Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"موجة بايدن الزرقاء" حدثت في أميركا كل ما في الأمر أننا غفلنا عنها

لا تدعوا نظام المجمع الانتخابي والولايات المتأرجحة ينطلي عليكم ويدفعكم للاعتقاد أن الأميركيين لم يعبروا عن رفضهم القاطع للجمهوريين هذا الأسبوع

الرئيس المنتخب جو بايدن يحادث طفلا خلال حملته الانتخابية في ميشيغان (رويترز)

في صباح يوم الانتخابات، كان الديمقراطيون يتطلعون إلى "موجة زرقاء" وشيكة تتنصل بشكل كامل من الرئيس دونالد ترمب وإدارته.

وبحلول مساء الثلاثاء، كان المتحدثون السياسيون يقولون للناخبين المتأملين، إن "الموجة الزرقاء" لن تحدث أبداً. فقد أظهرت نتائج انتخابات الكونغرس المخيبة، على حد قولهم، رفض غالبية الأميركيين السياسات التقدمية، حتى لو انتهى بها الأمر بإيصال بايدن إلى البيت الأبيض، لكن الحقيقة أن الموجة حدثت بالفعل، والأهم من ذلك أنها اكتسحت البلاد طولاً وعرضاً في ظل انتخابات مثيرة للجدل ومتقاربة لم تحسم نتيجتها حتى وقت نشر هذا المقال.

كل ما في الأمر أنه تم التغاضي عنها، لأن النظام يُعتّم عليها، ويحجبها. فالمجمع الانتخابي، جنباً إلى جنب مع النظام الذي يضمن ارتهان نتيجة كل انتخابات رئاسية لحفنة من الولايات، قادران على تشويه الحقيقة لتبدو أسوأ مما هي عليه، لكنكم لو نظرتم إلى الأرقام، لرأيتم بوضوح الدفعة التقدمية وراء النتائج التي تبدو حتى الآن غير ملهمة.

وبالفعل، حصل المرشح الديمقراطي ونائب الرئيس السابق جو بايدن على أصوات أكثر من أي مرشح رئاسي آخر في تاريخ الولايات المتحدة، و"الحبل على الجرار"، ففرز الأصوات لم ينتهِ بعد. وفي يوم الأربعاء، حطم بايدن الرقم القياسي للأصوات الشعبية التي حازها الرئيس السابق باراك أوباما في 2008 – 69.4 مليون صوت – محققاً 72 مليوناً و263 ألفاً و868 صوتاً حاسماً، أي ما يزيد قليلاً على 50 في المئة من مجمل الأصوات التي أحصيت حتى ذلك الوقت.

نعم، ما يحدث غير مشجع – وتذكير مؤلم بأن عدداً ملحوظاً من سكان الولايات المتحدة سعيد بتحمُّل، وحتى قبول، الإساءات السافرة – مع تأمُّل أكثر من 68 مليون شخص في السنوات الأربع الأولى لرئاسة ترمب، وقولهم له "رجاءً سيدي، أيمكنني أن أحظى بالمزيد؟"، لكن من المشجع بالقدر نفسه معرفة أن أكثر من 72 مليون أميركي طالبوا بالتغيير؛ وقد أرادوا التغيير بشدة لدرجة أن ما يزيد على 102 مليون – أغلبيتهم من الديمقراطيين - أقبلوا على التصويت قبل يوم الانتخابات في خضم جائحة فتاكة. وهؤلاء المقترعون، سواء اقترعوا غيابياً أو مبكراً، هم السبب في استمرار عد أصوات ولاية بنسلفانيا (المهمة) التي تعتبر جزءاً من لعبة حسم الانتخابات بالنسبة إلى جو بايدن؛ وهم أيضاً السبب في انقلاب أريزونا من الأحمر إلى الأزرق وفي فوز الديمقراطيين في ميشيغان وويسكونسن وفي تحول جورجيا إلى ولاية "متأرجحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمعلوم عن الديمقراطيين أنهم هم الذين انتخبوا أول سيناتور دولة متحولة جنسياً في ديلاوير، وأول سيناتور سوداء عن ولاية ميسوري، وأول سيناتورين مثليين من العرق الأسود عن ولاية نيويورك، وهم الذين اختاروا أول مسلمة عابرة جنسياً للفوز في مقعد في الهيئة التشريعية لولاية أوكلاهوما، وهم الذين جعلوا من نيو مكسيكو أول ولاية أميركية ترسل وفداً مكوناً من نساء ملونات إلى الكونغرس.

وفي اليوم المحدد لانتخابات 2020، ضربت الموجة الزرقاء ضربتها، لكنها لم تصب سوى حاجز مدعوم من قبل نظام انتخابي متهالك ومتجذر في العنصرية والعبودية، مصمم خصيصاً من أجل تمكين المقترعين البيض قبل كل شيء.

وفي حين نمضي قدماً بإجراء مراجعة للانتخابات الرئاسية 2020 – وهناك قضايا عديدة و"لحظات إيمان حقيقية" كثيرة تتطلب من الديمقراطيين دراسة متأنية، ومن ضمنها القرار الفادح الذي اتخذه الحزب بشأن القاعدة الانتخابية اللاتينية واعتبار أصواتها متجانسة وعديمة الفائدة – علينا أن نحذر من عدم صرف النظر عن شعور الإنكار الذي أعرب عنه الناخبون إزاء الرئيس الحالي. ولا داعي لأن نُصغي إلى المعلقين من قبيل كلير ماكاسكيل، السيناتور السابقة التي أفادت لشبكة "أم أس أن بي سي" يوم الخميس، بأن الديمقراطيين "تخلوا" عن "المقترعين الذين ينتمون إلى الطبقة العاملة"، وصبوا جام تركيزهم على "مسألة السلاح أو الإجهاض، أو زواج المثليين وحقوق المتحولين جنسياً، وسواهم من الأشخاص الذين، نحن كحزب، نهتم لأمرهم".

وفي حديثها، ادعت ماكاسكيل قائلةً "في حين كنا منشغلين بمناقشة سطحية للقضايا العالقة دون الولوج بصلبها، تركنا المقترعين لحال سبيلهم، وفتحنا المجال أمام الجمهوريين ليفرضوا أنفسهم على الساحة"، لكن الوضع الآن لم يعد يحتمل، وثمة أكثر من 72 مليون ناخب يخالفوننا الرأي.

ووفقاً للأرقام، فإن 70 في المئة تقريباً من الأميركيين، بينهم ثلث الناخبين الجمهوريين، يؤيدون الحصول على الحق في الإجهاض. واعتباراً من عام 2019، بات 61 في المئة من الأميركيين يدعمون زواج المثليين و62 في المئة منهم "أكثر دعماً لحقوق المتحولين جنسياً مما كانوا عليه قبل خمس سنوات". وفي الوقت الذي يعارض فيه 66 في المئة من الأميركيين فصل العائلات على الحدود، يعتبر 65 في المئة منهم أن ترمب لا يأخذ مسألة "كوفيد-19" على محمل الجد.

وبأعداد قياسية، عبر الناخبون عن آرائهم بطرق مختلفة، وأصدروا إدانة مدوية للرئاسة تركت البلاد أكثر مرضاً وفقراً وخطراً مما كانت عليه قبل أربع سنوات.

وأخيراً، أتت الموجة. والحقيقة، إننا كنا نتلطم في متاهاتها منذ عام 2018، أي منذ زاد عدد المرشحات الإناث للمناصب العامة. وهذه المرة أيضاً تجاهلنا الموجة وغضضنا الطرف عنها بوجود سياسيين نافذين يستفيدون من نظام تصويت معطوب، ويرفضون التخلي عن المجمع الانتخابي، بل ويسمحون لكل الأميركيين، حيثما كانوا، بلعب دور مهم وديناميكي في عملية اختيار هوية الرئيس القادم للولايات المتحدة.

ولحين حدوث متغيرات، مكتوب على كل موجة تقدمية ناجمة عن أصوات أكثرية الناخبين في هذه البلاد، أن تُوأد، ولكن هذا لا يعني أبداً أن هذه الموجة، أو تلك، غير موجودة.

© The Independent

المزيد من آراء