Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حمدوك يعلن الحكومة السودانية الجديدة

ضمت جبريل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة وزيراً للمالية ومريم الصادق المهدي للخارجية

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك خلال إعلانه تشكيلة الحكومة الجديدة (أ ب)

أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، اليوم الاثنين، تشكيل حكومة جديدة تضم في صفوفها سبعة وزراء يمثّلون المتمردين، وذلك عقب التوصل لاتفاق سلام تم توقيعه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتم تعيين جبريل إبراهيم، الخبير الاقتصادي والقيادي المخضرم في حركة العدل والمساواة التي لعبت دوراً أساسياً في النزاع في دارفور، وزيراً للمالية.

وقال حمدوك في مؤتمر صحافي في الخرطوم إن "التشكيل الوزاري الجديد قام على توافق سياسي عبر نقاشات لمدة ثلاثة أشهر بغرض المحافظة على السودان من الانهيار نظراً لما يدور في المحيط الإقليمي من مهددات"، وفق ما نقلته عنه وكالة السودان للأنباء.

وتم اختيار وزيرين من الجيش، أما بقية الوزراء فقد تم اختيارهم من تحالف قوى الحرية والتغيير الفاعل على الساحة السياسية السودانية.

وعيّن حمدوك مريم الصادق المهدي، ابنة آخر رئيس للوزراء معيّن ديمقراطياً في السودان، الصادق المهدي وزيرة للخارجية وحمزة بلول وزيراً للإعلام، ويوسف الضي للشباب، فيما حافظ وزراء الدفاع والري والعدل على مناصبهم.

وحمدوك الذي حل حكومته الأحد، هو رئيس الوزراء الأول بعد إطاحة الرئيس السابق عمر البشير، الذي ظل في الحكم لما يزيد على ثلاثة عقود. وعيّنه مجلس السيادة السوداني رئيساً للوزراء في 20 أغسطس (آب) 2019، نتيجة اتفاق بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري.

وأصدر مجلس الوزراء السوداني بيان حل الحكومة الحالية وتكليف الوزراء بتسيير الأعمال إلى حين إعلان التشكيل الوزاري الجديد. وكان من المقرر أن يتم ذلك منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. 

وجاء في البيان "إن الطاقم الوزاري الذي تم تعيينه بعد الاتفاق السياسي وبدء سريان الوثيقة الدستورية عقب ثورة ديسمبر العظيمة التي شهد عليها العالم بما قدمته من شهداء وما وثقت له من بطولات وبسالات، قد أنجز المهمة الموكلة له ابتداءً وبهمّة عالية، وهي وضع حجر الأساس وإطلاق الصافرة لعملية الانتقال الديمقراطي وتسلمهم لأول حكومة بعد الثورة". وأضاف البيان "هذه مهمة تبدو سهلة وذات رونق، ولكنها في الحقيقة كانت تضحية كبيرة ومسؤولية جسيمة تحملها السادة والسيدات الوزراء في جلد وصبر، ولم تهزمهم الحملات السلبية ومحاولات تشويه مواقفهم والتقليل مما يقومون به من جهد، ولم يثنهم عن المضي في طريق التغيير رميهم بالاتهامات وملاحقتهم بالإشاعات". 

اجتماعان عاصفان

قال فايز السليك المستشار الإعلامي في مجلس الوزراء لـ "اندبندنت عربية" "إن اجتماعاً عُقد ظهر الأحد برئاسة حمدوك مع الوزراء السابقين وأُنهي تكليفهم وقد دار النقاش حول هل يتم حل الحكومة أم يقدم الوزراء استقالاتهم، فتم التوافق على إنهاء التكليف وأن يتحولوا مباشرة إلى حكومة تصريف أعمال إلى حين تسليم الوزراء الجدد، وصدر القرار الرسمي بذلك". وأضاف السليك "إن الاجتماع التالي بهذا الخصوص عُقد في الثامنة من مساء الأحد برئاسة حمدوك مع مجلس الشركاء الذي يضم رئيس الوزراء ومجموعة من أعضاء المجلس السيادي، وقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية ناقشوا فيه تشكيل الحكومة الجديدة وضرورة إعلانها الإثنين. وكان الخلاف الأساسي الذي تعرض له حمدوك هو شغور وزارة التربية والتعليم إذ لم يكتمل ترشيحها بعد وكان من المفترض أن تذهب للجبهة الثورية ولم يُتفق حول المرشح، ثم صدر بيان مجلس الشركاء بذلك". 

وعن سير الإجراءات ذكر السليك "إن مجلس الشركاء سيعقد اجتماعاً يوم الثلاثاء لإجازة برنامج الحكومة والتوقيع عليه ليكون نافذاً". وعن احتمال حدوث فراغ دستوري في حال تأخر الإعلان عن التشكيل الوزاري أجاب بأن "الوزراء مكلفون بتصريف الأعمال إلى حين أداء القسم واستلام الوزراء الجدد لكل الوزارات المحلولة". وأكد أن "الترشيحات قد اكتملت لكل وزراة ثلاثة مرشحين وعلى رئيس الوزراء أن يختار أحدهم. وقُدمت الترشيحات على أن تكون الحكومة المقبلة محاصصات تراعي التنوع السياسي والثقافي والنوعي والجغرافي". 

ثلاث وزارات باقية

وكشف السليك بعض لمحات التشكيل الجديد ببقاء ثلاثة وزراء في مناصبهم وهم وزير العدل نصر الدين عبد الباري ووزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح ووزير الري والموارد المائية ياسر عباس. وأفاد بأن "قوى الحرية والتغيير التي تضم كتلة نداء السودان وحزب المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي قدموا مرشحيهم كالآتي: التجمع الاتحادي ثلاث حقائب هي الإعلام والتجارة و(وزارة أخرى لم يذكرها)، وحزب المؤتمر السوداني وزارة الصناعة ومجلس الوزراء. أما حزب الأمة خارج نداء السودان فقد قدم مرشحيه لأربعة حقائب هي الشؤون الدينية والخارجية والنفط والزراعة. وتشمل ترشيحات الجبهة الثورية سبع حقائب وزارية أبرزها المالية والمعادن والحكم الاتحادي. وقدم حزب البعث العربي الاشتراكي مرشحه لوزارة الرياضة، وكذلك حزب البعث لوزارة العمل".

خبر جيد ولكن

ذكر السفير كرار التهامي "الخبر الجيد أن الجهات المعنية توافقت على حكومة بعد مخاض صعب وولادة قيصرية عسيرة تستوعب الجماعات والأحزاب والطموحات السياسية لكثير من الفرقاء، لكن من الصعب جداً إيجاد مساحة واسعة من التفاؤل داخل ما يجري في السلطة والدولة فالخبر السيء يتمثّل في صعوبة الانسجام وإشارات الكيد الخفي لكل مجموعة نحو الأخرى". 

وأضاف "لن تشهد الحكومة الانسجام المطلوب لمواجهة تحديات المرحلة وهي تماماً كفريق كرة القدم الذي يدخل الملعب بلاعبين لا يعرفون أو ربما لا يحترمون بعضهم بعضاً أو يفهمون طريقة لعبه. كذلك الظروف الاقتصادية التي تتعقد يوماً بعد يوم هي أكبر بكثير من حجم حكومة تقوم على أساس محاصصات صرفة، فلو كانت مثلاً حكومة تحالف بين فريقين تكون فرصة الانسجام أكبر ومستوى الأداء أفضل، وكثير من الأمم في مثل هذا الظرف تختار حكومة طوارئ متماثلة الأهداف وليس العكس كما هو الحال الآن، فالحكومة تقوم على المحاصصة السياسية وليس على الفعالية والقيمة الإدارية ما قد يقلل كفاءتها وقدرتها على مواجهة المصاعب المستفحلة ويعطل قدرة رئيس الوزراء على المراقبة والمحاسبة وإعفاء المقصرين من وزرائه".

حكومة متباينة الهوى

ويرى التهامي أن "الحكومة الآن تدير نفسها في غياب سلطتي النظام البرلماني وسلطة النظام الرئاسي فلا رئيس وزراء يتمتّع بالصلاحيات المطلقة والمطلوبة، ولا رئيس جمهورية بصلاحيات تتحكم في الدولة. وأتوقع أن تشهد الحكومة حالات من المواجهات السلبية بين فصائلها ربما تفضي إلى خروج بعضها من هذا التحالف التنفيذي كما خرج الحزب الشيوعي من التحالف السياسي". كما توقع "ستواجه الحكومة مشكلة في الإمساك بخيط العلاقات الخارجية لأنه بطبيعة تكوينها متباينة الهوى والاتجاهات يحاول كل فصيل فيها في الخفاء مد يده لحليف خارجي مما يفقدها قوة الموقف الخارجي والتكافؤ في معالجات سياساتها الخارجية، لذلك ستظل كثير من الدول تؤجل حماستها للعلاقات الوطيدة حتى يتبيّن اللاعب الرئيسي في البلاد. وإذا ركزت الحكومة على قضايا الاقتصاد والأمن والعدالة المفقودة في غياب المحكمة الدستورية والإعداد لمرحلة الانتخابات ربما تنجو من اللوم العاصف والنهاية القاسية التي تتبرعم عواملها الآن".

التفاف على الوثيقة الدستورية

قال الصحافي فيصل الباقر عند سؤاله عن موقف الحزب الشيوعي ورؤيته حول الوضع بشكل عام "دعيني أقُل إن الحزب الشيوعي السوداني لم يكن جزءاً من الحكومة السابقة فحسب، ولن يكون جزءاً من الحكومة التي ستتشكل، وقد أعلن ذلك مراراً وتكراراً، وأوفى بوعده، وِفق الوثيقة الدستورية التى تمّ الالتفاف عليها وتمزيقها، والتي أعلنت بوضوح عدم المحاصصات الحزبية. وللأسف، فإنّ الآخرين ذهبوا في ذلك الاتجاه، عدا الحزب الشيوعي الذي التزم بنص الوثيقة وروحها. وتمّت تعديلات فاضحة عليها، من شركاء اتفاقية سلام جوبا المنقوصة، لكونها تمّت مع الجبهة الثورية التي لم تشتمل على وجود - أو غابت عنها - حركات مسلحة لها تأثير ووجود على الأرض، وأعني الحركة الشعبية شمال جناح عبدالعزيز الحلو وحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور، وغيرهما". 

وأوضح "إن الحكومة التي سيُعلن عنها يوم الإثنين 8 فبربر (شباط)، هي محاصصات حزبية - حركية كاملة الدسم، من حركات تمّ استبعاد وإقصاء بعض الأطراف منها، وتمكين أُخرى، مثلاً تقاسم المتحالفون الوزارات والمقاعد السيادية، وقذفوا ببعض أطراف التحالف إلى البحر ( مسار الوسط ومسار الشمال) ومعهم مسار الشرق، إذ تركوا لهم وزارة واحدة، ليتشاجروا عليها. وتساءل "أي شراكة هذه التي تفشل في أوّل اختبار بسبب تقاسم السلطة، وكل هذا وذاك يتم من دون التزام واضح بشعارات الثورة، فقد بدأنا نسمع من بعض أطراف هذا التحالف الجديد، أحاديث عن استعداد لتوسيع الشراكة لتشمل حزب المؤتمر الوطني، الذى قامت الثورة لتسقطه وتسقط برنامجه".

لا رؤية للخروج من الأزمة

وأضاف الباقر "أن الحكومة التى ستتشكل لا تملك برنامجاً واضحاً يعبر عن شعارات الثورة، ولا حلولاً جذرية لمشكلات الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يواجهها السودان، وستعمّق الأزمة".

وختم بالقول "النظر للحكومة من منظور يتمثل فيها الحزب الشيوعي أو لا، وكفى، نظرة قاصرة وفيها غموض واختزال للقضية، إذ يجب البحث عن أجوبة للسؤال المشروع، حكومة تعبّر عن أي برامج؟ برامج تحقيق العدالة الحقيقية، والسلام الحقيقي، أم عدالة المحاصصات وسلام المحاصصات، وهي عدالة منقوصة وسلام منقوص".

إجراءات أمنية

من جهة أخرى رصدت شوارع الخرطوم تشديد الإجراءات الأمنية قبل إعلان الحكومة الجديدة، حيث قام الجيش بإغلاق الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، بالإضافة إلى انتشارٍ كثيف لقوات الشرطة وسط الخرطوم تحسباً لأي رد فعل. ويذكر أن هذه هي المرة الثالثة خلال الأسبوعين الماضيين التي يقوم فيها الجيش بإغلاق الطرق المؤدية إلى مقر القيادة، الأولى في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في إطار تدابير احترازية، تحسباً لتظاهرات تم الحشد لها بسبب الأزمة الاقتصادية. والمرة الثانية وفق ما أعلنته وكالة (سونا) للأنباء الرسمية بأن "الجيش السوداني أغلق صباح الإثنين 4 يناير (كانون الثاني)، الطرق المؤدية إلى مُحيط قيادته العامة في الخرطوم تحسباً لتظاهرات على خلفية دعوات مفصولي القوات المسلحة لتنظيم وقفة احتجاجية أمام القيادة العامة". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير