Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجاهلوا قضية جوني ديب فعلينا تحقيق الأمان لضحايا العنف المنزلي

لا ينبغي أن تكون أنظمتنا ومؤسساتنا أسلحة تُستخدم لإسكات ضحايا العنف المنزلي بل علينا حمايتهم

لا يمكن أن يكون من الصواب أن يشتري المال حصانة لممارسات غير قانونية وإجرامية أحياناً (رويترز)

حسناً، سأتحدث عن القرار القضائي في محاكمة جوني ديب. بالنسبة إليّ، لم تكن المحاكمة تتعلق كثيراً بالأشخاص الذين شملتهم، فأنا لست مهتمة بـ"البريق" الهوليوودي لمحاكمة تخصّ أمراً مؤلماً وشاقاً لجميع المعنيين. وكما هو الحال دائماً، يرجع اتخاذ القرار في أي قضية محددة إلى المحاكم. وفي هذه القضية، كان القاضي واضحاً: "لقد وجدتُ أن معظم الاعتداءات التي زعمت السيدة هيرد أن السيد ديب أنزلها بها ثبتت وفق المعايير المدنية". لا بد من ذكر أن السيد ديب لم يُؤثم في محكمة جنائية.

على كل حال، الأهم من ذلك، ما كان يحدث خارج قاعة المحكمة تلك. لم أكن أرغب في أن يثني الصخب الإعلامي والدعاية الضحايا عن الإبلاغ عما حصل لهم، أو أن تكون الرسالة التي تصل هي أنهم سيواجهون إجراءات قانونية إذا قاموا بالتبليغ. لم أرد أن تتحدث الصحف عن القصص الخرافية والقوالب النمطية القديمة عمَن يمكنه أن يكون ضحية أو أن لا يكون. مرة أخرى، تمت دعوتنا، نحن الجمهور، إلى البحث عن "الضحية المثالية"، كما لو أنها موجودة في الحياة الواقعية. لا، ليس هناك وجود لها.

ما أثار دهشتي أيضاً، هو الخطورة المحتملة لرؤية الناس نظامنا القانوني يُستخدم كأداة لإسكات ضحايا الانتهاكات - وكيف يمكن أن يُستغل القانون من قبل أولئك الذين هم في موقع القوة لمواصلة التحكم بموقف ينطوي على إساءة أو مضايقة.

خلال أوج حركة مي تو  #MeToo ، بدا الأمر كأن موقع القوة بدأ بالتغير ويتم تحطيم عصر الصمت والتكتم. انتابني لفترة قصيرة شعور كما لو أنه يُنظر أخيراً للاعتداء الجنسي على من هم يمتلكون سلطة أقل، وهم من النساء عادة، على حقيقته كإساءة مدمرة. كشفت #MeToo كيف أن الأسرار والأكاذيب قد سيطرت على الناس في كل الصناعات تقريباً. مع ذلك، وكما الحال عند أي تحول في موقع السلطة، قامت القوة القديمة بالمقاومة، ويبدو الآن أن هناك ميلاً مقلقاً لدى من يمتلكون مالاً كافياً لاستخدام نظام العدالة لدينا لإسكات الضحايا الذين يتحدثون عن تجاربهم. 

تُظهر أرقام وزارة العدل أن هناك ازدياداً في ضحايا العنف الأسري في هذا البلد يخوضون معارك قضائية في محاكم الأسرة من دون أن يكون لديهم أي تمثيل قانوني على الإطلاق بسبب التخفيضات في أموال المساعدة القانونية. إنني أسمع عنهم كل أسبوع مع الأسف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن قيام الأثرياء باستخدام اتفاقيات التكتم عن الحقيقة لإسكات الضحايا ليس بالأمر الجديد بالطبع. لقد شهدتُ اتفاقيات كتمان قيل فيها للنساء إنهن لا يستطعن إبلاغ الشرطة أو طلب المشورة أو التحدث إلى المهنيين الصحيين عما تعرضن له من تحرش جنسي وعنف. لكن يبدو أن هناك تصعيداً في محاولات الإسكات تلك.

لقد سمعت مؤخراً عن ناجين من العنف الجنسي كانوا يواجهون دعاوى مدنية عقب تحدثهم عبر الإنترنت بشكل علني عن تفاصيل الانتهاكات التي تعرضوا لها. يواجه الناجون دعاوى مدنية بتهم من قبيل إساءة استخدام معلومات خاصة والمضايقات والتشهير. إنهم يتلقون تهديدات بمواجهة القضاء أو يُطلب منهم "التوقف والامتناع". 

بالطبع، هناك توازن يجب تحقيقه: توجد مثل هذه القوانين لحماية السمعة كما ينبغي. لكن من المرعب جداً أن يتم منع الضحايا من التحدث عن تجاربهم الخاصة مع الإساءة. ويبدو أن الأشخاص المتحكمين في هذه اللعبة هم أصحاب المداخيل الأعلى. لا يمكن أن يكون من الصواب أن يشتري المال حصانة لممارسات غير قانونية وإجرامية أحياناً تقع في مكان العمل. ولا يمكن أن يكون صائباً خوف الضحايا الشديد من التحدث عن تجاربهم.

الرسائل التي نرسلها إلى الضحايا مهمة. ومع دخول البلاد حالة إغلاق ثانية، يخطر ببالي مباشرة أولئك الذين يعيشون في ظل حكم الرعب في منازلهم. خلال الأيام الأولى من الإغلاق الأول، بدا أن الحكومة فشلت حتى في تذكّر أن ضحايا العنف المنزلي موجودون أصلاً. لم تبدأ بتوجيه رسالة أكثر دقة للأشخاص الذين ليسوا في مأمن في منازلهم إلا بعد أسابيع من التشديد على رسالة "ابقوا في منازلكم" التي كانت الحكومة ترسلها إلى كل مكان. لقد حدث تأخير كبير - تمكّن بعده حزب العمال من الحصول على تمويل طارئ من الحكومة بقيمة 76 مليون جنيه استرليني (حوالي 95 مليون دولار أميركي)، موجه للخدمات المتخصّصة في مجال العنف المنزلي والجنسي للتعامل مع زيادة هائلة لكن غير مفاجئة في الطلب عليها.

خلال هذا الإغلاق الجديد، يجب على الحكومة ضمان أن مؤسساتنا ومقدمي الخدمات لدينا: من الشرطة إلى المحاكم والخطوط الأمامية لخدمات العنف المنزلي ومراكز الإيواء، تتمتع بالدعم المناسب للوفاء بوعود حصول الضحايا على الحماية والعدالة. لا يمكننا تكرار الأخطاء التي حدثت في الربيع. الكثير من الأرواح تعتمد على هذه الضمانة.

يُتخم ضحايا العنف المنزلي يومياً برسائل من قبل المعتدين عليهم. مثل: "لن يصدقك أحد"، "سيأخذون الأطفال إذا تقدمت بشكوى"، "سأقول للناس إنك مجنونة وتسرفين في تعاطي الكحول إذا أخبرت أحداً"، "سيتم ترحيلك إذا تفوّهت بحرف". تستخدم هذه العبارات للسيطرة على الضحايا وشلهم. لهذا السبب، إن ما يقوله قادتنا ووسائل إعلامنا ونظامنا القضائي مهم للغاية. يجب أن نرسل رسالة مضادة تقول لجميع الضحايا بكل وضوح: إذا تقدمتم بشكوى فسنحميكم ونصدقكم وندعمكم.

آمل أن تكون الرسالة قوية وواضحة: بغض النظر عن مكانتك، فلن يُسمح باستخدام أنظمتنا ومؤسساتنا كسلاح لإسكات الضحايا. فالصمت لا يحل أي مشكل.

© The Independent

المزيد من تحلیل