Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش السوداني يقتلع البشير... ومجلس الأمن يعقد جلسة خاصة

وزير الدفاع رئيساً عسكرياً... وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين

طالب الأمين العام للمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس 11 أبريل (نيسان) بعملية انتقالية في السودان تلبّي تطلّعات شعبه إلى الديموقراطية.

وطلبت الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية بعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في السودان، بحسب ما أفاد دبلوماسيون.

وقال الدبلوماسيون إنّهم يتوّقعون أن يعقد المجلس جلسة مغلقة الجمعة لبحث الوضع في السودان تلبية للطلب الذي قدّمته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا.

وفيما علّقت الولايات المتحدة المرحلة الثانية من المحادثات مع السودان بشأن تطبيع العلاقات، دعت واشنطن الجيش السوداني إلى تشكيل حكومة "جامعة" تضم مدنيين.

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو إنّ "الولايات المتحدة تواصل دعوة السلطات الانتقالية إلى ضبط النفس وإلى فسح المجال أمام مشاركة مدنيين في الحكومة".

وأضاف أنّ "الشعب السوداني قال بوضوح إنّه يريد انتقالاً يقوده مدنيون" وأنّ هذا الأمر يجب أن يحصل "في وقت أسرع بكثير من عامين".

جاء ذلك بعدما أطاحت القوات المسلحة السودانية اليوم الخميس بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد بقبضة حديدية على مدى 30 عاما وأعلنت "التحفظ عليه" لكن محتجين خرجوا للشوارع مطالبين الجيش بتسليم السلطة لمدنيين.

وجاءت الإطاحة بالبشير (75 عاما) بعد شهور من تظاهرات ضد حكمه.

وفي كلمة أذاعها التلفزيون الرسمي، أعلن وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف تشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون الدولة لفترة انتقالية مدتها عامان تتبعها انتخابات.

وأوضح أن البشير محتجز "في مكان آمن"، لكنه لم يوضح من سيرأس المجلس العسكري.

وقال بن عوف إنه تقرر تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور وإغلاق المجال الجوي لمدة 24 ساعة والمعابر الحدودية لحين إشعار آخر، وكذلك حل المجلس الوطني ومجالس الولايات ومؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء.

وأعلن التلفزيون السوداني، مساء الخميس، أن وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف هو رئيس المجلس العسكري، والفريق كمال عبد المعروف الماحي نائبا للرئيس.

ورفض تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات ضد البشير، خطط الوزير، ودعا المحتجين إلى مواصلة الاعتصام في محيط وزارة الدفاع الذي بدأ يوم السبت 6 أبريل.

وتحولت مشاعر المحتجين، الذين كانوا يحتفلون في وقت سابق برحيل البشير، إلى الغضب وهتف كثيرون "تسقط تاني" بعدما كانوا يرددون سابقاً هتاف "تسقط بس" ضد البشير.

وصرحت مصادر سودانية لوكالة رويترز بأن البشير موجود في قصر الرئاسة تحت حراسة مشددة. وقال أحد أبناء الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، وهو حزب المعارضة الرئيسي، لقناة تلفزيونية إن البشير محتجز مع عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين.

ويواجه البشير اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي أصدرت أمراً باعتقاله على خلفية مزاعم بارتكاب جرائم حرب في منطقة دارفور في السودان أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة نحو 300 ألف شخص.

ويجيء سقوط البشير عقب الإطاحة هذا الشهر بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إثر احتجاجات شعبية أيضاً على حكمه الذي دام عقدين.

حكم عسكري من جديد؟

تشمل الأسماء المرشحة لخلافة البشير وزير الدفاع، الذي كان مديراً للمخابرات العسكرية وينتمي إلى التيار الإسلامي، إضافة إلى رئيس الأركان السابق عماد الدين عدوي.

ويتردد أن عدوي شخصية تحبذها دول في الجوار على خلاف مع البشير بسبب توجهاته الإسلامية.

وقال عمر صالح سنار القيادي في تجمع المهنيين السودانيين في تصريحات لرويترز "لن نقبل إلا بحكومة مدنية انتقالية مكونة من قوى إعلان الحرية والتغيير".

وقال كمال عمر، وهو طبيب من المحتجين عمره 38 عاماً "سنواصل الاعتصام حتى ننتصر".

وأعلن بن عوف إطلاق سراح كل السجناء السياسيين وانتشرت صور لمحتجزين انضموا إلى الاحتجاجات بعد الإفراج عنهم.

وانتشرت قوات في محيط وزارة الدفاع وعلى الطرق والجسور الرئيسية بالعاصمة.

وداهم جنود مقر الحركة الإسلامية، وهي العنصر الرئيسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وقال شهود إن محتجين هاجموا مقر جهاز الأمن والمخابرات الوطني في مدينتي بورسودان وكسلا بشرق البلاد الخميس.

ومساء الخميس، دعا الجيش السوداني المواطنين إلى التزام حظر التجوال الليلي الذي فرضه صباحاً، محذّراً من "المخاطر التي قد تترتّب على عدم الالتزام بحظر التجوال"، في حين يواصل المتظاهرون احتجاجاتهم في الشارع.

وقال الجيش في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سونا" إنّه "على المواطنين الالتزام بذلك (حظر التجوّل) للمحافظة على سلامتهم ونظراً للمخاطر التي قد تترتّب على عدم الالتزام بحظر التجوال بالتوقيتات المعلنة".

ويسري حظر التجوال من الساعة 22,00 (20,00 ت غ) ولغاية الساعة 04,00 فجراً (02,00 ت غ).

مصير مجهول

أمسك البشير بزمام السلطة في انقلاب أبيض عام 1989. وهو شخصية خلافية تمكن من تخطي أزمة داخلية تلو الأخرى والتصدي في الوقت ذاته لمحاولات من الغرب لإضعافه.

وعانى السودان فترات طويلة من العزلة منذ عام 1993 عندما أضافت الولايات المتحدة حكومة البشير إلى قائمتها للأنظمة الراعية للإرهاب لإيوائها متشددين إسلاميين. وفرضت واشنطن عقوبات على السودان بعد ذلك بأربعة أعوام.

وانتهت حرب أهلية طويلة مع الانفصاليين الجنوبيين في عام 2005، وأصبح جنوب السودان دولة مستقلة في عام 2011.

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2018، تعصف بالسودان احتجاجات متواصلة تفجرت بسبب مساع حكومية لرفع أسعار الخبز وأزمة اقتصادية أفضت إلى نقص في الوقود والسيولة.

وتصاعدت الأزمة الأخيرة في مطلع الأسبوع بعدما بدأ آلاف المحتجين الاعتصام أمام مجمع وزارة الدفاع حيث مقر إقامة البشير.

واندلعت اشتباكات يوم الثلاثاء 9 أبريل بين جنود حاولوا حماية المحتجين وأفراد من أجهزة الأمن والمخابرات كانوا يحاولون فض الاعتصام. وقتل نحو 20 شخصاً منذ بدء الاعتصام.

وحث نشطاء في الخارج السودان على تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقالت جيهان هنري المديرة المشاركة لقسم أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش "يجب ألا يضطر ضحايا أخطر الجرائم، التي ارتكبت في دارفور، للانتظار أكثر من ذلك لتحقيق العدالة".

مجلس انتقالي

وصباح الخميس 11 أبريل، أعلن التلفزيون والإذاعة الرسميان أن الجيش سيعلن بياناً مهماً، فدخل السودان لمدة عشر ساعات في حالة انتظار اختلطت فيها الشائعات بالتساؤلات، والفرحة برحيل السودان وانتصار الحراك الشعبي مع مخاوف من ارتباك في السلطة وتجدد النظام العسكري.

وسارع تجمع المهنيين المنظم الرئيس للتحركات إلى مناشدة "المواطنين في العاصمة والأقاليم التوجه لأماكن الاعتصامات أمام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة والحاميات". ودعا، في بيان، "الثوار في الميدان إلى عدم التحرك من مكان الاعتصام حتى بياننا التالي خلال اليوم".

وعلى الفور، شوهد العديد من المعتصمين يتجهون الى مكان الاعتصام، وهم يرفعون شارات النصر، بينما كان البعض يهتف "سقطت، سقطت".

بداية التظاهرات

وتعرض المتظاهرون خلال الأيام الماضية مرات عدة لإطلاق غازات مسيلة للدموع، ومحاولات تفريق قام بها جهاز الأمن والمخابرات النافذ، لكنهم تمسكوا بالبقاء أمام المقرّ.

وكان قتل 11 شخصاً الثلاثاء، بينهم ستة عناصر "من القوات النظامية"، بحسب ما أعلنت الحكومة. ولم يكن في الإمكان الحصول على تفاصيل عن الظروف التي أدت الى هذه الأحداث، لكن عدد القتلى في حركة الاحتجاج المستمرة منذ بدء الحركة الاحتجاجية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وصل الى 49، بحسب السلطات. إلا أنّ منظّمات غير حكوميّة تؤكّد أنّ الحصيلة أكبر، مشيرةً إلى أنّ 51 شخصًا قُتلوا حتّى السبت الماضي.

في المقابل، كانت الشرطة أمرت قوّاتها الثلاثاء بـ"عدم التعرّض" للمحتجّين، وذهبت إلى حدّ الكلام عن "انتقال سلمي للسلطة".

مسلسل هذه الاحداث بدأ في 19 ديسمبر من العام الماضي، ردًّا على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف. ثم تحوّلت إلى حركة احتجاجية في كلّ أنحاء البلاد، وخرجت تظاهرات غير مسبوقة في أنحاء عدة في البلاد.

المزيد من العالم العربي