اعتمد المغرب خلال الأعوام الأخيرة مخططاً يرتكز على مصادر الطاقات المتجددة، وأعلن وزير الطاقة والمعادن والبيئة المغربي عزيز رباح، أنه من المقرر تقليص الاستهلاك 20 في المئة بحلول عام 2030.
وقال رباح خلال اجتماع عن بعد لمجلس الانتقال الطاقي، الذي أطلقته المملكة المتحدة في إطار رئاستها لقمة المناخ "كوب 26"، "نأمل بتجاوز 52 في المئة من القدرة الكهربائية الموضوعة انطلاقاً من مصادر متجددة".
سياسة "طاقية"
وفي السياق، يقول رئيس الجمعية المغربية للصناعات الشمسية والرياحية أحمد الصقلي، إن تدبير المملكة لقطاع الطاقات المتجددة يشمل مستويين، الأول المشاريع الكبرى مثل "نور"، الذي عملت البلاد على تطويره بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، مع إنجازات الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
أما المستوى الثاني فيضم المشاريع الصغيرة، التي تتكلف بها الشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة، وهي أقل عدداً، وتحظى بأهمية ضعيفة مقارنة مع نظيرتها الكبرى، في الوقت الذي لا تزال تنتظر فيه التعديلات التنظيمية لمواكبتها وضمان فعاليتها، على حد تعبيره.
طبيعة صناعية مساعدة
تعتبر الحكومة المغربية أن طبيعة المجال الصناعي بالمملكة تسهم في اعتماد الطاقات المتجددة، إذ أكد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي حفيظ العلمي، أن بلاده قادرة حالياً على استخدام طاقة متجددة وتنافسية.
وشدد خلال أشغال World Power-to-X Summit التي نُظمت بالرباط بين الأول والثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على كون مخطط الإقلاع الصناعي المغربي القوي بمؤهلات عدة، جعل من إزالة الكربون من النسيج الإنتاجي أولوية مطلقة.
واعتبر العلمي أن تلك المعطيات جعلت من المغرب بلداً مرجعياً في مجالي تطوير الطاقات المتجددة والقدرة التنافسية البحتة، مؤكداً استفادة الرباط حالياً من هذه الميزة الكبيرة التي تتيح اقتراح طاقة نظيفة بكُلف تنافسية على الفاعلين والمستثمرين، مشيراً إلى أنه "على الرغم من أن طاقاتنا المتجددة تعتبر من ضمن الأكثر تنافسية في العالم، فإن اندماجاً أكثر عمقاً لصناعتنا سيتطلب أيضاً توليد طاقة تنافسية وخالية من الكربون".
وخلص الوزير إلى أنه بفضل الإمكانات في مجال الطاقة الشمسية والرياحية، فإن "المغرب مجهز لاستيعاب طاقات إنتاجية كبيرة، وذلك في إطار مقاربة تكاملية من شأنها أن تتيح لأوروبا تعزيز قوتها الصناعية، وللمملكة تموقعها كقاعدة صناعية تقدم لشركائها الأوروبيين مصادر طاقة ذات تنافسية، وإنتاجاً خالياً من الكربون".
أضخم مجمع طاقي
أنجز المغرب مجمع نور بمدينة ورزازات الواقعة جنوب البلاد، وذلك على مراحل ابتداء من العام 2016، ويعتبر المشروع أكبر محطة شمسية في العالم، حيث يمتد على مساحة 3 آلاف هكتار، ويضم مليوني لوحة شمسية تُنتج 580 ميغاواط، وهي كمية تكفي مليون منزل.
تقول المهندسة جيهان أفريحي، "يتكون مجمع نور ورزازات من أربع محطات للطاقة الشمسية، يسمح هذا التنوع بتجربة تقنيات مختلفة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف، "تنتج محطتا "نور ورزازات 1و2" الكهرباء باستخدام المرايا الأسطوانية، ويشتمل هذا النوع من محطات توليد الطاقة على محاذاة متوازية من المرايا شبه الأسطوانية الطويلة التي تتبع مسار الشمس بفضل دورانها حول محور أفقي، لتضمن تقنية التركيز هذه إنتاج الكهرباء لمدة تصل إلى سبع ساعات بعد غروب الشمس، بينما تعتمد محطة "نور3" على تقنية الطاقة الشمسية الحرارية، إذ تتكون من برج حراري شمسي و"هليوستات" يستخدم ليعكس الأشعة الشمسية على نقطة من دون تأثير حركة دوران الأرض، ثم يستقبل البرج أشعة الشمس المركزة بفضل مرطبات الشمس، في حين تشكل "نور4" أول محطة بتقنية الألواح الكهروضوئية، وتنتج الكهرباء من الإشعاع الشمسي الذي تلتقطه خلايا أشباه الموصلات".
استغلال الطاقة الرياحية
أكد وزير الطاقة المغربي أن المملكة منخرطة في مسلسل الانتقال الطاقي منذ 2009، من أجل تطوير الطاقات المتجددة مع تعزيز الاندماج الإقليمي. وفي هذا الإطار، أعلن عزيز رباح خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تشكيل لجنة متخصصة لوضع خريطة طريق مطلع يناير (كانون الثاني) 2021، لتطوير طاقة التيارات البحرية.
وشدد الوزير على ضرورة بلورة تفكير مشترك يهدف إلى البحث عن سبل الاستغلال الأمثل لطاقة التيارات البحرية، داعياً إلى تطوير مشاريع على المدى المتوسط والبعيد للإسهام في تنويع المصادر، تماشياً مع تنزيل أهداف الاستراتيجية الطاقية الوطنية.
إمكانات المغرب
من جانبه، أكد رئيس الجمعية المغربية للصناعات الشمسية والرياحية أن المناطق الجنوبية للمملكة تعرف جواً مشمساً وهبوب رياح قوية، كما تتوفر إمكانات ممتازة في الطاقات المتجددة، خصوصاً الشمسية والرياحية، إضافة إلى توافر الأراضي التي يمكن استغلالها لهذا الهدف، معتبراً أن تلك المميزات ستساعد في تعزيز مكانة المناطق الجنوبية كمحرك للتنمية الجهوية والقارية، وتشجع الاستثمار في القطاعات البحرية.
ودعا وزير الطاقة إلى درس الفرص الخاصة بالتعاون في مجالات التكنولوجيات الطاقية النظيفة، وتطوير السياسات والأطر التنظيمية لتشجيع الاستثمارات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال البحث عن حلول نظيفة، للتوصل إلى طاقة مستدامة وعصرية بحلول عام 2030.