يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة مغلقة الأربعاء بشأن الأزمة في ليبيا، إذ أدت المعارك إلى عرقلة الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للإعداد للانتخابات.
وقال دبلوماسيون إن مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة سيطلع المجلس على قراره تأجيل مؤتمر وطني يهدف إلى وضع خريطة طريق للانتخابات.
وقررت الامم المتحدة، الثلاثاء 9 أبريل، إرجاء "الملتقى الوطني" بين الاطراف الليبية الذي كان مرتقباً في منتصف أبريل إلى أجل غير مسمى بسبب المعارك في طرابلس.
وقال سلامة "لا يمكن أن نطلب الحضور للملتقى والمدافع تُضرَب والغارات تُشَنّ"، مؤكداً تصميمه على عقد الملتقى "بأسرع وقت ممكن".
وكان من المقرر أن يبحث المؤتمر وضع "خريطة طريق" لإخراج البلاد من الفوضى ومن أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
غارة وإدانة
في الأثناء، عُزلت ليبيا عن العالم، بعدما علّقت سلطات الملاحة الليبيّة حركة النقل الجوّي "حتّى إشعار آخر" في مطار معيتيقة الوحيد العامل في العاصمة طرابلس بعد غارة استهدفته.
وأعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مسؤوليّته عن الغارة التي لم تسفر عن وقوع ضحايا.
ويشير ذلك إلى تغير في موازين القوى، إذ يتفوّق الجيش الوطني بقيادة حفتر، وفق ما ينقل مراسل "اندبندنت عربية" في ليبيا محمد العربي، على الحكومة في طرابلس والمليشيات الموالية لها بسلاح الجو الذي يدخل لاعباً رئيساً في المعركة الحالية. علماً أن المطار الدولي، الواقع على بعد 30 كيلومتراً جنوب طرابلس، خارج الخدمة منذ تدميره في اشتباكات 2014.
وتتواصل المعارك حول طرابلس بين المهاجم، الجيش الوطني بقيادة حفتر، والمليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة برئاسة فايز السراج. ما أدّى إلى سقوط عشرات القتلى ونزوح أكثر من 3400 شخص.
وكشف المتحدّث باسم الجيش الوطني أحمد المسماري في مؤتمر صحافي، أنّ الغارة التي استهدفت مطار معيتيقة (شرق طرابلس) كانت تستهدف طائرةً عسكريّة من طراز ميغ 23 ومروحيّة هليكوبتر.
ودانت حكومة الوفاق الوطني الغارة، معتبرةً إيّاه "جريمة حرب وجريمة ضدّ الإنسانيّة"، متوعّدةً بمقاضاة مرتكبيه.
لا حل عسكرياً
إزاء ذلك، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التصعيد العسكري قرب العاصمة الليبية طرابلس، داعياً إلى وقف فوري للمعارك.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدّث باسم الأمين العام، إنّ غوتيريش "يُذكّر بأنّه لا يوجد حلّ عسكري للنزاع في ليبيا، ويدعو جميع الأطراف إلى الانخراط الفوري في حوار، بهدف إيجاد حلّ سياسي".
وكانت الدول الكبرى فشلت في التوصّل إلى قرار في مجلس الأمن يدعو حفتر إلى وقف هجومه نحو العاصمة حيث مقرّ حكومة الوفاق الوطني، على الرغم من المخاوف من وقوع حرب شاملة في هذا البلد النفطي الرازح تحت الفوضى منذ سقوط معمّر القذافي عام 2011.
وعرقلت روسيا صدور مشروع قرار قُدّم إلى مجلس الأمن مساء الأحد كانت الولايات المتحدة الأميركية بين مؤيّديه.
الضحايا
وإضافة إلى سيطرة الجيش الوطني بقيادة حفتر على المناطق الشرقيّة، بسط نفوذه في جنوب ليبيا ويستهدف حالياً الغرب حيث تقع طرابلس.، وحيث مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً والمدعومة من ميليشيات قويّة.
وأعلنت وزارة الصحة الليبية التابعة لحكومة طرابلس مقتل 35 شخصاً على الأقلّ وأصيب أربعون، منذ بدء هجوم عل طرابلس، الخميس 4 أبريل. وأشار المصدر إلى وجود مدنيين بين الضحايا، من دون تحديد العدد.
وأعلن الجيش الوطني، مساء السبت 6 أبريل، مقتل 14 عنصراً في صفوفه.
نزوح ومساعدات
ودعت مفوّضية الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين الأطراف المتحاربين إلى "ضمان سلامة جميع المدنيّين" و"السّماح بوصول مستمرّ للمساعدات الإنسانيّة".
وفي وقت لاحق، قال المتحدّث باسم الأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك، لصحافيّين في نيويورك، إنّ هناك 3400 شخص نزحوا بسبب المعارك.
وأضاف "الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة طاولت مناطق سكنيّة، وهناك عدد غير محدّد من المدنيّين غير قادرين على الفرار من هذه المناطق".
وكانت بعثة الأمم المتّحدة في ليبيا أطلقت "دعوةً عاجلة" الأحد 7 أبريل لهدنة من ساعتين في ضاحية طرابلس الجنوبية، بغية السّماح بإجلاء جرحى ومدنيين في ظلّ التصعيد العسكري. غير أنّ طرفي الصراع تجاهلا الدعوة، وأعلنت فرق الإغاثة الليبية عجزها عن دخول مناطق الجنوب.
الأهالي "بصورة اعتيادية"
وعلى الرغم من الاشتباكات على أبواب العاصمة، واصل أهالي المدينة حياتهم وسط الازدحامات وطوابير الانتظار أمام المصارف ومحطات الخدمات. وفتحت مدارس ومتاجر أبوابها.
وكان وزير التربية في حكومة الوفاق الوطني أعلن الأحد أنّ الدروس ستُستكمل "بصورة اعتيادية" في كل طرابلس، باستثناء مناطق الاشتباكات جنوب المدينة.
ودعت جامعة طرابلس الطلاب والمعلمين إلى الالتحاق بصفوفهم.