Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنتهي "الترمبية" بخسارة ترمب للانتخابات؟

النهج الذي أسسه الرئيس الأميركي من المرجح أن يواصل بايدن اتباعه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب أرسى منهجه الخاص في سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم  (أ ف ب)

فاز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 مستنداً إلى عبارة واحدة بسيطة، "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، وهي العبارة التي بنى عليها الكثير من السياسات الصادمة على المستوى الدولي والمحلي، في ما يتعلق بالتجارة والسياسات الحمائية والهجرة والعلاقة مع المنظمات الدولية وحتى الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، وأطلق على هذا النهج "الترمبية" باعتباره غير مسبوق في السياسات الأميركية.

وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة والهجوم غير المسبوق على ترمب بسبب سياساته المختلفة، غير أنه من خلال الكثير منها، لا سيما التجارية، حقق مكاسب للولايات المتحدة ونجاحات على صعيد السياسة الخارجية ليس أقلها اتفاقات "إبراهيم" وتحقيق وعده الانتخابي بسحب القوات الأميركية من أفغانستان والإحجام عن مزيد من التورط العسكري في الشرق الأوسط. لكن على أي حال، يجب التفرقة بين سياسات ترمب تجاه القضايا المختلفة، إذ يتوقع مراقبون أنه بينما سيبني خليفته على ما حققه الأخير من نجاحات في بعض الملفات، فإن هناك سياسات أخرى سيرتد عنها. ومع ذلك فهذا لن يعني انتهاء "الترمبية" كمنهج يحظى بشعبية كبيرة داخل الولايات المتحدة.

بحسب روجرز سميث، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا، فإن ترمب فاز بترشيح الحزب الجمهوري في عام 2016 لأنه أرسل أقوى الإشارات إلى الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية بأنه سيدافع عن آرائهم كرئيس. وتمكن لاحقاً من إنشاء تحالف شعبوي يميني جديد يتمتع بجاذبية انتخابية أكبر من الجناح التقليدي في الحزب الجمهوري، ذي المواقف الاقتصادية والاجتماعية الليبرالية الجديدة والمتعددة الثقافات. وأشار إلى أن هذا التحالف لديه الكثير من الشباب ذوي الشخصيات الكاريزمية الهادئة وسيتجنب قادتها التنمر الفظ والاستهزاء بالقواعد اللذين أظهرهما ترمب في المناظرة الرئاسية الأخيرة.

مع ذلك يميل صنشاين هيلجويز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة دوك، إلى الاعتقاد بأن العديد من الجمهوريين سوف يتطلعون إلى التوسع داخل تحالف ترمب للمحافظين الدينيين وما يسمى "الشعبويين" برسالة "ألطف" تكون أقل إثارة للإزعاج للفئة الأكثر تعليماً والجمهوريين في الضواحي مثال نيكي هالي، التي خدمت كسفيرة لأميركا لدى الأمم المتحدة في ظل إدارته.

الصين

على صعيد الملفات والقضايا، أظهرت المناظرات اختلافاً كبيراً بين ترمب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، لكن هل يعني هذا أنه في حال فوز المرشح الديمقراطي سيرتد بالكامل عن سياسات سلفه؟ إذا أخذنا على سبيل المثال المواجهة التي خاضتها إدارة ترمب مع الصين على الصعيد التجاري وحتى النفوذ العسكري، تعتبر ريبيكا هاينريشس، من معهد هدسون في واشنطن، أن هـذه المواجهة تقع ضمن الانتصارات الكبيرة لترمب، إذ عارضت إدارته عمليات النفوذ الصينية وزادت الوعي العالمي بالتهديد الذي تشكله التكنولوجيا الصينية، خصوصاً في الجيل التالي من الاتصالات المحمولة. كما اتخذت خطوات لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على الصين للحصول على المواد الأساسية اللازمة للأمن الاقتصادي والوطني.

وبحسب مجلة "فورين بوليسي"، فإنه بالعمل من خلال مجموعة "رباعية" للمحيطين الهندي والهادئ، نسّقت إدارة ترمب السياسة الإقليمية مع الهند واليابان وأستراليا. كما وضعت الأساس لخطط طموحة لزيادة حجم البحرية الأميركية إلى أكثر من 350 سفينة، أو ربما حتى 500، وهي خطة طويلة الأجل رحب بها بعض صقور الدفاع مع تنامي التهديد العسكري من الصين.

هذا النهج الذي أسسه ترمب من المرجح أن يواصل بايدن اتباعه، ففي خطاب ألقاه العام الماضي، ردّد بايدن عبارات ترمب المثيرة في المواجهة التجارية مع الصين، قائلاً إن التساهل مع الصين سيجعلها تواصل "سرقة التكنولوجيا والملكية الفكرية للولايات المتحدة، أو تجبر الشركات الأميركية على التخلي عنها من أجل القيام بأعمال تجارية في الصين".

مع ذلك يعتقد بنجامين إتش فريدمان، مدير السياسات في مؤسسة ديفينس بريوريت، وهي مؤسسة بحثية أمنية مقرها واشنطن، أنه بينما سيكون بايدن "أكثر صرامة" تجاه الصين في ما يتعلق بإثارة مخاوف بشأن انتهاكاتها حقوق الإنسان، فإنني "أتوقع نهجاً خطابياً أقل تصادمية بشكل عام، وهو ما يعني أقل حدة من النوع الذي يتخصص فيه (وزير الخارجية الأميركي) مايك بومبيو، والذي يميل إلى الإضرار بالعلاقات من دون سبب وجيه يتجاوز الاستهلاك السياسي المحلي".

وبحسب صحيفة "يو إس إيه توداي"، فإنه مثل ترمب، يجادل بايدن بأن الصين يجب أن تخضع للمساءلة عن الممارسات التجارية غير العادلة وفشلها في الوفاء بالتزاماتها. لكن نائب الرئيس السابق انتقد الحرب التجارية التي شنها ترمب بمفرده واتفاقه التجاري الجديد مع بكين ووصفه بأنه "كارثة غير قابلة للتخفيف"، بحجة أنهم تسببوا في الضرر للعمال والمزارعين الأميركيين لكنهم لم يفعلوا شيئاً للحد من الانتهاكات التجارية في الصين.

وقال بايدن إنه سيتخذ نهجاً مختلفاً من خلال حشد حلفاء الولايات المتحدة، مثل كندا والاتحاد الأوروبي، لتحديث قواعد التجارة الدولية والضغط على الحكومة الصينية وغيرها من منتهكي التجارة لاتباع القواعد، وتحميلهم المسؤولية. وعلى الرغم من أنه لم يقدم مقترحات تجارية مفصلة، فإن أجندة بايدن الاقتصادية تتضمن استثماراً بقيمة 400 مليار دولار لشراء المزيد من المنتجات والخدمات الأميركية الصنع لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على الصين في بعض السلع.

اتفاق التجارة

وحافظ ترمب على وعده في حملته الانتخابية بإعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية "نافتا"، وهي اتفاقية عمرها ربع قرن مع المكسيك وكندا. وتضمن الاتفاقية الجديدة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، التي تسمى "USMCA"، للمزارعين الأميركيين وصولاً أكبر إلى السوق الزراعية الكندية، وتضع قواعد جديدة للتجارة الإلكترونية، وتفرض أن يتم تصنيع نسبة أعلى من السيارات من الأجزاء المُصنعة في أميركا الشمالية.

وفي حين دعم بايدن سياسات التجارة الحرة خلال العقود الثلاثة التي قضاها كعضو في مجلس الشيوخ، وصوت لصالح "نافتا"، وبصفته نائباً لأوباما، دعم الشراكة عبر المحيط الهادئ، لكنه قال خلال مقابلة تلفزيونية حديثة إن اتفاق التجارة الأميركية الجديد مع المكسيك وكندا يمثل تحسناً مقارنة باتفاق "نافتا".

دعم إسرائيل

وكان الدعم القوي لإسرائيل حجر الزاوية في سياسة ترمب الخارجية، إذ قام بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وتجاهل التوسع الاستيطاني اليهودي على الأراضي الفلسطينية، واعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المتنازع عليها، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل من سوريا عام 1967. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، كشف ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطة سلام تهدف إلى إنهاء عقود من الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكنها قوبلت بانتقادات شديدة.

وبحسب مايكل كوبلو، مدير السياسة في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهي مجموعة يهودية أميركية تروّج لحل الدولتين، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في ظل رئاسة بايدن ستظل قوية أيضاً لكن إدارته ستسعى على الأرجح إلى "استعادة" العلاقات الدبلوماسية ومساعدة الفلسطينيين واتخاذ موقف أكثر تشدداً ضد التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. وقال إن إدارة بايدن ستسعى للبناء على نهج إدارة ترمب في تعزيز العلاقات الطبيعية بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط الأخرى، لكن سيكون هناك توتر مع الحكومة الإسرائيلية بشأن أي مفاوضات نووية محتملة مع إيران.

وبحسب مستشاري بايدن، فإنه لن يعيد السفارة الأميركية إلى تل أبيب، وهو ما أكده بنفسه في تعليقات لصحيفة "نيويورك تايمز" في أبريل (نيسان) الماضي، لكن من المرجح أنه سيعيد فتح قنصلية أميركية في القدس الشرقية تلبي حاجات الفلسطينيين وتسمح بسفارة فلسطينية في واشنطن.

القوات الأميركية

خلال العام 2020، اتخذت الإدارة الأميركية خطوات عدة تتعلق بسحب قواتها من أفغانستان بما يشمل القوات في قاعدة "باغرام" التي تعرضت خلال العام الماضي لاثنتين من العمليات الإرهابية أسفرتا عن مقتل جنود أميركيين. ففي فبراير (شباط) الماضي، توصلت واشنطن وطالبان إلى اتفاق يقضي بسحب الولايات المتحدة جميع قواتها من أفغانستان بحلول منتصف عام 2021 مقابل تأكيدات من طالبان بعدم السماح للجماعات الإرهابية باستخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات دولية.

وفي أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين أن الولايات المتحدة تعتزم خفض مستويات قواتها في أفغانستان من 5000 إلى 2500 بحلول أوائل عام 2021. لكن ترمب غرّد في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، متحدثاً عن حتمية إعادة جميع القوات الأميركية الذين خدموا في أفغانستان بما في ذلك قاعدة "باغرام" الجوية الكبرى قبل نهاية العام 2020، ما يعني تحقيق وعد انتخابي مهم للأميركيين.

وأعاد ترمب بعض القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا، في حين نشر آخرين في بولندا، وأرسلت إدارته أيضاً عشرات السفن الأخرى وأضافت حوالى 14 ألف جندي في الشرق الأوسط لمواجهة تهديدات إيران.

ويتوقع مراقبون أن يعمل بايدن على سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وإن كان بوتيرة أبطأ، لكنه سيتراجع عن سحب القوات من ألمانيا، إذ يقول تود هاريسون، المحلل الأمني لدى مركز العلاقات الإستراتيجية والدولية، مركز أبحاث في واشنطن، إن بايدن سيعكس مساره على الأرجح ويحافظ على القوات البالغ قوامها 12 ألف جندي في ألمانيا كضمانة ضد أي عدوان روسي في أوروبا. وبينما شكك ترمب في جدوى الاحتفاظ بعشرات الآلاف من القوات الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان، فمن المحتمل أيضاً أن يعود بايدن إلى الموقف الأميركي التقليدي الداعم وجود قواته هناك.

عالم متعدد

بحسب ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، مؤسسة بحثية في نيويورك، أظهر ترمب القليل من الاهتمام بالدفاع عن حقوق الإنسان، أو النهوض بالديمقراطية، أو تخفيف المصاعب الإنسانية، أو مواجهة التحديات العالمية مثل الهجرة، أو تغير المناخ، أو الأمراض المعدية. ويشير إلى أن التناقض بين ترمب والرؤساء السابقين لا يقل وضوحاً عندما يتعلق الأمر بوسائل السياسة الخارجية، فلقد كان الرئيسان الجمهوريان والرئيسان الديمقراطيان السابقان له يؤمنون على نطاق واسع بالتعددية، سواء من خلال التحالفات أو المعاهدات أو المؤسسات.

لا يعني هذا أنهم تجنبوا اتخاذ إجراء أحادي الجانب تماماً، لكنهم جميعاً أدركوا أنه في معظم الحالات، فإن الترتيبات المتعددة الأطراف تضخم نفوذ الولايات المتحدة، وتضفي المعاهدات درجة من القدرة على التنبؤ في العلاقات الدولية، وتعمل تعددية الأطراف أيضاً على تجميع الموارد لمواجهة التحديات المشتركة بطريقة لا يمكن لأي جهد وطني فردي أن يضاهيها.

في هذا الصدد، أوضح بايدن أن إدارته ستعكس قرارات السياسة الخارجية التي تحمل توقيع ترمب من خلال إعادة الدخول على الفور إلى اتفاق باريس للمناخ ووقف خروج البلاد من منظمة الصحة العالمية، وقال المرشح الديمقراطي في لقاء عقد في وقت سابق من الشهر الجاري، "أميركا أولاً جعل أميركا وحدها".

الهجرة

تظل قضية المهاجرين هي الأكثر إثارة للجدل منذ تولي ترمب الحكم في يناير 2017، وقد طرح سياسات صارمة عدة لتنظيم عملية الهجرة ومواجهة التدفق غير المشروع للمهاجرين عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك والتي كانت إحدى القضايا الرئيسة التي بنى عليها حملته الانتخابية في 2016.

لكن ربما تكون هذه القضية هي الأبرز بين القضايا التي ستشهد تحولاً جذرياً حال رحيل ترمب من البيت الأبيض. فبحسب تقرير لمؤسسة التراث، البحثية في واشنطن، فإن الاختلاف بين المرشحين بشأن هذه القضية "صارخ". ومن المتوقع إذا أصبح بايدن رئيساً، أنه سيعود إلى العديد من سياسات الهجرة نفسها التي كانت سائدة خلال إدارة أوباما، وسيشمل ذلك حماية برنامج (الحالمون DACA) وتوسيعه، وقبول ما لا يقل عن 125 ألف لاجئ سنوياً، والسعي للحصول على عفو عن 11 مليون أجنبي غير شرعي.

ودفع ترمب لإنهاء برنامج العمل المؤجل للقادمين من الأطفال (DACA) في عهد أوباما والذي يوفر الحماية من الترحيل لبعض المهاجرين غير الشرعيين الذين جاءوا إلى البلاد وهم أطفال، لكنه واجه العراقيل، لا سيما في المحكمة العليا التي أبطلت قراره، ويشير التقرير إلى أن بايدن سيمنح متلقي البرنامج خريطة طريق للمواطنة ويعيد برنامج (DACA). ويتوقع تقرير مؤسسة التراث أن يتم إلغاء قيود السفر التي فرضها ترمب على البلدان التي تشكل تهديدات للأمن القومي الأميركي، بما في ذلك ليبيا والعراق وكوريا الشمالية وفنزويلا واليمن، والتي وصفتها حملة بايدن بأنها "حظر للمسلمين".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات