاب الحوثيين وهجماتهم ضد السعودية، فضلاً عن اتخاذ موقف من إيران لا يسمح بالتقارب معها أو إقامة علاقات، ومن ثم فإن العلاقات المصرية -الخليجية هي أهم ركائز السياسة الخارجية المصرية. والسؤال هنا، كيف يمكن لمصر أن تسهم إلى جانب دول الخليج في احتواء السلوك الإيراني ومواجهته، لا سيما أن السعودية أعلنت أنه ينبغي أن يتضمن أي اتفاق مع إيران الأطراف الإقليمية المعنية بالتهديدات الإيرانية، وهو الموقف الذي أعلنته دولة الإمارات، وعزّزه موقف الرئيس الأميركي جو بايدن حين قال إنه سيتشاور مع الشركاء الإقليميين قبل الدخول في أية مفاوضات مع إيران.

وإذا ركزنا على كلمة الشركاء الإقليميين، فقد يبدو المعنيّ الأول دول الخليج العربي، وهي التي تتعرض للتهديدات الإيرانية بشكل رئيس، ثم إسرائيل. وإذا أمعنّا التركيز سنجد أن مصر إحدى الدول المعنية بتداعيات السلوك الإيراني في المنطقة، فمن جهة نجد أن إيران إحدى مهددات الأمن الخليجي الذي هو جزء من الأمن العربي، ولدى إيران طموحات هيمنة توسعية مثل تركيا لمناوءة المكانة المصرية والسعودية، أي أن أي نفوذ إقليمي يضاف إلى إيران هو خفض من المكانة الإقليمية لمصر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مصر معنيّة أيضاً بتحجيم السلوك الإيراني، ومن ثم فكيف يمكن لمصر كأحد الفواعل الإقليمية أن تسهم بقوة في هذا الصدد؟ وبالنظر إلى القلق الإقليمي من إيران، نجد أنه يدور حول المشروع النووي إلى جانب التدخلات في الدول العربية، إذ إن القاهرة على مدى أكثر من أربعة عقود سعت إلى إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. إذاً، فمن خلال ملف الانتشار النووي وجهود مصر فيه يمكن أن تسهم في تحريكه بما يدعم المفاوضات المقبلة للاتفاق الأميركي مع إيران عبر خلق زخم حول القضية، فمثلاً كانت مصر خلال فترة التسعينيات تثير قضية إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، ولكنها كانت توجه جهودها ضد إسرائيل بشكل أساس، إذ أثارت القاهرة عام 1995 قضية الأسلحة النووية في إسرائيل، وأصرّت على عدم توقيع معاهدة حظر انتشار هذه الأسلحة حتى توقيع إسرائيل عليها، وكان المبرر المصري أن ضبط عملية التسلح أمر ضروري لإحلال السلام في المنطقة، من خلال وقف سباقات التسلح التي تؤدي إلى عدم تكافؤ القدرات العسكرية، مما يسمح لأحد الفاعلين بالسيطرة على التفاعلات الإقليمية.

ويقوم التصوّر المصري لضبط التسلح على ألا يقتصر على الحد من واردات السلاح وحسب، ولكنه يجب أن يشمل أيضاً الإنتاج المحلي له، فضلاً عن ضرورة أن تتوفر "ميكانيزمات" للتحقق من ضمان نجاح ضبط التسلّح، وجدير بالذكر أن القاهرة شاركت في تقديم مشروع بعنوان "الصواريخ" يستهدف انتشارها وتحديداً "كروز"، وتهدف منه إلى إبقاء القضية على جدول أعمال الأمم المتحدة، مما عكس رغبتها في دعم معالجة هذه القضية بشكل شامل عبر سياق متعدد الأطراف.

وحديثاً، وخلال كلمتها أمام اجتماعات اللجنة الأولى للدورة الـ 74 للأمم المتحدة، أعلنت مصر أن منظومة نزع السلاح ومنع الانتشار تواجه تحديات متزايدة أسهمت في زعزعة مناخ الأمن العالمي والإقليمي، وتراجع التزام بعض القوى الكبرى، وانطلاق مرحلة جديدة من سباق التسلح لا في المجال النووي وحسب، بل في توظيف تقنيات الاتصالات والمعلومات والذكاء الاصطناعي في مجالات التسلح أيضاً. وخلال الدورة الـ 75 للجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدثت عن ضرورة معالجة عدم إحراز تقدم في نزع السلاح النووي، وأعلنت أن أمام اللجنة عدداً من المقترحات المهمة التي تهدف إلى تجديد عزم الأمم المتحدة على تحقيق الهدف المتفق عليه، والمتمثل في عالم خال من الأسلحة النووية.

ويمكن لمصر أن تدعو إلى مؤتمر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وسباق التسلح والصواريخ، يمكنها من أن تعزز هذه المبادرات في الأمم المتحدة، وتساندها المجموعة العربية في شأن أخطار انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وهنا تبرز أهمية مبادرة مصر بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بجميع أشكالها.

المزيد من آراء