Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خريجون من أبناء الطبقة الوسطى في بريطانيا بين طوابير بنوك الطعام

اتساع دائرة الفقر الغذائي أجبر الميسورين على الاعتماد على المؤسسات الخيرية للاستمرار

"لم أتخيل يوماً أن ألجأ إلى بنك الطعام، ولكنني قابلت هنا شتى أنواع البشر، بمن فيهم ضباط شرطة سابقين" (رويترز)

مع تفاقم أزمة الجوع في غمرة جائحة كورونا، ينضم الخريجون من أبناء الطبقة الوسطى إلى طوابير البريطانيين الذين يقتاتون من المؤسسات الخيرية هذا الشتاء. وحسب إحدى المؤسسات، فإن واحداً من أصل 10 مستفيدين من الإمدادات الغذائية ينتمي إلى فئات اجتماعية ميسورة الحال.

وفي أحد بنوك الطعام شمال لندن، يُخبر جورج، الحائز على درجة ماجستير في العلوم السياسية من "جامعة ليدز" (Leeds University)، كيف أنه لم يتصور أبداً أن تصل الأمور إلى هذا الحد. ففي غضون الشهرين الماضيين، كان الرجل العاطل من العمل، البالغ من العمر 49 عاماً يصطف أمام "باوندس غرين" (Bounds Green) مرتين في الأسبوع لعدم قدرته على إطعام نفسه.

في البدء، كان متردداً في الذهاب. "اعتقدتُ أن هناك أشخاصاً أكثر يأساً مني"، على حد تعبيره. "كنت أبحث عن وظيفة، لكن منذ اجتياح فيروس كورونا للبلاد انعدمت فرص العمل ومعها مدخراتي، ما اضطرني للجوء إلى بنك الطعام طلباً للمساعدة. والطعام الذي يعطونني إياه يُغطي حاجتي على مدى أسبوعٍ كامل. ولولاهم لكنت اليوم في مأزق".

وكان جورج يظن أنه المتخرج الوحيد في صفوف الـ150 بريطانياً الواقفين في البرد القارس للحصول على كيس بقالة، لكنه كان مخطئاً. "وقد قابلت بالفعل ستة من أصحاب الشهادات الجامعية، بمن فيهم صاحب شهادة ماجستير في إدارة الأعمال".

ومن بين هؤلاء الأشخاص، تودي لويس، أم عزباء حاصلة على بكالوريوس في العلوم من "جامعة ويستمنستر" (University of Westminster)، كانت تعمل أخصائية تغذية، لكن عملها توقف منذ الجائحة. وتيد، مسعف عاطل من العمل تلقى تعليمه في "جامعة كامبريدج" (Cambridge University)، هو أيضاً أب عازب وغير قادر على إطعام أولاده الأربعة (تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات وسبع سنوات وتسع سنوات) من دون بنك الطعام. وبالنسبة إلى تودي وتيد، فهما لم يقصدا من قبل أياً من بنوك الطعام المجاورة وقد أحسا "بالمهانة والإحراج" لقيامهما بذلك.

ومن شهادتيهما، يتبين أن الفقر الغذائي ينتشر في أنحاء البلاد بشكل أعمق وأوسع نطاقاً أواخر العام 2020 من أي وقت مضى.

وهذا أمر أكدت عليه إشراق باهاتي، المؤسسة المشاركة لـ"باوندس غرين" بقولها، "إنها ظاهرة جديدة، لكن نحو 10 في المئة من الأسر التي نُطعمها تنتمي إلى الطبقة الوسطى المتعلمة".

"أطلقنا بنك الطعام الخاص بنا في مايو (أيار)، وها نحن اليوم ندعم 450 أسرة في الأسبوع، أي ما يُعادل 1200 شخص، ويزيد بواقع خمسة أضعاف عن الأعداد التي كنا نساعدها في بداية مشوارنا".

وكان مراسلنا أمام "باوندس غرين" يراقب الطابور الذي تشكل قبل نصف ساعة تقريباً من موعد فتح الأبواب، حيث وقف الناس في صف انتظار امتد على 100 متر من أسفل جانب مبنى الكنيسة إلى الواجهة الأمامية فأسفل الجانب الآخر، محركين أقدامهم باستمرار لإبقائها دافئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد لاحظ أن الصف الطويل يضم أمهات شابات وضعن أطفالهن في عربات وأتين للحصول على فاكهة وخضار طازجة، تقدمة مؤسسة "ذي فيليكس بروجيكت" (The Felix Project)، شريكة "اندبندنت" في حملة "ساعدوا الجياع" (Help The Hungry) الخيرية.

وهناك، قالت له السيدة لويس (46 عاماً)، "درستُ خمس سنوات لأحصل على شهادة. وبعد أن تخرجت، لم أتوقع أن تدفعني الأحوال للوقوف جنباً إلى جنب مع أشخاص يُعانون من مثل هذه الظروف الصعبة".

"لكن عندما شح العمل ولم يكن برنامج "الائتمان الشامل" يكفينا، خشيت من ألا أقوى على إطعام ابني البالغ من العمر ست سنوات. كان من المحرج جداً أن آتي إلى هنا. شعرت بأن الجميع يراقبني. لكن لا أحد يحكم على أحد. ولكي أساعد على رد الجميل، ارتأيت العمل في الحملة كمتطوعة".

وأضاف تيد (58 عاماً)، "عملتُ سائقاً لسيارة إسعاف طيلة 15 عاماً. طالبت بمعدات وقاية شخصية أفضل لحمايتنا، لكن أياً من ذلك لم يتحقق، فقدمت استقالتي".

"لم أتخيل يوماً أن أكون من المستفيدين من بنك الطعام، ولكنني قابلت هنا شتى أنواع البشر، بمن فيهم ضباط شرطة سابقين".

"أتيت اليوم لأن عشاء الليلة هو كل ما أملكه لإطعام أطفالي. لولا هؤلاء الأشخاص الرائعين، لفقدت صوابي لا محالة".

أنتي أورفانو، المنسقة النهارية في بنك الطعام، أوضحت أنهم يقابلون كثيراً من الأشخاص، أمثال تيد، لم يسبق أن مدوا أيديهم ليأكلوا. "ذات يوم، قالت لي إحدى السيدات، "في السنوات الماضية، كنت أقدم التبرعات لبنوك الطعام، لكنني بت الآن أستفيد منها". يوماً بعد يوم، يطول الطابور ويحرص الناس على الحضور عند الساعة العاشرة صباحاً، ليكونوا أول المستفيدين عند الساعة الثانية بعد الظهر. تصور أن في صفوف هؤلاء سيدة تحضر كرسيها الخاص (لتجلس وتخفف على نفسها مشقة الانتظار)".

شون، وهو سائق مستقل يبلغ من العمر 58 عاماً، أشار قائلاً، "عملت طيلة حياتي ولم أجد يوماً مشكلة في إعالة نفسي. لذا أشعر بالحرج لوقوفي في الطابور وأقلق من أن يمر أحد جيراني ويتعرف علي. لقد أوصلني كوفيد إلى مكان قاس جداً".

بنوك طعام أخرى شمال لندن مدعومة أيضاً من "ذي فيليكس بروجيكت"، ذكرت لصحيفة "اندبندنت" أنها تترقب ارتفاعاً حاداً في أعداد الأشخاص الذين يأمونها للمرة الأولى.

"نحن نقدم المساعدة حالياً لـ110 أسر في الأسبوع، مقابل 30 أسرة فقط قبل كوفيد. من الواضح للعيان أن الناس جياع. فخسارة الوزن بادية في شكلهم وبشرتهم المترهلة. وآخر ما يحتاجونه هو صدقة"، ذكرت آنا موغان، نائبة رئيس "بنك الطعام فينشلي" (Finchley Food Bank).

"وبالنسبة إلى 10 في المئة تقريباً من المستفيدين، هم من الطبقة الوسطى ويشعرون بالخزي لوجودهم في هذا الموقف. ولكن هذه هي حال لندن في 2020"، أردفت هيلين شانون، المؤسسة المشاركة للبنك المذكور.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير