لاشك في أن العام الماضي كان من أشد الفترات اضطراباً في أسواق النفط واجه "أوبك+"، نظرا للتحديات التي مرت، وعلى الرغم من قدرة المنتجين في المنظّمة على تخطي عقبات الانهيار السريع في الأسعار، إلا أن صمود هذا التحالف كان مهماً.
كورونا قضى على انتعاش السوق، وزادت عليه إجراءات الحظر عالمياً وتراجع الطلب، ويأتي اجتماع أوبك اليوم في أول لقاء مع بداية عام جديد، ليؤكد قدرة المنظمة على العودة إلى قيادة السوق ومواجهة التحديات.
تحديات الفائض
في الوقت ذاته، بدأت دول في المنظمة بإعطاء إشارات رغبتها في رفع الإنتاج، ومنها روسيا ودول أخرى، وبالتأكيد ستكون القرارات صعبة.
ووفق مطلعين على شؤون "أوبك"، فإن المنظمة قد تتجه لإبقاء قيود الإنتاج الحالي لفبراير(شباط) المقبل، لكنها لن تتمكن من التغلب على الكميات الوفيرة التي تم تسجيلها العام الماضي، بالتزامن مع تفشي كورونا، ولا زالت بعيدة من التخلص من تلك الفوائض الإنتاجية.
وعلى صعيد الاجتماع اليوم، رجحت مصادر داخل تحالف "أوبك+" رفض عدد من الأعضاء زيادة الإنتاج في فبراير المقبل، والتأني لحين قياس استجابة الأسواق لتطورات السلالات الجديدة لفيروس كورونا، ومدى فاعلية اللقاحات معها.
إلى ذلك، صرح وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في مستهل الاجتماع، بأن "الطفرة الجديدة للفيروس لا يمكن التكهن بعواقبها" مؤكداً وفقاً لما ذكرته وكالة "رويترز"، أن الطلب على الوقود لم يزل هشاً.
وتجتمع اللجنة الوزارية لتحالف "أوبك+" عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، الإثنين، لمناقشة سياسات خفض الإنتاج المتبعة خلال الأشهر المقبلة.
وسرّع التحالف وتيرة اجتماعاته في ظل الأزمة الصحية والأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي، وانخفاض قياسي للطلب على الوقود، وسط تجدد المخاوف مرة أخرى مع تفشي سلالات جديدة لفيروس كورونا.
ظروف السوق
وكانت الجولة الأخيرة من الاجتماعات، بين 30 نوفمبر (تشرين الثاني) و3 ديسمبر (كانون الأول) 2020، مهدت الطريق لإعادة مليوني برميل يومياً على نحو تدريجي إلى السوق خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع استعداد الدول المشاركة لتعديل هذه المستويات تبعاً لظروف السوق وتطورها.
وأقر التحالف الزيادة على الرغم من أن بعض الأعضاء شككوا في الحاجة لزيادة أخرى، بسبب ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا وظهور سلالات جديدة.
وكانت "أوبك+" اعتمدت الإنتاج للمرة الأولى بواقع 9.7 مليون برميل منذ مايو (أيار) 2020 يومياً، ثم قلصت الخفوض إلى 7.7 مليون، وأخيراً إلى 7.2 مليون بداية من يناير (كانون الثاني).
وتُظهر زيادة وتيرة الاجتماعات رغبة التحالف في الحفاظ على تأثير قوي على السوق، ولكن أيضاً مدى خطورة الوضع الذي يواجهه منتجي النفط الخام، الذين كانوا يكتفون قبل الأزمة الصحية بقمتين سنوياً في مقر المنظمة في فيينا.
جهود مؤلمة
وأدت جهود التحالف لخفض الإنتاج، وهي جهود مؤلمة مالياً للدول العشرين التي التزمت به، مع إعفاء إيران وفنزويلا وليبيا منها، دورها العام الماضي من خلال وقف التدهور الحاد في أسعار النفط الخام، والذي بلغ مستوى سلبياً للنفط المرجعي الأميركي في أبريل (نيسان)، في أول حدث من نوعه في التاريخ.
كذلك، تبقى نتيجة سياسة أعضاء "أوبك+ "هذه معتمدة على استجابة روسيا والسعودية، وهما المنتجان الثاني والثالث على التوالي بعد الولايات المتحدة عالمياً.
بين آسيا والغرب
وفي هذا الشأن، علق الاقتصادي المتخصص في مجال الطاقة، أنس الحجي، على اجتماع أوبك بالقول إنه "من الواضح أننا نعيش في عالمين، الشرقي حيث ينمو الطلب على النفط، والغربي حيث ينخفض بسبب عمليات الحجر والاغلاق، وهذا يسبب مشكلة كبيرة لـ "أوبك+"، إذ إن بعض الأعضاء سوقهم في الشرق وآخرون سوقهم في الغرب".
معارضة زيادة الإنتاج
وقالت ثلاثة مصادر في مجموعة "أوبك+"، الإثنين، إن معظم خبراء المجموعة أبدوا معارضتهم لزيادة إنتاج النفط بواقع نصف مليون برميل يومياً من فبراير المقبل خلال اجتماع اللجنة الفنية المشتركة المنعقد أمس الأحد.
وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن المصادر، فإن معظم دول المجموعة تود تأجيل زيادة مزمعة في إنتاج النفط اعتباراً من فبراير بسبب ضعف الطلب على الوقود، وسط إجراءات عزل عام عالمية جديدة لوقف انتشار فيروس كورونا.
ارتفاع الأسعار
وتجاوز سعر خام برنت 53 دولاراً للبرميل اليوم الإثنين، ليلامس أعلى مستوى منذ أشهر عدة بفضل توقعات بأن تبقي "أوبك+" الإنتاج عند المستويات الحالية في فبراير، إلا أن الأسعار قلصت ارتفاعاتها قليلاً خلال الجلسة، لتصل إلى 52.48 دولار للبرميل، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 1.33 في المئة (عند الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش)، فيما سجل خام غرب تكساس الأميركي ارتفاعاً بنسبة 0.87 في المئة إلى 48.94 دولار للبرميل.
وكانت السعودية اقترحت نهجاً أكثر حذراً خلال اجتماعات سابقة، بينما تقول الإمارات، العضو في أوبك، وروسيا، إنهما تفضلان زيادة أسرع.
تعافي الطلب
من جانبه، توقع وزير النفط والكهرباء والماء الكويتي محمد الفارس تعافي الطلب على النفط تدريجياً، لا سيما خلال النصف الثاني من 2021، مع بدء توزيع لقاح كورونا في عدد من دول العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الفارس في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، أن "توزيع اللقاح يفتح آفاقاً بأن الأضرار التي ألحقتها الجائحة بالاقتصاد العالمي يمكن تجاوزها بعد انحسار موجة كورونا ونمو الطلب على النفط والمشتقات البترولية".
وقال الفارس إن الكويت تؤید القرارات التي من شأنها المحافظة على استقرار أسواق النفط، بخاصة في ظل التداعيات السلبیة بسبب الجائحة.
أخطار هبوط الأسواق
من جانبه قال الأمين العام لـ "أوبك" محمد باركيندو، إنه يرى أخطار هبوط أسواق النفط في النصف الأول من 2021.
وأضاف، "وسط بوادر تبعث على التفاؤل، فإن التوقعات للنصف الأول من عام 2021 متفاوتة للغاية، ولا يزال هناك كثير من الأخطار النزولية التي يجب التعامل معها".
وأردف، "لا تزال القيود على النشاط الاجتماعي والاقتصادي سارية في عدد من البلدان، وهناك قلق بعد ظهور سلالة جديدة شديدة الخطورة من الفيروس".