Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض "إذا نسيت": عندما يتماهى النص المكتوب مع التشكيل اللوني

لوحات الرسامة آية الفلاح بين التجسيم والتجريد 

لوحة من معرض الرسامة المصرية آية الفلاح (اندبندنت عربية)

تقترن اللوحات التي تعرضها الفنانة آية الفلاح تحت عنوان "إذا نسيت" بنصوص مكتوبة، فإلى جوار كل عمل نص قصير كتبته الفنانة من وحي تجربة شخصية أو مشاعر انتباتها تجاه العمل الذي رسمته. حوالى عشرين نصاً مُصاحباً لهذه الأعمال، مع عنوان مناسب لكل منها.

يستلهم المعرض(قاعة الزمالك للفنون في القاهرة) عنوانه من اسم إحدى الأغنيات الفرنسية التي كانت تستمع إليها الفنانة خلال الفترة الأخيرة كما تقول. تعكس هذه الأغنيات ما كانت تمر به الفنانة في هذه الفترة من حياتها: "إنها رحلة مليئة بالمشاعر، أتأرجح  فيها بين ما بعد الصمت ورجفة القلب الغارق في برودة قارسة، ومُحاولة تجاوز تلك المخاوف، وما بين هذا وذاك ولدت هذه الأعمال لتذكرني بمن أكون... إذا نسيت".

في هذه الأعمال، أطلقت الفنانة العنان لمُخيلتها، أما شرارة الإلهام لديها فقد تمثلت في الأغنيات أو الأصوات التي تستمع إليها: "منذ أكثر من خمس سنوات وأنا أسير وراء أذني، فكل ما أسمعه يخرج على سطح اللوحات على هيئة أشكال وكتابات مُبهمة في الغالب وليس لها تفسير محدد، لكنها مشحونة بمشاعري".

الأعمال التي عرضتها الفلاح هنا تُراوح بين الأشكال المجسمة والتلوين على مساحات من القماش. أطلقت الفنانة على بعض هذه الأعمال النحتية التي عرضتها أسماء لأشخاص كـمحمود، وشلبي، ومنال، ما يتسق مع طاقة المرح التي تُميز مُعالجاتها تفاصيل هذه التكوينات النحتية. طاقة المرح نفسها التي تسيطر على هذه الأعمال المجسّمة نجد لها أثراً كذلك في اللوحات الملوّنة والمليئة بالعناصر والعلامات الكثيرة.

طاقة المرح التي نشير إليها، تعكس أجواء اللعب التي تسيطر على الأعمال ككل، ونقصد باللعب هنا، السلوك الإنساني الذي تمّحي خلاله الإشكالات التقليدية للعلاقات بين الأشياء وتتقلص المسافة مثلاً بين البشر والحيوانات أو الجمادات. كل العناصر هنا، تتحدث لغة واحدة وتسعى إلى احتلال مكانها المناسب داخل المساحة، حتى الكتابات والنصوص التي أفردت الفنانة لها حيزاً لا بأس به من مساحة اللوحة، تمثل عنصراً بصرياً وظّفته ليكون جزءاّ من البناء التصويري للمشهد.

مساحات لونية

تحمل اللوحات المعروضة حسّاً غرافيكياً واضحاً، فالاعتماد هنا، على الخط بنسبة كبيرة في تشكيل المساحات اللونية والعناصر والكتابات والعلامات. تتعامل الفنانة مع تلك المساحات المرسومة بحرية تامة، ترسم ما يحلو لها أو يخطر على بالها أثناء بحثها عن حلول إضافية للمساحات. النصوص المكتوبة يبدو أنها جاءت في مرحلة تالية لوضع هذه التصورات البصرية واستقرارها على مساحة اللوحة. تستلهم النص المكتوب من الشكل المرسوم، أو ربما العكس أحياناً. يمكننا أن نزعم أيضاً، أن النصوص المكتوبة لا تُمثل شرحاً أو تفسيراً للصورة بقدر ما تُمثل نصاً موازياً للشكل المرسوم والمشحون بالانفعال.

قد يتجسّد قدر هذا الانفعال وتدفقه في طبيعة المساحات المرسومة أحياناً، فبين الأعمال، مساحات كبيرة تتجاوز أبعادها المترين تقريباً. ربما يمثل التعامل مع هذه المساحات الكبيرة معضلة للبعض، غير أن الفنانة تعاملت معها هنا بخفة وانسيابية، كمن يبحث عن براح ليُسكن فيه كل هذه المعاني المتدفقة قبل أن تفلت من بين يديه.    

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بين اللوحات المعروضة، واحدة يحتل فيها كائن خرافي مُعظم الفراغ المُتاح. تترك لك الفنانة حرية تصنيف هذا الكائن الخرافي بقولها: "يمكنك رؤيته ككائن فضائي أو خُرافي يقطن الفضاء. يمثل هذا الفضاء دواخلي أو دواخل أي أحد، حيث أجد راحتي وأجمع أفكاري وأترك فرشاتي تنزلق وتأخذني. عين وردية مُفعمة بالحياة والطفولة. لحية رمادية تبعث في الروح النضج والوقار. تاج بلا عرش. كائن بلا شكل محدد. هناك بُثت الحياة في عالمي".

في لوحة أخرى تُراوح فيها المساحات بين درجات الأزرق والأسود والرمادي، تكتب الفنانة: "ألم الخسارة والبرودة التي تتسرب إلى روحك عندما تفقد شخصاً لا يمكنك تعويضه، حينها يتغلغل الخوف داخلك، كل ما تتمنى أن تشعر به هو الدفء، كل ما تحتاجه هو عناقهم، لكن البرد يلتهمك ليل نهار، نائماً أو يقظاً، واعياً أو غافلاً، تشعر بأنك تجتذب فقط الألم"

يبقى أن نشير إلى أن هذه النصوص المصاحبة للأعمال وغيرها، تُمثل حالة موزاية وذات قيمة للأعمال المعروضة ليست منفصلة عنها وكان يمكن التعامل معها على القدر نفسه من الاهتمام، بأن تُفرد لها مساحة مُناسبة إلى جانب كل عمل، كجزء من العمل نفسه، بدلاً من حضورها الخجول على بطاقات التعريف المُصاحبة لهذه الأعمال.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة