Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه الولايات المتحدة لإنشاء قاعدة عسكرية في المغرب؟

هذا الإجراء يمكن أن يصبح جزءاً من الحوار الاستراتيجي والتعاون العسكري والاستخباراتي

تعاون عسكري واستخباراتي على أعلى مستوى بين المغرب وأميركا (أ ف ب)

كشفت تقارير صحافية عن وجود مفاوضات بين الولايات المتحدة والمغرب، تمهيداً لنقل أحد فروع القيادة العسكرية الأميركية من أوروبا إلى الصحراء المغربية.

يأتي ذلك في أعقاب إمضاء الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب على قرار رئاسي، يعترف فيه بسيادة الرباط على منطقة الصحراء التي تُنازعها عليها جبهة الـ "بوليساريو" المدعومة من الجزائر منذ سبعينيات القرن الماضي.

مؤشرات إيجابية

تَعتبر الولايات المتحدة المغرب حليفاً أساسياً في سياستها الخارجية، إذ اتجهت خلال العقود الأخيرة إلى تعميق علاقاتها به عبر توقيع اتفاق التبادل الحر العام 2004، والذي دخل حيز التنفيذ العام 2006، إضافة إلى الحوار الاستراتيجي الذي أطلق بين البلدين منذ العام 2012 لتعزيز التعاون في مجالات عدة، فضلاً عن اتفاق "تحدي الألفية" الموقع بين المغرب و"مؤسسة تحدي الألفية" الأميركية العام 2007، التي منحته بموجبه 697.5 مليون دولار لدعم مشاريع التنمية، ناهيك عن التعاون الأمني والعسكري سواء في إطار تبادل المعلومات الاستخباراتية والعمل المشترك لمكافحة الإرهاب، أو على مستوى المناورات العسكرية المشتركة في إطار "الأسد الأفريقي"، مع الإشارة إلى اعتماد المغرب في تسلّحه على الولايات المتحدة، إذ عقد صفقة ضخمة بقيمة مليار دولار تضم أربع طائرات مسيرة من طراز "إم كيو-9 بي سكاي غارديان"، وصواريخ "هيل فاير" و"بيفواي" وذخائر الهجوم المباشر المشترك، والتي لا تبيعها أميركا عادة إلا للدول العظمى.

وأكد الباحث المغربي في العلوم السياسية والأستاذ في جامعات أميركية، عز الدين العزماني، وجود تعاون عسكري واستخباري على أعلى مستوى بين المغرب وأميركا، كما أن المغرب أصبح حليفاً غير عضو في "الناتو" منذ العام 2004، إضافة إلى الاتفاق العسكري الأخير الذي يمتد لعشر سنوات، والذي لا شك في أنه يشمل ترتيبات لها صلة بالموارد العسكرية وتنسيق واحتضان قوات خاصة بالتدريب المشترك والتسلح.

ولا يستبعد الباحث المغربي أن يكون احتضان الرباط قواعد عسكرية جزءاً من الحوار الاستراتيجي الأميركي الذي مهد للصفقة الجديدة بين ترمب والمغرب، معتبراً أنه عندما طرحت فكرة احتضان المغرب للقيادة العسكرية في أفريقيا (أفريكوم) قبل حوالى سبع سنوات، بعد أن واجهت مأزقاً بسبب معارضة جنوب أفريقيا، اشترط المغرب أن يكون ذلك في مقابل الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، ويبدو أن جورج بوش الإبن فضّل حينها أن يعترف بالحكم الذاتي فقط، في رسالة وجهها للملك محمد السادس العام 2008، مضيفاً أنه عندما سرّبت الصحافة الإسبانية أخبار تحويل قاعدة "روتا" من الجنوب الإسباني إلى الشمال المغربي، أصدرت حينها السفارة الأميركية توضيحاً قالت فيه، "الشأن العسكري يدخل في المجال المحفوظ للملك، وبالتالي فالقرارات في شأنه لا تكون موضوع نقاش عمومي، ولن تصبح كذلك إلا عندما تنبثق منها نتائج ملموسة تثير انتباه الرأي العام، مثل استعمال القواعد العسكرية كمنصات لانطلاق عمليات عسكرية كبرى مثلاً".

حليف استراتيجي

من جانبه، أكد مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، خالد الشرقاوي السموني، وجود مؤشرات تجعل من المغرب مرشحاً مهماً لاستقبال قاعدة عسكرية أميركية، باعتبار أن البلاد تشكل حليفاً مركزياً لواشنطن، وهو ما أكده التعاون العسكري بين البلدين، إضافة إلى الدفاع الأميركي عن المغرب من أجل اعتماده حليفاً داخل "الناتو"، مرجحاً أن يُمنح المغرب العضوية الكاملة في الحلف مستقبلاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أهمية الموقع الجيواستراتيجي للمغرب، الذي يربط بين أوروبا وأفريقيا والعالم العربي، الأمر الذي يثير اهتمام الولايات المتحدة. ويخلص السموني إلى أن تلك المعطيات يمكنها تأهيل المغرب لاحتضان قاعدة عسكرية أميركية، كما هو الشأن في بعض الدول الأوروبية والعربية، "ما دام هناك تعاون عسكري، فمن المحتمل إنشاء قاعدة لتعزيز هذا التقارب وحماية مصالح المغرب والدفاع عنه"، على حد تعبيره.

مبدأ توازن القوى المغاربي

وأبدت الجزائر امتعاضها من قرار ترمب بخصوص الاعتراف بمغربية الصحراء، إذ اعتبرت وزارة خارجيتها "ألا أثر قانوني له، فالنزاع في الصحراء الغربية هو مسألة تصفية استعمار لا يمكن حله إلا من خلال تطبيق القانون الدولي والعقيدة الراسخة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي".

وعن تداعيات احتمال نقل القاعدة العسكرية الأميركية على توازن القوى بالمنطقة المغاربية، اعتبر العزيماني أن "الوجود في المنطقة الرمادية كان دائماً استراتيجية أميركية لتأمين التوزان في تعاملها مع جميع الأطراف المغاربية بشكل متساو، ضمن منطق ما يسمى "التحديات الأمنية المشتركة"، وغالباً ما كان على الأميركيين أن يوضحوا أن التعاون الأمني لا يعني التماهي في المواقف"، مشيراً إلى أنه خلال ولاية الرئيس باراك أوباما مثلاً، وجه التقرير السنوي حول حال حقوق الإنسان نقداً حاداً لأوضاع المغرب، وهو ما فهمه حكام الجزائر انحيازاً لمصلحتهم ضد المغرب. وشهدت ولاية ترمب تصحيحاً للوضع من خلال استئناف الحوار الاستراتيجي الذي توقف منذ العام 2015، وأيضاً دعم بيع الأسلحة للمغرب.

كما اعتبر السموني أن" الجزائر لن تكون سعيدة، فالأمر سيكون متزامناً مع التدخل المغربي الناجح في الكركارات والذي لاقى ترحيباً دولياً، وانتهى باعتراف القوة العظمى بمغربية الصحراء، وخبر إنشاء قاعدة أميركية في المغرب سيسهم في تشديد الخناق على جبهة البوليساريو والجزائر التي تدعمها".

مواجهة النفوذ الروسي - الصيني

 ويتابع العزيماني "منذ أن أشرف وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر على الاتفاق العسكري الذي يمتدّ لعشر سنوات مع المغرب، بدأنا نشهد تحولاً لمصلحة الحسم في مواجهة النفوذ الروسي والصيني في منطقة شمال أفريقيا، ومع ذلك سيكون على إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن أن تحسم إما في اتجاه تعزيز منطق أولوية مواجهة النفوذ الصيني - الروسي، على أولوية التعاطي التقليدي التوازني مع ملف الصحراء، أو استعادة منطق التوازنات الذي يقتضي أخذ الموقف الجزائري بجدية. وبحسب تتبعنا لمواقف بايدن ووزير خارجيته أنطوني بلينكن، فإننا نعتقد أن الإدارة الجديدة ستميل إلى تأمين موازين القوى بين المغرب والجزائر، ولكن وفق تصور جديد يستحضر صعود النفوذ الصيني والروسي والتركي أيضاً، كقوى إقليمية جديدة في المنطقة".

 مساران غير متوازيين

من جانب آخر، وفي الوقت الذي يُنتقد فيه استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، باعتبار أنه يندرج ضمن "صفقة سلام في مقابل الاعتراف بالسيادة على الصحراء"، يشير الباحث المغربي إلى أن "السلام مع إسرائيل لن يمضي بالتوازي مع الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء، فترمب الذي كان إلى وقت قريب يطالب الكونغرس بتقليص الدعم الأميركي للمغرب، يقدم اليوم معاهدة السلام المغربي كاستمرار لما يعتبره انتصاراً سياسياً ودبلوماسياً يريد أن يراه يتحقق قبل مغادرته البيت الأبيض. ومن جهة ثانية، فهناك حماسة بنيامين نتنياهو الذي سيسعى بكل ما أوتي من قوة إلى تسريع وتيرة السلام الذي يريده شاملاً وعلى الصعد كافة، وهو ما تجسده البعثة الإسرائيلية من تل أبيب إلى الرباط، والتي سيشرف عليها مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير الأسبوع المقبل، وتضم وفداً إسرائيلياً يترأسه رئيس الأمن القومي الإسرائيلي.

ويخلص العزيماني إلى أن إدارة ترمب بدأت بتقديم خطوات عملية مثل إبلاغها بشكل رسمي مجلس الأمن والأمم المتحدة بمواقفها الجديدة، إضافة إلى إشارات رمزية واحتفالية لطمأنة المغاربة، من قبيل تعميم الإعلان الرئاسي كما تم نشره على السجل الفيدرالي الأميركي، وأيضاً صورة لخريطة المغرب كاملة تم نشرها على نطاق واسع. ولم يتردد رئيس الحكومة المغربية في إعادة نشرها عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك".

 وعلى العموم، فيعتقد الباحث أن "عامل الزمن يبقى حاسماً في ما يخص المدى الذي ستأخذه إجراءات الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء، بدءاً بفتح قنصلية في الداخل، وغيرها من الخطوات التي ستعطي فكرة أوضح عن مآلات الاعتراف الأميركي وحدوده".

المزيد من متابعات