Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمات المتعددة تلقي بثقلها على اللاجئين السوريين في مخيمات لبنان

الخيم في مهب الريح خلال فصل الشتاء بعد هدم الهياكل الأسمنتية بقرار رسمي

تعاني مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان من تقلص المساعدات الدولية (مفوضية شؤون اللاجئين)

غرق ورياح وبرد وطين، عناوين المأساة التي تتجدد سنوياً في فصل الشتاء داخل مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان منذ عشر سنوات. 

وكما في كل عام، جرفت الأمطار الغزيرة بعض الخيم وأغرقت بعضها الآخر. وعلى الرغم من تقديم يد العون للاجئين من قبل الجهات المختصة بالمساعدات الإنسانية، إلا أن هناك مخيمات تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة والخدمات الأساسية، وأهمها المواد الغذائية والصرف الصحي والعوازل التي تقي مطر الشتاء. 

وفي حين يناشد اللاجئون باستمرار هذه المنظمات تحسين ظروف عيشهم، إلا أنها أغفلتهم أو تغافلت عنهم، إذ لم تؤمن قنوات لتصريف المياه. 

شتاء قاس

مطر إبراهيم، المسؤول عن مخيم "الدلهمية" رقم ( 034) في سهل البقاع شرق لبنان، يروي معاناة اللاجئين خلال شتاء هذا العام، قائلاً إن "الخيم قديمة ومهترئة وليست مؤهّلة للتدفئة، وما إن تتساقط الأمطار حتى تتحول الأرض إلى مستنقعات من الوحل، فإذا أردنا إرسال مريض إلى المستشفى لا تستطيع سيارات الإسعاف الدخول بسبب الطرقات السيئة"، مطالباً الجهات المختصة بالمساعدات الإنسانية "النظر في مسألة تبديل الخيم وتعبيد الطرق بالرمل والحصى، وتزويد اللاجئين بالعوازل البلاستيكية وإيجاد حلول لتصريف مياه الأمطار المتراكمة".

ويواجه اللاجئون السوريون خلال الشتاء الثاني، بعد تنفيذ قرار المجلس الأعلى للدفاع اللبناني العام 2019، هدم الهياكل الحجرية الموجودة في الخيم، أوضاعاً كارثية ومآس عدة.

ويشير رئيس اتحاد الجمعيات الإغاثية في لبنان الدكتور حسام الغالي إلى أن "الخيم أصبحت اليوم في مهب الريح، ففي العاصفة الأخيرة أزيلت أربع مخيمات في بلدة عرسال مع سيل المياه، وجُرف لاجئون مع أغراضهم، وهبت بعض فرق الإنقاذ لنجدة أطفال من المياه".

أعباء اقتصادية

إضافة إلى هذه الكارثة، فإن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان خلال السنوات الماضية ألقت بثقلها على اللاجئين وزادت مأساتهم، إذ تشير النتائج الرئيسة لتقويم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان لعام 2020، الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إلى أن نسبة الأُسر التي تعيش تحت خط الفقر المدقع وصلت إلى 89 في المئة عام 2020، بعد أن كانت 55 في المئة قبل عام واحد فقط. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق، يوضح الغالي أن "أوضاع اللاجئين السوريين هذه السنة تختلف عن السنوات الماضية بسبب الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشي وجائحة كورونا التي ألقت بثقلها على السبل المعيشية للأفراد، وبالتالي فلا مصادر مالية للفرد ليعين نفسه"، مشيراً إلى أن اللاجئ كان يتقاضى من الأمم المتحدة "18 دولاراً أميركياً شهرياً، أما اليوم فيحصل على هذا المبلغ على سعر صرف 2000 ليرة لبنانية"، أي أن قيمته تراجعت كثيراً. 

ويقول إن "هناك أربع مناطق ترتفع فيها نسبة العوز الشديد جداً، وهي عكار وعرسال والبقاعين الأوسط والغربي، بسبب ارتفاع أعداد اللاجئين وتكاثر الخيم بشكل هائل".

خطر كورونا

التعرض للبرد في هذا الموسم يضع ضغوطاً إضافية على صحة اللاجئين الكبار والصغار، خصوصاً في ظل جائحة كورونا التي تشكل تهديداً إضافياً لبقائهم على قيد الحياة. وعن التزام اللاجئين بالإجراءات الوقائية للحد من انتشار هذا الفيروس القاتل في المخيمات، يشير إبراهيم إلى أن "المياه لم تعد تكفي للتنظيف والاستعمال اليومي، كما أن المنظمات والجمعيات لا تبادر إلى مساعدتنا وتزويدنا بمستلزمات الوقاية الطبية، إذ إن أعداد الإصابات بدأت تزداد بشكل مخيف يومياً، وخلال الشتاء نحن بحاجة أكثر إلى الشوادر ومواد التدفئة والمواقد، وهناك كثير من الخيم تحتاج إلى ترميم، لكن المساعدات محدودة جداً، واقتصرت على توزيع حوالى ثلاث خيم فقط في مخيم الدلهمية".
بدوره، يؤكد الغالي أن "أعداد الإصابات بكورونا مرتفعة جداً بسبب الاحتكاك المباشر داخل المخيمات والتصاقها ببعض، إذ لا يوجد مكان ليحجروا فيه أنفسهم. وعلى الرغم من انتشارها بشكل مخيف، إلا أن أحداً لا يعلن العدد الحقيقي للوفيات"، لافتاً إلى أن "مقبرة اللاجئين السوريين في عكار وعرسال أصبحت مكتظة، ولكننا لا نعلم أسباب الموت الحقيقية، وهنا يكمن جوهر الكارثة".

ولبنان الممزق بين أوضاع اللاجئين السوريين البعيدة من المعايير الإنسانية، وبين عجزه عن تحسين طبيعة حياتهم، أجرى اتصالات عدة خلال السنوات الماضية مع الدول العربية والأجنبية والمنظمات الأممية من أجل تسهيل عودتهم السريعة والآمنة إلى بلادهم، من دون ربط ذلك بالحل السياسي في سوريا، لكن من دون الوصول إلى أية نتيجة أو تجاوب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير