دخلت المرأة على خط النقاش الحاصل حول مسودة قانون الانتخابات الجديد، بسبب مقترح بشأن المناصفة بين الجنسين تقول السلطة إنه يهدف لتعزيز حظوظها في المجالس المنتخبة، بينما ترى أحزاب أنها مراوغة تهدد الحضور النسائي في البرلمان.
نص وجدل
وأسالت المسألة كثيراً من الحبر وفتحت عديداً من النقاشات وقسمت الطبقة السياسية، كما وضعت السلطة أمام انتقادات، بخاصة من التيار الإسلامي، إذ تعتبر أحزاب أن المادة التي تقر بمبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة إهانة بحق النساء، على اعتبار أن التقاسم الذي يشير إليه النص سيكون في الترشح وليس في عدد المقاعد الفائزة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحرم المرأة من الوصول إلى البرلمان والمجالس المحلية، بخاصة في المناطق الداخلية للبلاد التي تعد محافظة، ما يفتح الباب أمام "التزوير والفساد والحشو" من أجل تحقيق المناصفة التي تحقق للمرأة الحضور في القوائم الانتخابية ولا تضمن لها الفوز بمقاعد المجالس.
ترحيب
في السياق ذاته، يرى عضو مجلس الأمة، الغرفة العليا للبرلمان، السيناتور عبد الوهاب بن زعيم، في تصريح خاص، أن شرط مناصفة القائمة يجعل النتائج تشمل المرأة ولا نقاش في ذلك، وعليه ستكتسح المجالس المنتخبة.
وقال إنه في القانون الجديد يختار الناخب الحزب بالدرجة الأولى كبرنامج، ثم المرشحين في القائمة التي يختارها ومن دون ترتيب.
قانون موجه للرأي العام الدولي
من جانبها، تعتبر المستشارة القانونية آمال لعروسي، أن قانون الانتخابات الجديد على الرغم من المناصفة، لا يزال بحاجة إلى العمل على مستوى الوعي لدى الأفراد والمجتمع بأهمية مشاركة المرأة في مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وشددت على أن مشكلات المرأة مع المشاركة السياسية ليست في القوانين فحسب، بل تتعداها إلى السلوك العام والقيم المتحجرة. وأوضحت أنه على القوانين نفسها تجاوز مسألة نظام "الكوتا"، إذ إنه في واقع الأمر يهدف إلى إبعاد النقاش عن أهدافه الحقيقية في تكريس المواطنة والديمقراطية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعتقد لعروسي، أن هذا النظام الذي سن قانون مشاركة المرأة بـ50 في المئة في القوائم الانتخابية، ليس موجهاً أساساً لحماية حقوقها الدستورية، وإنما موجه إلى الرأي العام الدولي، الذي يسجل تراجعاً في فهم مشاركة المرأة الجزائرية في النشاط السياسي العام.
وطالبت بأن تترافق هذه القوانين مع نقاش عام بين مختلف النخب السياسية والفعاليات المدنية من أجل تكريس حقيقي لمشاركة المرأة في الانتخابات والتنمية، بخاصة أن الرصيد التاريخي للمرأة الجزائرية سواء إبان ثورة التحرير أو ما بعد الاستقلال أو غيرها من المسؤوليات يؤهلها لتولي منصب رئاسة الجمهورية.
وختمت أن القانون الجديد سيكرس أدوار المرأة المميزة وسيحقق قيم المواطنة والديمقراطية، مشيرة إلى أنه من واجب المرأة فرض نفسها في هذا المجال بالاجتهاد والنضال الحقيقي لجزائر أفضل.
حالة دفاع
شكوك بعض التشكيلات السياسية دفعت اللجنة المكلفة إعداد مشروع قانون الانتخابات الجديد إلى التدخل على لسان رئيسها أحمد لعرابة، الذي أكد وجود "انحراف في النقاش بشأن هذه المسألة"، مشيراً إلى أن بعض الأحزاب السياسية حاولت ربط المساواة بين الرجل والمرأة بأبعاد أخرى.
واعتبرت اللجنة أن مبدأ المناصفة في القوائم الانتخابية، لا يتناسب مع النظام الانتخابي السابق القائم على المحاصصة والاقتراع لقائمة مغلقة، بعكس القانون الجديد الذي يضمن حق المواطن في اختيار ممثليه وتوسيع حظوظ النساء في الترشح وليس التمثيل.
وأشارت إلى أن المجتمع الجزائري ذكوري ولا يتيح الفرصة الكافية للمرأة، ولذلك اعتُمد مبدأ المناصفة لتعزيز حضورها في المجالس النيابية، موضحة أن ذلك تم بناء على دراسة قانونية وتقنية بينت أن الكتلة الانتخابية البالغ عددها 24 مليون ناخب تضم 11 مليون ناخبة، أي ما يعادل 46 في المئة.
وأبرزت أن تعديل قانون الانتخابات لعام 2012، الذي فرض تخصيص ثلثي المقاعد في البرلمان والمجالس المحلية للنساء، سمح بتوسيع تمثيل المرأة من سبعة إلى 31 في المئة.
في المقابل، ترى الحقوقية لطيفة ديب أنه من خلال قراءة وتحليل مسودة القانون، يتضح أن الدولة أولت اهتماماً كبيراً لتجسيد أحكام الدستور الجديد، مثل إشراك الشباب في الحياة السياسية ومساندتهم ودعمهم من خلال اشتراط ترشيحهم في القوائم الانتخابية بثلث القائمة، بالإضافة إلى إلزامية حضور المرأة مناصفة مع الرجال، لكن "أرى أن المسودة سهت عن اشتراط وجود المرأة في النتائج، وهنا يمكن أن نقول، إنه بإمكاننا الذهاب إلى برلمان خال من المرأة تماماً، كما يمكن أن يكون تمثيلها في البرلمان بنسبة قليلة مقارنة مع السابق".