Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف صارت العاصمة الليبية الخالية من النفط مركزاً للصراع عليه؟

لا تملك طرابلس حقولاً لإنتاج الذهب الأسود ولا موانئ لتصديره

تتوجه أنظار العالم هذه الأيام إلى ليبيا، التي تملك أكبر احتياطي نفطي في القارة الأفريقية، بسبب العملية العسكرية التي أطلقتها القوات المسلحة العربية الليبية للسيطرة على عاصمة البلاد طرابلس.

ويرى مراقبون أن الصراع للسيطرة على طرابلس لا يهدف إلى امتلاك مفاتيح المؤسسات السياسية والتربع على السلطة فحسب، بل هناك باعث ومحرك آخر للصراع هو المؤسسات الاقتصادية السيادية الكبرى، على رأسها المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

وفي بلد يُصدّر مليوناً و600 ألف برميل نفط يومياً، لا بد أن تكون هذه الثروة الهائلة مطمعاً لأطراف الصراع الليبي، بسبب ما تضخّه من ملايين الدولارات يومياً. وبسبب هذه الثروة تحديداً وقعت حروب عدة في الهلال النفطي، الذي تصدّر موانئه 80 في المئة من إنتاج النفط الليبي.

لكن، ما علاقة الصراع في طرابلس، التي لا توجد فيها حقول لإنتاج النفط ولا موانئ لتصديره، بالرغبة في التحكم في مصادر إنتاج الذهب الأسود والاستفادة من مداخيله الضخمة؟

 

يجيب عن هذا السؤال كلام الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العربية الليبية أحمد المسماري، عندما قال في العام 2018، إثر آخر مواجهة مسلحة خاضها الجيش ضد التحالف الذي قاده إبراهيم جضران والمشكّل من ميليشيات متعددة المشارب للسيطرة على الهلال النفطي في وسط ليبيا، إن "قوات الجيش سئمت من لعب دور حارس النفط والمدافع عنه، بينما تذهب مداخيله إلى جيوب حكومة الوفاق في طرابلس ومصرف ليبيا المركزي التابع لها، من دون استفادة القوات المسلحة من درهم واحد".

والحال أن هذه القوات تسيطر على 90 في المئة من مواقع إنتاج النفط وموانئ تصديره، خصوصاً بعد تأمينها حقل الشرارة في منطقة أوباري، جنوب ليبيا، قبل أشهر، الذي يعتبر أضخم حقل لإنتاج النفط الليبي (حوالي 280 ألف برميل يومياً)، لينضم إلى حقول ضخمة أخرى، مثل السرير وزلة وموانئ التصدير في الهلال النفطي وميناء الحريقة في مدينة طبرق، شرق البلاد. بينما لا تسيطر حكومة الوفاق إلا على حقول صغيرة في غرب البلاد، وميناء واحد للتصدير في مدينة الزاوية، لا تنتج أكثر من 10 في المئة من النفط الذي تصدره ليبيا يومياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى قيادة القوات المسلحة الليبية، كما عبرت عن ذلك صراحة أكثر من مرة، أنها تتعرض للظلم بمنعها من التمويل التسلح والتدريب وصرف المرتبات إلى المنتسبين إليها من أموال النفط، الذي تؤمّن تصديره. إضافة إلى قناعتها بذهاب هذه الأموال إلى جيوب عرابي الميليشيات في طرابلس، لسيطرتهم على مفاصل الدولة كافة، وعلى رأسها المصرف المركزي. لذا، فإن السيطرة على طرابلس تعني ضمان مداخيل النفط بانتزاع المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي من أيدي حكومة الوفاق والميليشيات التي تسيطر عليها.

ويمتد تأثير إغراء الثروة النفطية إلى المواقف الدولية لبعض الدول الكبرى، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا، الراغبتين عبر شركتَي "إيني" و"توتال" في الاستفادة من الاستثمارات الضخمة، التي يوفرها النفط الليبي. وقد أدى هذا التنافس إلى تراشق حقيقي وتصادم بين البلدين، كاد يصل بهما إلى حد القطيعة والأزمة الدبلوماسية.

مما سبق يبدو جلياً أن المحرّك الخفيّ للصراع الليبي المسلح، الذي يبدو صراعاً على السلطة في ظاهره، هو السيطرة على المداخيل الضخمة التي يوفّرها الذهب الأسود للبلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل