Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بات مستقبل جوني ديب المهني على حافة الانهيار؟

الآن بعد تأكيد قاضٍ بريطاني أن وصف النجم بـ"ضارب زوجته" صحيح إلى حد بعيد فهل ستستغني هوليوود عن خدماته؟

نجم هوليوود جوني ديب متهم بتعنيف زوجته السابقة (غيتي)

ما هو وضع جوني ديب الآن؟ النجم الذي كان ذات مرة محبوب هوليوود الأكثر غرابة، وبطل سلسلتي "وحوش مذهلة" و"قراصنة الكاريبي" السينمائيتين، يواجه انهيار مسيرته المهنيه، بعدما قضت المحكمة العليا البريطانية بأن مزاعم ضربه زوجته السابقة أمبر هيرد كانت "حقيقية إلى حدّ بعيد".

"من صفات الشاعر تشارلز بوكوفسكي، الذي يعتبره ديب بطلاً، التصرف بشكل سيّء وإثارة الجدل. لم يقم تشارلز بوكوفسكي برفع دعوى قضائية ضد أي صحيفة على الإطلاق". هذا ما قاله ستيفن غيدوس​​، المحرر التنفيذي في مجلة فرايتي Variety، في أعقاب فشل المحاولة التي اتخذها ديب لمقاضاة صحيفة "ذا صن" على وصفها له بـ"ضارب زوجته".

ويتابع المحرر: "لم يرتكب بوكوفسكي هذا الخطأ الفادح قط. وفي حالة ديب، لن أسمّيه خطأ فادحاً بل سأطلق عليه وصف الخطأ الاستراتيجي الكبير. إذا كنتَ تدير شركة ترتكز على صورتك ورأس مالها هو جوني ديب المحبوب والفتى الشقي والأرعن قليلاً الذي يتجاوز كونه رجلاً مثيراً فقط... فإن قيامك [وبإخفاق] بمقاضاة شخص لأنه وصفك بضارب زوجتك - هو خطأ شديد الضرر".

ليس هناك توقيت جيد لخسارة قضية تشهير مرتبطة بالعنف الأسري. على كل حال، بالنسبة إلى ديب البالغ من العمر 57 سنة، فإن التوقيت كان سيّئاً بشكل خاص، إذ جاء تتويجاً لعقد من التراجع المحيّر، الذي يتضمن إبعاده عن سلسلة أفلام "قراصنة الكاريبي" Pirates of the Caribbean عام 2018.

لقد مرت 10 سنوات فقط منذ راح يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه يمتلك لمسة ساحر على ما يبدو تقلب التراب إلى ذهب في شباك التذاكر، من خلال بطولة فيلم "أليس في بلاد العجائب"  Alice in Wonderland الذي أخرجه تيم بيرتون وحقق أرباحاً عالمية وصلت إلى مليار دولار أميركي.

هل كان بإمكان أي ممثل آخر المحافظة على كرامته وهو يجسّد شخصية "ماد هاتر" في العالم المجنون الذي صنعه بيرتون؟ على كل، يمكننا أن ندرك ولو متأخرين أن "أليس في بلاد العجائب" كان بوضوح لحظة مجد أخيرة. بعد ذلك، أدت السنوات التي لازمت خلالها ديب الصورة النمطية للرجل الأشعث الذي يعيش حياته بخلاعة إلى غرقه في الانتقام.

كان انهياره، عندما حدث، سريعاً بطريقة صادمة. جاءت العثرات واحدة تلو الأخرى، إذ بدأ بعد بضعة أشهر فقط من "أليس في بلاد العجائب" مع فيلم "السائح"   The Tourist عندما شارك أنجلينا جولي البطولة المطلقة في هذا الفيلم الضعيف. ثم جاءت الأعمال الكارثية الثلاثة التالية: "يوميات رام" The Rum Diary (الذي التقى خلال تصويره بزوجته السابقة هيرد) و"ظلال قاتمة" Dark Shadows و"الحارس الوحيد"The Lone Ranger .

كان الألم شديداً بشكل خاص بسبب الفشل الذي لاقاه عام 2013 فيلم "الحارس الوحيد" بموازنته البالغة 250 مليون دولار أميركي، فقام فيه النجم بطلاء وجهه باللونين الأبيض والأسود لتجسيد شخصية "توتو" الكشافة الأميركي الأصلي من قبائل كومانشي. كانت رغبة ديب يائسة في الحصول على امتياز آخر مدرّ للأرباح إلى جانب "قراصنة الكاريبي". لقد  كان بحاجة إلى دخل إضافي للحفاظ على أسلوب حياة كان شبيهاً بنمط عيش ملك فرنسي خليع، أكثر من ممثل درجة أولى بدأ نجمه يخبو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدا أن ديب كان يتباهى بفجوره، وكانت هناك تكهنات بأنه ينفق ما مجموعه مليوني دولار شهرياً تغطي نفقات الحضانة لشريكته السابقة فانيسا بارادي، وإدارة شؤون عقار تبلغ مساحته 37 فداناً كائن في مقاطعة بروفنس الفرنسية ويضم قرية بأكملها، وتسيير يخت بقيمة 22 مليون دولار أميركي. عندما أثير موضوع الشائعات عن إنفاقه الباذخ على النبيذ في مقابلة أجراها النجم مع مجلة "رولينغ ستون" عام 2018، أظهر ديب الجانب المسرف والمتعجرف من شخصيته، قائلاً: "من المهين القول إنني أنفقت 30 ألف دولار أميركي على النبيذ... لأن المبلغ كان أكبر من ذلك بكثير".

يضيف غيدوس في مجلة فرايتي: "شارف جوني ديب على الستين سنة (من عمره). ويبدو أنه يمرّ بأزمة منتصف العمر طوال الوقت... على الرغم من أن إطلاق مصطلح منتصف العمر أمر صعب عندما تكون في سن الستين... لقد حاصر نفسه بالفعل إلى حدّ كبير. كم التفاصيل التي نراها الآن في صورة جوني ديب ليس جميلاً. كلمة جميل هي توصيف كنا سنستخدمه منذ عشر سنوات وما قبل للحديث عنه - رجل جميل، جميل شكلاً".

لقد ولّى منذ فترة طويلة المظهر الحسن والهالة الملائكية التي أحاطت أداءه في أعمال حققت نجاحاً كبيراً في التسعينيات، مثل "إدوارد سيزرهاندز" Edward Scissorhands و"إد وود"  Ed Wood. وعوض ذلك، فقد أرهقته شائعات التراخي وعدم الالتزام بالمواعيد في مواقع التصوير، وتردد كذلك أنه كان يُلقَّن حواره عبر سماعة أثناء تصوير فيلم "قراصنة الكاريبي: الرجال الموتى لا يكذبون"Pirates of the Caribbean: Dead Men Tell No Tales عام 2017.

قال شون بيلي، رئيس قسم الإنتاج في استوديوهات ديزني: "نريد تقديم طاقة ودماء جديدة. أنا أحب أفلام [قراصنة الكاريبي]، ولكن السبب في كون [الكاتبين المكلفين إعادة إطلاق السلسلة] بول ويرنك ورِت ريس مثيرين جداً للاهتمام، يعود جزئياً إلى رغبتنا في إعطاء السلسلة دفعة قوية... وهذا ما كلفتهما به".

بالتأكيد كان ديب يبدو متورّماً ويجرّ أذيال الهزيمة عند هبوطه درجات سلم المحكمة العليا في لندن. كما أنه لم ينم جيداً منذ خسارته قضية التشهير، التي أثارت تكهنات بأنه قد يُبعد عن الجزء الثالث من سلسلة "وحوش مذهلة"، الذي لم يحدد عنوانه بعد ويجري تصويره في مقاطعة هارتفوردشاير البريطانية.

يقول غيدوس: "إنه مؤذٍ للغاية... هل يمكن إخراجه من امتياز سينمائي كبير مثل وحوش مذهلة؟ نعم. هل يمكن أن يخسر عقود ترويج منتجات لشركة كبيرة مثل ديور؟ نعم. كل هذه  نكسات مدمّرة، كان مسؤولاً عن التسبب فيها لنفسه بنسبة 100 في المئة".

يخوض ديب قضية تشهير ثانية في الولايات المتحدة ضد آمبر هيرد بسبب مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" تحت عنوان: "لقد تحدثتُ عن العنف الجنسي - فواجهت غضب ثقافتنا. يجب أن يتغير ذلك". يزعم ديب أن ذلك المقال كان وراء إبعاده عن "قراصنة الكاريبي".

مع استمرار النظر في الدعوى، امتنعت وسائل الإعلام الأميركية إلى حدّ كبير عن إعلان خسارة ديب. في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن هذه قصة نجم أميركي يخسر قضية في محكمة بريطانية. وعلينا الانتظار لنرى مدى آثار الصدمة في لوس أنجليس. مع انشغال الولايات المتحدة بالكامل بتغطية الانتخابات الرئاسية، لم يتم بعد تقييم هزيمة ديب في قضية التشهير لمعرفة ما إذا كانت نكسة ستقضي على حياته المهنية.

يقول غيدوس إن ذلك ​سيعتمد كثيراً على كيفية ردّ فعل الجمهور على الحكم القضائي، مضيفاً: "إنه قرار محكمة مثير للجدل... ليس الوضع واضحاً كما في أمور أخرى. وأعني بهذا أن هناك بعض الأمور التي تؤدي إلى القضاء على المستقبل المهني لشخص ما في يومنا هذا. لكنني لن أقول إن قرار المحكمة هذا هو واحد منها على وجه اليقين. إنه قرار مضرّ بشكل كبير... لا أظن أنه قُضي على ديب بعد. أعتقد أنه تضرر بشكل كبير. من الواضح أن هذا هدف بحدّ ذاته".

 

أما دينيس ديفيدسون، الخبير في الشؤون العامة في مجموعة "دي دي إيه" للاستشارات الفنية، فيعتبر في رسالة وبالبريد الإلكتروني: "إنه يواجه وقتاً عصيباً للغاية... العنف الأسري موضوع مضرّ حقاً، ولن يجد ديب تعاطفاً كبيراً أينما ذهب".

وتقول الناقدة السينمائية في "اندبندنت" كلاريس لافري: "أملنا دائماً هو أننا نمضي إلى الأمام - وأنه سيتم النظر أخيراً في ادعاءات سوء المعاملة بالشدة التي تستحقها، وأن هوليوود ستدرك حقاً الضرر الذي سيلحق بها عندما يُسمح لهؤلاء الأفراد بأن يكونوا في مواقع السلطة".

لكن لسوء الحظ، نحن لا نعيش في ذلك العالم بعد. تعمل صناعة السينما، وكل الصناعات الأخرى تقريباً الموجودة في هذا الكوكب، بجدّ لحماية المعتدين. نحن نعلم هذا. يقال للضحايا، مراراً وتكراراً، إن صدمتهم لا قيمة لها. قبل عامين، تم ترشيح فيلم من إخراج رجل له تاريخ طويل من ادعاءات الاعتداء الجنسي لنيل أوسكار أفضل فيلم... لا تزال وسائل الإعلام تجري مقابلات تزلّف مع وودي آلن. ولا يزال ميل غيبسون نجماً. لقد شعرت بالفزع لرؤية قضية ديب تتحوّل إلى مادة للقيل والقال. لكن ذلك لم يفاجئني بشكل خاص. من السهل أن نعلن الآن نهاية حياة ديب المهنية، لكن هذا لا يتناسب بالضبط مع الحكايات التي نسمعها بشكل مستمر في هذا القطاع. ببساطة، لا يمكن للرجال الذين يتمتعون بهذا القدر من السلطة أن يخسروا".

وسط الإسراف وسوء اختيارات الأفلام، ربما كان الخطأ الأكبر الذي ارتكبه ديب هو قربه الشديد من الأشخاص الذين يعتبرهم أبطالاً. إنه معجب بالشاعر بوكوفسكي والصحافي هنتر إس تومبسون حدّ العبادة، وهما كاتبان متمرّدان كانا يعيشان على صيت التهوّر. ومن الواضح أنه يرى نفسه خارجاً عن القانون مثلما كان كيث ريتشاردز، عازف الغيتار في فرقة "رولينغ ستونز"، الذي استند إليه في رسم شخصية جاك سبارو في "قراصنة الكاريبي" (كما قام ديب برواية النسخة الصوتية من كتاب مذكرات ريتشاردز).

على الرغم من ذلك، فإن ديب ليس صحافياً مشاكساً يكتب في سبعينيات القرن الماضي قبل زمن اللباقة السياسية ولا هو (ديب) أحد رموز موسيقى الروك الذي يمكن أن يُسامح لتناوله "الكوكايين على الفطور" (أحد تفاصيل أسلوب حياة ديب التي كُشفت في المحكمة). يخضع نجوم السينما لمعايير مختلفة. لا يصطحب أحد أطفاله إلى حفلات "رولينغ ستونز". لكن العائلات على كل حال تشكّل السوق التي تنشدها "ديزني" من خلال أفلام "وحوش مذهلة". ويبدو أن ديب لم يعد يدرك أي نوع من الوحوش قد صار.

لكن، هل هناك طريق للعودة؟ على المدى القصير، يكمن الخطر في تلاشي الشبكة المهنية التي تدعم ديب. عام 2016، ترك وكالة "يو تي إيه" التي أمضى معها وقتاً طويلاً للتوقيع مع شركة "سي إيه إيه"، رائدة الصناعة الفنية. ومنذ ذلك الحين، تتعرض الأخيرة للانتقاد بسبب تمكين السلوك السيّء لعملائها وتورّطت في فضيحة خلال حملة "مي تو" MeToo# (التي تدعو إلى نبذ التحرش بالنساء).

عام 2018، ادّعت المغنية الأميركية كورتني لوف أن "سي إيه إيه" وضعتها على قائمتها السوداء لأنها انتقدت هارفي وينستين قبل 13 عاماً. اعتذرت الشركة بشكل علني "لأي شخص خذلته الوكالة" وسط تقارير تفيد بأن الشركة واصلت إرسال ممثلات لإجراء لقاءات خاصة مع وينستين على الرغم من تحذيرها من سلوكه. وبعد أن مرت الوكالة بكل ذلك، هل ستبقى مخلصة لـديب؟

قد تقرر شركة "وورنر بروذرز"، من جانبها، كما ذكرتُ سابقاً، أنه سيكون من الصواب قطع العلاقات مع ديب عندما يُستأنف تصوير الجزء الثالث من "وحوش مذهلة" الذي لا يحمل عنواناً بعد، في مجمعها الكائن في ليفزدين. الجزء المقبل من السلسلة التي تسبق أحداثها أفلام هاري بوتر، فإنه غارق للتو في الجدل بعد التصريحات التي صدرت عن المؤلفة جي كي رولينغ حول الأشخاص المتحولين جنسياً وادعاءات بـ"استخفافها بالمثليين" بسبب تصوير العمل المحايد لرئيس العرافين البروفيسور "دامبلدور" عندما كان شاباً.

لن يكون التخلص من ديب مُربكاً بالدرجة التي قد يبدو بها الأمر في البداية. فشخصية العرّاف الشرير "غريندلوالد" التي لعبها في أفلام "وحوش مذهلة"، هي شخصية تغير هيئتها الخارجية في نهاية المطاف، وقد جسّدها الممثل كولين فاريل في البداية. بالتالي، سيكون استبدال ديب بنجم أقل إشكالية مَخرجاً مغرياً.

في كلتا الحالتين، كيف يمكن لـديب أن يستردّ اعتباره على المدى الطويل؟ لقد تعهد محاموه بالطعن في حكم المحكمة العليا "الخاطئ والمحيّر". لذا يبدو من غير المحتمل أن يطلق حملة جماهيرية يعبّر فيها عن ندمه.

يقول غيدوس: "لا أعرف إن كان في هذا العمر مهتماً في عكس ما حصل أو تأكيده... يمكنك التخلص من تلك الصورة طالما أنك لا تؤذي أي شخص آخر... إذا كنت تقوم بإيذاء نفسك، إذا كنت تلحق الضرر بكبدك، فهذا أمر معين. لكن إلحاقك الأذى بكبد شخص آخر، فقضية مختلفة. لقد تضرر غروره وكبرياؤه واسمه وصورته بشكل كبير بسبب توصيف صحيفة "ذا صن" البريطانية له بـ "ضارب زوجته". لقد كان ذلك خطأ استراتيجياً كبيراً". 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما