Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرات فلسطينية ترفيهية وتعليمية لإنقاذ "أطفال خلف الجدار"

الحاجة ملحة لإنشاء مرافق تخفف من الضغط والكبت والاكتئاب

"أطفال خلف الجدار" مشروع لتعزيز دور الأطفال وأسرهم في المناطق المهمشة (اندبندنت عربية)

يقفز أحمد وياسر فرحاً وهما يراقبان عامل البناء من وراء سياج، وهو يجهز حديقة الأطفال الخاصة بهما، ويخططان لوقت طويل وهما يلعبان فيها، فالشوق والشغف للأرجوحة الجديدة كبيران جداً، خصوصاً أن ألعاب الحديقة القديمة المهترئة تسببت لسنوات بتمزيق ملابسهما وجرحهما أثناء اللعب. وعلى الرغم من خطورتها، لم يتوقف الأطفال عن الذهاب إليها، فهي المتنفس الوحيد أمامهم للعب بدلاً من الشارع.

المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبعد دراسة معمقة للحالة النفسية الصعبة التي يعاني منها أطفال القرى الفلسطينية الملاصقة للجدار الإسرائيلي، قرر بالشراكة مع مؤسسات دولية إطلاق مشروع "أطفال خلف الجدار"، الذي يؤسس لبناء حدائق للأطفال ومتنزهات ترفيهية عامة.

يكشف شحدة عوض الله المنسق العام للمشروع أنه "بعد زيارات ميدانية لبعض القرى في منطقة غرب الضفة الغربية، تبين أن هناك ظلماً كبيراً يقع على الأطفال هناك، فهم محرومون من أدنى الحقوق الإنسانية، ولا يتوفر لهم أي متنفس للعب، لذا كانت الحاجة ملحة لإنشاء مرافق تخفف من الضغط والكبت والاكتئاب الذي يعاني منه أطفال تلك المناطق".

دعم نفسي

سيستمر المشروع لعامين متتالين بتكلفة تقديرية تصل إلى 150 ألف دولار، وقد أنشئت حديقتان للأطفال على مساحة ألفي متر مربع، تخدمان أكثر من 200 طفل كمرحلة أولى، مع تأهيل متنزه "أبو ليمون" على مساحة 13 دونماً (الدونم 1000متر2) في قرية بلعين غرب رام لله. مما سيوفر لمئات العائلات مساحة حرة لممارسة أنشطة متعددة. وفي المرحلة الثانية سيجري الانتقال تدريجاً إلى القرى المجاورة والمحاذية للجدار، وفي محافظات شمال الضفة الغربية والأغوار".

يضيف عوض الله "أطفال خلف الجدار ليس مشروعاً للعب والمرح وحسب، بل لتعزيز دور الأطفال وأسرهم في المناطق المحاذية للجدار أو المناطق المهمشة أيضاً، ليصبحوا قادرين على تأكيد حقهم في الصحة البدنية والنفسية والاجتماعية، ولتمكينهم من التعبير عما يتعرضون له من انتهاكات من جانب المستوطنين والجيش القريبين من المنطقة، فأكثر من مرة يتم تحطيم الألعاب وتدميرها وإرهاب الأطفال بالسلاح وقنابل الصوت والغاز، ناهيك بالشتم والإهانة والصراخ الذي ينهال على الأطفال حال رؤيتهم يلعبون وحدهم، فاضطررنا إلى استبدال المقاعد الخشبية بأخرى حجرية، ودورات المياه أصبحت متحركة خوفاً من تحطيمها، ووضعنا أكشاكاً لتفعيل المكان وجعله أكثر حيوية، إضافة إلى بوابة حديد وحارس للمتنزه، للتخفيف من الاعتداءات على الأطفال".

الحق في اللعب

ولأن اللعب فرصة للتنفيس وتفريغ الطاقات لدى الأطفال، عملت مؤسسة "الحق في اللعب" في فلسطين، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنوروا) على دمج اللعب في التعليم، وخصوصاً في المناطق المهمشة التي يعاني أطفالها من قلة الإمكانات، بتقديم الدعم الفني واللوجستي للعديد من المدارس الفلسطينية، من خلال تجهيز غرف صفية تفاعلية نموذجية، على الأسس التعليمية والتربوية الحديثة التي تراعي الاحتياجات النفسية والتعليمية للتلامذة، وتلبي متطلبات التعليم التفاعلي النشط المبني على مفهوم التعلم من خلال اللعب الهادف.

ويلفت جميل سوالمة إلى قيام مؤسسة "الحق في اللعب" في فلسطين، بتأهيل مئات المعلمين والمتطوعين، خصوصاً في المدارس التي يعاني تلامذتها من ضعف في التحصيل العلمي لأسباب مختلفة قد تكون نفسية أو بيئية أو مجتمعية، وبتوصية من وزارة التربية والتعليم وصلنا إلى مدارس قريبة من المستوطنات ومحاذية لجدار الضم والتوسع، في مناطق مختلفة من القدس الشرقية والضفة الغربية والأغوار والمخيمات، ومناطق ج (خاضعة للسيطرة الإسرائيلية) حيث يعاني بعض التلامذة من أوضاع نفسية صعبة، وضعف في التحصيل الدراسي".

حقيبة اللعب

يتابع سوالمة "اللعب وفق رؤيتنا ليس مجرد نشاط ترويحي من دون هدف، بل له قواعد وأسس محددة ومدروسة، فبعض البرامج لدينا ترتكز على ألعاب بدائية شعبية كان يلعبها الأطفال منذ عشرات السنين، مثل القفز على الحبل أو الجري، لكن الجديد هو أننا ننفذها بطريقة علمية للوصول إلى نتائج ملموسة في شخصية الطفل، بحسب الفئات والاحتياجات، وبعد التدريب والتأهيل، يستلم المعلم أو المدرب حقيبة اللعب التي تضم أدوات اللعب، وكتباً تشرح قواعد تطبيقها، ونبقى بعد ذلك على تواصل معه للاطلاع على حسن تطبيقه المنهجية التي تضمن تحسين نوعية التعليم وجودته وصقل شخصية التلميذ والمعلم على حد سواء، بما يعزز بيئةً تعليميةً آمنة وجميلة".

حقوق منتهكة

وفق الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (فرع فلسطين)، فإن أكثر المناطق التي رصد فيها عنف من جهة الأطفال، كالإيذاء والسرقة والإدمان على المخدرات، كانت في المناطق المحاذية لجدار الفصل العنصري والمستوطنات، نظراً لغياب القانون. وتلفت الحركة إلى أن الطفل الفلسطيني لا يتمتع بأبسط حق نصت عليه المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (معاهدة دولية تعترف بالحقوق الإنسانية للأطفال)، وهو الحق في الحياة، إذ إن حياة الأطفال الفلسطينيين مهددة بالخطر في كل لحظة، وحسب إحصائيات الحركة، فإن عدد الأطفال الفلسطينيين الذي قتلوا على يد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين بلغ 2115 طفلاً منذ عام 2000، بينما تخطى عدد الأسرى الأطفال (أقل من 18 سنة) في السجون الإسرائيلية 200 طفل، 70 في المئة منهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر مدير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال خالد قزمار أن "إسرائيل تنتهك حقوق الأطفال وتمتنع عن تطبيق بنود اتفاقية حقوق الطفل العالمية، بحرمانهم من أبسط الحقوق في حياة وبيئة آمنتين، وتحديداً في مناطق الاحتكاك المباشر مع الجيش والمستوطنين حيث يعيش الطفل الفلسطيني حالةً استثنائية من الخوف والرعب والإرهاب. ونحن في الحركة نعمل من خلال الباحثين الميدانين على توثيق ذلك، إلى جانب رفع الوعي في المجتمع على قضايا الأطفال وحقوقهم لتوفير الحماية لهم، خصوصاً في المناطق الأكثر عرضة للانتهاكات".

أطفال في محاكم عسكرية

يتابع قزمار "إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال (500- 700 طفل سنوياً) بشكل منهجي أمام المحاكم العسكرية، حيث اعتُقل أطفال فلسطينيون عند بلوغهم 12 عاماً، وحُقق معهم واحتُجزوا في مراكز الاعتقال العسكرية والسجون. الأطفال الفلسطينيون اليوم يعرفون أنهم محرومون من أدنى الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم في العالم. ولذلك نطالب بضرورة تطبيق مبادئ حقوق الإنسان".

يذكر أن محكمة العدل الدولية اعتبرت في التاسع من يوليو (تموز) 2004، قيام إسرائيل بتشييد الجدار على الأراضي الفلسطينية عام 2002 مناقضاً للقانون الدولي، مطالبةً بوضع حد لانتهاكات إسرائيل القانون الدولي ووقف أعمال بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية وما حولها، وأن تلغى على الفور أو تبطل مفعول جميع القوانين التشريعية واللوائح التنظيمية المتصلة به.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير