أعلنت الجزائر فتح أبواب الاستثمار على مصراعيها أمام الإماراتيين، وأقفلت نوافذ التشويش على العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ دعا وزير التجارة كمال رزيق المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين الإماراتيين إلى ولوج السوق المحلية، والاستفادة من الميزات.
دعوة ورسالة مشفرة
في المقابل، ذكرت وزارة التجارة أن الوزير كمال رزيق أجرى محادثات مع سفير الإمارات لدى الجزائر يوسف خميس سباع آل علي، حول ترقية التعاون التجاري بين البلدين، وتقويم حجم التبادلات التجارية بين الجانبين.
وأشارت إلى أن رزيق دعا المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين الإماراتيين إلى ولوج السوق الجزائرية، والاستفادة من الميزات التي توافرها للمستثمرين الأجانب، بخاصة مع حزمة إصلاحات اقتصادية تجريها الحكومة الحالية لتحسين مناخ الاستثمار، وإزالة العوائق كافة أمام المستثمرين، في سياق خطة تستهدف التحرر من اقتصاد النفط وتنويع الصادرات خارج المحروقات.
من جهته، جدد السفير الإماراتي وفق ما جاء في بيان الوزارة، التزام بلاده برفع مستوى التبادل التجاري مع الجزائر، والسعي المشترك للإسهام في تطوير اقتصاد البلدين، مضيفاً أن الطرفين اتفقا على تفعيل مجلس أعمال جزائري - إماراتي في أقرب وقت، لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الإماراتية إلى الجزائر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب دعا في يونيو (حزيران) الماضي، خلال لقاء مع سفير الإمارات، الشركات الإماراتية الى الاستثمار بشكل أكبر في الجزائر، والإسهام في المشاريع الطموحة التي سيطلقها القطاع مستقبلاً، إذ تطرق الطرفان خلال المحادثات التي جرت عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، إلى الفرص المهمة للشراكة والاستثمار بين البلدين، لا سيما في مجالات البتروكيماويات والطاقات المتجددة.
محاولات تشويش
على الرغم من أن التعاون الجزائري - الإماراتي يمتد لعقود، إلا أن خبر لقاء الوزير الجزائري بالسفير الإماراتي، أخذ حيزاً من الاهتمام بسبب توقيته الذي تزامن مع "تطاول" بعض الأطراف الخارجية على العلاقات الثنائية، في محاولة إفسادها خدمة لأجندات ضيقة، إذ تحدث نشطاء من المعارضة الجزائرية بالخارج عن غضب إماراتي من سياسات الجزائر التي "تعتبر أبوظبي أنها مناوئة لها"، مثل مواقفها من أزمة ليبيا والوضع في الساحل، ومسألة السلام مع إسرائيل.
وحول ذلك، يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، حبيب بريك الله، أن دعوة الطرف الجزائري صريحة نحو إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين البلدين في ظل "التوترات" التي تروج لها أطراف تسعى إلى توريط الجزائر في النزاع الدائر والقائم بين جبهة البوليساريو والمغرب في الصحراء الغربية.
وقال إن الجزائر من خلال دعوة وزير التجارة، وفتح السوق أمام المستثمرين الإماراتيين، تعطي للعالم درساً جديداً في العلاقات الدولية العربية – العربية، بعيداً من الحسابات الضيقة التي تروج لها بعض الجهات، كما أنها رسالة واضحة المعالم إلى أن الجزائر طرف محايد دائماً في قضايا النزاع، بل ويسعى إلى الحل السلمي.
ويشير بريك الله إلى أن الدعوة تكشف عن دخول الجزائر مرحلة جديدة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي ستسهل على المستثمر الأجنبي كل الإجراءات القانونية والمعاملات، للاستثمار بعيداً من البيروقراطية التي كانت تعانيها في السابق، موضحاً أن مجالات الاستثمار الإماراتي بالجزائر تنحصر في سوق العقارات والسياحة والمصانع، في ظل موقع الجزائر القريب من كل منافذ الضفة الأخرى، وامتلاكها كل الإمكانات في مجال الطاقة التي تستطيع تحويلها إلى منتوج يصدّر إلى أوروبا.
اهتمام إماراتي
وفي سياق الاستثمار الإماراتي، أكد الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، جمال سيف الجروان، أن المجلس يستهدف مضاعفة الاستثمارات في سبعة بلدان عربية منها الجزائر، من 55 مليار دولار إلى 110 مليارات، خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيراً إلى أن سعي مجلس الإمارات للمستثمرين إلى مضاعفة الاستثمارات الإماراتية في الجزائر والدول المعنية الأخرى، يرجع لأسباب عدة، أولها قوة العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والتجارية بين الإمارات وهذه الدول، إضافة إلى أن غالبيتها أقرّت قوانين واتفاقات مميزة لجذب وحماية الاستثمارات الأجنبية فيها، وأزالت كثيراً من القيود البيروقراطية التي كانت تواجهها، فضلاً عن أن هذه البلدان في أمس الحاجة لمشاريع تنموية واستثمارية عملاقة، بخاصة في البنية التحتية والتجارة والسياحة والعقارات، وغيرها من القطاعات التي تفوقت فيها الإمارات، وتحتاج هذه الدول لنقل التجربة الإماراتية إليها.
وأضاف أن إجمالي الاستثمارات في الدول السبع، مصر وعُمان والمغرب والجزائر والأردن والسودان وموريتانيا، يصل إلى حوالى 55 مليار دولار، تتوزع على 7.2 مليارات دولار لمصر، و15 مليار دولار للمغرب، و15 مليار دولار للأردن، و10 مليارات دولار في الجزائر، و4 مليارات دولار في سلطنة عُمان، وملياري دولار في السودان، وملياري دولار في موريتانيا.
تقديم إضافة للاقتصاد الجزائري
في سياق متصل، يعتبر أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة، عبدالقادر بريش، أن الجزائر بحاجة الى الاستثمارات الأجنبية سواء من الإمارات أو أية دولة أخرى، وما يلاحظ على الاستثمارات الإماراتية في الجزائر أنها ضعيفة، ماعدا الشراكة مع الجيش الجزائري في مصنع العربات والآليات العسكرية، موضحاً أنه كان على وزير التجارة أن يبحث مع الطرف الإماراتي كيفية تطوير المبادلات التجارية، وتسهيل دخول السلع الجزائرية للسوق الإماراتية، بخاصة ما يتعلق بالمنتوجات الزراعية الطازجة والصناعات الغذائية، إضافة الى مناقشة الإشكالات المرتبطة بتفعيل اتفاق التجارة الحرة العربية.
وتابع بريش أن "تفعيل مجلس الأعمال الجزائري - الإماراتي، فهذا أمر نثمنه"، ويجب على منظمات أرباب العمل وغرفة التجارة والصناعة والمستثمرين من الطرفين تفعيل هذا المجلس، مبرزاً أن من شأن الاستثمارات الإماراتية تقديم إضافة للاقتصاد الجزائري وتحسين الأوضاع، نظراً إلى القدرات المالية التي تتمتع بها الإمارات ومستثمروها، وفرص ومجالات الاستثمار، والعلاقات والاتفاقات التي تربط البلدين، على اعتبار أن إقامة استثمارات ومشاريع مشتركة سيقدم قيمة مضافة للاقتصاد الجزائري.
وأضاف أن المستثمرين الإماراتيين يمكن دخولهم مجالات عدة مثل العقارات ومراكز التسوق الكبرى والقطاع الزراعي والصناعات التحويلية والبتروكيماوية، وأيضاً قطاع الطاقات المتجددة.