Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعثر تأمين اللقاح للبنان ومختلف سلالات كورونا تضرب مواطنيه

تبيّنت الحاجة إلى قانون معجل لتسجيل ترخيص استعماله بشكل طارئ في البلاد

شرطيان يقفان على الكورنيش البحري في بيروت مع بدء الإقفال التام في البلاد لمواجهة فيروس كورونا (رويترز)

دخل لبنان مرحلة الذروة من تفشي وباء كورونا حيث ارتفعت إعداد المصابين في الأيام الأخيرة إلى أرقام قياسية، تزامناً مع بلوغ المستشفيات المجهزة لاستقبال المصابين بهذا الفيروس سعتها الاستيعابية القصوى. وتشير المشاهد من داخل المستشفيات وخارجها، إلى أن لبنان بات أمام السيناريو الأخطر حيث ينتظر المرضى على الأرصفة، فيما دخلت البلاد مرحلةً جديدة من الإقفال التام علّها تخفّف الضغط عن الطواقم الطبية وتؤدي إلى تراجع عدد الإصابات اليومية.
وفي ظل قساوة المشهد، يعيش اللبنانيون على أمل وصول لقاح مضاد، خصوصاً بعدما أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن قبيل نهاية العام الماضي، أن لقاح "فايزر - بايونتيك" سيصل إلى لبنان قبل بداية فبراير (شباط) 2021. إلا أن عقبات عدة بدّدت التفاؤل، إذ تبيّن وجود حاجة إلى قانون معجّل لتسجيل ترخيص الاستعمال الطارئ للقاح في لبنان لحماية المواطن، وذلك لتأمين الضمانات المطلوبة للشركة وبالتالي توفير المطلوب لوصول اللقاح إلى لبنان، إضافة الى احتمال غياب التمويل، الذي سيحول دون وصول اللقاح إلى كل المواطنين بسبب محدودية الجرع المستورَدة.
وأفادت مصادر في وزارة الصحة بأن التأخير في إبرام العقود بين لبنان و"فايزر" نتج من سوء تنسيق بين الجهات القانونية اللبنانية والشركة، ما سبّب انتكاسة على صعيد تسريع وصول اللقاح إلى اللبنانيين. وأضافت المصادر أن "التمويل للحصول على الدفعة الأولى من اللقاح لحوالى 20 في المئة من اللبنانيين بات مؤمَناً"، وأنه "بمجرد تلقي الشركة جواباً إيجابياً لناحية إصدار قانون يحميها من أي نزاع نتيجة الاستعمال الطارئ، سترسل عقد تسليم اللقاح للبنان".
وتوقعت مصادر وزارة الصحة وصول اللقاح في بداية مارس (آذار) المقبل، مشيرة إلى أن الوزارة تحاول استغلال التأخير الحاصل لوضع الخطط والآليات الفعالة لإيصال اللقاحات إلى مراكز توزيعها على الأراضي اللبنانية وتحديد معايير الأولوية في التلقيح.

اللقاح الإيراني

في المقابل، ذكرت مصادر متابِعة أن تأخير الاتفاق بين لبنان وشركة "فايزر" ليس نتيجة "عدم التنبه لضرورة إصدار التشريعات اللازمة"، إذ إن التشريع كان أول شرط لإتمام الاتفاقات مع الدول التي سارعت إلى ملاءمة قوانينها بما يتناسب مع مطالب الشركات المصدِّرة للقاح. وتتخوف تلك المصادر من أن يكون وزير الصحة المحسوب سياسياً على "حزب الله" تقصد تجاهل البند الأساسي من أجل تأخير الاتفاق إفساحاً بالمجال أمام دخول "اللقاح الإيراني" وسط فوضى ذروة تفشي الوباء.
ولم تخف المصادر عينها إمكانية وجود صفقات تجارية، حيث يُتردَد أن مستشفيات خاصة عدة بدأت الاستعداد لاستيراد اللقاح من شركات مصنّعة عدة قد تكون من ضمنها شركات غير حائزة على موافقة "منظمة الصحة العالمية" و"إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية". وتوقعت أن تجيز وزارة الصحة في الأسابيع المقبلة للقطاعات الصحية إجراء مفاوضات مع الشركات المصنّعة للقاحات.

انتظار التوقيع

أما رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح عبد الرحمن البزري، فنفى أن يكون سقوط بند التشريع القانوني ناتجاً من سوء نية أو لأهداف مرتبطة بإدخال أنواع غير ثقة من اللقاحات إلى لبنان، مشيراً إلى أن "لا مشكلة في التجهيزات اللوجستية لاستقبال اللقاح وحفظه". وقال إن "جزءاً كبيراً من مستلزماتها تأمن، والعمل جار على إنهاء ما تبقى منها، والخطة تراعي المناطق ومتطلبات مراكز التلقيح التي ستُعتمد".
وأوضح البزري أن "أولويات التلقيح وُضِعت وفق الوضع الطبي والصحي والسن وسجل الأمراض المزمنة ومهنة الذين يتقلون اللقاح. وتشمل الأولوية العاملين في القطاع الصحي، لأنهم يواجهون الوباء يومياً"، لافتاً إلى أنه "ليس من مسؤولية اللجنة إعداد لوائح بأسماء الأشخاص، بل على المواطنين إعداد لوائحهم وفق نموذج محدد".
وفي إجابته عن الموعد المتوقَع لوصول اللقاح، قال إنه لا يستطيع تحديد موعد قبل الانتهاء من المفاوضات وإبرام العقود القانونية، مشيراً إلى أن العمل متواصل على إنشاء موقع إلكتروني وتطبيق خاص يسمح للمواطنين التسجيل في لوائح التلقيح وفق الشروط المطلوبة، ويبرز المتطلبات الواجب تأمينها من طالبي اللقاح. وأوضح أن "النظام الإلكتروني الذي سيُعتمد هو الذي سيقوم بتحديد الأشخاص وانتقائهم، ليصار بعدها إلى دراسة ملفاتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة التمويل

كذلك برزت في الآونة الأخيرة مشكلة تمويل شراء اللقاح، إذ يصل ثمن مليوني جرعة حجزها لبنان إلى حوالى 18 مليون دولار. وذكرت مصادر في اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا أن هناك اتفاق إطار، حول إعطاء شركة "فايزر" مليوني جرعة بأسعار مخفضة إلى لبنان، في مقابل أن يوزع 600 ألف جرعة مجانية إضافية للنازحين السوريين.
وحول المفاوضات مع البنك الدولي لتمويل شراء اللقاح، نقلت المصادر ذاتها أن البنك الدولي اشترط أن يكون اللقاح المراد استخدامه معترفاً به من قبل منظمة الصحة العالمية، مشيرةً الى ان أحد أسباب توجه لبنان إلى لقاح "فايزر" هو كونه معترفاً به من المنظمة، وبالتالي إزالة عوائق التمويل. ونبّهت المصادر إلى أنه في حال تعثر المفاوضات، "سنكون أمام أزمة كبيرة كون تأمين الأموال من احتياطي موازنة وزارة الصحة لا يكفي سوى لحوالى 15 في المئة من الكمية المطلوبة".

انتظار التشريع

إزاء تضارب المعلومات حول اللقاح ومَن سيتلقاه أولاً، أسف عضو لجنة الصحة النائب فادي علامة، لعدم اتخاذ لبنان قراراً يتعلق بآلية التلقيح حتى الساعة، وإذ أكد أن "الأولوية يجب أن تكون للقطاع الطبي الذي يهتم بالمرضى، ولكبار السن والحالات الصحية"، طالب بوجوب "وضع استراتيجية واضحة لآلية التلقيح، وكيفية التوزيع، وفي أي مراكز، والتسعيرة، وما إذا كانت وزارة الصحة ستسمح للشركات الخاصة ببيعه كأي دواء أو لقاح آخر، وكيفية ضمان سجلّه، لجهة متابعة الجرعتين الأولى والثانية مع المتلقي".
وأشار علامة إلى أن "لجنة الصحة أقرّت المسودة النهائية لاقتراح القانون الذي ينص على استخدام المنتوجات الطبية في حالات كورونا، بانتظار أن يعقد البرلمان اللبناني جلسة عامة لدرس اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تنظيم الاستخدام المستجد للمنتجات الطبية لمكافحة جائحة كورونا"، كاشفاً عن أن "هذا القانون لا يشمل شركة فايزرفحسب، لأن كل الشركات التي تعمل على إنتاج اللقاح تطالب به". وطلب علامة أن ينفتح لبنان على أكثر من خيار أو جهة حتى يسرّع عملية التلقيح، متحدثاً عن "مشكلة إضافية تكمن في استعداد اللبنانيين لتلقيه". واعتبر أنه "لا يجب الاعتماد فقط على اللقاحات الموافق عليها من إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA)، وبالتالي من الضروري دخول الشركات الخاصة على خط التواصل مع الشركات العالمية، واستيراد اللقاحات برعاية وإشراف الدولة اللبنانية كي لا يقع الناس ضحية الابتزاز أو سوق سوداء بديلة"، كاشفاً عن أن "صندوق النقد الدولي، أبدى خلال اجتماعه مع لجنة الصحة، استعداداً لتأمين تمويل اللقاحات الأخرى وكل ما يتعلق بجائحة كورونا".

سلالات متعددة

مع بلوغ مرحلة ذروة الانتشار، يتخوّف اللبنانيون من عدم السيطرة على الوباء بسبب عدم توفر القدرة على إحصاء تعدّد السلالات الوبائية التي باتت منتشرة بين مرضى كورونا. وصرح الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور جاك مخباط بأن "أكثر من سلالة من فيروس كورونا تغزو لبنان أساساً"، مؤكداً وجود عدد من الإصابات بالسلالة الجديدة التي ظهرت في بريطانيا أخيراً، مضيفاً أن "من شأن فترة الإقفال التام التي دخلنا بها أن تكسر إلى حدّ قليل موجة تفشي كورونا، لكنها غالباً ستمكّن المستشفيات والقطاع الصحي من التقاط الأنفاس والبدء بالتجهيز الأوسع بانتظار وصول اللقاح".

المزيد من صحة