Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تحذر من "تحالف قوي" بين مساجين الفساد والخارج

"أخطر ما يتهدد البلاد فوق خطر جائحة كورونا"

محاربة الفساد ما تزال على قدر كبير من المتابعة من عموم الجزائريين (أ ف ب)

بعد أشهر من قرار إدارة السجون الجزائرية تحويل عدد من رجال الأعمال المحبوسين في قضايا فساد، عاد الوزير الأول عبد العزيز جراد ليحذر ما سماه "التحالف القوي" بين رجال أعمال مسجونين وأطراف في الخارج، ما يعتبر أول تصريح رسمي يفسر دواعي توزيع عدد من المسجونين على مؤسسات عقابية في محافظات داخلية بعيدة.

ووصف الوزير الأول، وهو يختتم حملة الترويج لاستفتاء الدستور، الأحد المقبل، المال الفاسد بـ"أخطر ما يتهدد البلاد فوق خطر جائحة كورونا"، وتحدث عن ضرورة بناء مؤسسات جديدة للدولة عبر انتخابات نزيهة بعيدة عن تأثير المال السياسي الفاسد.

وأحال كلام الوزير الأول عن "عصابات السجون" إلى قرارات "مفاجئة" اتخذتها إدارة السجون الجزائرية بتحويل عدد كبير من رجال الأعمال السابقين الذين يطلق عليهم وصف "الذراع المالية للنظام السابق"، بشكل فردي على سجون بعيدة في محافظات داخلية، ولم تعلن إدارة السجون يومها الأسباب القانونية وراء ما جرى، لذلك طفت تخمينات بوجود نيات لإبعادهم عن صلات بالخارج.

بين السجن والخارج

وقال جراد في ختام كلمة أمام ممثلي المجتمع المدني في جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا بالعاصمة (باب الزوار)، إن "هناك تحالفاً قوياً بين أفراد العصابة الذي يقبعون في السجون وأعداء الدولة الجزائرية في الخارج"، وأضاف "المال الفاسد ما زال موجوداً بيننا وفي مجتمعنا، أنا أحذر منه، هو أخطر من فيروس كورونا، إن سمحتم بالمقارنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووجه الوزير الأول في كلمته تحية إلى من وصفهم بـ"القضاة النزهاء"، وقال إنهم "يحاربون الفساد ليلاً ونهاراً"، مؤكداً أن "التعديلات الدستورية الجديدة المعروضة للاستفتاء الشعبي تعطي الاستقلالية المطلوبة لسلك القضاء"، في إشارة إلى وجود حماية سياسية وقانونية لقضاة الجمهورية الذين يعملون على ملفات الفساد.

واعتبر جراد أن مشروع تعديل الدستور الجديد "يمثل قطيعة مع الفساد ومع من أرادوا تهديم هذه الأمة ومع كل الفاسدين، وليس مع الماضي المجيد للجزائر، لذلك وجب على الجميع الالتفاف حول هذه الوثيقة التي تكرس الحريات الجماعية والفردية، وتؤكد اعتزاز الجزائر بثورتها وتسترجع مكانتها في المحافل الدولية".

وأضاف "الدستور الجديد يكرس مكانة الجيش الوطني الشعبي، ويؤكد تمسك الجزائريين بالطابع الجمهوري للدولة الجزائرية، ويقيم دعائم دولة قوية وعادلة اجتماعياً ومزدهرة اقتصادياً، ويؤسس أيضاً لدولة الحق والقانون ويحفظ الحقوق والحريات ويوسع مجالاتها".

المال الفاسد

الربط الذي أقامه الوزير الأول عبد العزيز جراد بين المال الفاسد، ولو كان بين جدران السجون، و"أطراف الخارج" يوحي بأن السلطات الجزائرية تملك أدلة على الأقل بوجود صلات "مالية" انطلقت من السجون وبلغت دوائر في الخارج، وفي هذا الشأن، توجد رواية حقيقية عن ربط محيط رجل الأعمال علي حداد، بجماعات ضاغطة في قلب الولايات المتحدة مقابل ودائع مالية ضخمة.

وحققت السلطات الجزائرية قبل فترة مع عاملين بإدارة السجون عن تقارب البعض منهم من رجال الأعمال، وأيضاً حول طبيعة الزيارات المكثفة لمحامين وأفراد من عائلات هؤلاء المساجين، وتوصلت في النهاية إلى ما يشبه عمليات التخطيط لاستخدام مدخرات مالية في التقرب من قضاة أو التأثير على مسؤولين أجانب للترويج لما يسميه المساجين "تصفية حسابات" ضدهم.

وأفاد المحامي والناشط السياسي، الهادي بن نورية بأن "التحالفات المالية بالنظر إلى وزن الفساد الذي خلفه مساجين هذه القضايا أمر متوقع، لا يمكن تصور الإطاحة بمنظومة مالية فاسدة تمكنت من القرار السياسي لفترة عقدين من الزمن أن تتم بسهولة، هذا تفكير ساذج"، وتابع أن "الإشكال بالنسبة لفئة رجال الأعمال السابقين أن تنفذهم لم يبق داخلياً بل تعداه إلى لوبيات مالية وصناعية وتجارية في الخارج سيما في فرنسا".

الشراكة الأجنبية

وتفيد معطيات بأن مسار استرجاع "المال الفاسد" من مواقعه حيث هرب في الخارج لا يقتصر على الطابع القانوني، إذ تطرح حكومة جراد هذا الملف "دبلوماسياً" في كثير من اللقاءات التي تمت في الفترة الأخيرة مع مسؤولين أوربيين خصوصاً ممن زاروا الجزائر، وترى السلطات الجزائرية أن حكومات غربية لن تتساهل في استرجاع الأموال المهربة أو العقارات المسجلة باسم مساجين أو أفراد من عائلات، لذلك يطرح المسار الدبلوماسي كـ"بديل" لسحب التعطيل عن هذا المسار مقابل "صفحة جديدة" في التعاون الاقتصادي وفق قواعد تمتاز بالشفافية.

وفي هذا الخصوص، أوضح المحامي بن نورية أن "الإطاحة برجل أعمال وهو شريك محلي لشريك أجنبي لن تدفع الأخير إلى التزام الصمت، صحيح أن معظم مشاريع الشراكة تمت تحت الطاولة وبعيداً عن قانون المنافسة، إلا أن الشريك الأجنبي قد يستعمل كل وسائل الضغط للحفاظ على ما خسره في سوق جزائرية واعدة وتمتاز بغياب الحساب والرقابة القانونيين".

أضاف "التحقيق الذي تقوده النيابة العامة للجزائر العاصمة حول مزاعم عن تحويل 10 ملايين دولار من حسابات سرية لرجل الأعمال علي حداد إلى جماعة ضغط في الولايات المتحدة لم تعلن نتائجه بعد وهو في البدايات، قد يحتاج الأمر لسنوات طويلة لإثبات هذه الصلة بالدليل القاطع، لذلك فإن لجوء الجزائر للتحقيق القانوني هو وسيلة ضغط دبلوماسية وليست قانونية بالمعنى الكامل".

ورقة محاربة الفساد

حديث الوزير الأول عبد العزيز جراد عن محاربة الفساد في ختام الحملة الانتخابية، التي تنتهي رسمياً، الأربعاء، 28 أكتوبر (تشرين الأول)، لم يكن اعتباطياً، فورقة محاربة الفساد ما تزال على قدر من المتابعة من فئة عموم الجزائريين، لذلك بدا حديث الوزير الأول من العاصمة، متقاطعاً مع ما كان يقوله وزير العدل بلقاسم زغماتي في تجمع بمحافظة عين الدفلى (120 كيلومتراً غرب العاصمة) عقده في التوقيت نفسه تقريباً، وأمام مئات المواطنين للترويج للدستور، وقال زغماتي، "سجن الحراش وعذاب الدنيا، أهون بكثير من عذاب الآخرة، عندما يمثل المرء أمام خالقه ليحاسب عما اقترفته نفسه من أخطاء وخطايا، العقاب الإلهي الذي ينتظر خونة الوطن وناهبي مقدرات الشعب والمال العام، يضاف إلى العقاب الدنيوي الذي تلقوه، من خلال أحكام سجنهم".

أضاف زغماتي "الجزائر التي استشهد في سبيلها مليون ونصف مليون شخص وضحى من أجلها مجاهدون، هي دولة مستقلة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية"، قبل أن يتساءل "أين نحن اليوم من الجزائر التي نبحث عنها، ومن العهد الذي أعطيناه للشهداء، وهل حققنا هذا الوعد، إن الجواب لديكم سيكون واحداً، وكل فرد يستطيع الإجابة عنه".

المزيد من العالم العربي