Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستارباكس تعرض على موظّفيها الدراسة الجامعيّة مجاناً وهو ما سيكون له تأثير واسع يفوق حدود التصوّر

في عالمٍ تزداد فيه أهمية المؤهلات يوماً بعد يوم يجد الناس أنفسهم مضطرين إلى اجتياز سلسلة من الحواجز من أجل تحقيق النجاح على الصعيد المهني

الموظفون الأرقى تعليماً يرفعون مستوى و جودة الخدمات. (رويترز)

عندما تعرض ستارباكس على معظم موظّفيها الدراسة الجامعيّة مجاناً، ثقوا بأنّ شيئاً كبيراً على وشك الحدوث.

لطالما ساهمَت الشركات في الولايات المتحدة الأميركية وفي بريطانيا بالتأكيد، في تغطية تكاليف الدراسة الجامعية لطلاب مختارين، على أن يعود هؤلاء إلى العمل لديها بعد نيل الشهادة المتوخاة. يُمكن القول بأنّ هذه الفكرة هي نوع من أنواع التوظيف. لكن ما تُخطط له ستارباكس اليوم أوسع نطاقاً ويتوخّى أهدافا مختلفة.

إنه بالفعل مخطط أوسع نطاقاً بكثير يشمل 140 ألف موظّف من أصل 191 ألف موظف في الشركة، وهو يختلف عمّا سبقه من مخططات بحيث يرمي إلى تحسين فرص عيش الفئة العاملة من الشباب والمحرومين. وفي الوقت الرّاهن، يجري توسيع نطاقه ليضمّ عاملين لدى الشّركة في بريطانيا. ولو كُتب لهذه الفكرة النّجاح، فتوقّعوا أن تحذوا شركات أخرى كثيرة حذوها.

ويُفصح هذا عن شيء ذي بال عن التعلم العالي عموما. في المقام الأوّل، من سيغطي مصاريفه؟ ولكن أيضاً، هل هذه التكاليف مرتفعة جداً وهل يُمكن اللجوء إلى التكنولوجيا لخفضها؟ وهل هي مصمّمة خصيصاً لتلبية احتياجات الشباب المتغيّرة؟ وإلى ما هنالك.

الإجابات تختلف حسب البلدان. وفيما نحن جميعاً نُعاني، يُمكننا على الأقل أن نتعلّم من بعضنا البعض. ثمّة خلاصة ممتازة لمستقبل التّعليم هنا أعدّها روّاد المقارنة العالميين للأنظمة التعليميّة. لكن الآن، دعونا نُركّز على المشكلة المباشرة المتمثلة في السّؤال التّالي: "مَن ينبغي له تحمّل تكاليف التّعليم العالي؟"

من وجهة نظر خبراء الاقتصاد، من المهم النظر في مَن هو المستفيد. وبما أنّ هناك جدار فاصل بين الفرد (الذي يجني أكثر) والمجتمع ككلّ (حيث أنّ قوةً عاملة حاصلة على تعليم أفضل قادرة على رفع مستوى عيش الجميع)، ينبغي أن يكون هناك دمج بين الاثنين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أوروبا القارية -للتعميم   تحمل دافعي الضرائب معظم التكاليف. لكنّ هذا كبس مال التعليم العالي، وكانت النتيجة أن غابت جامعات بلدان الاتحاد الأوروبي عن قائمة أفضل ثلاثين جامعة في العالم. أما الولايات المتحدة وبريطانيا، فيُحمّلان الطلاب الجزء الأكبر من التكاليف، مع ما يترتب على ذلك من ديون هائلة تستمرّ معهم إلى ما بعد مرحلة الدراسة. ثمة حاجة ملحّة لمورد تمويل آخر.

وهنا يأتي دور الشركات. ولكن لمَ يتعيّن عليها التدخّل؟ الإجابة تنقسم إلى شقّين يتجليان بوضوح في هذه المبادرة من ستارباكس.

الأول هو أن الموظفين الأرقى تعليما يحسنون جودة الخدمات وينبغي –نظريا على الأقل-  أن يتجلى هذا حتى الحد الأدنى. ولطالما تصرّفت الشّركات على هذا النّحو، بغرض التوظيف كما أشرنا أعلاه، ولأجل رفع الإنتاجية كذلك.

أما الثاني فهو أن الشركات تزدهر في مجتمع متناغم. وهذا الهدف الأوسع يظلّ غير معلن في الطريقة التي تُقدّم فيها الشركة البرنامج. وفيما من السّهل علينا أن نكون مرتابين من مثل هذه الأهداف، أعتقد أنّ ذلك غلط. فروّاد أعمال العصر الفيكتوري – على غرار أسرة "كادبيري" و"الإخوان ليفير" – الذين كانوا الرعاة الأوّلين لتعليم الموظفين، كانوا يُخططون لشيءٍ ما.

لكن ثمة عنصر آخر في برنامج ستارباكس. وهذا العنصر بنظري، أهم إسهامات البرنامج التي تسدّ إحدى الثغرات الهائلة في نظام التعليم، ألا وهي الحاجة إلى إعطاء الأشخاص الذين حُرموا من الدراسة الجامعية فرصةً ثانية.

وفي عالمٍ تزداد فيه أهمية المؤهلات يوماً بعد يوم، يجد الناس أنفسهم مضطرين إلى اجتياز سلسلة من العقبات من أجل تحقيق النجاح على الصعيد المهني. فالانجرار خلف خيارٍ خاطئٍ واحد أو الإخفاق في امتحانٍ واحدٍ أو تلقّي ضربةً مفاجئة واحدة، قادر على إفساد حياة الناس إلى الأبد. وحقيقة أنّ باستطاعة أحدهم القيام بعملٍ ما قد تضيع هباءً إن لم يكن لديه الورقة الملائمة التي تؤكّد قدرته على تأدية هذا العمل. وفي أغلب الأحيان تكون الشهادة الجامعية السبيل الوحيد للاستحصال على هذه الورقة.

صحيح أنّ معدّ القهوة قد لا يُسارع ليُصبح جراح دماغ، كما أنّ بعض القرارات لا تتغيّر بمجرد استكمال الشبان دراستهم في وقتٍ متأخر، لكن ما تفعله ستارباكس اليوم هو ترقيع، ترقيع مفيد، للأشخاص الذين يشعرون بأنهم قد ضيّعوا على أنفسهم فرصة الالتحاق بالجامعة.

والدراسة التي تُقدّمها ستارباكس اليوم عبارة عن مقررات تعليمية إلكترونية؛ قد لا تحصلون من ورائها على الزمالة التي تتيحها الحياة الجامعية العادية. ولكنّ الأمر في هذه المرحلة لا يتعلّق بنمط العيش، إنما بالإنجازات الشخصية. وإن كان سيُساعد ستارباكس في تحسين أعمالها أيضاً، فليكن!                        

والسّؤال الأهم هو: هل يُمكن لانخراط المزيد من الشركات أن يُشكّل دعماً مادياً لتمويل التعليم العالي؟ لغاية اليوم، تكون أكثرية المساعدات قد صبّت في مصلحة تمويل الأبحاث، لأنّ الجامعات تقوم بإعداد أبحاث تُفيد مجتمع الأعمال. ولا مشكلة في ذلك. لكنّ مبادرة ستارباكس اليوم تقدّم أكثر من ذلك بكثير، ولن تتوانى الشركات الأخرى عن تقليدها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء