Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تبصر الحكومة اللبنانية النور قبل عطلة الأعياد؟

مساعي البطريرك الراعي تحرك الجمود السياسي

ما كان اللقاء الـ 13 بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ليحصل، لو لم يتدخل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

ووفقاً لما كشفت مصادر سياسية لـ "اندبندنت عربية"، فإن الراعي حرص على إجراء اتصال هاتفي بكل من عون والحريري قبل اللقاء، متمنياً عليهما وضع مصلحة البلد قبل أي مصلحة أخرى.

وتقول مصادر مطلعة إن الجهود التي بذلها البطريرك ترافقت مع وساطة قام بها "حزب الله" مع رئيس التيار العوني جبران باسيل، لتليين موقفه والتراجع عن بعض الشروط التي يفرضها الأخير، كحصوله على الثلث من أي حصة وزارية مقررة وتعطيلية مؤلفة من سبعة وزراء، أو حقيبة الداخلية إضافة إلى حقيبتي الدفاع والعدل كبديل عن الثلث.

وتكشف المصادر أن "حزب الله" وبعد أن اتخذ في الأسابيع الماضية موقف المتفرج الصامت، بات يميل الآن إلى تشكيل حكومة لعدم اطمئنانه مما هو قادم، لا سيما أنه يعتبر أن بايدن لن يكون مختلفاً عن ترمب في سياسته تجاه الشرق الأوسط وإيران، ولن يعتمد سياسة باراك أوباما بحرفيتها.

الحريري متفائل

هي المرة الأولى التي يخرج فيها الرئيس الحريري من قصر بعبدا مردداً أمام بعض المقربين منه بأن الأجواء جدية أكثر من أية مرة. وفي التصريح المقتضب بعد اللقاء، وصف الحريري الأجواء بالإيجابية، وكشف عن لقاء جديد سيعقد غداً الأربعاء (23-12-2020)، وسيكون هناك لقاءات متتالية للخروج بصيغة حكومية قبل عيد الميلاد كما قال. وإذا صدقت توقعاته، فستكون الحكومة الجديدة هي الثانية التي تبصر النور قبل الميلاد بعد أولى عام 2018 ترأسها الحريري أيضاً، وكانت الثانية في عهد عون وصدرت مراسيمها قبل الميلاد.

فهل في اللقاء مع عون تطور إيجابي استند عليه الحريري في تفاؤله، أم أن تدخل "حزب الله" اعتبره الرئيس المكلف عاملاً حاسماً؟ أم أن الإيجابية التي تحدث عنها محصورة في عودة التواصل بينه وبين رئيس الجمهورية، وكسر المقاطعة التي سادت خلال الأسابيع الماضية، في حين بقيت مصادر مطلعة على مسار التأليف متحفظة في تفاؤلها، وقالت "إن الأمور في خواتيمها".

إعادة النظر في بعض الحقائب والأسماء

وبحسب المعلومات، فإن لقاء عون - الحريري وهو الـ 13 بينهما منذ تكليف الأخير، ساده جو من المصارحة، مع تأكيد الطرفين ضرورة عدم العودة إلى المقاطعة، وأن التأخير في التشكيل غير مرتبط بالأسماء أو الحقائب بقدر ما هو متعلق بالتأني في تشكيل حكومة قد تكون الأخيرة في عهد رئيس الجمهورية، وستكون المسؤولة عن استحقاقات مصيرية اقتصادية ومالية وسياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في اللقاء بين عون والحريري نوقشت العقد المتبقية المتعلقة بالحقائب، لكن من دون أن يحصل اتفاق نهائي حولها. وفيما عُلم أن بحث الحقائب جرى بطريقة مختلفة عن السابق، كشفت مصادر مطلعة أن الحريري وفي مقابل مطالبة التيار بالحصول على الحقائب الثلاث الداخلية والعدل والدفاع، بدلاً من الثلث، اقترح على رئيس الجمهورية أن يحصل مع التيار على حقيبة من ثلاث، وأن يحصل الحريري على الثانية، والثالثة تكون بالاتفاق بين الطرفين، علماً أن الحقيبة المقترحة للتيار ليست "الداخلية".

وأوضحت المصادر أن الخلاف بقي على "الداخلية"، وأن عون رفض منح "الخارجية" لجنبلاط، على اعتبار أنها حقيبة سيادية، وعليه تقرّر أن يُجري الحريري بعض الاتصالات في محاولة أخيرة لإعادة توزيع الحقائب قبل العودة مجدداً إلى القصر.

تُلخص مصادر مطلعة نتائج اللقاء بالقول، إن الايجابية التي تحدث عنها الحريري تختصر بأجواء النقاش وعودة العلاقة الشخصية إلى طبيعتها، إضافة الى اتفاق على استبعاد الثلث لأي فريق، وأن تكون حصة رئيس الجمهورية مع التيار ستة وزراء، وحصة رئيس الحكومة ستة وزراء، والثنائي الشيعي وحلفائهما ستة وزراء. ووافق الحريري في المقابل على إعادة النظر ببعض الحقائب والأسماء، من دون المساس بالتوازنات، كما أصر رئيس الجمهورية في اللقاء.

مساعي الراعي التي سبقت لقاء بعبدا

اللقاء الأخير بين الرئيس عون والرئيس الحريري تمّ في الثامن من الشهر الحالي، أي منذ حوالى أسبوعين، ومنذ ذلك الموعد الذي انتهى بنتائج سلبية وبتشكيلة مضادة فاجأ بها عون الحريري رداً على تشكيلته الكاملة، لم يحصل أي لقاء جديد، ولم تكن الأجواء توحي بأي تواصل قريب، إلى أن زار الحريري بكركي، وشرح للبطريرك الراعي ملابسات التعطيل، كاشفاً أمام الراعي أن التشكيلة التي قدمها، وعلى الرغم من قناعته بجديتها لتضمنها الاختصاصيين الأكّفاء، قابلة للنقاش وليست مقدسة، لا سيما لناحية استبدال أسماء بأخرى بناء على رغبة رئيس الجمهورية، لكن استبدال الحقائب وإعادة توزيعها، وفق ما شرح الحريري للبطريرك، يعني نسف التشكيلة الحكومية بالكامل، وإعادة التأليف إلى النقطة صفر، في وقت لم يعد البلد يحتمل أي تأخير.

وعليه، وبناء لهذه المعطيات، قرّر البطريرك الماروني زيارة قصر بعبدا سعياً لتقريب وجهات النظر، ومن هناك خرج معلناً أنه لم يلمس لدى رئيس الجمهورية تمسكه بالثلث المعطل، مما يعني أن عون غير متمسك بحصة من سبعة وزراء، وبما يشبه قطع الطريق على أي تبدل في الموقف، لا سيما بعد تدخل رئيس التيار جبران باسيل. وذكر الراعي من بعبدا "أن الثلث غير موجود لا في الطائف ولا في الدستور، وأنه دخيل لا لزوم له".

وكما في كل مرة، على كل لقاء مع رئيس الجمهورية أن يستتبع مع باسيل، زار الأخير بكركي محاولاً استمالة الراعي إلى مطلبه المحدد باعتماد المعايير الموحدة في توزيع الحقائب، تحت مسمى الحفاظ على حقوق المسيحيين.

لكن البطريرك الراعي المتمسك بحقوق المسيحيين رفض ربطها بالحكومة، وأبلغ الحريري عبر الوزير السابق سجعان قزي أن كلام باسيل من بكركي يعنيه لوحده، ولا يعبر عن وجهة نظر البطريرك الراعي.

ولمزيد من الوضوح، قال الراعي في عظة الأحد، "إذا كان ثمة معايير فكلها ثانوية باستثناء معايير الدستور والميثاق". وأضاف، "نريد حكومة لا محاصصات فيها ولا حسابات شخصية، ولا شروطاً مضادة، ولا ثلثاً معطلاً يشل مقرراتها. نريدها حكومة غير سياسية وغير حزبية".  

الثلث والمعايير الموحدة

وعلى قاعدة أن الإيجابيات التي سمعها البطريرك من عون والحريري تحتاج إلى ترجمة عملية، حصل اللقاء الـ 13 بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، في ظل تساؤلات حول حقيقة عدم تمسك رئيس الجمهورية بالثلث المعطل، ووسط تساؤل عن المطلب البديل في مقابل هذا التنازل.

وفيما كان مؤكداً أن الرئيس الحريري لن يقبل بحصول أي فريق على ثلث يمكن أن يعطل من خلاله عمل الحكومة، يرفض أيضاً أن تمنح الوزارات الثلاث، العدل والداخلية والدفاع، إلى فريق واحد، كما يطالب بها رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، لا سيما أنها مصنفة ضمن الحقائب السيادية، ولا يمكن أن تمنح لفريق واحد.

وتكشف مصادر مطلعة على التأليف أن الحريري ليس وحده الرافض منح الثلث المعطل، إنما هناك قوى سياسية أخرى تعترض على هذه المسألة وفي مقدمها تيار المردة، إذ كشفت المصادر أن النائب السابق سليمان فرنجية أبلغ "حزب الله" أنه لن يشارك في حكومة يكون الثلث فيها لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، خوفاً من أن يتحول إلى شاهد زور داخل الحكومة بوزير واحد كما قال، بحيث سيكون مطلوباً منه تغطية الحكومة، في وقت يكون قد خسر شارعه، ولم يربح شيئاً في المقابل.

إصرار التكتل على مطالبه

تزامناً مع انعقاد اللقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، كان تكتل لبنان القوي الذي يترأسه النائب جبران باسيل يعقد اجتماعه الدوري الإلكتروني، مكرراً في بيانه وبشكل لافت، مطالب سبق وشكلت عوائق أساسية أمام مهمة التكليف.

فالتكتل الذي استخدم صيغة التمني في توصل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بأقصى سرعة إلى مقاربة مشتركة وفق مبادئ واضحة، حددها مجدداً بالمعايير الواحدة على مستوى توزيع الحقائب وتأكيد الشراكة التامة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، مذكراً بالمادة (53) من الدستور، التي تتحدث بوضوح عن أن التشكيل يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي