Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قادة الاتحاد الأوروبي مختلفون بشأن اتفاق تجاري مع بريطانيا يرافق بريكست

من فرنسا إلى فنلندا، كل دولة لها ما تخسره من معاهدة تجارية رديئة مع المملكة المتحدة، وإليكم النقاط الأهم لدى الأطراف الفاعلة الرئيسة

إذلال، وانشقاقات حزبية، وركود طويل، وسخرية. إن الضغوط على بوريس جونسون من أجل تحقيق اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي معروفة جيداً. وقد يكون التفصيل الوحيد الذي لا يزال غير معروف هو رأي خطيبته كاري سيموندز بشأن الحصص الجديدة في صيد الأسماك ودور "محكمة العدل الأوروبية". ولا شك في أن رأيها سيتسرب في الوقت المناسب.

لكن، في حين لا يقلق اتفاق بريكست معظم أوروبا بالطريقة التي يشغل بها بال بريطانيا، لا تزال الوظائف والفخر القومي على المحك، ويواجه القادة الأوروبيون تحدياتهم المحلية الخاصة المرتبطة ببريكست.

إلى الآن، لم يسمح أحد غير الرئيس ماكرون بالكلام عن حق كل دولة بنقض أي اتفاق بين "المفاوضَين البريطاني والأوروبي" فروست وبارنييه. وربما يقتصر هدفه من وراء ذلك على الاستعراض وإظهار مدى الجهد الذي يبذله لمصلحة صيادي الأسماك الفرنسيين (نصحت حكومته سراً قطاع صيد الأسماك الفرنسي بالاستعداد للتغيير). وفي وقت سابق، وُجهت الطموحات البريطانية برفض فرنسي، على رغم أن الرفض استهدف مجالاً آخر. فقد رفض الجنرال ديغول مرتين العضوية البريطانية (للاتحاد الأوروبي)، في عامي 1961 و1967. وحين انتسبت بريطانيا أخيراً في 1972، صوت الفرنسيون (لا البريطانيون) في استفتاء على توسيع المجموعة الأوروبية.

ويصادف أن فرنسا تملك الآن قليلاً من الحلفاء المؤيدين لخطوة جذرية كهذه، على رغم أن ماكرون يتخيل نفسه ديغول جديداً، ومن غير المرجح في الواقع أن تُعطل ألفان و500 وظيفة تقريباً في قطاع صيد الأسماك الفرنسي، التوصل إلى اتفاق. حسناً، فلنفترض العكس، لكن ماكرون ليس شعبياً في شكل خاص، ويعاني حزبه "الجمهورية إلى الأمام!" من انقسامات، في حين يواجه المجتمع الفرنسي توترات ضخمة. ويُضاف هذا كله إلى عدم استقرار ومخاطر سياسية.

في المقابل، خلافاً لستينيات القرن العشرين، تملك ألمانيا موقفاً سياسياً أكثر حزماً إزاء الاتحاد الأوروبي، وهيمنة تصنيعية في المجموعة المؤلفة من 27 دولة عضواً، أكبر من تلك الخاصة بالدول الست التي وقعت "اتفاقية روما" عام 1957. ولن تسمح (ألمانيا) للفرنسيين بتعطيل اتفاق على أسس شوفينية ضيقة. إذ إن أنغيلا ميركل وماكرون متوافقان على حصانة السوق الموحدة المقدسة. ويبدو أن التحالف الفرنسي الألماني بين الزعيمين غير قابل للاختراق من وجهة نظر أي رأي عام يسير في الاتجاه المعاكس. وفي موقف أخير من المواقف السياسية الأوروبية لميركل قبل تقاعدها، ستظل المستشارة تعتبر الاتحاد الأوروبي عقيدة من عقائد المجال السياسي الألماني. وكذلك لن تضطر إلى مواجهة الناخبين مجدداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وعلى خلاف بعض التوقعات البريطانية، لم يسع قطاع الأعمال الألماني الذي يتمتع بتجارة تصدير مربحة في المملكة المتحدة، إلى التدخل في المجال السياسي، وتنفيذ حملة ضغط على ميركل من أجل عرض تنازلات على البريطانيين. (وشكل ذلك سوء فهم متبادل آخر للقواعد السياسية والثقافية زعزع المفاوضات).

وكذلك تلتزم الأحزاب الألمانية السائدة كلها بالتكامل الأوروبي لأسباب تاريخية بقدر كونها اقتصادية، حتى مع احتمال بروز تشكيك أكبر في صفوف المواطنين. إن المستشارية في برلين هي الأكثر عداء وإصراراً في موقفها من بريكست، ويبدو أن ذلك شيئاً ينساه البريطانيون في أحيان كثيرة، إذ تعجبهم السيارات الألمانية والجعة الألمانية و(المدرب الرياضي) يورغن كلوب.

وفي مسار متصل، يُبدي الدنماركيون والهولنديون والبلجيكيون اهتماماً مماثلاً بصحة مجتمعات صيادي الأسماك لديهم. وعلى غرار الفرنسيين، يهتمون بالتجارة الأوسع التي تشمل المأكولات والمشروبات، والموانئ، والتصنيع. وكذلك تواجه دول بحر الشمال مجتمعة ضغوطاً محلية، لا سيما من المجتمعات الساحلية، لمصلحة التوصل إلى اتفاق لا "يخونها".

واستطراداً، يعني غياب اتفاق تجاري أوروبي -بريطاني زيادة في الرسوم الجمركية، وعدم ضمان الوصول إلى مياه الصيد البحري أو رفوف محال السوبرماركت في المملكة المتحدة. ويعد ذلك الغياب بمثابة أسوأ الاتفاقات على الإطلاق. وعلى غرار فرنسا، لدى هذه الشعوب كثير مما تخسره، وترغب في أن يدفع قادتها باتجاه أفضل الشروط، لكن يُفترض أنها لا تريد لهذا الدفع أن يخاطر بانهيار المحادثات.

وفي الواقع، يمثل بريكست وضعاً خاسراً للطرفين، أقله في الأجل القريب. ويتضح ذلك بجلاء في أيرلندا، التي تمثل دولة صغيرة، لكنها محط الخسائر الأكبر المتأتية من بريكست، بغض النظر عن الشكل الذي سيتخذه.

ثمة تهديد واضح لـ"اتفاق الجمعة العظيمة" والسلام في أيرلندا الشمالية. ويتفاقم ذلك الآن بسبب استعداد الحكومة البريطانية للتخلي من طرف واحد عن أجزاء من بروتوكول أيرلندا الشمالية في سياق اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وفي ضوء الروابط الاقتصادية الوثيقة بين شمال الحدود وجنوبها، وضرورة مرور كثير من صادرات البضائع الأيرلندية ووارداتها إلى القارة ومنها عبر الأراضي البريطانية، فإن تلك المسألة على الرغم من كل شيء، أكثر أهمية لأيرلندا من بريطانيا. وستكون الضربة للدخل القومي لأيرلندا من غياب اتفاق مع تنفيذ بريكست، الأكبر نسبياً في الاتحاد الأوروبي، وأكبر من ضربة مماثلة للدخل القومي في المملكة المتحدة.

لذلك، لدى رئيسا الوزراء في التحالف الحاكم في أيرلندا، مايكل مارتن (حزب "فيانا فايل") وليو فارادكار (حزب "فاين غايل") مصلحة محققة، لكنها تختلف عن مصلحة ألمانيا، مثلاً، لأن أيرلندا تحتاج اتفاقاً مهماً كان الثمن تقريباً. في المقابل، يتمثل الخبر السار لدبلن في الدعم الذي تتمتع به في واشنطن، إلى جانب ذلك الموجود في بروكسل وبلفاست. إذ بات الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن من الأطراف الأكثر فاعلية الآن في المحادثات البريطانية الأوروبية. وقد أوضح بايدن آراءه في ما يتعلق ببريكست. ويواجه الرئيس المنتخب أيضاً، ضغوطاً محلية من أجل ضمان التوصل إلى اتفاق ينال موافقة أيرلندية. ويعني الفشل في التوصل إلى اتفاق مع بروكسل، واستطراداً مع دبلن، أن البريطانيين سيكونون حقاً داخل عزلة دبلوماسية في المستقبل المنظور. ومثلما يضيف ذلك إلى الصعوبات في لندن، فإنه يخفف المشاكل في أيرلندا. ويتجسد الشيء الوحيد الذي يتمنى قادة الحزبين المكرسين في أيرلندا تجنبه، في أن يتهمهم حزب "شين فين"، شمال الحدود وجنوبها، بالخيانة لمصلحة البريطانيين.

ولدى الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، التي يجري تجاوزها في المناقشات، مصالح أيضاً. إذ إن إسبانيا والبرتغال وإيطاليا معرضة بفداحة إلى خسارة أسواق لصادراتها وسائحين بريطانيين، في حين ألحق "كوفيد" الضرر باقتصاداتها فعلاً.

وفي أوروبا الشرقية، ثمة وظائف كثيرة في مصانع السيارات في سلوفاكيا وجمهورية تشيكيا وبولندا ورومانيا تعتمد جزئياً على سوق بريطانية سليمة. ولدى هذه البلدان وغيرها مجموعات مغتربة تعيش في المملكة المتحدة. ولدى ليتوانيا مثلاً، 200 ألف مواطن يعيشون في بريطانيا، ويمثلون 7 في المئة تماماً من سكانها. ويجب حماية مصالحهم من خلال المواد ذات الصلة الواردة في اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وهذا قد يصح أيضاً بالنسبة إلى السكان البريطانيين المقيمين في إسبانيا، والمقيمين جزئياً داخل منازل مخصصة للعطل في فرنسا وإيطاليا وغيرهما. وعلى الرغم من ذلك، قد تتأثر سبلهم الحياتية إذا فشلت المحادثات الحالية. ويمكن لتحديدهم الجهة التي يلقون عليها اللوم، سواء أكانت الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا أو حكوماتهم الخاصة، أن يكون له أثر سياسي محلي.

وفي الواقع، ثمة مصداقية لـ"الكليشة" المتكررة بأن للجانبين (28 جانباً في الواقع، بريطانيا و27 دولة في الاتحاد الأوروبي)، مصالح معرضة إلى خسائر ما يجعل التوصل إلى اتفاق أمراً حتمياً. وتتضح تلك المصداقية كلما نظر المرء أكثر في المجال السياسي الوطني المحلي لدى كل بلد. وعلى الرغم من كل شيء، إن تلك البلدان كلها ديمقراطية، ولكل بلد ومجلس إقليمي رأي، بل حق النقض، في ما يتعلق بالاتفاق. وستكون بعض المجتمعات معتمدة بشدة على العرف البريطاني، كمصنع "فورد فوكاس" في مدينة "سارلويس" الألمانية، أو المنتجعات اليونانية ذات الشعبية في صفوف الزائرين البريطانيين. فمن يستطيع معرفة كيف ستكون ردة فعل الناخبين إذا جرى بريكست في شكل يضر بهم؟ أو إذا أدى بعض الجدل حول الإعانات الحكومية للمزارع، أو أمر غير ذي صلة بقومية الـ"والون" البلجيكية، إلى إفساد الأمور، كما فعلوا مع الاتفاق الأوروبي الكندي، أو إلى محاولة الحصول على تنازلات في اللحظة الأخيرة، وهذا أكثر ترجيحاً. إن السياسة كلها مجال محلي، وفق ما يرددون.

© The Independent

المزيد من اقتصاد